بعض النساء يشعرن بالكآبة بعد وقت قصير من ولادتهن حتى ليستبد بهن هذا الشعور لدرجة أنهن يبكين أحياناً دون أي دافع أو سبب.
وقد تتطور هذه الحالة في بعض الأحيان فتتخذ لها وجوهاً جديدة من الانهيار العصبي وتنقلب من مراحل بكاء الى ضحك والعكس بالعكس.وقد عرف هذا التزامن المرضي لمرحلة ما بعد الولادة منذ مئة سنة ويعزو حصوله الاطباء الاطباء النفسانيون للضغوط النفسية التي تواجهها المرأة خلال ايام الحمل والولادة.وهناك أيضاً بعض العوامل الجسدية التي يمكن أن تعود اليها أسباب هذه الحالة وتتعلق عادة باختلال توازن الافرازات الهرمونية في مرحلة ما بعد الولادة عند المرأة.
فخلال مرحلة المخاض وبعد الولادة بأيام تفقد المرأة المرضعة حوالي عشرة كيلوغرامات من وزنها بالاضافة الى ماتعانيه من الارهاق لاستعادة نشاط بعض أعضائها,كل ذلك قد يؤثر في تصرفاتها وبدرجات متفاوتة بين امرأة وأخرى.
زد على ذلك بأن المرأة وهي حامل وأثناء القيام باعمال منزلها وفي مرحلة الولادة تصبح محط اهتمام من حولها من زوجها وعائلتها الى طبيبها وأصدقائها,لكن عندما تلد طفلها تبعد قليلاً عن محيطها فتسلم نفسها الى الممرضة أو القابلة التي تعتني بها وتهتم بصحتها.وكذلك فإن المرأة الشابة تجد نفسها أمام مسؤوليات جديدة وبالأخص في حال إرضاعها لطفلها بواسطة الثديين فتمضي بعض الوقت كي يتسنى لها التكيف مع وضعها الجديد.إن هذه الحالة من إضاعة الذات والانهيار العصبي سرعان ماتزول بعد أن تغادر المرأة دار التوليد وتعود الى بيتها ومحيطها وتعود البسمة الى شفتيها والفرحة والاطمئنان الى قلبها.
ولما كان مكوث المرأة الواضعة في دار التوليد قد أخذ يتناقص ويقصر أمد ليس ببعيد فقد بات من الممكن التكهن بأن هذه الحالة ستصبح نادرة مع الوقت وربما تجاوزتها كل امرأة شابة تلد في ظروف كالتي سبق الكلام عنها.
وفي مطلق الاحوال فإن المرأة المصابة بانهيار بسيط ليست بحاجة لأي معالجة جدية بل يلزمها بعض النصائح والتشجيع لتعود الى حالتها الطبيعية,في حين أن الاصابات الخطيرة تستلزم المعالجة السريعة والجدية على يد الاطباء الذين يصفون عادة لمرضاهم المسكنات والمهدئات واحياناً الهورمونات والعقاقير المضادة لكافة درجات الانهيار العصبي.اما في الحالات الاستثنائية جداً فيجب أن تتم المعالجة على يد أطباء نفسانيين.وتجدر الاشارة,هنا,الى أن استشارة الاطباء من قبل الشابات الحوامل على كل أمر يبدو لديهن غريباً والمحادثات التي يجرينها مع بعض الاخصائيين أو المرشدات الاجتماعيات قبل حلول ولادتهن,من شأن كل ذلك أن يبعث الطمأنينة في نفوس هؤلاء الأمهات الشابات ويجنبهن شتى انواع الكآبة والسويداء التي غالباً ماتسيطر عليهن وتستبد بحياتهن بعد الولادة.