العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى الثقافي

المنتدى الثقافي المنتدى مخصص للكتاب والقصة والشعر والنثر

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية Dr.Zahra
Dr.Zahra
شيعي حسيني
رقم العضوية : 429
الإنتساب : Oct 2006
المشاركات : 12,843
بمعدل : 1.89 يوميا

Dr.Zahra غير متصل

 عرض البوم صور Dr.Zahra

  مشاركة رقم : 1  
كاتب الموضوع : Dr.Zahra المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 08-11-2007 الساعة : 09:07 PM


مَوْلاه"( الاحتجاج، المجلد الثاني، احتجاجات الإمام الحسن العسكري عليه السلام ص
458 ). وإذا كنت ورقة على غصن الولاية والرسالة، ولا تميل إلى الدنيا، ولا تحب التقرب
إلى السلاطين والأشراف، ولا تنفر من مجالسة الفقراء، فإن اسمك يطابق مسماه، وأنك من
الحجج الإِلهية بين الناس، وإلاّ فإنك من علماء السوء، وفي زمرة المنافقين، وحالك أسوأ من
الطوائف التي ذكرناها، وعملك أقبح، ويومك أشد سواداً، لأن الحجة على العلماء أتم.
[191] وأنت يا من تدّعي امتلاك الحكمة الإِلهية، والعلم بحقائق المبدأ والمعاد، إذا كنتَ
عالماً بالحقائق في الأسباب والمسببات، وإذا كنت حقاً عالماً بالصور البرزخية وأحوال الجنة
والنار، فلا بُدّ أن لا يقر لك قرار، وعليك أن تصرف كل وقتك في إعمار عالم البقاء، وأن
تهرب من هذه الدنيا ومغرياتها، فأنت عالم بما هنالك من مصائب وظلام وعذاب لا يطاق.
إذاً، لماذا لا تتقدم ولو خطوة واحدة خارج حجب الكلمات والألفاظ والمفاهيم، ولم تؤثر
في قلبك البراهين الفلسفية قدر جناح ذبابة؟ إذاً، أنت خارج عن زمرة المؤمنين والحكماء،
ومحشور في زمرة المنافقين، وويل للذي يقضي عمره وسعيه في علوم ما وراء الطبيعة، دون
أن يسمح له انتشاؤه بخمر الطبيعة ولو بدخول حقيقة واحدة إلى قلبه. وأنت يا من تدعي
المعرفة والانجذاب والسلوك والمحبة والفناء، إذا كنت حقاً من أهل الله ومن أصحاب
القلوب، ومن ذوي السابقة الحسنة، فهنيئاً لك. ولكن كل هذه الشطحات وهذا التلون
وتلك الادعاءات اللامسؤولة التي تكشف عن حب الذات ووسوسة الشيطان، تتعارض مع
المحبة والانجذاب"إنَّ أَوْلِيَائِي تَحْتَ قِبَابِي لاَ يَعْرِفُهُمْ غَيْرِي"( إحياء العلوم، المجلد الرابع، ص
256 ) . فأنت إذا كنت من أولياء الله المنجذبين إليه ومحبيه، فإن الله يعلم بذلك، فلا تظهر
للناس مدى مقامك ومنزلتك بهذه الصورة، ولا تسعَ لتـلفت قلوب عباد الله الضعيفة من
وجهة خالقها إلى وجهة المخلوق ولا تغتصب بيت الله. وأعلم أن عباد الله أعزاء وقلوبهم
ثمينة ويجب إن تشتغل في محبة الله، فلا تتلاعب إلـى هذا الحـد ببيت الله ولا تتعرض
لحرماته"فَإنَّ لِـلْبَيْتِ رَبّـاً"فإذا لم تكن صادقاً في دعاواك، فأنت في زمرة أهل النفاق ومن
ذوي الوجهين. لنكتف بهذا القدر هنا، إذ ليس الإسهاب في هذا الموضوع مما يجدر بي وأنا
ذو الوجه المظلم!. يا أيتها النفس اللئيمة التي تتظاهرين بالتفكير للخروج من الأيام المظلمة
والنجاة من هذه التعاسة. إذا كنت صادقة، وقلبك يواكب لسانك، وسرّك يطابق علنك،
فلماذا أنتِ غافلة إلى ه ذا الحد؟ ولماذا يسيطر عليكِ القلب المظلم [192] والشهوات
النفسانية وتتغلب عليكِ، دون أن تفكري في رحلة الموت المليئة بالمخاطر؟ لقد تصرّم عمرك
دون أن تبتعد عن أهوائك ورغباتك. لقد أمضيت عمراً منغمساً في الشهوة والغفلة والشقاء
وسيحلّ الأجل قريباً، وأنت ما زلت تمارس أعمالك وأخلاقك القبيحة. فأنت نفسك واعظ
وغير متعظ، ومن زمرة المنافقين وذوي الوجهين. ولئن بقيت على هذا الحال فستحشر
بوجهين ولسانين من نار ... اللهم أيقضنا من هذه الرقدة المديدة، وصَـحِّنا من السُـكْر
والغفلة! وأنر قلوبنا بنور الإِيمان! وأرحم حالنا! إننا لسنا من رجال هذا الميدان. فـمُدَّ
إلـينا يدك وأعـنّا على النجاة من مخالب الشيطان وأهواء النفس، بحق أوليائك محمد وآله
الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين. [193] الحــديــث العــاشر "إتبـــاع
الـهــوى وطول الأمل" [194] بالإسناد المتّـصلة إلى رئيس المحدِّثين م حمّد بن
يعقوب - رضوان الله عليه - عن الحسين بن محمّـد، عن معـلّى بن محمّـد، عن
الوشّـاء، عن عاصِـمِ بن حُمَـيْد، عَنْ أبي حَمْـزَةَ، عَنْ يَحْـيى بْنِ عَـقيل قالَ:
قال أمير المؤمنين - عليه السّلام -:"إِنَّـما أخَـافُ عَـلَيْكُمُ اثـْنَـتَيْنِ: اتِّبَاع الهَوى
وَطُـولَ الأمَـلِ، أمّـا إتِّباعُ الهَـوى فَـإِنَّـهُ يَصُدُّ عَنِ الحَـقِّ وَأمّـا طُـولُ
الأَمَـِل فَإِنَّـهُ يِـِـْنسِي الآخرة"( أصول الكافي،المجلد الثاني، الإيمان والكفر، باب إتباع
الهوى، ح 3. ). {195} الشرح: "الهوى"في اللغة"حب الشيء"و"اشتهاؤه"من دون
فرق في أن يكون المتعلقة أمراً حسناً ممدوحاً، أو قبيحاً مذموماً. أو أن النفس بمقتضى الطبيعة
تميل إلى الشهوات الباطلة والأهواء النفسية، لولا العقل والشرع اللذان يكبحانها( يبدو هنا
سقط في الكلام ( في نسخة الأصل ) ). أما احتمال الحقيقة الشرعية - كما يقول بعض
المحققين - فمستبعد. أما"الصدّ"عن الشيء فمعناه المنع والإعراض والانصراف عنه. وهي
معان تناسب الكلمة، إلاّ أن المعنى المقصود هنا هو المنع والانصراف عن الشيء، إذ أن الصدّ
بمعنى الإعراض يكون لازما لا متعديا. وسوف نحاول، إن شاء الله، من خلال مقامين اثنين
أن نوضح فساد هاتين الصفتين، وكيف تقوم الأولى بالمنع عن الحق. وتقوم الثانية بنسيان
الآخرة. طالبين من الله التوفيق. المقام الأول في ذم إتباع هوى النفس و فيه فصول
فصــــل في بيـان أن الإنسـان عند ولادته يكون حيوانـا بالفعـل اعلم أن
النفس الإنسانية، على الرغم من كونها - في معنى من المعاني الخارجة عن نطاق بحثنا -
مفطورة على التوحيد، بل هي مفطورة على جميع {196} العقائد الحقـة. ولكنها منذ
ولادتها وخروجها إلى هذا العالم تنمو معها الميول النفسية والشهوات الحيوانية، إلاّ من أيّده
الله وكان له حافظ قدسي. ولما كان هذا ال استثناء من النوادر فإنه لا يدخل في حسابنا،
لأننا نتناول نوع الإنسان عموما. لقد ثبت في محلّه بالبراهين أن الإنسان منذ أول ظهوره،
وبعد مروره بمراحل عدّة، لا يعدو أن يكون حيواناً ضعيفاً لا يمتاز عن سائر الحيوانات إلاّ
بقابلياته الإنسانية. وأن تلك القابليات ليست بمقياس إنسانيته الفعلية. فالإنسان حيوان
بالفعل عند دخوله هذا العالم، ولا معيار له سوى شريعة الحيوانات التي تديرها الشهوة
والغضب. ولكن لما كان أعجوبة الدهر هذا - الإنسان - ذات جامعة، أو قابلة على الجمع،
فإنه لكي يدبر هاتين القوتين، تجده يلتجأ إلى استعمال الصفات الشيطانية، مثل الكذب
والخديعة والنفاق والنميمة وسائر الصفات الشيطانية الأخرى. وهو بهذه القوى الثلاث -
الشهوة، الغضب، هوى النفس - التي هي أصل كل المفاسد المهلكة، يخطو نحو التقدم،
فتنمو فيه كذلك هذه القوى وتتـقدم وتتعاظم. وإذا لم تقع تحت تأثير مربّ أو معلم، فإنه
يصبح عند الرشد والبلوغ حيوانا عجيبا يفوز بقصب السبق في تلك الأمور المذكورة على
سائر الحيوانات والشياطين، ويكون أقوى وأكمل في مقام الحيوانية والصفات الشيطانية من
الجميع. وإذا ما استمرت حاله على هذا المنوال، ولم يتبع في هذه الشئون الثلاثة سوى أهوائه
النفسية، فلن يبرز فيه شيء من المعارف الإلهية والأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة، بل
تنطفئ فيه جميع الأنوار الفطرية. فتـقع جميع مراتب الحق التي لا تعدو هذه المقامات الثلاثة
التي ذكرناها - أي المعارف الإلهية، والأخلاق الفاضلة، والأعمال الصالحة - تحت أقدام
الأهواء النفسية. وعندئذ يصبح إتباع الأهواء النفسية والرغبات الحيوانية حائلاً دون أن
يتجلّى فيه الحق من خلال أية واحدة من تلك المراتب، ويطفئ ظلام النفس وأهوائها كل
أنوار العقل والإيمان، ولن تتاح له ولادة ثانية، أي الولادة الإنسانية، بل يمكث على تلك الح
ال ويكون ممنوعا ومصدودا عن الحق والحقيقة إلى أن يرحل عن هذا العالم. أن مثل هذا
الشخص إذا رحل عن هذا العالم بتلك الحالة، فلن يرى نفسه في ذلك العالم، عالم كشف
السرائر، إلاّ حيوانا أو شيطانا. لا تشمّ{197} منه رائحة الإنسان والإنسانية أبدا، فيبقى
في تلك الحال من الظلام والعذاب والخوف الذي لا ينتهي حتى يقضي الله أمرا كان
مفعولا. إذن هذه هي حال التبعية الكاملة لأهواء النفس والتي تُبعد الإنسان نهائيا عن الحق.
ومن هنا يمكن أن نعرف أن ميزان البعد عن الحق هو إتباع هوى النفس. ومسافة هذا البعد
تقدر أيضا بمقدار التبعية. فمثلا، لو أن هذا الإنسان، استطاع أن يجعل مملكة إنسانية هذا
الإنسان الذي اقترن منذ ولادته بالقوى الثلاثة وترعرعت وتكاملت تلك القوى أيضا مع نمو
الإنسان وتكامله، لو استطاع أن يجعل هذه المملكة متأثرة بتربية تعاليم الأنبياء والعلماء
والمرشدين لاستسلم شيئا فشي ئا لسلطة تربية الأنبياء والأولياء عليهم السلام، فقد لا يمضي
عليه وقت طويل حتى تصبح القوة الكاملة الإنسانية، التي أودعت فيه على أساس القابلية
فعلية تظهر للعيان، وترجع جميع شؤون مملكته وقواها إلى شأن الإنسانية بحيث يجعل شيطان
نفسه يؤمن على يديه كما قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم:"إنَّ شَيْطَانِي آمَنَ
بِيَدي"( ورد مثل هذا الحديث في كتاب غوالي اللئالي المجلد 4 ص97. وفي كتاب علم
اليقين، المجلد 1، ص282) فتستسلم حيوانيته لإنسانيته، حتى تصبح مطيّه مروّضه على
طريق عالم الكمال والرقي، وبراقا يرتاد السماء نحو الآخرة، ويمتـنع عن كل معاندة وتمرد.
وبعد أن تستسلم الشهوة والغضب إلى مقام العدل والشرع تنتشر العدالة في المملكة،
وتتشكل حكومة عادلة حقه يكون فيها العمل والسيادة للحق وللقوانين الحقة، بحيث لا
تتخذ فيها خطوة واحدة ضد الحق، وتكون خالية من كل باطل وجور. وعلي ه، فكما أن
ميزان منع الحق والصدّ عنها إتباع الهوى، فكذلك ميزان اجتذاب الحق وسيادته هو متابعة
الشرع والعقل. وبين هذين المقياسين وهما التبعية التامّة لهوى النفس والتبعـيّة التامة المطلقة
للعقل منازل غير متناهية، بحيث أن كل خطوة يخطوها في إتباع هوى النفس، يكون بالمقدار
نفسه قد منع الحق، وحجب الحقيقة، وابتعد عن أنوار الكمال الإنساني وأسرار وجوده.
وبعكس ذلك، كلما خطا خطوة مخالفة لهوى النفس ورغبتها، يكون بالمقدار نفسه قد أزاح
الحجاب وتجلّى نور الحق في المملكة. {198} فصـل فـي ذم إتباع الهـوى يقول الله
تعالى في ذم اتّباع النفس وأهوائها: {وَلاَ تَتَّبِعْ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}(ص/ 26 )
... {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ }(القصص/ 50 ). وجاء في الكافي
الشريف، بسنده عن الإمام الباقر عليه السلام قال:"قال رسول الله ص لّى الله عليه وآله
وسلم: يَقُولُ اللّهُ عَزَّ وجَـلَّ: وَعِزَّتِي وَجَلالِي وَعَـظَمَتِي وَكِبْرِيائِي وَنُورِي وَعُـلوّي
وَارْتِفَاعِ مَكَانِي لا يُؤْثِرُ عَبْدٌ هَواهُ على هَوايَ إلاّ شَتَّتُّ عَليهِ أَمْرُهُ وَلَبَّسْتُ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ
وَشَغَلْتُ قَلْبَهُ بِهَا وَلَمْ أوتِهِ مِنْها إلاّ ما قدَّرْتُ لَهُ وَعِزَّتِي وَجَلاَلِي وَعَظَمَتِي وَنُورِي وَعُلُوّي
وَارْتِفَاع مَكَانِي لا يُؤْثِرُ عَبْدٌ هَوايَ عَلَى هَواهُ إلاّ اسْـتَحْفَظَـتْهُ مَلائِكَتِي وَكَفَّـلْتُ
السَّـمَواتِ والأَرْضَينَ رِزْقَـةُ وَكُنْتُ لَهُ مِـْن وَرَاءِ تِجارةِ كُلِّ تَـاجِرٍ وَأتَـتْهُ الدُّنْـيَا
وَهِيَ راغِمَةٌ"( أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب اتباع الهوى، ح 2
). وهذا الحديث الشريف من محكمات الأحاديث التي يدل مضمونها على أنه ينبع من علم
الله تعالى الرائق ح تى وإن كان مطعوناً فيه بضعف السند، فنحن لسنا بصدد شرحه. وهناك
حديث آخر منقول عن الإمام علي عليه السلام قال فيه: "إنَّ أخْـوَفُ مَـا أَخَـاف
عَلَيْكُمُ اثْنَانِ إتِّـبَاعُ الهَوى، وَطُـولُ الأَمَـلِ"( نهج البلاغة، خطبة-42- (الشيخ
صبحي الصالح) ). وجاء في الكافي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: "احْذَرُوا
أهْوائكُمْ كَما تْحذَرُونَ أَعْدَاءَكُمْ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أعْدى لِلرِّجَالِ مِن إتّباعِ أهْوائِهمْ وَحَصَائِد
ألْسِنَتـهم"( أصول الكافي،المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب إتباع الهوى، ح1)
اعلم أيها العزيز، أن رغبات النفس وآمالها لا تنتهي ولا تصل إلى حد أو غاية. فإذا اتبعها
الإنسان ولو بخطوة واحدة، فسوف يضطر إلى أن يتبع تلك الخطوة {199} خطوات،
وإذا رضي بهوى واحد من أهوائها، اجبر على الرضى بالكثير منها. ولئن فتحت بابا واحدا
لهوى نفسك، فإنّ عليك أن تف تح أبوابا عديدة له. إنك بمتابعتك هوى واحداً من أهواء
النفس توقعها في عدد من المفاسد، ومن ثم سوف تبتلى بآلاف المهالك، حتى تنغلق - لا
سمح الله - جميع طرق الحق بوجهك في آخر لحظات حياتك، كما أخبر الله بذلك في نص
كتابه الكريم، وكان هذا هو أخشى ما يخشاه أمير المؤمنين وولي الأمر، والمولى، والمرشد
والكفيل للهداية والموجِّـه للعائلة البشرية عليه السلام. بل إن روح النبي صلّى الله عليه وآله
وسلم وأرواح الأئمة عليهم السلام تكون جميعا في قلق واضطراب لئلا تسقط أوراق شجرة
النبوة والولاية وتذوي. قال صلّى الله عليه وآله وسلم: "تَـناكحوا تَـنَاسـلوا فَـإنّي
أُبَـاهي بِكُمُ الأُمَـمَ وَلَـوْ بِالسِّـقْـطِ"("مستدرك وسائل الشيعة"كتاب النكاح -
الباب الأول من أبواب مقدمات النكاح -ح17. لا تجد في الحديث هنا كلمة (ولو
بالسقط). ورد في تفسير أبو الفتوح الرازي (سورة النور - آيه 32 )"ت َنَاكَحُوا تَكْثُرُوا
فَإِنِي أُباهي بِكُمُ الأمَمُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَوْ بِالْسقطِ") لا شك في أنه لو سار الإنسان في مثل
هذه الطريق المحفوفة المحفوفة بالمخاطر مما قد يلقي به إلى هوّة الفناء ويجعله موضع عقوق
أبيه الحقيقي، أي النبي الكريم صلّى الله عليه وآله وسلم، ويبحث عن نمط العظيم الذي
هو رحمة للعالمين. فما أشد تعاسته، وما أكثر المصائب والبلايا التي يخبئها له الغيب!. فإذا
كنت على صلة برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، وإذا كنت تحب أمير المؤمنين عليه
السلام وإذا كنت من محبي أولادهما الطاهرين، فاسْعَ لكي تزيل عن قلوبهم المباركة القلق
والاضطراب. لقد جاء في القرآن الكريم في سورة هود: {... فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ
مَعَكَ ...}(هود/ 112). وجاء في الحديث [200] الشريف أن النبي صلّى الله عليه وآله
وسلم قال:"شَـيَّـبَـتْـنِـي سُـورَةُ هُود لِمَكَانِ هذِهِ الآيـةِ"( تفسير مجمع البيان -
المجلد الخامس- ص 140) يقول الشيخ العارف الكامل الشاه آبادي - روحي فداه -"هذا،
على الرغم من أن هذه الآية قد جاءت في سورة الشورى أيضا، ولكن من دون {وَمَـنْ
تَـابَ مَـَعكَ} إلاّ أن النبي خصّ سورة هود بالذكر، والسبب أن الله تعالى طلب منه
استقامة الأمة أيضا، فكان يخشى أن لا يتحقق ذلك الطلب، وإلاّ فإنه بذاته كان أشدّ ما
يكون استقامة، بل لقد كان صلّى الله عليه وآله وسلم مثال العدل والاستقامة". إذاً، يا
أخي، إذا كنتَ تعرف أنك من أتباع النبي صلّى الله عليه وآله وسلم، وتريد أن تحقق هدفه،
فاعمل على أن لا تخجله بقبيح عملك وسوء فعلك. ألا ترى أنه إذا كان أحد من أولادك
والمقربين إليك يعمل القبيح وغير المناسب من الأعمال التي تتعارض وشأنك، فكم سيكون
ذلك مدعاة لخجلك من الناس وسبباً في طأطأة رأسك أمامهم؟ ولا بد أن تعلم أن رسول
الله صلّى الل ه عليه وآله وسلم، وعلي عليه السلام، هما أبوا هذه الأمة بنصّ ما قاله النبي
الكريم: "أنـا وَعَلِـيُّ أَبَـوا هذِهِ الأُمَّـة"( بحار الأنوار - ج 36 - ح 12 ص 11 ).
فلو أحضرنا في حضرة ربّ العالمين يوم الحساب وأمام نبينا وأئمتنا، ولم يكن في كتاب
أعمالنا سوى القبيح من الأعمال، فإن ذلك سوف يصعب عليهم ولسوف يشعرون بالخجل
في حضرة الله والملائكة والأنبياء. وهذا هو الظلم العظيم الذي نكون قد ارتكبناه بحقهم،
وإنها لمصيبة عظمى نبتلى بها، ولا نعلم ما الذي سيفعله الله بنا؟ فيا أيها الإنسان الظلوم

توقيع : Dr.Zahra
سألت نفسي كتير مرسيتش يوم على بر
انا الي فيا الخيرر ولا الي فيا الشر
مليان عيوب ولا .؟
خالي من الذنوب ولا .؟
ولاايه.؟
ولا انا جوايا ومش داري الاتنين في بعض..؟
وخمسميه حاجه وملهمش دعوه ببعض..!!
من مواضيع : Dr.Zahra 0 صباحكم جوري..*
0 الدنيا منافع ..*
0 انجازاتي ...*
0 أنا أتد ... ♥
0 عراقي عنده معامله مستعجله ..,'

الصورة الرمزية Dr.Zahra
Dr.Zahra
شيعي حسيني
رقم العضوية : 429
الإنتساب : Oct 2006
المشاركات : 12,843
بمعدل : 1.89 يوميا

Dr.Zahra غير متصل

 عرض البوم صور Dr.Zahra

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : Dr.Zahra المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 08-11-2007 الساعة : 09:11 PM


الجهول، يا من تظلم نفسك! كيف تكافئ أوليائك الذين بذلوا أموالهم وأرواحهم في سبيل
هدايتك، وتحمّلوا أشد المصائب، وأفظع القتل، وأقسى السبي لنسائهم وأطفالهم من أجل
إرشادك ونجاتك؟ فبدلاً من أن تشكرهم على ما فعلوا وتحفظ لهم أياديهم البيض نحوك، تقوم
بظلمهم ظنا منك أنك إنما تظلم نفسك وحدها! استيقظ من نوم الغفلة، واخجل من
نفسك، [201] واتركهم يعانون من الظلم الذي تحمّلوه من أعداء الدين من دون أن
تضيف على ظلامتهم ظلامة أخرى، لأن الظلم من المحب أشد ألماً وأكثر قبحـاً!.
فصــــــل في تعــدد هـوى النـفــس لا بُـدَّ أن نعرف أن أهواء النفس
متعددة ومتنوعة من حيث المراتب والمتعلقات، وقد تكون أحيانا من الدقة بحيث أن الإنسان
نفسه يغفل عن ملاحظة أنها من مكائد الشيطان ومن أهواء النفس، ما لم يـُنَبّه على ذلك،
ويوقظ من غفلته. إلاّ أنها جميعها تشترك في كونها تمنع الحق وتصدّ عن طريقه، رغم
اختلاف مراتبها ودرجاتها، فإن أصحاب الأهواء الباطلة من الذين يتخذون الآلهة من
الذهب وغيرهم - كما يخبر الله سبحانه عنهم في قوله {أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ }(
الجاثية/ 23) وغيرها من الآيات الشريفة - ينقطعون عن الله، بصورة معيّنة، وإن أتْبَـاع
الأهواء النفسية وال أباطيل الشيطانية في عقائدهم الباطلة وأخلاقهم الفاسدة يحتجبون عنه
سبحانه بصورة أخرى، وإن أصحاب المعاصي الكبيرة والصغيرة والموبقات والمهلكات كل
حسب درجة المعصية ومرتبتها يبتعدون عن سبيل الحق بصورة ثالثة. وإن أهل الأهواء في
الرغبات النفسية المباحة مع الانشغال والانهماك فيها يتخلّفون عن سبيل الحق بصورة رابعة.
وإن أهل المناسك والطاعات الظاهرية الذين يعبدون من أجل عمران الآخرة وتلبية الشهوات
النفسية ومن أجل البلوغ إلى الدرجات العلى أو الخشية من العذاب الأليم والنجاة من
الدركات السفلى يحتجبون عن الحق وسبيله بصورة خامسة، وإن أصحاب تهذيب النفس
وترويضها، لإظهار قدرتها والوصول إلى جنة الصفات، فيفصلون عن الحق ولقائه بشكل
آخر، وإن أهل العرفان والسلوك والانجذاب ومقامات العارفين الذين لا يهمهم سوى لقاء
الحق والوصول إلى مقام القرب، يحتجبون عن الحق وتجلياته الخاصة بنوع سابعلأن التلوّن
وآثار وجوده الخاص لا يزال عندهم موجودا. ثم توجد بعد هذه المراتب درجات أخرى لا
يناسب ذكرها في هذا المقام. [202] فإن على أصحاب هذه المراتب أن يراقبوا بدقة
حالهم، وأن يطهّروا أنفسهم من الأهواء لئلا يتخلّـفوا عن طريق الله ولا يظلّوا عن
مسالك الحقيقة، حتى تظلّ أبواب الرحمة مفتوحة عليهم، مهما تكن مقاماتهم ومنازلهم.
واللّهُ وَليُّ الهِدَايَةِ. المقام الثاني في ذم طـول الأمل وفيه فصلان فصل في بيــان أن
طول الأمــل ينسي الآخــرة اعلم أن المنزل الأول من منازل الإنسانية هو منزل
اليقظة كما يقوله كبار أهل السلوك في بيانهم لمنازل السالكين، ولهذا المنزل كما يقول
الشيخ العظيم الشأن الشاه آبادي - دام ظله - بيوت عشرة، لسنا الآن بصدد تعدادها.
ولكن ما يجب قوله هو أن الإنسان ما لم ينتبه إلى أنه مسافر، ولا بُدَّ من السير، وأن له
هدف وتجب الحركة نحوه، وأن البلوغ إلى ال مقصد ممكن، لما حصل له العزم والإرادة
للتحرك. ولكل واحد من هذه الأمور، شرح وبيان لو ذكرناه لطال بنا المقام. ويجب أن
نعرف أن من أهم أسباب عدم التيقظ الذي يؤدي إلى نسيان المقصد ونسيان لزوم المسير،
وإلى إماتة العزم والإرادة، هو أن يظن الإنسان أن في الوقت متسعاً للبدء بالسير، وأنه إذا لم
يبدأ بالتحرك نحو المقصد اليوم، فسوف يبدأه غداً، وإذا لم يكن في هذا الشهر، فسيكون
في الشهر المقبل. فإن طول الأمل هذا وامتداد الرجاء، وظن طول البقاء، والأمل في الحياة
والرجاء سعة الوقت، يمنع الإنسان من التفكير في المقصد الأساسي الذي هو الآخرة. ومن
لزوم السير نحوه ومن لزوم اتخاذ الصديق وتهيأة الزاد للطريق، ويبعث الإنسان على نسيان
الآخرة ومحو المقصد من فكره - ولا قدّر الله - إذا أصيب الإنسان بنسيان للهدف المنشود
في رحلة بعيدة وطويلة ومحفوفة بالمخاطر مع ضيق الوقت، وعدم توفّـر العُـدّ َة والعدد
رغم ضرورتهما في السفر، فإنه من الواضح لا يفكر في الزاد والراحلة، ولوازم السفر
وعندما يحين وقت السفر يشعر بالتعاسة، ويتعثر ويسقط في أثناء الطريق، ويهلك دون أن
يهتدي إلى سبيل. [203] فصــــــل ( موعظة حول طول الأمل ) اعلم إذاً،
أيها العزيز، أن أمامك رحلة خطرة لا مناص لك منها، وأن ما يلزمها من عدّة وعدد وزاد
وراحلة هو العلم والعمل الصالح. وهي رحلة ليس لها موعد معين، فقد يكون الوقت ضيقاً
جداً، فتفوتك الفرصة. إن الإنسان لا يعلم متى يقرع ناقوس الرحيل للانطلاق فوراً. إن
طول الأمل المعشعش عندي وعندك الناجم من حب النفس ومكائد الشيطان الملعون
ومغرياته، تمنعنا من الاهتمام بعالم الآخرة ومن القيام بما يجب علينا. وإذا كانت هناك مخاطر
وعوائق في الطريق، فلا نسعى لإزالتها بالتوبة والإنابة والرجوع إلى طريق الله، ولا نعمل
عل تهيئة زاد وراحلة، حتى إذا ما أزف الوعد الم وعود اضطررنا إلى الرحيل دون زاد ولا
راحلة. ومن دون العمل الصالح، والعلم النافع، اللذان تدور عليهما مئونة ذلك العالم، ولم
نهيأ لأنفسنا شيئاً منهما. حتى لو كنا قد عملنا عملاً صالحاً، فإنه لم يكن خالصاً بل مشوباً
بالغش، ومع آلاف من موانع القبول. وإذا كنا قد نلنا بعض العلم، فقد كان علماً بلا
نتيجة وهذا العلم إما أنْ يكون لغواً وباطلاً، وإما أنه من الموانع الكبيرة في طريق الآخرة.
ولو كان ذلك العلم والعمل صالحين، لكان لهما تأثير حتمي وواضح فينا نحن الذين صرفنا
عليهما سنوات طوالاً، ولغيّرا من أخلاقنا وحالاتنا. فما الذي حصل حتى كان لعملنا
وعلمنا مدة أربعين أو خمسين سنة تأثير معكوس بحيث أصبحت قلوبنا أصلب من الصخر
القاسي؟ ما الذي جنيناه من الصلاة التي هي معـراج المؤمنين؟ أين ذلك الخوف وتلك
الخشية الملازمة للعلم؟ لو أننا أجبرنا على الرحيل ونحن على هذه الحال - لا سمح اله -
لكان علينا أن نتحمل الكثير من الحسرات والخسائر العظيمة في الطريق، مما لا يمكن إزالته!.
إذاً، فنسيان الآخرة من الأمور التي يخافها علينا وليّ الله الأعظم، الإمام أمير المؤمنين عليه
السلام، ويخاف علينا من الباعث لهذا النسيان وهو طول الأمل، لأنه يعرف مدى خطورة
هذه الرحلة، ويعلم ماذا يجري على الإنسان الذي يجب أن لا يهدأ لحظة واحدة عن التهيؤ
وإعداد الزاد والراحلة، عندما ينسى العالم الآخر، ويستهويه النوم والغفلة من دون أن يعلم
أن هناك عالما آخر، وأن عليه أن يسير إليه [ 204] حثيثاً. وماذا سيحصل له وما هي
المشاكل التي يواجهها؟ يحسن بنا أن نفكر قليلاً في سيرة أمير المؤمنين والنبي الكريم صلّى
الله عليه وآله وسلم، وهما من أشرف خلق الله ومن المعصومين عن الخطأ والنسيان والزلل
والطغيان، لكي نقارن بين حالنا وحالهم. إن معرفتهم بطول السفر ومخاطره قد سلبت
الراحة منهم، وأن جهلنا أوجد النسيان والغفلة فينا. إن نبينا صلّى الله عليه وآله وسلم قد
روّض نفسه كثيرا في عبادة الله، وقام على قدميه في طاعة الله حتى ورمت رجلاه،
فنزلـت الآيـة الكريمة تقول له: {طه، مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى}(طه/1-2 ).
وعبادات علي عليه السلام وتهجّـده وخوفه من الحق المتعال معروف للجميع. إذاً، اعلم
أن الرحلة كثيرة المخاطر، وإنما هذا النسيان الموجود فينا ليس إلاّ من مكائد النفس
والشيطان، وما هذه الآمال الطوال ألاّ من أحابيل إبليس ومكائده. فتيقظ أيها النائم من
هذا السبات وتنّبه، واعلم أنك مسافر ولك مقصد، وهو عالم آخر، وأنك راحل عن هذه
الدنيا، شئت أم أبيت. فإذا تهيأت للرحيل بالزاد والراحلة لم يصبك شيء من عناء السفر،
ولا تصاب بالتعاسة في طريقه، وإلاّ أصبحت فقيراً مسكيناً سائراً نحو شقاء لا سعادة فيه،
وذلّه لا عـزّة فيها وفقر لا غناء معه وعذاب لا راحة منه. إنها النـار التي لا تنطفئ
والضغط الذي لا يخفف، والحزن الذي لا يتبعه سرور، والندامة التي لا تنتهي أبداً. أنظر
أيها الأخ إلى ما يقوله الإمام في دعاء كميل وهو يناجي الحق عـزَّ وجـلَّ: "وَأَنْـتَ
تَـعْـلَمُ ضَعْفِي عَـنْ قَلِيلٍ مِـنْ بَلاَءِ الدُّنْـيَا وَعُـقُوبَاتِهَا"إلى أن يقـول :"وَهـذَا
مَـا لا تَـقُومُ لَـهُ السَّـمَوَاتُ وَالأَرْضُ". ترى ما هذا العذاب الذي لا تطيقه
السماوات والأرض، الذي قد أعـدّ لك؟ أفلا تستيقظ وتنتبه، بل تزداد كل يوم استغراقاً
في النوم والغفلة؟ فيا أيها القلب الغافل! انهض من نومك وأعـدّ عدتك للسفر،"فـَقـَدْ
نُـودِيَ فِـيكُمْ [205] بِالـرَّحِـيلِ"( نهج البلاغة - الخطبة-204- ( الشيخ
صبحي الصالح ) )، وعمّـال عزرائيل منهمكون في العمل ويمكن في كل لحظة أن
يسوقوك سوقاً إلى العالم الآخر. ولا تـزال غارقاً في الجهل والغفلة؟ "الـلّ َهُمَّ إِنّـي
أَسْـأَلُكَ التَّجَافِيَ عَنْ دَارِ الغُـرُورِ، وَالإِنَـابَةَ إِلَى دارِ السُّـرُورِ والاسْـتِعْـدَادَ
لِلْمَوْتِ قَبْـلَ حُـلُولِ الْـفَـوْتِ"( مفاتيح الجنان، دعاء ليلة السابع والعشرين من شهر
رمضان ). [207] الحَديث الحَادي عـشرَ "الفطـرة" بالسند المُتَّـصِلِ إلى محمّد بن
يعقوب، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيى، عَنْ أَحْمَدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَن ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِـيِّ بْنِ
رِئابِ، عن زُرارَةَ قال:"سألتُ أبَا عبْدِالله عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وجَـلَّ: {فِطْرَتَ
اللهِ الّتي فَطَرَ النّاسَ عَلَيْها}. قال:"فَطَرَهُم جَميعاً على الـتّوحيد".( أصول الكافي، المجلد
الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب فطرة الخـلق على التوحيد، ح 3 ) [209] الشرح:
يقول أهل اللغة والتفسير: إن"الفطـرة"تعني الخلـق. وفي
الصحاح:"الفِطرة"بالكسر"الخِلقة". ويمكن أن تكو ن الكلمة مأخوذة من"فَطَرَ"أي"شقّ
ومزّق"كأن الخلق أشبه بشق حجب العدم والغيب. وبهذا المعنى يكون إفطار الصائم،
فكأنه يمزق استمرارية الإمساك المتصل. على كل حال، البحث اللغوي خارج عن نطاق
بحثنا. إنما هذا الحديث الشريف إشارة إلى الآية المباركة في سورة الروم: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ
لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ
أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}(الروم30). فصـــــــل فــي معنــى
الفطـــرة اعلم أن المقصود من"فـِطـْرَة الله"التي فطر الناس عليها هو الحال
والكيفية التي خلق الناس وهم متّصفون بها والتي تعد من لوازم وجودهم.
ولذلك"تخمّرت"طينتهم بها في أصل الخلق. والفطرة الإلهية - كما سيتبيّن فيما بعد - من
الألطاف التي خصّ الله تعالى بها الإنسان من بين جميع المخلوقات، إذ إن الموجودات
الأخرى غير الإنسان إمّا أنها لا تملك مثل هذه الفطرة المذكورة وإما أن لها حظاً ضئيلا
منها. [210] وهنا لا بـُدَّ من معرفة أن الفطرة، وإن فسرت في هذا الحديث الشريف
وغيره من الأحاديث بالتوحيد، إلاّ أن هذا هو من قبيل بيان المصداق، أو التفسير بأشرف
أجزاء الشيء، كأكثر التفاسير الواردة عن أهل بيت العصمة عليهم السلام، وفي كل مرة
تفسر بمصداق جديد بحسب مقتضى المناسبة، فيحسب الجاهل أن هناك تعارضا. والدليل
على أن المقام كذلك هو أن الآية الشريفة تعتبر"الدين"هو"فطرة الله"مع أن الدين يشمل
التوحيد والمبادئ الأخرى. وفي صحيحة عبدالله بن سنان فسرت الفطرة على أنها
تعني"الإسلام". وفي حسنة زرارة فسرت بالمعرفة، وفي الحديث المعروف:"كلُّ مولودٍ يولَدُ
عَلَى الفِطْرَةِ"(غوالي اللئالي، المجلد الأول، ص 35 ) جاءت في
قبال"التهوّد"و"التنصـّر"و"التمجّس". كما أن الإمام البا قر عليه السلام في حسنة زرارة
المذكورة فسّرها بالمعرفة. وعليه، فالفطرة ليست مقصورة على التوحيد، بل إن جميع المبادئ
الحقة هي من الأمور التي فَطَرَ الله تعالى الإنسان عليها. فصـــــــل فــي
تحــديد أحكــام الفطــرة لا بُدَّ أن تعرف بأن ما هو من أحكام الفطرة لا
يمكن أن يختلف فيه اثنان. من ناحية أنها من لوازم الوجود وقد تخمّرت في أصل الطبيعة
والخلقة. فالجميع، من الجاهل والمتوحش والمتحضر والمدني والبدوي، مجمعون على ذلك.
وليس ثمّة منفذ للعادات والمذاهب والطرق المختلفة للتسلّل إليها والإخلال بها. إن اختلاف
البلاد والأهواء والمأنوسات والآراء والعادات، التي توجب وتسبّب الخلاف والاختلاف في
كل شيء، حتى في الأحكام العقلية، ليس لها مثل هذا التأثير أبداً في الأمور الفطرية. كما
أن اختلاف الإدراك والإفهام قوة وضعفاً لا تؤثر فيها. وإذا لم يكن الشيء بتلك الكيفية
فليس من أ حكام الفطرة ويجب إخراجه من فصيلة الأمور الفطرية. ولذلك تقول الآية:
{فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}( الـروم/ 30 ) أي أنها لا [211] تختص بفئة خاصة ولا طائفة
من الناس. ويقول تعالى أيضا:{لاَ تبديلَ لِخَلْقِِ الله} (الروم/ 30 ) أي لا يغيـّره شيء،
كما هو شأن الأمور الأخرى التي تختلف بتأثير العادات وغيرها. ولكن مما يثير الدهشة
والعجب أنه على الرغم من عدم وجود أي خلاف بشأن الأمور الفطرية، من أول العالم
إلى آخره، فإن الناس يكادون أن يكونوا غافلين عن أنهم متفقون، ويظنون أنهم مختلفون،
ما لم ينبههم أحد على ذلك، وعند ذلك يدركون أنهم كانوا متفقين رغم اختلافهم في
الظاهر - كما سيتضح ذلك فيما يأتي من البحث إن شاء الله -. هذا ما تشير إليه الجملة
الأخيرة من الآية الشريفة: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}(الروم/ 30 ) فيتضح مما سبق
ذكره أن أحكام الفطرة أكثر بداهة من كل أمر بديهي. إذ لا يوجد في جميع الأحكام
العقلية حكم مثلها في البداهة والوضوح، حيث لم يختلف فيه الناس ولن يختلفوا. وعلى هذا
الأساس تكون الفطرة من أوضح الضروريات وأبده البديهيات، كما أن لوازمها أيضاً يجب
أن تكون من أوضح الضروريات. فإذا كان التوحيد أو سائر المعارف من أحكام الفطرة أو
من لوازمها، وجب أن يكون من أوضح الضروريات وأجلى البديهيات {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ
النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}. فصـــــــل ( الدين فطرة الله ) اعلم أن المفسرين، من
العامة والخاصة، فسّروا كلٌ على طريقته، كيفية كون الدين أو التوحيد من الفطرة. ولكننا
في هذه الوريقات لا نجري مجراهم وإنما نستفيد في هذا المقام من آراء الشيخ العارف الكامل
( الشاه آبادي ) الذي هو نسيج وحده في هذا الميدان. فقد أشار أن بعضها قد ورد بصورة
الإشارة والرمز في بعض [212] كتب المحققين من أهل المعارف، وبعضها الآخر مما خطر
في فكري القاصر. إذاً، لا بُـدَّ أن نعرف أن من أنواع الفطرة الإلهية ما يكون على"أصل
وجود المبدأ"تعالى وتقدس ومنها الفطرة على"التوحيد"وأخرى على"استجماع ذات الله
المقدسة لجميع الكمالات"وأخرى على"المعاد ويوم القيامة"وأخرى على"النبوة"و"وجود
الملائكة والروحانيين وإنزال الكتب وإعلان طريق الهداية". وهذه الأمور بعضها من
الفطرة، وبعضها من لوازم الفطرة. فالإيمان بالله تعالى وبملائكته وكتبه ورسله وبيوم القيامة،

توقيع : Dr.Zahra
سألت نفسي كتير مرسيتش يوم على بر
انا الي فيا الخيرر ولا الي فيا الشر
مليان عيوب ولا .؟
خالي من الذنوب ولا .؟
ولاايه.؟
ولا انا جوايا ومش داري الاتنين في بعض..؟
وخمسميه حاجه وملهمش دعوه ببعض..!!
من مواضيع : Dr.Zahra 0 صباحكم جوري..*
0 الدنيا منافع ..*
0 انجازاتي ...*
0 أنا أتد ... ♥
0 عراقي عنده معامله مستعجله ..,'

الصورة الرمزية Dr.Zahra
Dr.Zahra
شيعي حسيني
رقم العضوية : 429
الإنتساب : Oct 2006
المشاركات : 12,843
بمعدل : 1.89 يوميا

Dr.Zahra غير متصل

 عرض البوم صور Dr.Zahra

  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : Dr.Zahra المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 08-11-2007 الساعة : 09:13 PM


هو الدين القـيم المحكم المستقيم والحق على امتداد حياة المجموعة البشرية. ولسوف نشير
إلى بعض منها مما يتناسب والحديث الشريف، طالبين التوفيق من الحق تعالى. المقام الأول
في بيان أن أصل وجود المبدأ المتعالي جل وعلا من الأمور الفطرية وهذا يتضح بعد التنبيه
إلى مقدمة واحدة هي: أن من الأمور الفطرية التي جبلت عليها سلسلة بني البشر بأكملها،
بحيث أنك لن تجد فرداً واحداً ف ي كل المجموعة البشرية يخالفها، ولن تستطيع العادات
والأخلاق والمذاهب والمسالك وغيرها لا يمكن أن تبدلها ولا أن تحدث فيها خللاً،
إنّها"الفطرة التي تعشق الكمال". فأنت إن تجولت في جميع الأدوار التي مـرّ بها الإنسان،
واستنطقت كل فرد من الأفراد، وكل طائفة من الطوائف، وكل ملّة من الملل، يجد هذا
العشق والحب قد جبل في طينته، فتجد قلبه متوجهاً نحو الكمال. بل إن ما يحدد الإنسان
ويدفعه في سكناته وتحركاته، وكل العناء والجهود المضنية التي يبذلها كل فرد في مجال عمله
وتخصصه، إنما هو نابع من حب الكمال، على الرغم من وجود منتهى الخلاف بين الناس
فيما يرونه من الكمال؟ وأين يوجد الحبيب ويشاهد المعشوق؟. فكلٌ يجد معشوقه في شيء،
ظاناً أن ذلك هو الكمال وكعبة الآمال، فيتخيله في أمر معيّن، فيتوجه إليه، فيتفانى في
سبيله تفاني العاشق. إن أهل الدنيا وزخارفها يحسبون الكمال في الثروة، ويجدو ن
معشوقهم فيها، فيـبذلون من كل [213] وجودهم الجهد والخدمة الخالصة في سبيل
تحصيلها فكل شخص، مهما يكن نوع عمله، ومهما يكن موضع حبه وتعشقه، فإنه
لاعتقاده بأن ذلك هم الكمال يتوجه نحوه. وهكذا حال أهل العلوم والصنايع، كلٌ يرى
الكمال في شيء ويعتقد أنه معشوقه، بينما يرى أهل الآخرة والذكر والفكر غير ذلك ...
وعليه، فجميعهم يسعون نحو الكمال. فإذا ما تصوّره في شيءٍ موجود أو موهوم تعلّقوا به
وعشقوه. ولكن لا بُدَّ أن نعرف أنه علـى الرغم من هذا الذي قيل، فإن حب هؤلاء
وعشقهم ليس في الحقيقة لهذا الذي ظنوه بأنه معشوقهم، وإن ما توهّموه وتخيّلوه ويبحثون
عنه ليس هو كعبة آمالهم. إذ لو أن كل واحد منهم رجع إلى فطرته لوجد أن قلبه في
الوقت الذي يظهر العشق لشيءٍ مّا فإنه يتحوّل عن هذا المعشوق إلى غيره إذا وجد الثاني
أكمل من الأول، ثم إذا عثر على أكمل من الثاني، ترك الثاني وانتقل بحبه إلى الأكمل
منه، بل أن نيران عشقه لتزداد اشتعالاً حتى لا يعود قلبه يلقى برحاله في أية درجة من
الدرجات ولا يرضى بأي حد من الحدود. مثلاً، إذا كنتَ تحب جمال القدود ونضارة
الوجوه، عثرت على ذلك عند من تراها كذلك، توجّه قلبك نحوها. فإذا لاح لك جمالٌ
أجمل، لا شك في أنك سوف تتوجه إلى الجميل الأجمل، أو أنك على الأقل تطلب الاثـنين
معا، ومع ذلك لا تخمد نار الاشتياق عندك، ولسان حال فطرتك يقول: كيف السبيل
إليهما معا؟ ولكن الواقع هو أنك تطلب كل جميل تراه أجمل، بل قد تزداد اشتياقا بالتخيل،
فقد تتخيل أن هناك جميلاً أجمل من كل ما تراه بعينك، في مكان ما، فيحلق قلبك طائراً
إلى بلد الحبيب، ولسان حالك يقول: أنا بين الجمع وقلبي في مكان آخر. وقد تعشق ما
تتمنى. فأنت إن سمعت بأوصاف الجنة وما فيها من الوجوه الساحرة- حتى وإن لم تكن
تؤمن بالجنة لا سمح الله - قالت فطرتك: ليت هذه الجنة موجودة وليتهن كـُنَّ من
نصيبي!. وهكذا الذين يرون الكمال في السلطان والنفوذ واتساع الملك، يتّجه حبهم
واشتياقهم إلى ذلك. فهم إذا بسطوا سلطانهم على دولة واحدة، توجّهت أنظارهم إلى دولة
أخرى، فإذا دخلت تلك الدولة أيضاً تحت سيطرتهم، تطلعت أعينهم إلى [214] أكثر
من ذلك. فهم كلما استولوا على قطر، اتجه حبهم إلى الاستيلاء على أقطار أخرى، بل
تزداد نار تطلعاتهم لهيباً، وإذا بسطوا سلطانهم على الأرض كلها، وتخيلوا إمكان بسط
سلطتهم على الكواكب الأخرى، تمنّت قلوبهم لو كان بالإمكان أن يطيروا إلى تلك العوالم
كي يخضعوها لسيطرتهم. وقس على ذلك أصحاب الصناعات ورجال العلم، وغيرهم،
وكل أفراد الجنس البشري، مهما تكن مهنتهم وحِرَفهم، فهم كلما تقدموا فيها مرحلة
متقدمة، ورغبوا في بلوغ مرحلة أكمل من سابقتها، ولهذا يشتدّ شوقهم وتطلّعهم. إذاً،
فنور الفطرة قد هدانا إلى أن نعرف أن قلوب جميع أ بناء البشر، من أهالي أقصى المعمورة
وسكان البوادي والغابات إلى شعوب الدول المتحضرة في العالم، ابتداءً بالطبيعيين والماديين
وانتهاء بأهل الملل والنِحل، تتوجه قلوبهم بالفطرة إلى الكمال الذي لا نقص فيه، فيعشقون
الكمال الذي لا عيب فيه ولا كمال بعده، والعلم الذي لا جهل فيه، والقدرة التي لا تعجز
عن شيء، والحياة التي لا موت فيها، أي أن"الكمال المطلق"هو معشوق الجميع. إن جميع
الكائنات والعائلة البشرية، يقولون بلسان فصيح واحد وبقلب واحد: إننا نعشق الكمال
المطلق، إننا نحب الجمال والجلال المطلق، إننا نطلب القدرة المطلقة، والعلم المطلق. فهل
هناك في جميع سلسلة الكائنات، أو في عالم التصور والخيال، وفي كل التجويزات العقلية
والاعتبارية، كائن مطلق الكمال ومطلق الجمال، سوى الله تقدست أسماؤه، مبدأ العالم
جلّت عظمته؟ وهل الجميل على الإطلاق الذي لا نقص فيه إلاّ ذلك المحبوب المطلق؟ فيا
أيها الهائمون في وادي الحسرات والضائعون في صحاري الضلالات. بل أيتها الفراشات
الهائمة حول شمعة جمال الجميل المطلق، ويا عشّاق الحبيب الخالي من العيوب والدائم
الأزلي، عودوا قليلاً إلى كتاب الفطرة وتصفحوا كتاب ذاتكم لتروا أن قلم قدرة الفطرة
الإلهية قد كتب فيه {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا
مِنْ الْمُشْرِكِينَ}(الأنعام/79). فهل أن"فطر الله التي فطر الناس عليها"هي فطرة التوجه
نحو [215] المحبوب المطلق؟ وهل أن الفطرة التي لا تتبدل"لا تبديلَ لِخلقِِ الله"هي فطرة
المعرفة؟ فإلى متى توجه هذه الفطرة التي وهبك الله إياها نحو الخيالات الباطلة، نحو هذا
وذاك من المخلوقات لله؟ إذا كان محبوبك هو هذا الجمال الناقص والكمالات المحدودة،
فلماذا عندما تصل إليـها يبقى اشتياقك ملتهباً لا يخمد، بل يزداد ويشتد؟. تيقّظ من نوم
الغفلة واستبشر فرحاً بأن لك محبوباً لا يزول، ومعشوقاً لا نقص فيه، ومطلوباً من دون
عيب، وأن لك مقصوداً يكون نور طلعته هو النور{الله نُورُ السمواتِ والأرض}، وأن
محبوبك ذو إحاطة واسعة"لو دُلّيتُمْ بِحَبْلٍ إِلى الأرضين السُّـفلى لَهِبَطْتُمْ على الله"(
راجع كتاب معجم الأحاديث النبوية. مادة (د ل و ) ). إذن يستوجب عشقك الحقيقي
معشوقاً حقيقياً، ولا يمكن أن يكون شيئاً متوهماً متخيلاً، إذ أن كل موهوم ناقص،
والفطرة إنّما تتوجه إلى الكمال. فالعاشق الحقيقي والعشق الحقيقي لا يكون من دون
معشوق، ولا يكون غير الله الكامل، معشوقاً تتجه إليه الفطرة. فلازم تعشق الكمال المطلق
وجود الكمال المطلق. وقد سبق أن عرفنا أن أحكام الفطرة ولوازمها أوضح من جميع
البديهيات {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ }(إبراهيم/ 10 ). المقام
الثانــــي في بيان أن توحيد الحق المتع الي وصفاته الأخرى فطرية في بيان أن
توحيد الحق - تعالى شأنه - واستجماع ذاته لكل الكمالات من الأمور الفطرية، وبالانتباه
إلى ما جاء في المقام الأول يتضح ذلك أيضا إلا أننا سنبرهن على ذلك ببيان آخر هنا أيضاً.
اعلم أن من الأمور الفطرية التي"فـَطـَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا"هو النفور من النقص، ولذلك فإن
الإنسان ينفر من كل ناقص، قد وجد فيه نقصاً وعيباً. إذاً، فالفطرة تنفر من النقص والعيب
كما أنها تنجذب إلى الكمال. فالفطرة لا بد وأن تتوجه إلى الواحد الأحد، لأن كل كثير
ومركب ناقص، ولا تكون الكثرة دون محدودية مع [216] أن المحدودية نقص. وكل
ناقص مرغوب عنه من جانب الفطرة وليس بمرغوب فيه. إذاً، أمكن من هاتين
الفطرتين:"فطرة حب الكمال"و"فطرة النفور من النقص"إثبات التوحيد. بل إن
استجماع الله لجميع الكمالات، وخلو ذاته المقدسة من كل نقص، قد ثبت بالفطرة أيضاً.
وسورة التوحيد المبا ركة التي تبيّن نسب الحق المتعالي، وبحسب رأي شيخنا( الشيخ محمد
علي الشاه آبادي ) ( روحي فداه ) إن الهوية المطلقة، التي تتوجه إليها الفطرة، والتي أشير
إليها في صدر سورة التوحيد المباركة بكلمة"هو"المباركة، تعد برهاناً على الصفات الستّ
المذكورة بعد ذلك. إذ لمّا كانت ذات الله المقدسة هوية مطلقة، والهوية المطلقة يجب أن
تكون كاملة مطلقة، وإلاّ لكانت محدودة، ولم تكن مطلقة، فهو مستجمع لجميع
الكمالات، فهو"اللهُ". وفي الوقت الذي يكون مستجمعاً لجميع الكمالات يكون بسيطاً،
وإلاّ فالهوية لا تكون مطلقة، إذاً فهو"أحد"ولازم الأحدية هو الواحدية ولما كانت الهوية
المطلقة المستجمعة لجميع الكمالات منزهة عن جميع النقائص، التي تعود بأجمعها إلى الماهية،
إذاً فتلك الذات المقدسة هي"الصـَّمـَدْ"وليست جوفاء. ولما كانت الهوية مطلقة، فلن
يتولد منها شيء ولا ينفصل عنها شيء، ولا ينفصل هو عن يء [لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ] وإنما
هو مبدأ كل شيء ومرجع جميع الموجودات، بدون الانفصال الذي يوجب النقصان.
والهوية المطلقة أيضاً ليس لها كفو. إذ لا يمكن تصور التكرار في الكمال الصرف. إذاً
فالسورة المباركة (الإِخلاص ) من أحكام الفطرة ولبيان نسب الحق المتعال. المقام الثالث في
بيان أن المعاد فطري إن"المعاد"أو يوم القيامة من الأمور الفطرية المجبولة عليها طينة
البشر. وهذا أيضاً، مثل المقامين السابقين، يمكن البرهنة عليه بطرق كثيرة وأمور فطرية
عديدة، ونحن هنا نشير إلى بعض منها. اعلم إن من الفطريات الإلهية التي فُطِرت عليها
العائلة البشرية كافة هي [217] فطرة حب الراحة. فلو أنك في كل أدوار التمدن
والتوحش. والتدين والعناد رجعت إلى هذا الإنسـان، الجاهل والعالم، والوضيع والشريف،
والمدني والبـدوي، وسألته:"لِمَ كل هذا التعلق المتنوع والأهواء الشتى، وما الغاية من
تحمل ك ل هذه المشقات والصعوبات والمعاناة في الحياة؟"فإنهم جميعاً وبكلمة واحدة
وبلسان الفطرة الصريح يجيبون قائلين: بأن كل ما يتوخونه إنما هو لراحتهم، والغاية النهائية
والمرام الأخير وأقصى ما يتمنونه هو الراحة المطلقة الخالية من العناء. فلما كانت هذه
الراحة التي لا تمازجها مشقة والتي لا يشوبها ألم ونقمة هي معشوقة الجميع، وكانت هذه
المعشوقة المفقودة لدى كل إنسان مقصورة في شيء، لذلك فهو عندما يحب شيئاً يتصور
محبوبه فيه، مع أن مثل هذه الراحة المطلقة لا وجود لها في كل أرجاء العالم وزواياه. إذ ليس
من الممكن أن تعثر على راحة غير مشوبة بالألم. إن جميع نِعم هذا العالم يصاحبها العناء
والعذاب المضني، وما من لذة إلاّ وفيها ألم. إن العذاب والتعب والألم والحزن والهم والغم
تملأ أرجاء الأرض. وعلى امتداد حياة الإنسان لن تجد فرداً واحداً يتساوى عذابه وراحته،
ونعمته توازي تعبه ونقمته ونصبه، ناهيك عن الراحة الخالصة المطلقة. وبناءً على ذلك فإن
معشوق الإنسان لا يوجد في هذا العالم الدنيوي. إن العشق الفطري الذي جبل عليه أبناء
البشر لا يكون من دون معشوق موجود فعلا. إذاً، لا بُدَّ من أن يكون هناك في دار التحقق
وعالم الوجود عالم لا تشوب راحته شائبة من ألم وعذاب وتعب، راحة مطلقة لا يخالطها
شيء من العناء والشقاق، سرور دائم خالص لا يعتوره حزن ولا همّ. ذلك العالم هو"دار
نعيم الله"عالم كرم ذات الله المقدسة. وهو عالم يمكن إثباته بفطرة الحرية ونفوذ الإرادة
الموجودة في فطرة كل إنسان. ولما كانت مواد هذا العالم وما به من العسر والضيق مما
يستعصي على حرية الإنسان وإرادته، فلا بُدَّ إذاً، أن يكون هناك عالم آخر تكون للإرادة
فيه كلمة نافذة، ولا تستعصي مواده على إرادة الإنسان، ويكون الإنسان في ذلك العالم
فعّالاً لما يشاء والحاكم بما يريد، حسبما تقتضيه الفطرة. [218] إذاً، يعتبر العشق للراحة
والعشق للحريّة هما الجانبان المودعان لدى الإنسان، بموجب فطرة الله التي لا تتبدل، فيحلق
بهما في عالم الملكوت الأعلى متقرباً إلى الله. وفي المقام مواضيع أخرى لا تسعها هذه
الأوراق؛ وفيها فطرات أخرى لإثبات المعارف الحقّه، مثل إثبات النبوة، وبعثة الرسل،
وإنزال الكتب السماوية. بل بفطرة واحدة من هذه الفطر المذكورة يمكن إثبات جميع
المعارف. ولكننا نكتـفي بهذا القدر لئلا نخرج عن الموضوع ولكيلا نشرح ما لا يناسب
مع الحديث الشريف. إلى هنا عرفنا أن العالم بالمبدأ، والكمالات، ووحدتها، والمعاد، وعالم
الآخرة كلها من الأمور الفطرية. والحمد لله. [219] الحــَديث الثــاني عشــرَ
"التفكــــر" [220] بسندي المتـَّصل إلى محمـّد بن يعقوب - رضوان الله عليه -
عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النَّوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال:"كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: نَبَّهْ بَالتَفَكُّـرِ قَلْبَكَ وَجافِ عَنِ اللَّيْلِ جَنْبَكَ
وَاتَّقِ اللهَ رَبَّكَ"( أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر،باب التفكر، ح 1).
[221] الشرح: "كـَانَ يَـقُولُ"يختلف عن"قـَالَ"أو"يـَقـُولُ"من حيث الدلالة،
لأنه يفيد الاستمرار والدوام. وهذا يعني أن الإِمام عليه السلام كان يكرر هذا
الكلام."وَالتَّـنْبِيهُ"هو الإخراج من الغفلة والإِيقاظ من النوم. وكلا المعنيين مناسب
هنا. فالقلوب قبل التفكر غافلة، وقبل الإيقاظ نائمة، والتنبيه يخرجها من الغفلة،
ويوقظها من النوم. والنوم واليقظة، والغفلة والفطنة، لكل من مُلك الجسد وملكوت
النفس، مختلفان. فقد تكون العين الظاهرة يقظة وجانب المُلك واعياً، ولكن عين الباطن
والبصيرة تغط في نوم والبصيرة تغطّ في نوم ثقيل، وجانب ملكوت النفس في غفلة ومن
دون وعي. و"التـَّفـَكـُّرُ" إعمال الف كر، وهو ترتيب الأمور المعلومة للوصول إلى
النتائج المجهولة. فهو أعمَّ من التفكر الذي يعدّ من مقامات السالكين. لأن الخواجه
الأنصاري يعرفه بقوله:"إِعلَمْ أَنَّ التّفكرَ تَلَمُّسُ البَصيرَةِ لاِسْتِدْراكِ البُغْيَةِ"("منازل
السائرين"ج 1، ص 57 ) . ومعلوم أن مطلوبات القلب هي المعارف، ولهذا فإن المراد
بالتفكر في هذا الحديث الشريف هو المعنى الخاص الذي يعود إلى القلوب وحياتها. وللقلب
تعريفات واصطلاحات كثيرة: فإذا عُرّف عند الأطباء وعامة الناس، كان المراد منه تلك
القطعة من اللحم الصنوبرية الشكـل التي بانقباضها وانبساطها يجري الدم في الشرايين،
ومن ذلك تتولد الروح الحيوانية التي هي بخار لطيف. [222] وعند الحكماء يطلق على
بعض مقامات النفـس. وله عند أصحاب العرفان مقامات ومراتب، يكون التعمق في بيان
هذه المصطلحات خارجاً عن قصدنا. وفي القرآن الكريم والأحاديث الشريفة يطلق (ال
قلب) في المواضيع المختلفة على كل واحد من المعاني المتداول بين العامة والخاصـة،
مثـل {وَبَلَغَتْ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ}(الأحزاب/ 10) . وهو بمعناه المتداول بين الأطباء،
{... لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا}(الأعراف/ 179) وهو

توقيع : Dr.Zahra
سألت نفسي كتير مرسيتش يوم على بر
انا الي فيا الخيرر ولا الي فيا الشر
مليان عيوب ولا .؟
خالي من الذنوب ولا .؟
ولاايه.؟
ولا انا جوايا ومش داري الاتنين في بعض..؟
وخمسميه حاجه وملهمش دعوه ببعض..!!
من مواضيع : Dr.Zahra 0 صباحكم جوري..*
0 الدنيا منافع ..*
0 انجازاتي ...*
0 أنا أتد ... ♥
0 عراقي عنده معامله مستعجله ..,'

الصورة الرمزية Dr.Zahra
Dr.Zahra
شيعي حسيني
رقم العضوية : 429
الإنتساب : Oct 2006
المشاركات : 12,843
بمعدل : 1.89 يوميا

Dr.Zahra غير متصل

 عرض البوم صور Dr.Zahra

  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : Dr.Zahra المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 08-11-2007 الساعة : 09:18 PM


المعنى المتداول على ألسنة الحكماء. {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى
السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}(ق37). وهو الاصطلاح الجاري عند العرفاء. وما جاء في الحديث
الشريف بشأن التفكر هو المتداول عند الحكماء. أما القلب في اصطلاح العرفاء، فلا علاقة
له بالتفكر، وخصوصاً في بعض مراتبه، كما يعرف ذلك أهل الإصلاح. وقول الإمام عليه
السلام:"جافِ عَنِ اللَّيْلِ جَنْبَكَ"، الجفاء بمعنى"البُعد"و"جافاه عنه، فتجافى جنبه عن
الفراش"أي"نبا"كما في الصحاح. ونسبة المجافاة إلى الليل من الإسناد إلى المجاز، أو من
جعل الليل فراشاً ادعاءً، أو أن الكلمة استعملت في معناها الحقيقي وأن الإسناد يكون
حقيقياً ولكن الفرق في الإرادة الجدية والاستعمالية، كما احتملوه في مطلق المجازات،
وحسبما أسهب في شرحه الشيخ الفقيه والأصولي والأديب المتبحر ( الشيخ رضا
الأصفهاني ) في"جليّة الحال". ومهما يكن، فتلك كناية عن النهوض عن فراش النوم في
الليل من أجل العبادة. وبعد ذلك سوف يتم بيان التقوى ومراتبها، إن شاء الله... ولكننا
سوف نبيّن ضمن فصول عديدة مناسبات الحديث الشريف فيما يلي: فصل في بيان فضيلة
التفكر اعلم أن للتفكر فضائل كثيرة. فالتفكر هو مفتاح أبواب المعارف وخزائن
الكمالات والعلوم، وهو مقدّمة لازمة وحتمية للسلوك الإنساني، وله في القرآن [223]
الكريم والأحاديث الشريفة تعظيم بليغ وتمجيد كامل، كما أن تاركه معيّر ومذموم. وقد
جاء في ( الكافي ) الشريف عن الإمام الصادق عليه السلام: "أفـْضَلُ الْعِبَادَةِ إدمانُ
التَّفَكّرِ فِي الله وَفِي قُدْرَتِهِ"( أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب
التفكر، ح 3). ويرد ذكر لهذا الحديث فيما بعد. وفـي حديث آخر:"تـَفـَكـُّرَ
سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ قِيامِ لَيْلَةٍ". وفي حديث عن رسول الله صلـّى الله عليه وأله وسلم:"إِنَّ
تـَفَكُّرَ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سَنَةٍ". وفي حديث غيره:"إِنَّ تَفَكُّـرَ سَاعَـةٍ خَيْـرٌ مِنْ
عِبَـادَةِ سِتِّيـنَ سَنَةٍ"، وفي رواية:"سـَبـْعـِينَ سَنَةٍ"، وعن بعض علماء الفقه
والحديث:"أَلْفَ سَنَةٍ"وعلى كل حال، إن للتفكر درجات ومراتب، ولكل مرتبة نتيجة أو
نتائج، وسوف نتناول بعضها. الأول: هو التفكر في الحق تعالى، وأسمائه وصفاته وكمالاته.
ونتيجة ذلك هو العلم بوجوده وبأنواع تجلياته، التي منها الأعيان الواقعية والمظاهر
الخارجية. وهذا أفضل مراتب التفكر، وأع لى مراتب العلوم، وأتقن مراتب البرهان. إذ أن
الانتباه إلى ذات العلة، والتفكر في السبب المطلق، يدفع بالإنسان إلى العلم به وبالمسبَّبات
والمعلومات. وهذا هو رسم تجليات قلوب الصدّيقين، ولذلك سمي باسم:"برهان
الصديقين". فالصدّيقون بمشاهدة الذات يشهدون الأسماء والصفات، وفي مرآة الأسماء،
يشهدون الأعيان والمظاهر. وما تسمية هذا القسم من البرهان باسم"برهان الصدّيقين"إلاّ
لأن الصدّيق إذا أراد أن يظهر مشاهداته في صورة برهان، وأن يضع ما وجده ذوقاً وشهوداً
في قالب الألفاظ، لكان هكذا. ولا يعني هذا الاسم أن كل من استدل بهذا البرهان على
ذات الله وتجلياته كان من الصديقين، ولا أن معارف الصدّيقين هي من نسخ البراهين، فإن
لهم براهين خاصة وهيهات أن تكون علومهم من جنس التفكر، أو أن تكون ثمّة مشابهة
بين مشاهداتهم وبين البرهان ومقدّماته. فما دام القلب في حجاب البرهان، وخطوته هي
خطوة لتفكر، لا يكون قد وصل إلى أول مراتب الصدّيقين. وإذا ما خرج من حجاب
العلم والبرهان السميك، فلا علاقة له بالتفكر، بل يفوز في آخر الأمر ومنتهى السلوك
بمشاهدة جمال الجميل المطلق، من دون واسطة البرهان، وحتى من دون واسطة أي كائن،
ويذوق اللذة الدائمة السرمدية، ويتحرر من الدنيا وما [224] فيها، ويبقى في الفناء التام
تحت قباب الكبرياء، ولا يبقى منه اسم ولا رسم ويصبح مجهولاً مطلقاً، إلا إذا شملته العناية
الإلهية وأرجعته إلى مملكته وممالك الوجود على قدر سعة وجود عينه الثابتة، ويتم له في هذا
الرجوع كشف سبحات الجمال والجلال، ويشهد في مرآة الذات الأسماء والصفات، ومنها
يفوز بمشاهدة عينه الثابتة وكل ما هو تحت ظل حمايته، وتتكشف كيفية سلوك المظاهر
والرجوع إلى الظاهر، على قلبه، ثم يتشرف برداء النبوة. إذ في هذا المقام يظهر اختلاف
مقامات الأنبياء والرسل، وتنكشف لهم في هذا المق ام سعة دائرة الرسالة أو ضيقها
والمبعوث منه والمبعوث إليه. إن الإسهاب في المقال بهذا الشأن لا يتناسب مع هذه
الأوراق، حتى أننا تغاضينا عن برهان الصدّيقين أيضاً لأن له مقدمات يطول شرحها هنا.
تتميم في بيان التفكر الممنوع والمرغوب في ذات الحق لابُدَّ أن نعرف أن قولنا:"التفكر في
الذات والأسماء والصفات"قد يحمل الجاهل على الظنّ بأن التفكر في ذات الله ممنوع بحسب
الروايات، دون أن يعلم أن التفكر الممنوع هو التفكر في اكتناه الذات وكيفيتها، حسب ما
يستفاد من الأحاديث الشريفة ("تفكروا في خلق الله ولا تتفكروا في الله فإنكم لن تقدروا
قدره""المحجة البيضاء "ج 8 ص 193 ). وقد يـُمنع غير المؤهل، من النظر في بعض
المعارف ذات المقدمات الدقيقة. وهذان المقامان يتفق بشأنهما الحكماء أيضاً. إلاَّ أن
استحالة اكتناه الذات الإلهية مبرهنة في كتبهم، ومنع التفكر فيها مسلّم به عند الجميع. أم ا
شرائط الدخول في هذه العلوم، ومنع تعليم غير المؤهل، فمذكورة في كتبهم، ووصاياهم في
خصوص شرائط الدخول ومسطورة في أوائل كتبهم أو أواخرها، كما فعل إماما الفن
وفيلسوفا الإسلام العظيمان،"الشيخ ابن سينا"في آخر"الإشارات"(الإشارات
والتنبيهات"ج 3، ص 419 ط. الحيدري طهران. ) و"صدر المتألهين"في
آخر"الأسفار"("الأسفار الأربعة ج 1، ص 10 (دار المعارف الإسلامية ) ) حيث أوردا
وصاياهما [225] البليغة في ذلك ( فراجع )( الكتابين المذكورين ) . أما النظر في ذات
الله لغرض إثبات وجوده وتوحيده وتنزيهه و تقديسه، فهو الغاية من إرسال الأنبياء
والمقصد لآمال العرفاء. والقرآن الكريم والأحاديث الشريفة مشحونة بالأخبار حول العلم
بذات الله وكمالاته وأسمائه. وكتب الأخبار المعتبرة، مثل"الكافي"و"توحيد"الشيخ
الصدوق، تتعمق في إثبات ذات الله وأسمائه وصفاته. والفرق بين المأثورات عن الأنبياء
وكتب ا لحكماء إنما هو في الاصطلاحات والإِيجاز والتفصيل فقط، مثلما أن الفرق بين
الفقه والأخبار الخاصة بالفقه هو الاصطلاحات والإيجاز والتفصيل أيضاً، لا في المعنى. لكن
المصيبة في أن هناك بعض الجهلاء في لباس أهل العلم الغير عارفين بالكتاب والسنَّة
والجاهلين بهما، ظهروا في القرون الأخيرة، من دون أية رؤية صحيحة أو اعتماد على
معيار صحيح أو معرفة بالكتاب والسنة، وجعلوا جهلهم وحده دليلاً على بطلان العلم
بالمبدأ والمعاد، ولكي يروجوا بضاعتهم حرّموا النظر في المعارف التي هي غاية ما يقصده
الأنبياء والأولياء سلام الله عليهم، والتي امتلأ بها كتاب الله وأخبار أهل البيت عليهم
السلام وراحوا يرمون أهل المعرفة بكل شتيمة واتهام، وسبّبوا انحراف قلوب عباد الله عن
العلم بالمبدأ والمعاد، وكانوا سبباً في تفريق الكلمة وتشتيت شمل المسلمين. ولو سأل سائل:
لِمَ كل هذا التكفير والتفسيق؟ لتشبث ال مجيب بالحديث القائل:"لا تـَتـَفـَكـّرُوا في
ذاتِ اللهِ". إن هذا الجاهل المسكين مخطئ وجاهل من جهتين: الأولى: أنه ظن أن الحكماء
يقومون بالتفكر في ذات الله، مع أنهم يرون أن التفكر في ذات الله واكتناهها ممتنع، وهذا
من المسائل المبرهن عليها في هذا العلم. والثاني: إنه لم يفهم معنى الحديث، فظن أنه لا
يجوز التفوّه بأي شيءٍ عن ذات الله المقدسة مطلقاً. إننا سنذكر بعض الأحاديث ونجمع
بينها وبين ما في نظرنا القاصر، ونجعل الإنصاف هو الحكم، على الرغم من أن هذا يخرج
قليلاً [226] عن موضوعنا، ولكن لعل فيه بعض الضرورة لرفع الشبهة وإبطال الباطل.
الكافي بإسناده عن أبي بصير: قال أبو جعفر عليه السلام:"تَكَلَّمُوا في خَلْقِ اللهِ وَلا
تَتَكَلَّمُوا فِي اللهِ فَإِنَ الكَلامَ في اللهِ لا يَزْدادُ صاحِبَهُ إلاّ تَحَيُّراً"( أصول الكافي، المجلد
الأول، كتاب التوحيد، باب النهي عن الكل ام في الكيفية، ح1 ). يدل هذا الحديث بذاته
على أن المراد هو التكلم في اكتناه ذات الله وكيفيته ومحاولة تعليله. وإلاّ فإن الكلام في
إثبات ذاته تعالى وسائر كمالاته وتوحيده وتنزيهه لا يوجب التحيّر. ولعل النهي موجّه إلى
الذين يكون التكلم حتى في هذه الأمور موجباً لحيرتهم. وقد احتمل المرحوم المحدّث
المجلسي رحمه الله هذيـن الاحتمالين، اللذين قربناهما، من دون تعليق، ولكن قوّى
الاحتمال الأول. وفي رواية أخرى عـن حريـز:"تـَكـَلـَّمـُوا فـِي كـُلِّ شَيءٍ
وَلا تَتَكَلَّمُوا في ذاتِ اللهِ"( أصول الكافي، المجلد الأول، كتاب التوحيد، باب النهي عن
الكلام في الكيفية، ح 1 و ح 7.) وهناك روايات أخرى بهذا المضمون أو قريبة منه، مما
لا نجد ضرورة لذكرها. وفي"الكافي"عن أبي جعفر (محمد الباقر) عليه السلام قال:"إِيَّاكُمْ
وَالتَّفَكُّرَ فِي اللهِ وَلَكِنْ إِذا أَرَدْتُمْ أَنْ تَنْظُروا إلى عَظَمَتِهِ، فَاْنْظُرُوا إِلى عَظيمِ خَلْقِهِ"( أصول
الكافي، المجلد الأول، كتاب التوحيد، باب النهي عن الكلام في الكيفية، ح 1و ح 7) .
الظاهر أن هذا الحديث أيضاً يشير إلى التفكر في كنه ذات الله، لأنه يقول في نهايته:"إذا
أردتم أن تنظروا إلى عظمته فانظروا إلى عظيم خلقه". أي استدلوا من عظمة المخلوق على
عظمة الخالق عزَّ وجلَّ. ويكون هذا على سبيل المثال لمختلف طبقات الناس الذين يمر
طريق معرفتهم من خلال المخلوق. هذه الأحاديث وأمثالها التي تنهى عن التكلم في ذات
الله والتفكر فيه هي نفسها دليل على ما نقصده. والحديث الذي يوضح هذا الأمر هو
الحديث الشريف في"الكافي"في باب التفكر. عن أبي عبد الله ( جعفر ) الصادق عليه
السلام قال:"أَفْضَلُ العِبَادَةِ إدْمَانُ التَّفَكُّرِ فِي اللهِ وَفِي قدرَتِهِ"( أصول الكافي، المجلد الثاني،
كتاب الإيمان والكفر، باب التفكر، ح3 ). [227] وفي حديث آخر في"الكافي": سئل
علي بن الحسين ( عليهما السلام ) عن التوحيد، فقال: "إنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلِمَ أَنَّهُ يَكُونُ
فِي آخرِ الزَّمَانِ أقْوامٌ متعمقون فَأَنْزَلَ اللهُ تعالى{قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ]، والآياتِ مِنْ سُورةَ
الحَديدِ إِلى قَوْلِهِ:{وَهُو عَليمٌ بِذاتِ الصُّدورِ} فَمَنْ رامَ وَراءَ ذلك فَقَدْ هَلَكَ"( أصول
الكافي، المجلد الأول، كتاب التوحيد، باب النسبة، ح 3 ). إذاً، يتضح أن هذه الآيات التي
تشير إلى التوحيد، وتنزيه الله، والبعث، ورجوع الكائنات [ إلى الله ] نزلت للمتعمقين
وأهل التفكير العميق. فهل مع كل هذا يمكن القول إن التفكر في ذات الله حرام؟ أي
حكيم أو عارف جاء بمعارف أكثر مما جاء في أول (سورة الحديد)؟ إن منتهى معرفتهم هو
الوصول إلى قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ }. هل هناك أفضل بياناً
في وصف الله تعا لى وتجلّى ذاته المقدسة من الآية الشريفة: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ
وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}(الحديد3). أقسم بحياة الحبيب أنه لو لم تكن لبيان حقيّة
كتاب الله الكريم غير هذه الآية الشريفة لكفت ذوي القلوب. ارجعوا قليلاً إلى كتاب الله،
وإلى خطب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأخبار خلفائه المعصومين سلام الله
عليهم، وقارنوا لتروا مَن مِن الحكماء والعارفين جاء ببيانات أجلى وأوضح مما جاء بها
أولئك في كل موضوع من مواضيع المعارف؟ إن أقوالهم مشحونة بوصف الحق والاستدلال
على ذات الله وصفاته المقدسة، بحيث أن كل طائفة تحظى على قدر سعتها وإدراكها. إذاً،
يتضح من مجموع هذه الأخبار أن التفكر في ذات الله ممنوع إذا كان ذلك في مرتبة التفكر
في كنه ذات الله وكيفيته. كما جاء في حديث"الكافي":"مـَنْ نَظَرَ فِي اللهِ كَيْفَ هُوَ،
هَلَكَ"( أصول الكاف ي، المجلد الأول، كتاب التوحيد، باب النسبة، ح 3)،أو أن الجمع
بين الأخبار الناهية والآمرة يستدعي منع فريق من الناس الذين لا تطيق قلوبهم الاستماع
إلى البرهان وليس لهم [228] الاستعداد للدخول في مثل هذه البحوث. والدليل على
هذا الجمع موجود في الأخبار نفسها. أما الذين لهم الاستعداد والأهلية، فيكون من الراجح
لهم التفكر، بل هو أفضل من جميع العبادات. على كل حال، لقد خرجنا كليّـاً عن
المقصد. ولكن لم يكن لنا مناص من أن نتعرض لهذا الرأي الفاسد والتهمة التي لا ترضي
الحق، والمتداولة في هذا الزمان على الألسنة، لعل ذلك يُحدث بعض التأثير في قلوب
بعضهم. ولو تم تأثير هذا القول في قلب شخص واحد لكفاني. والحمد لله وإليه المشتكي.
فصل في التفكر في المصنوع ومن مراتب التفكر، التفكر في روائع الصنع واتقانه ودقائق
الخلق، بما يتناسب وقدرة الإنسان من طاقة للتفكر. ونتيجة هذا التفكر هي مع رفة المبدأ
الكامل والصانع الحكيم، وهذا على العكس من"برهان الصدّيقين". إذ أن مبدأ البرهان في
ذاك المقام هو الحق تعالى عزَّ اسمه، ومنه يحصل العلم بالتجلّيات والمظاهر والآيات. وأما في
هذا المقام فمبدأ البرهان هو "المخلوقات التي عن طريقها يتم العلم بالمبدأ والصانع". وهذا
البرهان يكون للعامة من الناس الذين لاحظّ لهم من برهان الصدّيقين. ولهذا، قد ينكر
الكثيرون أن يصبح التفكر في الحق مبدأ العلم به، وأن يؤدي العلم بالمبدأ إلى العلم
بالمخلوق. وملخّص الكلام، أن التفكر في لطائف الصنعة ودقائقها وفي اتقان نظام الخليقة،
من العلوم النافعة، ومن أفضل الأعمال القلبية، وخير من جميع العبادات، لأن نتيجته أشرف
نتيجة. وعلى الرغم من أن النتيجة الأصلية لجميع العبادات والسرّ الحقيقي لها هو الحصول
على المعرفة. فإن كشف هذا السر والحصول على تلك النتيجة ليسا متيسرين للجميع، بل
إن ل ذلك أهلاً تكون لهم في كل عبادة بذرة لمشاهدة أو لمشاهدات. وعلى أيّ حال أن
الإطلاع على لطائف الصنعة وأسرار الخليقة بحسب الحقيقة والواقع لم يتيسّر للبشر، حتى
الآن. إن [229] أساس الخليقة ونظامها يكون من الدقة والاستحكام ومن الجمال
والكمال في مستوى لو أن الإنسان أمعن النظر في أي كائن مهما كان حقيراً، مستخدماً
كل علومه التي اكتسبها خلال قرون، لما استطاع أن يطلع على نسبة واحد بالألف، من
ذلك، فكيف له أن يتمكن من إدراك النظام الكلي الجميل، ساعياً عن طريق الأفكار
البشرية الجزئية الناقصة، لفهم بدائعه ودقائقه. إننا سنلفت انتباهك إلى إحدى دقائق الخلق
مما هو قريب بعض الشيء من الإِفهام ويعدّ من المحسوسات، (اقرأ الحديث المفصل عن هذا
المجمل). أيها العزيز، انظر وتأمل في العلاقة التي بين هذه الشمس والأرض. وفي المسافة
المعينة بين الأرض والشمس، وحركة الأرض حول نفسها وحول الشم س. تلك الحركة
التي تكون على مدار محدّد فيحصل منها الليل والنهار والفصول. فما أتقنه من صنع وما
أكملها من حكمة؟ ولولا هذا التنظيم، أي لو كانت الشمس أقرب أو أبعد، لما تكوّن في
الأرض - في الحالة الأولى من الحر، وفي الحالة الثانية من البرد - معدن، ونبات، وحيوان.
وكذلك لو توقّفت الأرض عن الحركة، على ما هي عليه من البعد عن الشمس لما كان

توقيع : Dr.Zahra
سألت نفسي كتير مرسيتش يوم على بر
انا الي فيا الخيرر ولا الي فيا الشر
مليان عيوب ولا .؟
خالي من الذنوب ولا .؟
ولاايه.؟
ولا انا جوايا ومش داري الاتنين في بعض..؟
وخمسميه حاجه وملهمش دعوه ببعض..!!
من مواضيع : Dr.Zahra 0 صباحكم جوري..*
0 الدنيا منافع ..*
0 انجازاتي ...*
0 أنا أتد ... ♥
0 عراقي عنده معامله مستعجله ..,'

الصورة الرمزية Dr.Zahra
Dr.Zahra
شيعي حسيني
رقم العضوية : 429
الإنتساب : Oct 2006
المشاركات : 12,843
بمعدل : 1.89 يوميا

Dr.Zahra غير متصل

 عرض البوم صور Dr.Zahra

  مشاركة رقم : 5  
كاتب الموضوع : Dr.Zahra المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 08-11-2007 الساعة : 09:22 PM


الليل أو النهار، ولا كانت الفصول، ولما تكونت الأرض نهائياً أو القسم الأكبر منها. ولا
يقتصر على هذا أيضاً، فإن الأوج، أو أقصى نقطة للأرض عن الشمس، يقع في جهة
الشمال لكيلا تزداد الحرارة فتصاب الكائنات بالضرر. وكذلك الحضيض، أو أقرب نقطة
بين الشمس والأرض، يقع في جهة الجنوب، لكيلا يصاب أهل الأرض بضرر. ولا يكتفي
بهذا أيضا، فالقمر المؤثر في تربية موجودات الأرض، يعاكس الأرض في سيرها، بحيث
عندما تكون الشمس في شمال الأرض، يكون القمر في جن وبها، والعكس بالعكس، إذا
كان هذا في الشمال، كانت تلك في الجنوب، وذلك لانتفاع سكان الأرض منهما. هذه
كلها من الأمور الضرورية المحسوسة. غير أن الإحاطة ببدائع النظام ودقائقه لا تكون إلا
للخالق الذي يحيط علمه بكل شيء. ولكن لِمَ ابتعدنا كل هذا البعد؟ فليفكّر المرء في خلقه
هو، على قدر طاقته وسعة علمه: أولاً في الحواس الظاهرة التي صنعت وفق المدركات
[230] والمحسوسات، إذ أن لكل مجموعة من المدركات، التي توجد في هذا العالم، قوة
مدركة بأدق ما تكون من الدقة والترتيب المحيّرين للعقول. والأمور المعنوية، التي لا تدرك
بالحواس الظاهرة، تدرك على ضوء الحواس الباطنية. دع عنك علم الروح والقوى الروحية
للنفس، مما تقصر مدارك الإِنسان عن فهمها، واتجه بنظرك إلى علم الأبدان وتشريحها
وبنائها الطبيعي، وخصائص كل عضو من الأعضاء الظاهرية والباطنية. انظر ما أغرب هذا
النظام وما أعجب هذا ا لترتيب؟! على الرغم من أن علم البشر لم يبلغ حتى الآن، ولن يبلغ
حتى بعد مائة قرن، إلى معرفة واحد بالألف منه، حسب الاعتراف الصريح بأفصح لسان
من جميع العلماء بعجزهم، مع أن جسم الإنسان بالنسبة إلى كائنات الأرض الأخرى، لا
يزيد على مجرد ذرة تافهة، وأن الأرض وجميع كائناتها، لا تعدل شيئاً إزاء المنظومة
الشمسية، وأن كل منظومتنا الشمسية لا وزن لها إزاء المنظومات الشمسية الأخرى، وأن
كل هذه المنظومات، الكبيرة منها والصغيرة، مبنية وفق ترتيب منظّم، ونظام مرتب، بحيث
أن أيّ نقد لا يمكن أن يوجّه إلى أتفه ذرّة فيها، وأن عقول البشر كافة عاجزة عن فهم
دقيقة من دقائقها. فهل بعد هذا التفكّر يحتاج عقلك إلى دليل آخر ليذعن بأن كائناً عالماً،
حكيماً، لا يشبه الكائنات الأخرى، هو الذي أوجد هذه الكائنات بكل حكمة ونظام
وترتيب واتقان؟ {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } (إبراهيم/ 10). إن كل
هذا الخلق المتقن الذي يعجز عقل الإنسان عن فهمه، لم يظهر عبثاً وتلقائياً! فلتعمَ عين
القلب التي لا ترى الله، ولا تشاهد جمال جميله في هذه المخلوقات! وليمحق الذي يبقى في
الشك والتردد بعد كل هذه الآيات والآثار؟ ولكن ما الذي يستطيع هذا الإنسان المسكين
عمله بالأوهام؟. لو أنك عرضت مسبحتك وزعمت أن حبّاتها قد انتظمت تلقائياً من دون
أن ينظمها منظم، لاستهزأت بك البشرية. والأدهى من ذلك أنك لو أخرجت ساعتك
[231] من جيبك وزعمت نفس الزعم أيضاً بالنسبة إليها، ألا يخرجونك من زمرة
العقلاء؟ وألا يرميك كل عقلاء العالم بالجنون؟ فإذا وُصِفَ الذي يُخْرِجُ نظام هذه الساعة
من قاعدة العلة والمعلول، بأنه مجنون ويجب أن يحرم من حقوق العقلاء فما الوصف
المناسب الذي يجب أن يوصف به من يزعم أن نظام هذا العالم، لا بل هذا الإنسان ونظام
روحه وجسمه قد ظهر تلقائياً؟ هل يجب إ بقاؤه في زمرة العقلاء؟ ترى أي بله أشد من
هذا؟. {قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ}(عبس17). فصل في التفكر في أحوال النفس من
درجات التفكر أيضاً التفكر في أحوال النفس يؤدي إلى نتائج كثيرة ومعارف عديدة. وإننا
سنلقي نظرة على نتيجتين اثنتين: الأولى: العلم بيوم المعاد. والثانية: العلم بإرسال الرسل
وإنزال الكتب، أي النبوة العامة، والشرائع الحقة. إن من حالات النفس هو تجرّدها، وهي
حالة لم يُولِ الحكماء العظام أهمية لأية مسألة حكمية فلسفية أخرى مثلما أَوْلُوا هذه
المسألة وأثبتوها بالأدلة والبراهين. ولكننا لسنا الآن في صدد إثبات تجرد النفس بصورة
مفصلة، وإنما نكتفي ببعض الأدلة التي لا تستعصي مبادئها على الفهم، للوصول إلى
المقصود. فنقول: يجمع الأطباء وعلماء الأبدان، وفي ظل التجارب، على أن جميع أعضاء
الجسم، من أم الدماغ التـي هي مركز الإدراكات ومحل ظهور قوى النفس، وحتى آخر
أجزائه الصلبة، تبدأ، من سن الخامسة والثلاثين، أو الثلاثين فما فوق، بالانحدار نحو
الانحطاط والنقصان، والاقتراب من الضعف والانحلال. ولقد جربنا بأنفسنا أيضاً كيف
يبدو الضعف في القوى كلها. ولكن في هذه الفترة نفسها، أي من سن الثلاثين أو
الأربعين فما فوق، تزداد القوى الروحية والإدراكات العقلية كمالاً ورقياً وسداداً. ويتضح
من هذا أن القوى العقلية ليست جسمانية، إذ لو كانت [232] جسمانية لانحدرت، مثل
سائر قوى الجسم، نحو الضعف والوهن. كما لا يمكن القول بأن القوى العقلية تزداد قوة
بكثرة أعمال القوة الفكرية وحصول التجربة، إذ أن القوى الجسمانية ينتابها التعب
والانحلال، لا القوة والكمال، نتيجة لكثرة العمل وبذل الجهد. وهذا بذاته دليل على أن
القوى العقلية ليست جسمية ولا من آثار الجسم. والاعتراض على هذا الكلام بضعف
القوى الفكرية أيام الكهولة، كالضعف الجسماني، لا محل له، وذلك لأنه: أولاً: ليست
هناك قوة جسمانية تنمو وتشتد حتى سن الكهولة بحيث يمكن أن نقول بأن الموضع الفلاني
من الجسم هو موضع الإِدراكات العقلية وأنه كان يشتد ويزداد قوة حتى سن الكهولة،
والآن بعد أن ضعف هذا الموضع ضعفت بضعفه القوة الفكرية أيضاً. ثانياً: هل إن هذا
الضعف في الكهولة يعود إلى الفكر كقوة حالّة في الجسم، أم أن الفكر يحتاج إلى قوة
جسمانية فعند وهن الجسم - محل الفكر - لا يؤدي دور الفكر؟ هذا كله بالنسبة إلى القوة
الفكرية. وأما الإدراكات المحضة والملكات الفاضلة في فترة الكهولة تكون أقوى أيضاً مما
كانت عليه من قبل، حتى وإن قل ظهورها أو إظهارها. وعلى كل حال، يكفي لإثبات
دعوانا تجرد النفس ما قلناه من قوة الإدراك في سنّ الأربعين أو الخمسين مع أن
الجسم ينحدر نحو الوهن والضعف. وأما الإجابة على الاعتراض والنقض فهو أن النفس لمَّا
تستجمع قواها من مُلك الب دن، وتعود القوى إلى باطن ذاتها، كلما كانت القوى أقرب
إلى عالم الجسم والجسماني، كلما كان أسرع إلى الضعف والكلال، وكلما كانت أبعد
كانت أبطأ في الإصابة بالضعف. أما القوى التي تنتمي إلى عالم التجرد والملكوت فتقوى
وتزداد شدّة عندما يزداد عمر الإنسان. وهذا دليل على أن النفس ليست جسماً ولا هي
قوة جسمانية. وأيضاً أن خصائص النفس وآثارها وأفعالها على النقيض من خصائص
الأجسام وآثارها وأفعالها بصورة مطلقة. وهذا دليل على أن النفس ليست جسماً. فمثلاً،
نحن نعلم أن الجسم لا يتقبل بالضرورة سوى صورة واحدة، وإذا [233] أريد إعطاؤه
صورة أخرى كان لا بُدَّ للصورة الأولى أن تفارقه لكي يمكنه تقبل الصورة الثانية. فإذا
رسمت مثلاً، صورة على صفحة الورق، لا يمكن رسم صورة أخرى مكانها إلاّ إذا أزيلت
الصورة الأولى تماماً. وهذا الحكم يجري في جميع الأجسام بالضرورة العقلية. أما النفس
فتختلف تم اماً، ففي الوقت الذي تكون هناك صورة مرسومة فيها، يمكن رسم صورة
أخرى مضادة لها من دون زوال الصورة الأولى. وأيضاً إن الجسم ترتسم فيه الصور
المتـناهية. أما في النفس فترتسم الصور غير المتناهية. ولهذا فهي تحكم على الأمور غير
المتناهية. وأيضاً أن الجسم الذي تزول منه الصورة، لا تعود إليه من دون استئناف السبب،
ولكن النفس إذا غابت عنها بعض الصور عادت إليها من دون سبب خارجي. إذاً، يتبين
أن النفس تضاد جميع الأجسام في خصائصها وآثارها وأفعالها. أي أن النفس مجردة وليست
من سنخ الأجسام والجسمانيات، والمجردات لا تفسد، كما هو مبرهن عليه في محله. وذلك
لأن الفساد لا يكون من دون مادة قابلة للفساد، والمجردات منزهة عن مادة قابلة للفساد. إذ
أن ذلك من لوازم الأجسام. إذاً، لا تفسد النفس. ومن هنا يستنتج أن النفس لا تفسد
بفساد البدن وبمفارقتها له، بل تبقى في عالم آخر، ولا تفنى. وهذا هو المعاد الروحي
للنفوس والأرواح قبل يوم القيامة إلى أن يشاء الله لها أن تعود إلى الأبدان. إننا الآن في صدد
إثبات المعاد المطلق في قبال المنكر المطلق وقد اتضحت الفكرة من خلال هذه المقدمات. ولا
بُدَّ أن نعرف أن النفوس صحّة ومرضاً، وصلاحاً وفساداً، وسعادة و شقاء، وأن إدراك
طرقها ودقائق مصالحها ومفاسدها لا يتسنّى لأحد سوى ذات الله المقدسة. لذلك ففي
النظام الأتم - الذي هو أحسن نظام، وقد تبين من قبل أن منظِّمة حكيم على الإطلاق
ومحيط بكل شيء - لا يمكن أن يهمل بيان طرق السعادة والشقاء، والطرق الهادية إلى
الصلاح والفساد، وطرق علاج النفوس، إذ أن مثل هذا الإهمال يقتضي النقص في العلم
أو النقص في القدرة، أو الظلم [234] والبخل من دون سبب. ولقد تبيّن أن ذات الله
المقدسة منزهة عن كل ذلك، فهو الكامل على الإِطلاق والمفيض على الإطلاق، وأن
إهمال بيان الطرق الموصلة إلى السعاد ة والشقاء يعدّ خللاً كبيراً في الحكمة، ويبعث على
الفساد والاختلال في النظام والحكم. إذاً، أصبح من اللازم بيان طرق السعادة والهداية في
النظام الأتم. وقد حصلت من هذا نتيجتان واضحتان: الأولى: هي أن الشريعة - وهي
الوصفة الخاصة بإصلاح الأمراض النفسية - لا توجد إلاّ عند ذات الحق المقدس. والثانية:
هي أن الله تعالى يعلنها - الشريعة - حتماً. ومعلوم أن مثل هذا الهدف العظيم، وهذا العلم
الكامل الدقيق الذي يعجز عن إدراكه أعقل العقلاء، الذي يربط بين المُلك والملكوت وتأثير
الصور الملكية في باطن النفس، لا يقع لأحد إلاّ عن طريق الوحي والإِلهام. أي يجب أن
يكون تعليمه من جانب الحق تعالى. وبديهي، أن جميع أفراد البشر ليسوا خليقين بمثل هذه
الهبة، وليست لهم القابلية والقدرة على القيام بمثل هذه المهمة. ولكن يظهر خلال بضعة
قرون من يكون جديراً بالاضطلاع بمثل هذا الواجب وتحقيق مثل هذا الهدف العظيم،
فيبعثه الحق تعالى ليبيّن للناس الطريق إلى السعادة والطريق إلى الشقاء، ليعلم الناس كيف
يصلحون أنفسهم. وهذه هي النبوة العامة. ولمّا انتهى بنا الحديث إلى هنا، خطر لي أن
أشير استطراداً إلى موضوع أراه من البديهيات. وهو أننا وبعد أن علمنا ضرورة وجود
شريعة إلهية لبني البشر، ولزوم رجوعنا إلى الشرائع السائدة بين الناس، وهي على الأغلب
الشرائع الإِلهية الثلاث: اليهودية والمسيحية والإِسلام، نرى بأن الشريعة الإسلامية هي أكمل
من الشرائع الأخرى في أبعادها الثلاثة، التي هي أساس الشرائع ومدار التـشريع، -
أحدها ما يعود إلى العقائد الحقة، والمعارف الإِلهية وتوصيف الحق وتنزيهه. وكيفية ذلك.
والعلم بالملائكة وتوصيف الأنبياء ( عليهم السلام ) وتنزيههم، مما هو أصل الشريعة
[235] وأساسها. وثانيها ما يعود إلى الخصال الحميدة والأخلاق الفاضلة وإصلاح
النفس. وثالثها هو جانب الأعمال الفردية والاجتماعية والسياسية والمدنية وغير ذلك -
بل إن كل ناظر منصف وغير مغرض في هدفه يدرك أن الإِسلام أرقى من أن يقارن بدين
آخر، وأن الحياة البشرية لم تشهد قانوناً ولا شريعة بهذا الإتقان بحيث تكون تامة وكاملة
في جميع مراحل الحياتين الدنيوية والأخروية. وهذا بذاته خير دليل على أحقية الإسلام
وصدقه. وعليه، وبعد إثبات النبوة العامة، وأن الله قد شرع لبني البشر شريعة، وبيّن لهم
طريق الهداية، ووضعهم ضمن إطار نظم ونظام، لم يعد إثبات أحقية الدين الإسلامي
بحاجة إلى مقدمات أبداً، سوى التمعن فيه ومقارنته بسائر الأديان والشرائع في جميع
المراحل التي يمكن تصورها، ابتداء من حاجة الإِنسان إلى الملكات الحقّة والمعارف
النفسانية، وحتى بلوغ الواجبات النوعية الفردية والاجتماعية. وهذا معنى من معاني
الحديث الشريف:"الإِسْلامُ يَعْلُو وَلا يُعْلَى عليه"(وسائل الش يعة، المجلد 17، كتاب
الفرائض والمواريث، ح 32365) إذ كلما ازداد العقل البشري تقدماً وتطوراً في مدركاته
وتمعّنا في حجج الإسلام وبراهينه، ازداد خضوعاً لنور هدايته، وقوّة أمام الحجج فلا تظهر
حجة ودليل في العالم ضد الإسلام إلاّ وينتصر عليه. والمستخلص من أدلتنا على إثبات نبوة
خاتم النبيين صلّى الله عليه وآله وسلم هو أنه لمَّا كان اتقان خلق الكائنات وحسن تربيتها
وتنظيمها دليلاً يهدينا إلى الاعتراف بوجود الخالق والمنظِّم الذي يحيط علمه بكل الدقائق
واللطائف والجلائل، كذلك يهدينا إتقان أحكام شريعة وحسن نظامها وتربيتها الكامل
وكونها تتكفل بكل الحاجات المعنوية والمادية، الدنيوية والأخروية، الفدية والاجتماعية،
إلى أن مشرّعها ومنظمها عالم محيط بجميع حاجات العائلة البشرية. وكما أن العقل يهدينا
إلى أن عقل ذلك الإنسان، الذي كتب تاريخه جميع المؤرخين من مختلف الأمم قائلين إن ه
كان أمياً وعاش في محيط خال من الكمالات والمعارف، لا يمكن أن يكون قادراً على
وضع مثل هذا الترتيب الكامل والنظام التام بنفسه. كذلك ندرك بالضرورة أن هذه
الشريعة قد شرعت في الغيب وفيما وراء الطبيعة، [236] ونزلت عن طريق الوحي
والإلهام على ذلك الإنسان العظيم. والحمد لله على وضوح الحجة. كنت ناوياً الإشارة
إلى نوع آخر من أنواع التفكر، وهو التفكر في عالم المُلك الذي تكون نتيجته الزهد.
ولكن عنان القلم في المقالات السابقة قد أفلت من يدي، فشرحت ذلك بصورة مطولة،
أدّت إلى الخروج عن الموضوع ولهذا غضضت الطرف عنه. فصل في فضيلة صلاة الليل
بقي علينا شرح جملتين أخريتين من الحديث الشريف حيث يقول صلوات الله عليه"جافِ
عَنِ اللَّيْلِ جَنْبَكَ وَاتَّقِ اللهَ رَبَّـكَ". في هذا الكلام المبارك يقرن الإمام عليه السلام
الأعمال القلبية والتفكر المنبّه، وتقوى الله تعالى، بإحياء اللي ل ومجافاة الفراش من أجل
العبادات. وهذا دليل على كمال صلاة الليل وفضيلتها وأهميتها. كما أن الأحاديث
الشريفة تمجد هذا العمل الشريف كثيراً. ويُستدل من سيرة أئمة الهدى عليهم السلام
والمشايخ العـظام والعلماء الأعلام أنهم كانوا مثابرين على أدائها. بل كانوا يحرصون
على اليقظة في الهزيع الأخير من الليل، بصرف النظر عن التعبد فيه. لقد جاء في
كتاب"وسائل الشيعة"- الذي يعتبر من أعظم كتب الإمامية، ومدار المذهب ومرجع
العلماء والفقهاء - واحد وأربعون حديثاً في فضلها، والعديد من الأحاديث في كراهية
تركها. وفضلاً عن ذلك يشير إلى السابقات واللاحقات من الأحاديث في شأنها.
وهناك، بالطبع، أحاديث كثيرة جداً في كتب الأدعية وغيرها، ولكننا، من أجل التيمن
والتبرك نورد بعضاً منها: "عـَنِ الكافِي بإسْنَادِه عَنْ مُعاوِيَةَ بْنِ عَمّارِ قَالَ: سَمِعْتُ أبا
عَبْد اللهِ عليه السّلام يَق ُولُ: كانَ فِي وَصِيَّةِ النَّبِيِّ صلَّى اله عليه وآله وسلم لِعَليٍّ

توقيع : Dr.Zahra
سألت نفسي كتير مرسيتش يوم على بر
انا الي فيا الخيرر ولا الي فيا الشر
مليان عيوب ولا .؟
خالي من الذنوب ولا .؟
ولاايه.؟
ولا انا جوايا ومش داري الاتنين في بعض..؟
وخمسميه حاجه وملهمش دعوه ببعض..!!
من مواضيع : Dr.Zahra 0 صباحكم جوري..*
0 الدنيا منافع ..*
0 انجازاتي ...*
0 أنا أتد ... ♥
0 عراقي عنده معامله مستعجله ..,'

الصورة الرمزية Dr.Zahra
Dr.Zahra
شيعي حسيني
رقم العضوية : 429
الإنتساب : Oct 2006
المشاركات : 12,843
بمعدل : 1.89 يوميا

Dr.Zahra غير متصل

 عرض البوم صور Dr.Zahra

  مشاركة رقم : 6  
كاتب الموضوع : Dr.Zahra المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 08-11-2007 الساعة : 09:22 PM


قوله: يا عَلِيُّ! أوصيكَ في نَفْسِكَ بِخِصالٍ فَاحْفَظْهَا، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ أَعِنْهُ... إلى أنْ قالَ:
وَعَلَيْكَ بِصَلاةِ اللَّيْلِ [237] وَعَلَيْكَ بِصَلاةِ اللَّيْلِ وَعَلَيْكَ بِصَلاةِ اللَّيْل"( وسائل
الشيعة، المجلد الخامس، الباب 39، من أبواب بقية الصلوات المندوبة،ح1) يتبيّن من صدر
هذا الحديث وذيله ما لصلاة الليل من أهمية. "وعـَنِ الخِصالِ بِإسْنادِهِ عَنْ أبي عَبْدِ اللهِ
عليه السَّلام قالَ: قالَ النَّبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لِجَبْرَئيلَ: عِظْنِي، فَقالَ: يا مُحَمَّدُ
عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وأحْبِبْ ما شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفارِقُهُ، وَاعْمَلْ ما شِئْتَ فَإنَّكَ
مُلاقِيهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ شَرَفِ المُؤْمِنِ قيامُهُ بِاللَّيْلِ وَعِزُّهُ كَفُّهُ عَنْ أَعْراضِ النّ َاسِ"(وسائل
الشيعة،المجلد الخامس، الباب 39، من أبواب الصلوات المندوبة، ح3) . إن تخصيص
الموعظة المقدسة لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم بهذا الأمر ليدل أيضاً على أهميته
البالغة. ولو كان جبرائيل الأمين يرى أهمية أكبر لأجر آخر لكان قدّمه في هذا المقام: وفي
المجالس بإسْنادِه عَنْ ابْنِ عَبّاس قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلم في
حَدِيثٍ:"فَمَنْ رُزِقَ صَلاةَ اللَّيْلِ مِنْ عَبْدِ أوْ أمَةٍ قامَ للهِ مُخْلِصاً فَتَوضَّـأ وضُوءاً سابِغاً
وصَلّى لله عَزّ وجلّ بِنِيَّةٍ صادِقة وقَلْبٍ سَليم [ وَبَدَنٍ خاشِعٍ ] وَعَيْنٍ دامِعَة جَعَلَ اللهُ
تَعَالَى خَلْفَهُ سَبْعَةَ صُفُوفٍ مِنَ المَلائِكَةِ فِي كُلِّ صَفِّ ما لا يُحْصَى عَدَدَهُمْ إلاّ اللهُ أحَدُ
طَرَفَيْ كُلِّ صَفٍّ بِالمَشْرِقِ وَالآخَرُ بِالمَغْرِبِ، فَإذا فَرَغَ، كَتَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ بِعَدَدِهِمْ
دَرَجاتٍ"( المجلد الخامس، الباب 39، من أبواب بقية الصلوات المندوبة، ح 29 و ح 31
و ح 30) وَعَنِ العِلَل بِإسْنادِه إلى أَنسٍ قالَ:"سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وآله
وسلم يَقُولُ: الرَّكْعَتانِ في جَوْفِ اللَّيْل أحَبُّ إليّ مِنَ الدُّنْيا وَما فِيها"( المجلد الخامس،
الباب 39، من أبواب بقية الصلوات المندوبة، ح 29 و ح 31 و ح 30 ) وثمة أحاديث
كثيرة أشير فيها إلى صلاة الليل هي شرف المؤمن، وزينة الآخرة، مثلما أن المال والبنين
زينة الحياة الدنيا. وَعَنِ العِلَلِ بِإسْنادِه إِلى جَابِرِ بْنْ عَبْدِ اللهِ الأنْصارِيِّ قالَ:"سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وآله وسلم يقولُ: مَا اتَّخَذَ اللهُ إبْراهيمَ خَليلاً إِلاّ لإطْعامِ
الطَّعامِ وَالصَّلاةِ بِاللَّيْلِ وَالنّاسُ نِيامٌ"( المجلد الخامس، الباب 39، من أبواب بقية الصلوات
المندوبة، ح 29 و ح 31 و ح 30). [238] ولو لم تكن لصلاة الليل سوى تلك
الفضيلة لأهلها لكفتها، ولكنهم ليسوا بأمثالي. إننا لا نعلم شيئاً عن عظمة رداء الخَلّة وما
يعني مقام اتخاذ الله تعالى العبد حبيباً وخليلاً. فكل العقول تعجز عن تصور ذلك. فلو
أنهم أكرموا الخليل بكل ما في الجنة من نعم، فإنه لا يلتفت إليها ( ما دام مع خليله ).
وأنت أيضاً إذا كان لك محبوب عزيز، أو كان لك صديق حميم ودخل عليك، فإنك تترك
كل نعمة ورفاه، وتستغني عن ذلك بجمال المحبوب ولقاء الصديق، بالرغم من أن هذا المثل
بعيد عن المقام بعد المشرقين. وَعَنْ عَلِيٍّ بْنِ إبْرَاهيمَ بِإسْنادِهِ عَنْ أبي عَبْدِ اللهِ عليه السَّلام
قالَ:"ما مِنْ عَمَلِ حَسَنٍ يَعْمَلَه العَبْدُ إلاّ وَلَهُ ثَوابٌ فِي القُرْآنِ إلاّ صَلاةَ اللَّيْلِ فَإنَّ الله لَمْ
يُبّيِّنْ ثَوابَها لِعَظِيم خَطَرِهَا عِنْدَهُ فـَقال"تَتَجافى جُنوبُهُ م عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعونَ رَبَّهُمْ
خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُون * فـَلا تـَعْلـَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ
جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلونَ"( وسائل الشيعة، المجلد الخامس، الباب 40، من أبواب بقية
الصلوات المندوبة، ح13) ترى ما قرة العين هذه التي يدخرها الله ويخفيها حتى لا يعلم
أحد عنها شيئاً، وما يمكن أن تكون؟ فلو كانت من قبيل"أنهار جارية"و"قصور
عالية"ومن نِعم الجنة المختلفة، لذكرها الله، مثلما بيّن ما للأعمال الأخرى وأطلع الملائكة
عليها. ولكن يبدو أنها ليست من ذلك السنخ، وأنها أعظم من أن ينوّه بها لأحد،
وخصوصاً لأحد من أهل هذه الدنيا. إنه لا تقارن نِعم ذلك العالم بالنعم هنا، ولا تظنن
أن الفردوس والجنان تشبه بساتين الدنيا، أو ربما أوسع وأبهى. هناك دار كرامة الله ودار
ضيافته. فكل هذه الدنيا لا شيء إزاء شعرة وا حدة من الحور العين في الجنة. بل ليست
شيئاً إزاء خيط من خيوط الحلل الفردوسية التي أعدّت لأهل الجنة. ومع كل هذا
الوصف، لم يجعلها الله ثواب من يؤدي صلاة الليل، وإنما ذكرها من باب التعظيم له.
ولكن هيهات! نحن الضعفاء في الإيمان لسنا من أصحاب اليقين، وإلاّ لما كنا نستمر في
غفلتنا، ونعانق النوم حتى الصباح. لو أن يقظة الليل تكشف للإنسان حقيقة الصلاة
وسرّها، لأنس بذكر الله والتفكر في الله، ولجعل الليالي مركوبه للعروج إلى قربه تعالى، ولما
كان ثمّة ثواب له إلا جمال [239] الحق الجميل وحده. الويل لنا نحن الغافلين الذين لا
نستيقظ من النوم حتى آخر العمر. نبقى في سُكر الطبيعة غارقين، بل نزداد كل يوم سكراً
وغفلة، ولا نفهم شيئاً سوى الحالة الحيوانية من مأكل ومشرب ومنكح، ومهما فعلنا، وإن
كان من سنخ العبادات، فإنما نفعله في سبيل البطن والفرج. أتحسب أن صلاة خليل
الرحمن كانت مثل صلاتنا؟ الخليل لم يطلب حاجة حتى من جبرئيل، ونحن نطلب
حاجاتنا من الشيطان نفسه ظناً منا بأنه يقضي الحاجات! ولكن علينا أن لا نيأس. فلعلك
بعد مدة من سهر الليالي والاستئناس بذلك والاعتياد عليه، يلبسك الله بلطفه الخفي خلعة
الرحمة. كما أن عليك ألاّ تغفل عن سرّ العبادة بصورة عامة، ولا تقصر همك على
التجويد في القراءة وتصحيح الظاهر فقط. ولئن لم تـقدر أن تكون خالصاً لله تعالى،
فاسعَ، على الأقل، من أجل قرة العين التي يخفيها الله عزَّ وجلَّ، وتذكر الفقير، العاصي،
الحيواني السيرة الذي اكتفى من كل المراتب، بالحيوانية. وإذا وجدت في نفسك الرغبة،
فقل بخلوص نية: "اللهمّ ارزقني التَّجافِيَ عَنْ دارِ الغُرُورِ، وَالإنابة إلى دارِ الخلودِ،
وَالإسْتِعْدَادِ للموت قبل خُلُولِ الفوت"("مفاتيح الجنان"أعمال ليلة السابع والعشرين من
شهر رمضان) فصل في بيان التقوى اعلم أن التق وى من"الوقاية"بمعنى المحافظة.
وهي في العرف وفي مصطلح الأخبار والأحاديث تعني:"وقاية النفس من عصيان أوامر
الله ونواهيه وما يمنع رضاه"وكثيراً ما عرفت بأنها"حفـظ النفس حفظـاً تاماً عن
الوقوع في المحظورات بترك الشبهات"فقد قيـل:"وَمَنْ أَخَذَ بِالشُّبَهاتِ وَقَعَ فِي
المُحَرَّماتِ وَهَلَكَ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُ"(أصول الكافي، المجلد الأول، كتاب فضل العلم،
باب إختلاف الحديث، ح9 ) "فـَمـَنْ رَتَعَ حَوْلَ الحِمى أوشِكَ أَنْ يَقَعَ فيهِ"( وسائل
الشيعة، المجلد 18، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، باب وجوب التوقف
والاحتياط في القضاء و الفتوى،ح39 ). [240] لا بُدَّ أن نعرف أن التقوى، وإن لم
تكن من مدراج الكمال والمقامات، ولكنّه لا يمكن بدونها بلوغ أي مقام، وذلك لأن
النفس ما دامت ملوثة بالمحرمات، لا تكون داخلة في الإنسانية، ولا سالكة طريقها، وما
دامت تميل إلى المشتهيات و اللذائذ النفسية وتستطيب حلاوتها، لن تصل إلى أول مقامات
الكمال الإنساني، وما دام حب الدنيا والتعلق بها في القلب، فلا يمكن أن يصل إلى مقام
المتوسطين والزاهدين، وما دام حب الذات باقياً في دخيلة ذاته. لن ينال مقام المخلصين و
المحبين، وما دامت الكثرة المُلكيّة والملكوتية ظاهرة في قلبه، لن ينال مقام المنجذبين، وما
دامت كثرة الأسماء متجلية في باطنه، لن يصل إلى الفناء الكلي، وما دام القلب يلتفت إلى
المقامات، لن يبلغ مقام كمال الفناء، وما دام هناك تلوين، لن يصل إلى مقام التمكين ولن
تتجلى في سرّه الذاتُ في مقام الاسم الذاتي تجلياً أزلياً وأبدياً. فتقوى العامة إذاً تكون من
المحرمات، وتقوى الخاصة تكون من المشتهيات، وتقوى الزاهدين من حب الدنيا،
والمخلصين من حب الذات، والمنجذبين من كثرة ظهور الأفعال، والفانيـن من كثرة
الأسمـاء، والواصلين من التوجه إلى الفنـاء، والمتمكنن من التلوينات {فَاسْتَقِمْ كَمَا
أُمِرْتَ}(هود/ 112) . ولكل من هذه المراتب شرح وتفصيل لا يحصل لأمثالنا منه
سوى الحيرة والضياع في المصطلحات، والتلفع في حجب المفاهيم، إذ لكل معركة
رجال. والآن نعود إلى بيان نبذة من التقوى المذكورة في بدأ الأمر، لأهميتها للناس
بصورة عامة: فصل في بيان تقوى العامة اعلم أيها العزيز أنه مثلما يكون لهذا الجسد
صحة ومرض، وعلاج ومعالج، فإن للنفس الإنسانية أيضاً صحة ومرضاً، وسقماً
وسلامة، وعلاجاً ومعالجاً. إن صحة النفس وسلامتها هي الاعتدال في طريق
الإنسانية، ومرضها وسقمها هو الاعوجاج والانحراف عن طريق الإنسانية، وإن
الأمراض النفسية أشد فتكاً آلاف [241] المرات من الأمراض الجسمية. وذلك لأن
هذه الأمراض إنّما تصل إلى غايتها بحلول الموت. فما أن يحل الموت، وتفارق الروح
البدن، حتى تزول جميع الأمراض الجسيمة والاختلافات المادية، ولا يبقى أثر للآلام أو
الأسقام في الجسد. ولكنه إذا كان ذا أمراض روحية وأسقام نفسية - لا سمح الله - فإنه
ما أن تفارق الروح البدن، وتتوجه إلى ملكوتها الخاص، حتى تظهر آلامها وأسقامها.
إن مَثَل التوجه إلى الدنيا والتعلق بها، كمثل المخدر الذي يسلب الإنسان شعوره بنفسه.
فعندما يزول ارتباط الروح بدنيا البدن، يرجع إليها الشعور بذاتها، ومن ثَمّ الإحساس
بالآلام والأسقام التي كانت في باطنها، فتظهر مهاجمة لها بعد أن كانت مختفية كالنار تحت
الرماد. وتلك الآلام والأسقام إما أن تكون ملازمة لها (للروح) ولا تزول عنها أبداً، وإما
أن تكون قابلة للزوال. وفي هذه الحال يقتضيها أن تبقى آلاف السنين تحت الضغط
والعناء والنار والاحتراق قبل أن تزول، إذ أن آخر الدواء الكي. قال رسول الله تعالى:{
يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ }( التوبة/35
). إن الأنبياء هم بمنزلة الأطباء المشفقين، الذين جاءوا بكل لطف ومحبة لمعالجة
المرضى، بأنواع العلاج المناسب لحالهم، وقاموا بهدايتهم إلى طريق الرشاد."إننا أطبّاء
وتلاميذ الحق"وإن الأعمال الروحية القلبية والظاهرية والبدنية هي بمثابة الدواء للمرض
كما أن التقوى، في كل مرتبة من مراتبها، بمثابة الوقاية من الأمور المضرة للأمراض.
ومن دون الحميّة لا يمكن أن ينفع العلاج، ولا أن يتبدل المرض إلى صحة. قد يغلب
الدواء والطبيعة على المرض في الأمراض الجسيمة حتى مع عدم الحمية جزئياً. وذلك لأن
الطبيعة هي نفسها حافظة للصحة ودواء لها. ولكن الأمر في الأمراض النفسية صعب،
وذلك لأن الطبيعة قد تغلبت على النفس منذ البداية، فتوجهت هذه نحو الفساد والانتكاس
{إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ }(يوسف/ 52 )، وعليه، فإن من [242] يتهاون في
الحمية، تصرعه الأمراض، وتجد مناطق للنفوذ إليه، حتى تقضي على صحته قضاء مبرماً.
إذاً، فالإنسان الراغب في صحة النفس، والمترفق بحاله، إذا تنبه أن وسيلة الخلاص من
العذاب تنحصر في أمرين: الأول: الإتيان بما يصلح النفس ويجعلها سليمة. والآخر، هو
الامتناع عن كل ما يضرها ويؤلمها. ومن المعلوم أن ضرر المحرمات أكثر تأثيراً في النفس
من أي شيءٍ آخر، ولهذا كانت محرّمة، كما أن الواجبات لها أكبر الأثر في مصلحة
الأمور، ولهذا كانت واجبة وأفضل من أي شيء، ومقدمة على كل هدف، وممهدة
للتطور إلى ما هو أحسن. إن الطريق الوحيد إلى المقامات والمدارج الإنسانية يمر عبر
هاتين المرحلتين، بحيث أن من يواظب عليهما يكون من الناجين السعداء، وأهمهما هي
التقوى من المحرمات، وأن أهل السلوك يحسبون هذه المرحلة مقدمة على المرحلة
الأولى، إذ يتضح من الرجوع إلى الأخبار والروايات وخطب"نهج البلاغة"أن
المعصومين عليهم السلام كانوا يعتنون كثيرا بهذه المرحلة. إذاً، أيها العزيز! بعد أن
عرفت بأن المرحلة مهمة جداً. ثابر عليها بدقة، فإذا أنت خطوت الخطوة الأولى
وكانت صحيحة، وبنيت هذا الأساس قوياً، كان هناك أمل بوصولك إلى مقامات
أخرى، وإلاّ امتنع الوصول، وصعبت النجاة. كان شيخنا العارف الجليل يقول: إن
المثابرة على تلاوة آخر آيات سورة الحشر المباركة، من الآية الشريفة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ }(الحشر/ 18 ). إلى آخر السورة المباركة، مع
تدبر معانيها، في تعقيبات الصلوات، وخصوصاً في أواخر الليل حيث يكون القلب فارغ
البال، مؤثرة جداً في إصلاح النفس، وفي الوقاية من شر النفس والشيطان. وكان يوصي
بدوام حال الوضوء، قائلاً: إن الوضوء مثل"بزّة جندي". وعلى كل حال، عليك أن
تطلب من القادر ذي الجلال، من الله المتعال جلّ جلالة، مع التضرع والبكاء والالتماس
كي [243] يوفقك في هذه المرحلة ويعينك في الحصول على خصلة التقوى. واعلم، أن
بدايات الأمر صعبة وشاقة، ولكن بعد فترة من الاستمرار والمثابرة تتحول المشقة إلى
راحة، والعسر إلى يُسر، بل تتبدل إلى لذة روحية، خصوصاً، وأن أصحاب هذه اللذة
لا يستبدلونها بجميع اللذائذ. ويمكن، إن شاء الله، وبعد المواظبة الشديدة والتقوى
التامة، أن تنتقل من هذا المقام إلى مقام تقوى الخاصة. وهي التقوى التي تتلذذ الروح
بها. إذ أنك بعد أن تذوق طعم اللذة الروحية تترك شيئاً فشيئاً اللذائذ الجسدية
وتتجنبها. وعندئذٍ يسهل عليك المسير حتى لا تعود تقيم وزناً للذات الجسدية الزائلة،
بل تنفر منها، وتقبّح زخارف الدنيا في عينيك، وتنظر في باطنك فتجد أن كل لذة من
لذّات هذا العالم قد أوجدت في النفس أثراً وأبقت في القلوب لطخة سوداء تبعث على
شدة الإنس بهذه الدنيا والتعلق بها. وهذه هي نفسها تكون سبب الإخلاد إلى
الأرض. وعند سكرات الموت تتبدل إلى صعوبة ومشقة ومعاناة. والواقع أن صعوبة
سكرات الموت وحالة النزع الأخير القاسية ناجمة عن هذه اللذات وحب الدنيا، كما
سبقت الإشارة إلى ذلك. فإذا أدرك الإنسان هذا المعنى سقطت لذات العالم من عينه
كلياً، ونفر من الدنيا وما فيها من مباهج وزخارف. وهذا هو التقدم الثاني إلى المقام
الثالث من التقوى. وبذلك يصبح سبيل السلوك إلى الله سهلاً ميسوراً، وطريق
الإنسانية نيّراً واسعاً، وتصبح خطوته شيئاً فشيئاً خطوة الحق، ورياضته رياضة الحق،
ويتهرب من النفس وآثارها وأطوارها. إذ يجد في ذاته عشق للحق، فلا يعود يقنع
بوعود الجنة والحور العين والقصور، بل يكون مطلوبة ومقصوده أمراً آخر، وينفر من
الأنانية حب الذات. فيتقي حب النفس ويتقي ذاته وأنانيته. وهذا مقام على قدر كبير
من الشموخ والرفعة، وهو أول مراتب هبوب نسيم الولاية، فيدرجه الحق المتعال في
كنف لط فه ويعينه ويجعله موضع ألطافه الخاصة. أما ما يحدث للسالك بعد ذلك
فخارج عن قدرة القلم. والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطـناً، والصلاة والسلام على
محمد وآله الطاهرين. [245] الحَديث الثَالِث عشرَ "التوكل" [246] بالسَّنَدِ المُتَّصل

توقيع : Dr.Zahra
سألت نفسي كتير مرسيتش يوم على بر
انا الي فيا الخيرر ولا الي فيا الشر
مليان عيوب ولا .؟
خالي من الذنوب ولا .؟
ولاايه.؟
ولا انا جوايا ومش داري الاتنين في بعض..؟
وخمسميه حاجه وملهمش دعوه ببعض..!!
من مواضيع : Dr.Zahra 0 صباحكم جوري..*
0 الدنيا منافع ..*
0 انجازاتي ...*
0 أنا أتد ... ♥
0 عراقي عنده معامله مستعجله ..,'

الصورة الرمزية Dr.Zahra
Dr.Zahra
شيعي حسيني
رقم العضوية : 429
الإنتساب : Oct 2006
المشاركات : 12,843
بمعدل : 1.89 يوميا

Dr.Zahra غير متصل

 عرض البوم صور Dr.Zahra

  مشاركة رقم : 7  
كاتب الموضوع : Dr.Zahra المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 08-11-2007 الساعة : 09:24 PM


إلى الشَّيْخِ الجَلِيلِ ثِقَةِ الإِسْلاَمِ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدِ بْنِ
مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ غَيْر وَاحِدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أسْبَاطٍ، عَنْ أَحْمَدِ بْنِ عُمَرَ الحَلاّل، عَنْ عَلِيِّ
بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي الحَسَنِ الأَوَّلِ عليه السَّلام قالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ { وَمَنْ
يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} فَقَاَل"التَّوَكُّلُ عَلَى اللهِ دَرَجَاتٌ مِنْهَا أَنْ تَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فِي
أُمُورِكَ كُلِّهَا فَمَا فَعَلَ بِكَ كُنْتَ عَنْهُ رَ اضِياً تَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يَأْلُوكَ خَيْرَاً وَفَضْلاً وَتَعْلَمُ أَنَّ
الحُكْمَ فِي ذلِكَ لَهُ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ بِتَفْويضِ ذلِكَ إِلَيْهِ وَثِقْ بِهِ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا"( أصول
الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب التفويض إلى الله والتوكل عليه، ح
5). [247] الشرح: "الحلاّل"بتشديد اللام: بائع الحِلّ، وهو دهن السمسم. وأبو
الحسن الأول هو الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام. ويكنى أيضاً بأبي الحسن
المطلق. وأبو الحسن الثاني هو الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام، وأبو الحسن
الثالث هو الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام. و"التوكل"كما في اللغة، هو إظهار
العجز والاعتماد على طرف آخر: واتكلت على فلان في أمر اعتمدته. وأصله:
اوتكلت. و"حسبه"أي مُحْسِبُه وكافيه. و"يألوك": من ألا، يألو، ألواً. ويعني التقصير.
وقد قال بعضهم: إذا عدّى هذا الفعل إ لى مفعولين تضمن معنى المنع، وهذا حسن،
لأن المعنى يكون أسلس، وإن لم تكن ثَمَّة حاجة إلى ذلك، فمعنى التقصير وحده يكفي،
كما يستفاد خلاف ذلك من"الصحاح"الذي جاء فيه:"ألا، يألو: أي قصّر. وفلان لا
يألوك نصحاً". فيتبيّن من ذلك أن المعنى واحد حتى مع المفعولين.
و"التوكل"غير"التفويض"، وكلاهما غير"الرضا"وغير"الوثوق"كما سيأتي بيانه. وسوف
نشرح في ما يلي ما يحتاج من الحديث الشريف إلى شرح. فصل في بيان معنى التوكل
ودرجاته اعلم إن للتوكل معاني متقاربة، ولكن بتعبيرات مختلفة، بحسب المسالك
المختلفة، كما يقول صاحب"منازل السائرين": {التَّوَكُّلُ كِلَهُ الأمْرِ كُلهِ إِلَى مَالِكِهِ
[248] وَالتَّعْوِيلُ عَلَى وِكَالَتِهِ}("منازل السائرين" - التوكل). ويقـول بعض أصحاب
العرفان:"التـَّوَكُّلُ طَرْحُ البَدَنِ فِي العُبُودِيَّةِ وَتَعَـلُّقُ القَلْبِ بِالرُّبُوبِيَّـةِ". وقال
آخرون:"ا لتـَّوَكُّلُ عَلَى اللهِ انْقِطَاعُ العَبْدِ فِي جَمِيعِ مَا يَأْمُلُهُ مِنَ المَخْلُوقِينَ". وهكذا
تجد هذه المعاني متقاربة، ولا حاجة للبحث في المفهوم. وكل ما يتطلب القول هو أن
للتوكل درجات مختلفة بحسب اختلاف مقامات العباد. ولما كانت معرفة درجات
التوكل مبنية على العلم بدرجة معرفة العباد بربوبية الحق جلّ جلاله، كان لا بُدَّ من
الإشارة إلى ذلك. فاعلم، أن أحد أصول معارف السالكين ومقاماتهم، التي لا تكون إلاّ
به، هو العلم بربوبية الحق تعالى، ومالكيته وكيفية تصرف الذات المقدسة في الأمور. إننا
لا ندخل هذا البحث من الناحية العلمية، لأن ذلك يتطلب التحقيق في"الجبر
والتفويض"وذلك ما لا يتناسب مع هذه السطور. وإنما نقتصر على ذكر درجات الناس
في معرفة ذلك. وعليه، نقول أن الناس في معرفة الربوبية مختلفون متباينون إلى حدّ
كبير: فالموحّدون عموماً يعرفون أن الحق تعالى هو خالق م بادئ الأمور، وكلّيات
الجواهر، وعناصر الأشياء، ويرون بأنّ تصرفه محدود، ولا يقولون بإحاطته بالربوبية.
فهؤلاء تراهم تارة يقولون: مقدِّر الأمور حق؟ وهو المتصرف في كل شيء، فما في كائن
يكون إلاّ بإرادته المقدسة. ولكنهم ليسوا أصحاب هذا المقام، لا علماً، ولا إيماناً، ولا
شهوداً، ولا وجداناً. إن هذا الفريق من الناس - والظاهر أننا منهم - ليس لهم علم
كامل بربوبية الله بل يكون توحيدهم ناقصاً، حيث حجبت عنهم ربوبية الحق وسلطنته
لعللٍ وأسباب ظاهرة، وليس لهم مقام التوكل وهو ما يدور كلامنا عليه إلاّ لفظاً
وادعاءً. لهذا، فإنهم في الأمور الدنيوية، لا يعتمدون على الحق سبحانه، بأيّ شكل من
الأشكال، ولا يتشبثون إلا بالأسباب الظاهرية والمؤثرات الكونية. وإذا ما اتفق أحياناً
أن توجهوا إلى الحق تعالى وطلبوا منه حاجة، أو رجوا منه رجـاء، فذلك من [249]
باب التقليد، أو من باب الاحتياط، ل أنه لا يرون في ذلك ضرراً عليهم، بل ربما
يحتملون فيه الفائدة. وفي هذه الحال توجد رائحة التوكل. ولكنهم إذا رأوا الأسباب
الظاهرة ملائمة ومطابقة لأهوائهم، غفلوا كليا عن الله تعالى وعن تصريفه للأمور. إن
المقولة القائلة بأن التوكل لا يتنافى مع العمل والتكسب، صحيحة، بل هي مطابقة
للبرهان وللنقل، ولكن الاحتجاب عن ربوبية الحق وتصريفه للأمور واعتبار الأسباب
مستقلة، يتنافى والتوكل. إن هؤلاء الذين لا يتمسكون حتى بأدنى درجات التوكل في
أعمالهم الدنيوية، يتحدثون فيما يتعلق بالأمور الأخروية عن التوكل بزهو ومباهاة، وإذا
ما ظهر منهم أيّ تهاون وضعف وكسل في العلم أو في تهذيب النفس والعبادات
والطاعـات، وبادروا إلى إظهار اعتمادهم وتوكلهم على الحق تعالى وفضله. وكأنهم
يريدون بمجرد تلفظهم بأن"الله عظيم"و"إننا متوكلون على فضل الله"أن ينالوا
الدرجات الأخروية! فإنهم يقولون في الشؤون ال دنيوية: إن السعي والعمل لا يتنافيان
مع التوكل على الله، وفي الأمور الأخروية يرون السعي والعمل ينافيان الاعتماد
والتوكل عليه. وما هذا إلاّ من مكائد النفس والشيطان. فهؤلاء ليسوا متوكلين على
الله، لا في الأمور الدنيوية ولا في الأمور الأخروية، ول هم يعتمدون عليه في أي أمر من
الأمور. ولكنهم، لاهتمامهم بالأمور الدنيوية، تشبثون بالأسباب، دون الاعتماد على
الحق تعالى وتصريفه للشؤون في العالم. وعلى العكس من ذلك، فهم، لعدم اهتمامهم
بأمور الآخرة، وعدم إيمانهم إيماناً صادقاً بيوم المعاد وتفاصيله، ويصطنعون لذلك
الأعذار. فمرة يقولون:"الله عظيم"ومرة يظهرون الاعتماد على الله وعلى شفاعة
الشفعاء، مع أن هذا كله ليس سوى لقلقة لسان لا أساس لها من الحقيقة في شيء. وثمّة
فريق آخر من الناس اقتنعوا، إما بالبرهان وإما بالنقل، وصدّقوا بأن الحق تعالى هو مقدِّر
الأمور، ومسبّب الأسباب، وا لمؤثر في الوجود، ولا حدود لقدرته وتصرّفه. هؤلاء
يتوكلون على الله سبحانه عن طريق العقل، أي أن أركان التوكل تامة عندهم، بحسب
الأدلة العقلية والنقلية ولهذا فهم يرون أنفسهم من المتوكلين، ويقيمون الدليل أيضاً
على لزوم التوكل، لأنهم أثبتوا أركان التوكل، والتي هي أمور: [250] أن الحق تعالى
عالمٌ بحاجات العباد. أنه قادر على تلبية تلك الحاجات. أنه ليس في ذاته المقدسة بخل.
أنه رحيم بالعباد و رءوف بهم. وإذاً، يجب التوكل على عالم قدير كريم رحيم بالعباد،
قائم بمصالحهم، لا يفوّت عليهم شيئاً فيها، حتى وإن لم يميزوا هم بين ما ينفعهم وما
يضرهم. هؤلاء وإن كانوا من المتوكلين عملياً، إلاّ أنهم لم يبلغوا مرتبة الإيمان. فهم لهذا
مضطربون في اتخاذ أمر من أمورهم، وعقولهم مغلوبة في الصراع مع قلوبهم، لأنها
بالأسباب متعلقة، وعن تصرف الحق سبحانه في الأشياء محجوبة. أما الطائفة الثالثة، ف
هم الذين توصّلوا بقلوبهم إلى معرفة تصرّف الحق تعالى في الكائنات، فآمنت تلك
القلوب بأن مقدّر الأمور، والسلطان ومالك الأشياء، هو الحق تعالى، وكتبوا بقلم
العقل على ألواح القلوب أركان التوكل. هؤلاء هم أصحاب مقام التوكل. غير أن
هؤلاء أيضاً يختلفون من حيث مراتب الإيمان ودرجاته اختلافاً كبيراً، قبل أن يصلوا إلى
درجة الاطمئنان الكامل. وعند ذاك تظهر في قلوبهم درجة التوكل الكاملة، ولا تتعلق
بالأسباب، بل تتشبث بمقام الربوبية، فتطمئن إليه وتعتمد عليه، كما وصف العارفُ
المتقدم، التوكلَ قائلاً إنـه:"طرح البدن في العبودية وتعلق القلب بالربوبية". وكل ما
قلناه يعود إلى ما إذا كان القلب في مقام الكثرة الأفعالية، وإلاّ فإنه يتجاوز مقام التوكل
ويخرج عن المقصود. إذاً، فقد اتضح أن للتوكل درجات. ولعل الدرجة التي تعرض لها
الحديث الشريف هي توكل الطائفة الثانية. إذ أنه جعل العلم من م بادئه، وربما أشار
أيضاً إلى درجات أخرى ذات اعتبارات مختلفة. إذ أن للتوكل درجات أخرى في
تقسيمات مختلفة، مثلما هي الحال في درجات سلوك أصحاب العرفان والرياضات،
حيث يصلون من مقام الكثرة إلى مقام الوحدة تدريجاً، فلا يحصل فناء أفعالي مطلق،
دفعة واحدة، بل يشاهد أولاً في مقامه، ومن ثم في سائر الكائنات. فكذلك يحصل
التوكل والرضا والتسليم وسائر المقامات بالتدرّج أيضاً. [251] وربما يبدأ أول الأمر
بالتوكل على الأسباب الغائبة والخفية، ومن ثم يصل إلى مقام المطلق تدريجاً، سواء
أكانت له أسباب ظاهرة جليّة، أم أسباب باطنة خفيّة، وسواء أكان ذلك في أعماله هو
أم في أعمال أقربائه ومقرّبيه. ولذلك جاء في الحديث:"إِنَّ مِنْ دَرَجَاتِ التَوكّلِ أَن تَتَوَكَّلَ
عَلَى اللهِ تَعَالَى فِي كُلِّ أُمُورك". فصل في بيان الفرق بين"التوكل"و"الرضا" اعلم أن
مقام"الرضا"غير مقام"التوكل"، وهو أسمى منه وأرفع. وذلك لأن المتوكل يطلب الخير
والصلاح لنفسه، فيوكل الحق تعالى، بصفته فاعل الخير، للحصول على الخير
والصلاح. أما الشخص"الراضي"فيكون قد أفنى إرادته في إرادة الله، فلا يختار لنفسه
شيئاً. ولقد سئل أهل السلوك: "مَا تُرِيدُ؟". فـَقـَالَ:"أُرِيدُ أَنْ لا أُرِيدَ". فمطلوبه
هو مقام الرضا. أما ما جاء في الحديث الشريف:"فـَمـَا فَعَلَ بِكَ كُنْتَ عَنْهُ رَاضِياً"فإنه
لا يعني مقام الرضا، ولذلك جاء بعد ذلك قوله:"تـَعـْلَمُ أَنَّهُ لاَ يَأْلُوكَ خَيراً وَفَضلاً"،
وكأنه صلّى الله عليه وآله وسلم أراد أن يوجد في السامع مقام التوكل، وذلك بوضع
المقدمات، فقال أولاً:"تعلم أنه لا يألوك خيراً وفضلاً"ثم قال:"تعلم أن الحكم في ذلك
له"طبيعي أن من يعلم أن الله تعالى قادر على كل شيء، وأنه لا يفوّت على نفسه خيره
وفضله، فإن مقام التوكل يحصل له، وذلك لأن ركني التوكل الأساسيين قد ذكرهما،
بينما الركنين أو الثلاثة الأخرى لوضوحهما. إذاً، تكون نتيجة المقدمات المذكورة
المطوية والمعلومة هي أن ما يفعله الحق تعالى يبعث على الرضا والسرور. إذ أن فيه الخير
والصلاح، وبذلك يحصل مقام التوكل. ولذلك فرّع عليه السلام في الحديث الشريف
قوله:"فتوكل على الله". فصل في بيان الفرق بين"التفويض"و"التوكل"و"الثقة" ثم اعلم
أن"التفويض"أيضاً غير التوكل، وأن"الثقة"غيرهما. ولذلك فقد أشير إليهما في مقامات
السالكين بصورة منفصلة. [252] يقول الخواجة عبد الله الأنصاري:"التَّفْويضُ ألْطَفُ
إشَارةُ وَأَوْسَعُ مَعْنىً مِنَ التَّوَكُّلِ ثُمَّ قَالَ: التَّوَكُّلُ شُعْبَةٌ مِنْهُ". وذلك لأن التفويض هو أن
لا يرى العبد في نفسه حولا ولا قوة، ولا يجد أن له التصرف في شيء، ويرى الحق تعالى
هو المتصرف في كل الأمور. أما في التوكل فليس الأمر كذلك، لأن المتوكل يجعل الحق
سبحانه قائماً مقامه في التصرف واجتلاب الخير والصلاح. وأما أن التفويض أوسع، لأن
التوكل فرع منه، لأن التوكل يكون في المصالح والتفويض يكون في الأمور كافة. ولأن
التوكل لا يكون إلاّ بعد وقوع سبب يستوجبه، أي عند وجود أمر يتوكل فيه العبد على
الله، مثل توكل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه على الله في أن يحفظهم من
المشركين، حينما قيل لهم: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا
حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}(آل عمران/173). وأما التفويض فيكون قبل وقوع السبب،
كما جاء في الدعاء المروي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم:"اللـَّهــُمَّ إِنِّي
أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيكَ"( كتاب من لا
يحضره الفقيه، ح 1351) وقد يكون بعد وقوع السبب، مثل تمثيل مؤمن آل فرعون. إن
ما ذكرناه يكون حاصل ترجمة شرح العارف المعروف"عبد الرزاق الكاشاني"للتوكل
والتفويض مأخوذاً من كلام العارف الكامل"الخواجة عبد الله"مع شيء من الاختصار
وفي كلام الخواجة ما يدل على ذلك. ولكن في اعتبار التوكل شعبة من التفويض
يستدعي النظر. كما أن في جعل التفويض من التوكل مسامحة واضحة. وكذلك ليس ثَمّة
دليل على أن التوكل يقع بعد وقوع السبب. إذ في كِلتا الحالتين قبل وبعد وقوع السبب
يصحّ معنى التوكل. أما الحديث الشريف الذي يقول:"فـَتـَوَكَّل عَلَى اللهِ بِتَفْوِيضِ
ذلِكَ إِلَيْهِ"فيمكن القول بأنه لا توكل إلاّ مع رؤية تصرفه بنفسـه، ولهذا يتخذ لنفسه
وكيلا في أمر من أمور الخاصة به. إلاّ أن الرسول الأكرم أراد أن يرفع ذلك من مقام
التوكل إلى مقام التفويض، وليفهمه أن الحق تعالى لا يقوم مقامك في [253] التصرف، بل
هو المتصرف في ملكه ومملكته. وقد نبّه على ذلك الخواجة نفسه في"منازل السائلين"بشأن
الدرجة الثالثة من درجات التوكل. وأما"الثقة"فهي غير"التوكل"و"التفويض"، كما
يقول الخواجة:"الثـِقـَةُ سَوَادُ عَيْنِ التَوَكُّلِ، وَنُقْطَةُ دَائِرَةِ التَّفْوِيضِ، وَسُوَيْداءُ قَلْبِ
التَّسْلِيمِ". أي أن المقامات الثلاثة لا تحصل من دون"ثقة"، بل إن روح تلك المقامات
هي الثقة بالله تعالى. فما لم يثق العبد بالحق تعالى، لا يمكن أن ينالها. فتبين السرّ في قول
رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، بعد التوكل والتفويض،"ثـِقْ بِهِ فِيْهَا وفِي غَيْرِهَا".
[255] الحديث الرَابع عشَر "الخوف والرَّجـــــــاء" [256] بِسَنَدِي
المُتَّصِلِ إلى مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ، ثِقَةِ الإِسْلاَم وَعِمَادِ المُسْلِمِينَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ
أَحْمَدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ المُغَيرَةِ أَوْ
أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِاللَّهِ عليه السَّلام قالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا كَانَ فِي وَصِيَّةِ لُقْمَانَ؟ قالَ:"كَانَ
فِيهَا الأَعَاجِيبُ وَكَانَ أَعْجَبَ مَا كَانَ فِيهَا أَنْ قَالَ لابْنِهِ: خَفِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خيفةً لَوْ
جِئْتَهُ بِبِرِّ الثِّقَلَيْنِ لَعَذَّبَكَ، وَارْجُ اللَّهَ رَجاءً لَوْ جِئْتَهُ بِذُنُوبِ الثِّقَلَيْنِ لَرَحِمَكَ. ثُمَّ قَالَ أبو
عَبْدِ اللَّهِ - عَليه السّلام - كان أبِي يَقُولُ: إنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إلاّ وَفِي قَلْبِه نُورَانِ
نُورُ خَيفَةٍ وَ نُورُ رَجَاءً، لَوْ وُزِنَ هذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى هذَا وَلَوْ وُزِنَ هذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى هذَا"(
أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب الخوف والرجاء، ح 1). [257]
يقول"الجوهري"في الصحاح:"أعاجيب"كأنهم أرادوا جمع"أُعْجُوبَة"مثل أحدوثة
وأحاديث. وقال: إن"الأعْجُوبة"هي ما يكون حسنة أو قبحه مثيراً للتعجب. ويكون
المقصود في هذا الحديث هو المعنى الأول وكأنّ اللفظ في الأصل مختص بما يثير حسنه
العجب، وإن استعملت تطفلاً في الأعم. "والبِّرُّ"خلاف"العقوق"و"فـُلان يَبِرّ
خَالقَه"يعني أنه يطيعه، كما يقوله الجوهري. و"الثقلان"هما الجن والإنس. ويدل هذا (
الحديث الشريف ) على أن كلاً من الخوف والرجاء يجب أن يصل إلى مرتبة الكمال، ولا
يجوز اليأس من رحمة الله تعالى أبداً، ولا الأمان من مكره مطلقاً. فهناك الكثير من

توقيع : Dr.Zahra
سألت نفسي كتير مرسيتش يوم على بر
انا الي فيا الخيرر ولا الي فيا الشر
مليان عيوب ولا .؟
خالي من الذنوب ولا .؟
ولاايه.؟
ولا انا جوايا ومش داري الاتنين في بعض..؟
وخمسميه حاجه وملهمش دعوه ببعض..!!
من مواضيع : Dr.Zahra 0 صباحكم جوري..*
0 الدنيا منافع ..*
0 انجازاتي ...*
0 أنا أتد ... ♥
0 عراقي عنده معامله مستعجله ..,'

الصورة الرمزية Dr.Zahra
Dr.Zahra
شيعي حسيني
رقم العضوية : 429
الإنتساب : Oct 2006
المشاركات : 12,843
بمعدل : 1.89 يوميا

Dr.Zahra غير متصل

 عرض البوم صور Dr.Zahra

  مشاركة رقم : 8  
كاتب الموضوع : Dr.Zahra المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 08-11-2007 الساعة : 09:28 PM


الأحاديث التي تؤكد ذلك، كما ينص القرآن الكريم على ذلك أيضاً. ثم يجب ألاّ يرجح
أحدهما على الآخر. وسوف نقوم، بشرح ذلك وبيان المواضيع الأخرى من الحديث - إن
شاء الله - ضمن فصول عديدة. فصل في بيان الإنسان العارف اعلم، أن للإِنسان العارف
بالحقائق والمطلع على النسبة بين الممكن والواجب جلّ وعلا نظرتين: الأولى: نظرته إلى
نقصه الذاتي وإلى نقص جميع الممكنات وانحطاط الكائنات فهو يدرك في هذه النظرة، عيناً
أو علماً، أن الممكن غارق بكلّيته في الذل والنقص وفي بحر ظلام الإِمكان والفقر
والاحتياج أزلاً وأبداً، [258] وأنه لا يملك بذاته شيئاً إطلاقاً،وهو محض لا شيء، ومجرد
ضعة، ونقص مطلق، بل إن هذه التعبيرات نفسها لا تصدق عليه حقيقة وإنما هي من ضيق
أفق التعبير والكلام، وإلاّ فإن النقص والحاجة من سمات الشيئية، وليس لجميع الممكنات
والخلائق كافة، شيئية بذواتها. وهو في هذه النظرة، لو تقدم إلى أعتاب الربوبية بكل
العبادات والطاعات والعلوم والمعارف، فلن يكون أمامه سوى أن يطأطأ رأسه خَجَلاً وذلاً
وخوفاً، فما هذه العبادة والطاعة؟ ممن؟ ولمن؟ إن كل المحامد تعود إليه تعالى، وليس
للممكن أي تصرف فيه، بل إن تصرف الممكن يبعث على نقص في إظهار محامد الله
والثناء عليه. وهذا ما سألوي عنه عنان القلم، ففي هذا المقام يقول عزَّ وجلّ:{ مَا أَصَابَكَ
مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنْ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ...}(النساء/ 79 ). كما يقول في
المقام الأول {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ }(النساء/ 78 ). يقول الشاعر في هذا المقام: قال
مُرشدنا: أن قلم الصانع لم يخطأ.......... . ( فإن الأخطاء منّا ). بُوركت نظرته السديدة
الساترة للعيوب...... وهي: ( قُلْ كُلّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ). إن قول المرشد ( الشطر الأول )
راجع إلى المقام الثاني ( مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمـِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيّئَةٍ فَمِنْ
نَفْسِكَ ). وأما ( الشطر الثاني من الشعر ) فيعود إلى المقام الأول ( قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ )
وفي هذا المقام يستولي على الإنسان الخوف والحزن والخجل والخزي. والنظرة الأخرى
نظرته إلى الكمال الواجب، وبسط رحمته، وسعة لطفه تعالى وعنايته. فهو يرى أنه سبحانه
قد بسط هذه النِعم والرحمات المتنوعة، التي لا يمكن الإحاطة بها ولا حصرها وتحديدها،
من دون استعداد وتهيأ مسبق لها. وإنه قد فتح أبواب لطفه وعفوه على العباد دون
استحقاق. فنعمه مبتدءة لا يسبقها سؤال. كما أشار إلى ذلك حضرة الإمام زين العابدين
وسيد الساجدين كثيراً في أدعية الصحيفة وغيرها، فيقوى رجاؤه برحمة الحق تعالى ويزداد
أمله، بالكريم [259] الذي لا يسبغ كرمه إلاّ من باب الرحمة واللطف، وبمالك الملوك
الذي يفيض علينا بنعمه من دون سؤال أو استعداد. تلك النعم التي تعجز العقول عن
إدراك بعضها وتقصر. والمالك الذي لا تنقص من ملكه الواسع معصية العاصين، ولا
تزيده طاعة المطيعين، بل إن هداية ذاته المقدسة لنا إلى طرق الطاعات، ومنعه إيّانا عن
العصيان، إنما هو من عناياته الكريمة ونعمه وآلائه، لأجل وصولنا إلى مقامات الكمال
ومدارجه الرفيعة، وللتنزه عن النقص والقبح والتشوه. فإذا جثونا عند أعتاب رحمته
وعنايته، لوجب أن نقول: اللهم إنك إذ ألبستنا لباس الوجود، ووهبتنا كل أسباب الحياة
والرفاه بما يفوق إدراك المدركين، وأريتنا طرق الهداية، وأسبغت علينا من نعمك، إنما كان
ذلك لمصلحتنا لننعم بأفضالك ونعمك. وها نحن وفدنا إلى دار كرامتك، وعلى أعتاب
سلطنتك، مثقلين بذنوب الثقلين، مع أن ذنوب المذنبين لم تنقص من خزائن رحمتك، ولم
تخلّ خطاياهم بمملكتك. فماذا أنت صانع بقبضة تراب لا تساوي شيئاً عند أعتاب عظمتك
سوى أن تشملها برحمتك وعنايتك؟ أيمكن أن نأمل غير الرحمة من لطفك؟ فعلى الإنسان،
إذاً، أن يتردد بين هاتين النظرتين. فلا هو يغمض عينيه عمّا فيه من نقص وقصور في القيام
بالعبودية، ولا هو ينسى سعة رحمة الحق جلّ جلاله وعنايته وشموليتهما. فصل في بيان
مراتب الخوف ودرجاته اعلم أيها العزيز، أن للخوف والرجاء مراتب ودرجات حسب
حالات العباد ومراتب معرفتهم. فخوف العامة يكون من العذاب وخوف الخاصة يكون
من العتاب، وخوف أخص الخاصة يكون من الاحتجاب. ولكننا لسنا الآن بصدد شرح
ذلك، وإنما سنشير إلى الموضوع السابق ببيان آخر. فاعلم أن ليس أحد من المخلوقات
بقادرٍ على عبادة الحق تعالى حق عبادته. لأن العبادة هي الثناء على مقام ذات الله المقدسة،
وثناء كل شخص فرغ [260] معرفته بمن يُثني عليه. ولمّا كانت يد أرجاء العباد، في
الحقيقة قصيرة، عن عِزَّ جلال معرفة ذاته المتعال، فهم إذاً ليسوا قادرين بالثناء على جماله
وجلاله. وقد اعترف بذلك أشرف الخلائق وأعرف الكائنات بمقام الربوبية: "مَا عَبَدْنَاكَ
حَقَّ عِبَادَتِكَ وَمَا عَرَفْنَاكَ حَقَّ مَعْرِفَتِكَ"("سفينة البحار"ج 2 ص 180 وما بعدها) حيث
الجملة الثانية هي بمثابة التعليل للجملة الأولى، إذ قال: "أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى
نَفْسِكَ"("سفينة البحار" ج 2 ص 181 وما بعدها ). إذاً، فالقصور الذاتي من حق
الممكن، والعلو الذاتي خاص بذات كبرياء الله جلّ جلاله. ولمّا كان العباد قاصرين عن
الثناء على الله تعالى وعن عبادة ذاته المقدسة. ومن دون معرفة الحق سبحانه وعبوديته لا
يمكن لأحد من عباده أن يبلغ المقامات الكمالية والمدارج الأخروية، كما هو ثابت ومبرهن
عليه عند علماء الآخرة في محله، ولكن العامة غافلون عن ذلك، ويحسبون المدارج الأخروية
جزافاً أو شبيهة بالجزاف - تعالى الله عن ذلك عـُلواً كبيراً - لمّا كان كذلك فقد فتح الله
تعالى بلطفه الشامل ورحمته الواسعة باباً من الرحمة والرعاية بالعباد عن طريق تعليمات
الوحي الغيبية والإلهام، وبوساطة الملائكة والأنبياء. ذلكم هو باب العبادة والمعرفة. فعلّم
العباد طرق عبادته، وفتح لهم سبيلاً إلى المعارف لكي يخففوا من نقائصهم قدر الإمكان،
ويسعوا لنيل الكمالات الممكنة، ويهتدوا بأشعة نور العبودية للوصول إلى عالم كرامة الحق،
وإلى الروح والريحان وجنات النعيم، بل إلى رضوان الله الأكبر. إذاً، ففتح باب العبادة
والعبودية من النِعم الكبرى التي تدين لها الكائنات كافة، دون أن تستطيع الوفاء بحق
الشكر، بل إن كل شكر هو فتح باب كرامة لا تقدر على شكره أيضاً. فإذا علم الإنسان
مشربه هذا، واطّلع قلبه عليه، اعترف بتقصيره. وحتى لو أنه تقدم إلى أعتاب الله جلّ
جلاله بعبادة الجن والإِنس والملائكة المقربين، لكان مع ذلك خائفاً ومقصراً. وكذلك إن
عباد الله العارفين وأولياءه المختصين به الذين فتح لهم باباً من سرّ القَدر، واستنارت قلوبهم
بنور [261] المعرفة، لارتجفت قلوبهم من الخوف، ونفوسهم من الخشية، بحيث لو اتجهت
إليهم الكمالات كلها، وأعطوا مفاتيح المعارف كلها، وأُترعت قلوبهم بالتجلّيات، لما قلّ
من خوفهم قدر ذرة، ولا من خشيتهم قدر شعرة، كما يقول أحدهم: الناس تخاف النهاية
وأنا أخاف البداية. سُبْحَان الله وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِالله، أعوذ بالله تعالى. يعلم الله يجب
أن يتقطع قلب الإنسان من هذا الكلام، ويذوب خوفاً، ويهيم على وجهه في البراري فإلى
أيّ حدّ يكون الإنسان غافلاً؟ ثم أنه سبق منا في شرح أحد الأحاديث السابقة وقلنا بأننا
في كل عبادتنا وطاعتنا إنّما نريد مصالحنا الخاصة، ودافِعُنا إليها هو حبّ النفس. وما الزهد
في الدنيا في الحقيقة إلاّ من أجل الآخرة. وهو أشبه بالزهد في الدنيا من أجل الدنيا عند
الأحرار. فلو ذهبنا بعبادة الثقلين إلى محضر قدسه الربوبي، لما كان استحقاقنا سوى البعد
عن ساحته المقدسة. لقد دعانا الحق تبارك وتعالى إلى مقام قربه وأُنسه. قال:"وَخَلَقْتُكَ
لأَجْلِي"وجعل غاية الخلق معرفته، وهدانا إلى طرق المعارف والعبودية، ولكننا مع هذا لم
نشغل أنفسنا إلاّ بتعمير البطن والفرج، ولا همَّ لنا سوى الأنانية وحب الذات. فيا أيها
الإِنسان المسكين، الذي لم تجنِ من عبادتك ومناسكك إلاّ البعد عن ساحة الله المقدسة،
والاستحقاق للعتاب والعقاب، علامَ اعتمادك؟ ولماذا لا يقلقك ولا يزعجك الخوف من
شدة بأس الحق؟ أعندك متكأ تتكئ عليه؟ أتثق بعملك وتطمئن إليه؟ إذا كان الأمر كذلك
فالويل لك من معرفتك بحالك وحال مالك الملوك! وإذا كان اعتمادك على فضل الحق
وسعة رحمته وشمول عناية ذاته المقدس، لكان ذلك في محلّه جدّاً. لقد اعتمدت على أمر
وثيق، ولجأت إلى أوثق ملجأ. إلهي، وربي! إن أيدينا عن كل شيء قاصرة، ونحن عارفون
بأننا ناقصون وتافهون، ولا نملك ما يليق بأعتاب قدسك. كلنا نقص وعيب. ظاهرنا
وباطننا ملوث بالمهالك والموبقات. فمن نحن حتى نرجو القدرة على الثناء عليك، فيما
يعترف الولي من أوليائك قائلاً:"أَفَبِلِسَانِي الكالّ هذَا أَشْكُرُكَ!"مقراً بعجزه وقصوره،
فكيف بنا نحن أهل المعصية المحجوبين عن ساحة كبريائك؟ ما عسانا نقول سوى [262]
أن نحرك ألسنتنا قائلين: إن رجائنا موكول إلى رحمتك، وأن أملنا وثقتنا بفضلك ومغفرتك
وجودك وكرمك، كما على ألسنة أوليائك. في الكافي، بإسناده عن أبي جعفر الباقر عليه
السلام قال:"قَالَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلم: قَالَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى:{لاَ يَتَّكِلُ
العَامِلُونَ لِي عَلَى أَعْمَالِهِمُ الَّتِي يَعْمَلُونَها لِثَوابِي، فَإِنَّهُمْ لَوِ اجْتَهَدُوا وَأَتْعَبُوا أَنْفُسَهُمْ -
أعمارَهُمْ - في عِبَادَتِي كَانُوا مُقَصِّرِينَ غَيْرَ بالِغَينَ فِي عِبَادَتِهِمْ كُنْهَ عِبَادَتِي فِيمَا يَطْلُبُونَ
عِنْدِي مِنْ كَرَامَتِي وَالنَّعِيمِ فِي جَنّاتِي وَرَفِيعِ الدَّرَجَاتِ العُلَى فِي جِوارِي، وَلكِنْ بِرَحْمَتِي
فَلْيَثِقُوا، وَفَضْلِي فَلْيَرْجُوا، وَإِلَى حُسْنِ الظَّنِ بِي فَلْيَطْمَئِنُّوا، فَإِنَّ رَحْمَتِي عِنْدَ ذلِكَ
تُدْرِكُهُمْ، وَمِنّي يُبْلِّغُهُمْ رِضْوانِي، وَمَغْفِرَتِي تُلْبِسُهُمْ عَفْوي، فَإِنِّي أَنَا الله الرّحْمنُ الرَّحيمُ،
وَبِذلِكَ تَسَمّيْتُ}( أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب حسن الظن
بالله، ح 1 ) . ومن أسباب الخوف أيضاً التفكر في شدة بأس الله تعالى، وفي دقة سلوك
طريق الآخرة، والأخطار التي تحيط بالإنسان في حياته وعند موته، وشاقّ البرزخ، ويوم
القيامة، ومناقشــات الحساب والميزان، مع ملاحظة الآيات والأخبار التي تنبئ عمّا وعد
الله تعالى عباده، مما يُحيـى كامل الأمل والرجاء. لقد جاء في الأحاديث، أن الحق تعالى
يبسط يوم القيامة بساط رحمته بصورة يطمع حتى الشيطان بالمغفرة منه. وأن الحق سبحانه
لم ينظر إلى هذا العالم منذ تكوينه وخلقه، نظرة لطف كما ورد في الرواية وأنه سبحانه
وتعالى لم يبعث إلى هذا العالم رحمته إلاَّ بمقدار ذرة بالنسبـة إلى العوالم الأخرى، هذه
الذرة قد بعثت على إحاطة النِعم الإلهية، وألطافه ورحمته وغفرانه، بالجميع من جميع
جوانبهم، وأن الظاهر من النعم والباطن منها تعتبر مائدة نِعم الله تبارك وتعالى وعطاياه التي
لا يقدر العالم برمّته على الإِحاطة بجزء منها، فكيف إذاً بنعمه سبحانه في عالم هو عالم
كرامته، ودار ضيافته، وموضع رحمته، حيث يبسط رحيميته ورحمانيته؟ فيحقّ للشيطان أن
يطمع في نيل رحمة الله، ويرجو عطيته! إذاً، فأكمل حسن ظنك بالله وثق بفضله {إِنَّ اللَّهَ
يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}(الزمر/ 53 ) . فالله يغرق الجميع في بحر جوده وكرمه، والله لا
يخلف وعده، وإن كان الخلف في الوعيد مكن، كثيراً ما يقع [263] فعلاً. فليستبشر
قلبك برحمته التامة. ولولا شمولك برحمته الواسعة لما كنت قد خلقت، فكل مخلوق مرحوم:
{وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ كُلَّ شَيءٍ}( مقتبس من آية 156 في سورة الأعراف ). فصل في الفرق
بين الرجاء والغرور ولكن أيها العزيز كن على حذر، لئلا تخلط بين الرجاء والغرور. فقد
تكون مغتراً وتحسب نفسك من أهل الرجاء. إن من السهل التمييز بين الحالين في مباديهما.
أنظر إلى هذه الحال التي فيك والتي تظن نفسك بها بأنّك من أهل الرجاء. فهي إمّا أن
تكون ناشئة من التهاون في أوامر الحق سبحانه والتقليل منها، وإمّا أن تكون ناجمة عن
الاعتقاد بسعة رحمة الله وعظمة ذاته المقدسة. وإذا عسر عليك التمييز بينهما أيضاً، أمكنك
التمييز من خلال الآثار. فإذا كان الإحساس بعظمة الله في القلب، وكان قلب المؤمن محاطاً
برحمة ذاته المقدسة وعطاياه، لقام القلب بواجب العبودية والطاعة. لأن تعظيم العظيم المُنعم
وعبادته من الأمور الفطرية التي لا خلاف فيها. وإذا لم تكن في أداء واجبات العبودية، وفي
بذل الجُهد والجدّ في الطاعة والعبادة، معتمداً على أعمالك، ولم تحسب لها حساباً، وكنت
آملاً رحمة الله وفضله وعطائه، ووجدت نفسك مستحقاً للّوم والذم والسخط والغضب
بسبب أعمالك، ولم تعتمد إلاّ على رحمة الجواد المطلق، فأنت من أهل الرجاء. فاشكر الله
تبارك وتعالى، واطلب من ذاته المقدسة أن يثبّت ذلك في قلبك، ويمنحك أعلى منه مقاماً.
أما إذا كنت - لا سمح الله - متهاوناً في أوامر الحق تعالى ومستحقراً ومستهيناً لتعاليمه،
فاعلم أنه الغرور الحاصل في قلبك وأنه من مكائد الشيطان، ومن نفسك الأمّارة بالسوء.
فلو آمنت بسعة الله ورحمته وعظمته. لظهر أثر ذلك فيك. إن [264] المدعي الذي
يخالف عمله دعواه يكذب نفسه بنفسه. والشواهد على هذا في الأحاديث المعتبرة كثيراً.
ففي الكافي بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ أَبِي عَبْدِاللهِ عليه السّلام
قالَ:"قُلْتُ لَهُ: قَوْمٌ يَعْمَلُونَ بِالمَعَاصِي وَيَقولُونَ نَرْجُو فَلاَ يَزَالونَ كَذلِكَ حَتّى يَأْتِيَهُمُ
المَوْتُ. فقَالَ: هؤُلاَءِ قَوْمٌ يَتَرَجَّحُونَ فِي الأَمَانِي. كَذَّبُوا لَيْسُوا بِرَاجِينَ، إِنَّ مَنْ رَجَا شَيْئاً
طَلَبَهُ وَمَنْ خَافَ مِنْ شَيْءٍ هَرَبَ مِنْهُ"( أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر،
باب الخوف والرجاء ح 5 و ح 11 ) . وبهذا المضمون رواية أخرى في كتاب الكافي
الشريف: وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ الحُسَيْنِ بْنِ أَبِي سَارَةَ قَالَ:"سَمِعْتُ أَبَا عَبْداللَّهِ عليه السّلام
يَقُولُ: لاَ يَكُونُ المُؤْمِنُ مُؤْمِناً َحَتّى يَكُونَ خَائِفاً رَاجِياً وَلاَ يَكُونَ خَائِفاً رَاجِياً حَتّى يَكُونَ
عَامِلاً لِمَا يَخَافُ وَيَرْجُو"(أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب الخوف
والرجاء ح 5 و ح 11) . قال بعضهم: إنّ مَثَلَ من لا يعمل وينتظر رحمة ربه ويرجو
رضوانه مَثَلُ من يرجو المسبِّب دون أن يُعِدَّ الأسباب، وَمَثَلُ الفلاّح الذي ينتظر الزرع من
دون أن يبذر الأرض أو يهتم بها وبإروائها أو يقضي على موانع الزرع. إن مثل هذا
الانتظار لا يسمى بالرجاء، بل هو بله وحماقة. وإن مَثَلُ من لم يُصلح أخلاقه أو لم يبتعد
عن المعاضي فينهض بأعمال راجياً تزكية نفسه، مَثَلُ من يودع البذر في أراضي سبخة،
ومن الواضح أن هذا الزرع لا يثمر النتيجة المتوخاة. فالرجاء المستحسن والمحبوب هو تهيأة
كافة الأسباب التي يمتلكها الإنسان كما أمر الله بها واستغلالها حسب القدرة التي زوده بها
الحق المتعال بعنايته الكاملة، وحسب هدايته - عز وجل - إياه إلى طرق الصلاح والفساد،
ثم ينتظر ويرجو الحق المتعال أن يتمّ عنايته السابقة تجاه الأسباب التي وفّرها من قبل،
ويحقق الأسباب التي لا تدخل تحت إرادته واختياره من بعد، ويزيل الموانع والمفاسد. فإذا
نظف العبد قلبه من أشواك الأخلاق الفاسدة وأحجار الموبقات [265] وسباختها، وبذر
فيها بذور الأعمال، وسقاها بماء العلم الصافي النافع والإيمان الخالص، وخلصها من
المفسدات والموانع مثل العجب والرياء وأمثالها التي تعد بمثابة الأعشاب الضارة العائقة لنمو

توقيع : Dr.Zahra
سألت نفسي كتير مرسيتش يوم على بر
انا الي فيا الخيرر ولا الي فيا الشر
مليان عيوب ولا .؟
خالي من الذنوب ولا .؟
ولاايه.؟
ولا انا جوايا ومش داري الاتنين في بعض..؟
وخمسميه حاجه وملهمش دعوه ببعض..!!
من مواضيع : Dr.Zahra 0 صباحكم جوري..*
0 الدنيا منافع ..*
0 انجازاتي ...*
0 أنا أتد ... ♥
0 عراقي عنده معامله مستعجله ..,'

الصورة الرمزية Dr.Zahra
Dr.Zahra
شيعي حسيني
رقم العضوية : 429
الإنتساب : Oct 2006
المشاركات : 12,843
بمعدل : 1.89 يوميا

Dr.Zahra غير متصل

 عرض البوم صور Dr.Zahra

  مشاركة رقم : 9  
كاتب الموضوع : Dr.Zahra المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 08-11-2007 الساعة : 09:30 PM


الزرع، ثم انتظر ربه المتعالي ورجاه أن يثبّته على الحق، ويجعل عاقبة أمره إلى خير، كان هذا
الرجاء مستحسناً. كما يقول الحق المتعالي: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي
سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ}(البقرة/ 218 ). فصل في سبب تعادل الخوف
والرجاء ورد في نهاية هذا الحديث الشريف - الحديث الرابع عشر - أنه لا بد من تعادل
الخوف والرجاء وعدم تفوق أحدهما على الآخر، كما ورد هذا المضمون في مرسلة ابن
أبي عمير عن الإمام الصادق عليه السلام أيضاً. إن الإنسان عندما يدرك منتهى قصوره في
النهوض بالعبودية، ويرى صعوبة وضيق طريق الآخرة، يتولد فيه الخوف بأعلى درجة،
وعندما يجد ذنوبه ويفكر في أناس كانت عاقبة أمرهم الموت من دون إيمان وعمل صالح،
رغم حسن أحوالهم في بدء الأمر ولكنهم انتهوا إلى سوء العاقبة، يشتدّ فيه الخوف. ففي
الحديث الشريف في الكافي عن الإمام الصادق عليه السلام: قال:"المُؤْمِنُ بَيْنَ مَخَافَتَيْنِ ذَنْبِ
قَدْ مَضَى لاَ يَدْرِي مَا صَنَعَ اللَّهُ فِيهِ وَعُمْرٍ قَدْ بَقِيَ لاَ يَدْرِي مَا يَكْتَسِبُ فِيهِ مِنَ المَهَالِكِ
فَهُوَ لاَ يُصْبحُ إلاّ خَائِفاً وَلاَ يُصْلِحُهُ إلاّ الخَوْفُ"(أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان
والكفر، باب الخوف والرجاء، ح 12). ونقل الكافي في حديث آخر عن الإمام - عليه
السلام - خطبة عن رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلم - بهذا المضمون. وعلى أي حال
يرى الإنسان نفسه في منتهى النقص والتقصير، ويرى الحق في منتهى العظمة والجلال،
وسعة الرحمة والعطاء، ويعيش العبد بين هاتين [266] النظرتين دائماً في حال متوازية بين
الخوف والرجاء. وحيث أن الأسماء الجلالية والجمالية تتجليان في قلب السالك متعادلة لا
يترجح كل من الخوف والرجاء على الآخر. وقال ( بحار الأنوار، المجلد 70، باب الخوف
والرجاء ص355) بعض أن الخوف في بعض الأحيان أنفع للإنسان مثل أيام الصحة
والعافية، حتى يجهد الإنسان نفسه في كسب الكمال والعمل الصالح. وفي بعض الأحيان
الرجاء أفضل مثل أيام ظهور علامات الموت، حتى يلاقي الإنسان الحق المتعالي مع حال
مفضلة أكثر عنده سبحانه -. ولكن هذا الكلام لا يتطابق مع الكلمات السابقة
والأحاديث المذكورة، لأن الرجاء المحبوب يدفع الإنسان أيضاً نحو العمل واكتساب الآخرة،
والخوف من الحق سبحانه محبوب لديه - عز وجل - ولا يتنافى مع الرجاء المؤكد. وقال
بعضهم ( بحار الأنوار، المجلد 70، باب الخوف والرجاء ص 355) أن الخوف لا يعتبر من
الفضائل النفسية والكمالات العقلية في عالم الآخرة وإنما يعدّ من الأمور النافعة في دار الدنيا
التي هي دار العمل، حيث يحرص الإنسان على فعل العبادات وترك المعاصي وينتهي دوره
بعد الخروج من هذه الدنيا. في حين أن الرجاء لا ينقطع ويستمر حتى في عالم الآخرة. لأن
العبد كلما نال رحمة الله أكثر، ازداد طعمه نحو فضل الحق المتعالي أكثر، لأن خزائن رحمة
الحق الجليل لا تتناهى. فالخوف ينقطع بالموت ويبقى الرجاء حتى إلى ما بعد الموت. يقول
( بحار الأنوار، المجلد 70، باب الخوف والرجاء ص 355 ) المحدث المحقق المجلسي - رحمه
الله تعالى-"والحق أن العبد ما دام في دار التكليف لا بد له من الخوف والرجاء وبعد
مشاهدة أمور الآخرة يغلب عليه أحدهما لا محالة بحسب ما يشاهده من أحوالها". يقول
الكاتب: إن ما قيل من غلبة الخوف والرجاء في عالم الآخرة، لا يتلاءم مع ما ذكر من
معنى الرجاء. وعلى فرض صحة الكلام المذكور فهو صحيح بالنسبة إلى المتوسطين حيث
يكون خوفهم ورجاؤهم عائدين إلى الثواب والعقاب. [267] وأما حال الخواصّ
والأولياء فيختلف المر عما ذكروا، لأن الخوف والرجاء الناجمان عن مشاهدة عظمة وجلال
وتجلّي أسماء اللطف والجمال، والحاصلان في القلب لا يزولان بمشاهدة أمور الآخرة. ولا
يترجح أحدهما على الآخر، بل إن آثار الجلال والعظمة وتجليات الجمال واللطف في عالم
الآخرة أكثر، فيصبح الخوف الحاصل من عظمة الحق من اللذائذ الروحانية، ولا يتنافى هذا
مع الآية الكريمة {أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}(يونس/62). كما
يتبين ذلك بالتمعن في الآية المباركة. وما نقل - قبل أسطر - من أن الخوف ليس بفضيلة
نفسية، ليس هو الخوف من الجلال والعظمة، لأن مثل هذا الخوف يكون كمالاً ومن
صفات الكاملين والمكملين. كما أن خوف غيرهم يكون أكثر. والحمد لله على جماله
وجلاله والصَلاة على محمّد وآله. [269] الحَديـث الخَامِــس عشَــر
"البــــلاء" [270] بِسَنَدِنَا المُتَّصِلِ إلى سُلْطانِ المُحَدِّثينَ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الكُلَيْنيِّ
- رضوان الله عليه - عَنْ عَليِّ بْنِ إبْراهيمَ، عَنْ أبيهِ، عَنْ ابْنِ مَحْبُوب، عَنْ سَماعَةَ، عَنْ
أبي عَبْدِ اللهِ عليه السَّلام قالَ: إنَّ في كِتاب عَليٍّ عليه السَّلام:"إِنَّ أَشَدّ النّاسِ بَلاءً
النَّبِيُّونَ ثُمَّ الوَصِيُّونَ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ وَإِنَّما يُبْتَلَى المُؤْمِنُ عَلى قَدرِ أَعْمالِهِ الحَسَنَةِ، فَمَنْ
صَحَّ دِينُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ، اشْتَدَّ بَلاؤُه وَذلِكَ أنَّ اللهَ تَعالى لَمْ يَجْعَلِ الدُّنْيا ثَواباً لِمُؤْمِنٍ وَلا
عُقُوبَةً لِكافِرٍ وَمَنْ سَخُفَ دينُهُ وَضَعُفَ عَقْلُهُ، قَلَّ بَلاؤهُ وَإِنَّ البَلاء أسْرَعُ إِلَى المُؤْمِنِ
التَّقِيِّ مِنَ الْمَطَرِ إِلى قَرارِ الأْرْضِ"( أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر،
باب شدّة ابتلاء المؤمن، ح29 ) . [271] الشرح: قال بعض بأن المقصود من الناس في
أمثال هذا الحديث الشريف، الكاملون من قبيل الأنبياء والأولياء والأوصياء، فإنهم الناس
حقاً. وأمّا عامة الناس فهم النسناس كما ورد في الأحاديث. ولكن لا مرجح لهذا الكلام،
بل المناسب في المقام إرادة عموم البشر وهو واضح تماماً. ويكون - هذا المعنى - مستفاداً
من الأحاديث الموجودة في هذا الباب من كتاب الكافي. وإذا عثرنا في حديث على
كلمة"الناس"وكان المقصود منها الكاملين، فليس ذلك مبرراً لإرادة هذا المعنى من هذه
اللفظة حيثما وردت. إن"البـَلاءَ"هو الاختبار و الامتحان، في الحسن و القبح. كما
صرح بذلك أهل اللغة. يقول الجوهري في الصحاح ( و البلاء الاختبار يكون بالخير
والشر، يقال أبلاه الله بلاءاً حسناً وابتلاه معروفاً ) ويقول الحق المَتعال {بَلاَءً
حَسَنًا}(الأنفال/ 17) وعلى أي حال إن كل ما يمتحن به الحق جل جلاله عباده يدعى
بلاءً أو ابتلاءً سواءً كان بالأمراض والأسقام والفقر والذل وإدبار الدنيا أو بما يقابل هذه
الأمور، كأن يُختبر بكثرة الجاه والاقتدار و المال والمنال و بالزعامة و العزّة و العظمة.
ولكن متى ما ذكر البلاء أو البلية أو الابتلاء بصورة مطلقة انصرف وانسبق إلى الذهن من
اللفظ، البلاء من القسم الأول. [272] و"أَمْـثَلْ"بمعنى أفضل وأشرف يقال: هذا أمثل
من هذا أي أفضل وأدنى إلى الخير. وأماثل الناس، خيارهم. فمعنى"ثـُمَّ الأَمْثَلْ
فَالأَمْثَلُ"هو أن من كان أفضل وأحسن - بعد الأئمة الأوصياء عليهم السلام - فبلاؤه أشدّ
من الآخرين. ومَنْ كان - من غير الفئة المذكورة - أفضل فبلاؤه أكثر من غيره من الناس.
فمراتب الابتلاء على قدر درجات الفضل - عند الله سبحانه -. ولا يوجد مثل هذا التعبير
- الأمثل فالأمثل - في الأدب الفارسي حتى أذكره. والـ"سـُخـْفَ"هو ضعف العقل
وخفته، كما ورد في الصحاح وغيره من الكتب اللغوية. والـ"قَرَارَ"هو المستقر والمكان،
كما يستفاد من معاجم اللغة. وفي - كتاب - قاموس اللغة:"القرار والقرارة ما قُرَّ فيه
والمطمئن من الأرض"ووجه الشبه - بين المؤمن التقي وقرار الأرض - هو أن الأرض محل
الأمطار و مستقرها، حيث تهطل قطرات السماء عليها وتستقر، وكذلك المؤمن حيث
تهجم عليه البلايـا، و تستقر عنده ولا تفارقه. ونحن إن شاء الله سنشرح ما يحتاج إليه
الحديث الشريف في غضون فصول عدّة. فصل في بيان معنى الامتحان وآثاره وكيفية
نسبته إلى الحق المقدس المتعالي اعلم أن النفوس البشرية منذ ظهورها و تعلقها بالأجساد،
وهبوطها إلى عالم المُلُك- عالم المادة - تكون على نحو القوّة - الأهلية والقابلية - تجاه
جميع العلوم والمعارف والملكات - الحالات الراسخة المتمركزة في الإنسان - الحسنة
والسيئة، بل تجاه جميع الإدراكات والفعليّات - الحاضرة التي هي ذات آثار - ثم تتدرج
بعناية الحق - جل جلاله - نحو الفعلية شيئاً فشيئاً، فتبدو أولاً الإدراكات الضعيفة الجزئية
مثل حاسة اللمس والحواس الظاهرية الأخرى الأخسّ فالأخسّ ثم تظهر ثانياً الإدراكات
الباطنية متدرجة أيضاً. ولكن الملكات لا تزال موجودة بالقوة، فإن لم تتأثر بعوامل تفجر
فيها الطاقات الخيرة وتركت لوحدها لانتصرت الخبائث [273] وتحققت الملكات
الفاسدة وانعطفت نحو القبائح والمساوئ، لأن الدواعي الداخلية الباطنية كالشهوة والغضب
وغيرها يسوقان الإنسان إلى الفجور والتعدي والظلم وبعد انقياده لهما يتحوّل في فترة
قصيرة إلى حيوان عجيب وشيطان غريب. ولما كانت عناية الحق تعالى ورحمته قد وسعت
بني الإنسان في الأزل، جعل لهم سبحانه حسب تقدير دقيق نوعين من المربي والمهذب،
بمثابة جناحين يطير بهما من حضيض الجهل والنقص والقباحة والشقاء إلى أوج العلم
والمعرفة والكمال والجمال والسعادة ويحرر نفسه من ضغط ضيق عالم الطبيعة إلى الفضاء
الرحب الملكوتي الأعلى. وهما: المربي الباطني المتجسد في العقل والقدرة على التمييز بين
الحسن والقبح. والمربي الخارجي المتمثل في الأنبياء والأدلاّء لطرق السعادة والشقاء. وكل
منهما لا يؤدي دوره بدون الآخر، إذ أن العقل البشري عاجز عن معرفة طرق السعادة
والشقاء واكتشاف الطريق إلى عالم الغيب، ونشأة الآخرة، كما أن هداية الأنبياء،
وإرشادهم لا تكون مؤثرة بدون إدراك العقل والقدرة على التمييز. فالحق - تبارك وتعالى
- منحنا هذين النوعين من الموجّه لكي نجعل الطاقات المكتنزة والاستعدادات الكامنة في
النفوس تتحرك من القوة إلى الفعلية و الظهور. وقد وهبنا الحق المتعالي هاتين النعمتين
الكبيرتين لنا امتحاناً واختباراً، لأن الإنسان يتميز أفراده بعضهم عن بعض، ويتم الفصل بين
السعيد والشقي والمطيع والعاصي والكامل والناقص كما قال ولي المؤمنين عليه
السلام:"وَالَّذي بَعَثَهُ بِالحَقِّ لَتُبَلْبَلُنَّ بَلْبَلَةً وَلَتُغَرْبَلُنَّ غَرْبَلَةً"( نهج البلاغة. خطبة 16 (
الشيخ صبحي صالح ) ) وفي كتاب الكافي الشريف في باب التمحيص والامتحان عن ابن
أبي يعفور عن الإمام الصادق عليه السلام:"لاَ بُدَّ للنّاسِ مِنْ أَنْ يُمَحَّصُوا وَيُمَيَّزُوا وَيُغَرْبَلُوا
وَيُسْتَخْرَج فِي الغِرْبالِ خـَلـْقٌ كَثيرُ"( أصول الكافي، المجلد الأول، كتاب الحجة، باب
التمحيص و الامتحان، ح2، ح3، ح4) وبـِإسْنادِهِ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِاللهِ
عليه السّلام:"يا مَنْصُورُ إِنَّ هذَا{ [274] الأمْر لا يَأْتيكُمْ إلاّ بَعْدَ إياسٍ وَلا وَاللهِ حَتّى
تُمَيَّزُوا وَلا وَاللهِ حَتّى تُمَحَّصُوا وَلا وَاللهِ حَتّى يَشْقَى مَنْ يَشْقَى وَيَسْعَدَ مَنْ يَسْعَدُ"(
أصول الكافي، المجلد الأول، كتاب الحجة، باب التمحيص و الامتحان، ح2، ح 3، ح4.
) وفي حديث آخر عن أبي الحسن عليه السلام قال:"يـُخـَلـَّصُونَ كَما يُخَلَّصُ
الذَّهَبُ"( أصول الكافي، المجلد الأول، كتاب الحجة، باب التمحيص و الامتحان، ح2،
ح3، ح4) وفي كتاب الكافي الشريف في باب الابتلاء والاختبار بسنده إلى الإمام الصادق
عليه السلام قال:"مـَا مـِنْ قَبْضٍ وَلا بَسْطٍ إلاَّ وَللهِ مَشِيئَةٌ وَقَضاءٌ وَابْتِلاءٌ"(أصول
الكافي، المجلد الأول، كتاب الحجة باب الابتلاء والاختبار، ح1، ح2) و في حديث آخر
عنه عليه السلام قال:"إنـَّهُ لَيْسَ شَيءٌ فيهِ قَبْضٌ أوْ بَسْطٌ مِمّا أمَرَ اللهُ أوْ نَهى عَنْهُ إلاّ
وَفِيهِ للهِ عَزَّ وَجَلَّ ابْتِلاءٌ وَقَضاءٌ"(أصول الكافي، المجلد الأول، كتاب الحجة، باب الابتلاء
والاختبار،ح 1، ح2) و"القـْبـْضُ"في اللغة الإمساك والمنع والأخذ، و"البَسْطُ"بمعنى
النشر والعطاء: فكل عطاء وتوسعة ومنع امتحان للإنسان، كما أن كل أمر ونهي وتكليف
يكون للامتحان أيضاً. فإن بعث الرسل ونشر الكتب السماوية لغربلة الناس، ولفصل
الأشقياء عن السعداء، والمطيعين من العاصيين. ومعنى امتحان الحق المتعالي للناس واختبارهم
هو الفصل الحقيقي الواقعي على صعيد الخارج - للناس بعضهم عن بعض، لا العلم
بالفصل، لأن علم الحق جل جلاله أزلي ومتعلق ومحيط بكل شيء قبل إيجاده. والحكماء قد
أسهبوا الحديث في معنى الابتلاء والامتحان، ولا يتناسب نقله في هذا الكتاب. فنتيجة
الاختبار بصورة مطلقة - ورغم أن الأمرين المذكورين من أهم نتائجه- هو فصل السعيد
عن الشقي على صعيد الخارج الواقعي. وتتم في هذا الامتحان والتمحيص حجة الله على
خلقه أيضاً، وتكون تعاسة وسعادة وهلاك وحياة كل شخص عن حُجّة وبينة، ولا يبقى
لأحد مجال للاعتراض، فمن سعى في طريق السعادة والحياة الأبدية، كان سعيه توفيقاً من
الله وهدايةً له، لأنه سبحانه قد وفر جميع أسباب هذا السبيل. ومن جدّ في طريق [275]
الشقاء ووجه وجّهه نحو الهلاك ومتابعة الهوى والشيطان مع توفر كل طرق الهداية وأسباب
السعادة، فقد اختار بنفسه الهلاك والتعاسة رغم نهوض الحجَة البالغة للحق تبارك وتعالى
على خلاف ما أرتآه {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ }(البقرة/ 286 ). فصل
في بيان فلسفة شدّة ابتلاء الأنبياء والأوصياء والمؤمنين اعلم وقد سبق منا الحديث بأن
كل عمل يصدر من الإنسان، بل كل ما يقع منه في عالم مُلك الجسم، وكان مدرَكاً
للنفس، يترك أثراً لدى النفس، من دون فرق بين الأعمال الحسنة أو السيئة، ومن دون فرق
بين أن يكون العمل من نوع الأفراح أو نوع الأتراح. وقد عُبّر عن هذا الأثر في الأخبار
بنقطة بيضاء ونقطة سوداء فمثلاً: إن كل لذة مما يلتذ الإنسان به من المطعومات أو
المشروبات أو المنكوحات أو غيرها، يترك أثراً في النفس، ويحصل تعلقاً ومحبة في عمق
الروح تجاهه - الشيء الذي تمتع فيه - ويزداد توجه النفس إليه. وكلما توغل في اللذائذ
والمشتهيات أكثر، ازداد تعلق النفس وحبّهاً لهذا العالم أكثر. وغدا ركونه واعتماده على
هذا العالم أكبر، فتتربى النفس وترتاض على التعلق بالدنيا. وكلما كانت المتع في ذائقته
أحلى، كانت جذور محبّة الدنيا في قلبه أكثر. وكلما توفرت وسائل العيش والعشرة
والراحة بشكل أوفى، أصبحت دوحة التعلق بالدنيا أقوى وكلما أقبلت النفس على الدنيا
أكثر، كلما كانت غفلته عن الحق وعالم الآخرة أكثر. فإن نفس الإنسان إذا ركنت إلى
الدنيا كلياً وصار توجهها مادياً ودنيوياً، انصرف عن الحق المتعال ودار الكرامة نهائياً و
{أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ }(الأعراف/176 ). فالانهماك في بحر اللذائذ والمشتهيات
يصرف الإنسان إلى حب الدنيا من دون اختيار، وحب الدنيا يوجب النفور عن غيرها،
والإقبال على المُلُك - الماديات - يسبب الغفلة عن الملكوت - عالم الغيب -. وكذلك
العكس فلو أن الإنسان استاء من شيء وشعر ببشاعته، استدعت صورة ذلك الشيء
الكراهية والنفور، وكلما كانت تلك الصورة في النفس أقوى كان النفور والانزجار منها
أكثر. [276] فمثلاً: إذا دخل شخص على بلد وابتلى بأسقام وآلام فيه وعانا من ورائه
مشاكل داخلية وخارجية لكرهه وتنفّر منه وكلما كانت معاناته أكثر كان هروبه ونفوره

توقيع : Dr.Zahra
سألت نفسي كتير مرسيتش يوم على بر
انا الي فيا الخيرر ولا الي فيا الشر
مليان عيوب ولا .؟
خالي من الذنوب ولا .؟
ولاايه.؟
ولا انا جوايا ومش داري الاتنين في بعض..؟
وخمسميه حاجه وملهمش دعوه ببعض..!!
من مواضيع : Dr.Zahra 0 صباحكم جوري..*
0 الدنيا منافع ..*
0 انجازاتي ...*
0 أنا أتد ... ♥
0 عراقي عنده معامله مستعجله ..,'
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 04:45 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية