وُلـِد السيد حسن نصر الله في بلدةالبازوريةالجنوبية القريبة منمدينةصور ( 10كلم شرقي صور ) عام1960. إضطر وهو صغير وبسبب ضيق حال العائلة وإنعدام فرص العمل في بلدته الجنوبية التيكانت تشكو كغيرها من قرى وبلدات المنطقة من الفقر والإهمال والحرمان للنزوح مععائلته إلى مدينةبيروتوهناك أقامت العائلة في منطقةالكرنتيناإحدى أحزمة البؤس المنتشرة حول أطراف العاصمة ، وفي هذه المنطقةقضى السيد حسن نصرالله أغلب أيام طفولته .
عمل في أولى أيام حياته بمساعدةوالده عبد الكريم نصرالله في بيع الخضار و الفاكهة وفي متجر والده الصغير بدأت أولىمشاعر الإيمان والثورة تتولد في نفسه وذلك من خلال صورة لسماحة السيد الإمامموسىالصدركان والد نصراللهيعلقها على إحدى الجدران ، وقد كان لهذه الصورة الأثر الكبير في صياغة تفكيرومبادىء السيد نصرالله مستقبلا ً .
كان السيد نصرالله وخلال فترة نشأتهالأولى بعيدا ًعن كل مظاهر اللعب واللهو والمزح فهو لم يكن يصاحب رفاقه للعب كرةالقدم أو السباحة،بل إنه كان دائم التردد إلى المساجد ودور العبادة ، وبسبب عدموجودمسجدفيالكرنتينافإنه كان يضطر للذهاب إلى مساجد المناطق المجاورة في سن الفيل وبرج حمود و النبعة . جذبت القراءة السيد نصرالله منذ نعومة أظافره وكان يشتري الكتبمن ساحة البرج فيبيروت ( ساحة الشهداء )إما من الباعة المتجولين أو من الذين يفرشون كتبهم على الرصيف ،ويبدو أن نزعتهالإسلاميةكانت ظاهرة بوضوح في نوعية قراءاته فهو كان يقرأ كل مايتعلقبالدين الإسلامي بغض النظر عن مدى ملاءمته لسنه .
دراسته وتحصيله الديني
أتم دراسته الإبتدائية في مدرسة حي "النجاح"، ثم درس فيمدرسة سن الفيل الرسمية.ثم كان أن إندلعتالحرب الأهلية فيلبنانفرجع مع عائلتهإلى بلدتهالبازوريةفي الجنوب وهناك تابع دراسته الثانوية في مدرسة ثانوية صورالرسمية للبنين .
خلال وجوده في البازورية إلتحق السيد حسن نصرالله بصفوفحركةأملالشيعيةالتي أسسها السيدموسىالصدر، وكان خياره يبدوغريبا ً حينها عن توجهات البلدة السياسية التي كانت تأخذ الطابعالشيوعيوالماركسيوذلك لكثرة الشيوعيين الموجودين فيها إبان ذلك الوقت . وبسبب قوةشخصيته ووسع أفقه وإطلاعه فإنه أصبح مندوب الحركة في بلدته .
وفي صور تعرفالسيد نصرالله إلى السيدمحمدالغرويالذي كان يقومبتدريس العلوم الإسلامية في إحدى مساجد المدينة بإسم السيد الصدر ، وبعد مدة منلقائهم طلب السيد نصرالله من السيد الغروي مساعدته في الذهاب إلى مدينةالنجفالعراقيةإحدى أهم مدن الشيعة والتي تتلمذ فيها كبار علماء الدين الشيعة . وبالفعل فإن السيد الغروي ساعده في الذهاب إلى النجف بعد أن حمله كتاب توصية للسيدمحمد باقرالصدرإحدى أهم رجالالدين الشيعة عبر تاريخهم ، وبوصوله إلى النجف لم يكن قد بقي بحوزة السيد نصراللهقرشا ً واحدا ً. وهناك سأل عن كيفية القدرة على الإتصال بالسيد محمد باقر الصدرفدلوه على شخص يدعى السيدعباسالموسوي، وبلقائه خاطبهنصرالله بالعربية الفصحى ظنا ً منه أنه عراقي لكنه فوجىء بأن الموسوي لبناني منبلدة النبي شيثالبقاعيةوهذا اللقاء كان محور تغير هام في حياة السيد نصرالله ، كونهوإبتداءً من هذه اللحظة فإن صداقة قوية ومتينة ستقوم بين الرجلين اللذين كتبا فصلاً هاما ً من تاريخلبنانالحديث عبر مساهمتهما في إنشاء وتأسيس حزب الله عام 1982 .
بعد السيد لقاءنصرالله للسيدمحمد باقرالصدرفإن هذا الأخيرطلب من الموسوي رعاية نصرالله والإعتناء به وتأمين ما يلزم له من مال وإحتياجات كماعهد له بتدريسه ، وكان الموسوي صارما ً في دوره كمعلم وبفضل تدريسه المتشدد إستطاعطلابه أن ينهوا خلال سنتين ما يعطى عادة خلال خمس سنوات فيالحوزة.فالتدريس عند الموسوي عملية متواصلة ليس بها إنقطاع أو عطل حتى فيأيام العطل الرسمية فإن دروسه لا تتوقف وهذه الأجواء أمنت للسيد نصرالله الفرصةبإنهاء علومه الدينية في فترة سريعة نسبيا ً حيث أنهى المرحلة الأولى بنجاح فيالعام1978 .
في هذه الفترة كان المناخ السياسي العراقي قد بدأ بالتغير بشكل عام حيثأخذ نظامالبعثالحاكم بالتضييق على الطلبة الدينيين من مختلف الجنسيات ، ويبدو أن وضع الطلبةاللبنانيين كان أسوأ من غيرهم حيث بدأت التهم تلاحقهم يمينا ً وشمالا ً تارة ًبالإنتماء إلى حزب الدعوة وتارة ً أخرى بالإنتماء إلى حركة أمل وأيضا ً بتهم الولاءإلى نظامالبعثالسوريالحاكم في سوريا والذي كان في عداوة مطلقة مع نظام البعث العراقي .
وفي أحدالأيام إقتحم رجال الأمن البعثي الحوزة التي كان يدرس بها السيد نصرالله بهدف إلقاءالقبض على السيد عباس الموسوي الذي كان حينها مغادرا ً إلى لبنان فلم يجدوا سوىعائلته فأخبروها بمنعه من العودة مجددا ً للعراق . ومن حسن حظ السيد نصرالله أنه لميكن موجودا ً في الحوزة حينها حيث تم إعتقال رفاقه الباقين ، وهنا أدرك أنه لم يعدهناك مجالا ً للبقاء بالعراق فغادر عائدا ً على وجه السرعة إلى لبنان قبل أن يتمكننظام صدام حسين من إلقاء القبض عليه . بعودة السيد نصرالله إلى لبنان إلتحق بالحوزةالدينية فيبعلبكوهناك تابع حياته العلمية معلما ً وطالبا ً ، إضافة ً إلى ممارسته العمل السياسيوالمقاوم ضمن صفوف تنظيمحركةأملالشيعية التي كانتقد بلغت أوجها في ذلك الحين .وبفضل قوة شخصيته ومتانة عقيدته وصدق إلتزامه وإخلاصهفإن ذلك الشاب الذي كان بالكاد قد بلغ العشرين من عمره إستطاع الوصول إلى منصبمندوب الحركة في البقاع وهو منصب لا يتسلمه عادة ً إلا من كان يمتلك صفات قباديةوأخلاقية من الدرجة الأولى .
حياته السياسية
عام1982كان عاما ً مفصليا ً في حياة نصرالله ففي هذا العام وقعالإجتياح الإسرائيليللبنانوبوقعه حصلت أزمةفي صفوف أمل بين تيارين متقابلين تيار يقودهنبيهبريرئيسمجلسالنواباللبناني وكانيطالب بالإنضمام إلى "جبهة الإنقاذالوطني " وتيار أخرمتدين كان نصرالله والموسوي أحدأعضائه وكان يعارض هذا الأمر وبتفاقم النزاع إنشق التيار المتدين عن تيار نبيه بريالذي كان لدى التيار المتدين مأخذ كثيرة عليه بسبب الإختلاف في تفسير الإرشاد الذيخلّفه الإمام موسى الصدر.
والحقيقة أن التيار المتدين كان يعارض الإنضمامإلى جبهة الإنقاذ الوطني بسبب وجودبشيرالجميلفيها وكاونوايعتبرونها تهدف إلى إيصال هذا الأخير إلىرئاسةالجمهورية . والجميل هذاكان خطا ً أحمرا ً لدى تيار المتدينين بسبب علاقاته معالإسرائيليين .
وهنا كانت البداية الأولى لظهورحزبالله، حيث بدأ هؤلاءالشباب بالإتصال برفقائهم الحركيين في مختلف المناطق اللبنانية بهدف تحريضهم علىترك تيار بري والإنضمام إلى حزب الله وبدأت هذه النواة تكبر مع الأيام حتى أصبحالحزب في الوقت الحاضر إحدى أهم وأكبر الأحزاب على الساحة اللبنانية والعربيةوالإسلامية .
عند ولادة حزب الله لم يكن السيد نصرالله عضوا ً في القيادةفهو لم يكن حينها قد تجاوز ال22 ربيعا ً وكانت مسؤولياته الأولى تنحصر بتعبئةالمقاومين وإنشاء الخلايا العسكرية التي شكلت فيما بعد العنوان الأبرز في مقاومةالجيش الإسرائيلي جنوب لبنان .
بعد فترة تسلم نصرالله منصب نائب مسؤول منطقةبيروتالذي كان يشغله السيد إبراهيم أمين السيد أحد نوابحزباللهالسابقين فيالبرلماناللبناني وإستمر السيد نصرالله بالصعود داخل سلم المسؤولية في حزبالله فتولى لاحقا ً مسؤولية منطقةبيروتثم استُحدث بعد ذلك منصب المسؤول التنفيذي العام المكلّف بتطبيق قرارات "مجلسالشورى"، فشغله السيدنصر الله.
ولكن يبدو أن المسؤولية والمناصب لم تكن تستهوي السيد نصراللهبالقدر الكافي بل إن إهتمامه الحقيقي كان يتجه صوب تكملة دراسته الدينية ، ولذلكفإنه وبعد مدة غادر بيروت متجها ً نحوإيرانوتحديدا ً إلىمدينةقملمتابعة دروسهالدينية هناك ولكن التطورات الحاصلة على الساحة اللبنانية خصوصا ً لجهة النزاعاتالمسلحة بين حزب الله وأمل إضطرته للعودة مجددا ً للبنان . بعودته لم يكن لنصراللهمسؤولية محددة فمنصبه كمسؤول تنفيذي عام كان قد سـُلـِم للشيخ نعيم قاسم وهكذا بقينصرالله من دون منصب حتى إنتخاب السيد عباس الموسوي أمينا ً عاما ً فعين قاسم نائباً له وعاد حسن نصرالله لمسؤوليته السابقة .
أمين عام حزبالله
في عام1992إغتالتإسرائيلأمين عامحزباللهالسيدعباسالموسويفصار إلى إنتخابحسن نصرالله أمينا ً عاما ً للحزب بالرغم من أن سنه كان صغير على تولي هذهالمسؤولية ولكن يبدو أن صفات نصرالله القيادية وتأثيره الكبير على صفوف وأوساطقواعد حزب الله قد لعبت دورا ً مؤثرا ً في هذا الإتجاه وبالفعل فإن إنتخابه كان لهالأثر الأبرز في تثبيت وحدة الحزب بقوة بعد الضربة القاسية التي تلقاها لتوه. وفيذلك العام وبعد أشهر قليلة من إغتيال الأمين العام السابق الموسوي فإن حزب اللهإختار الدخول إلى قلب المعترك السياسي اللبناني فشارك في الإنتخابات النيابية التيجرت في ذلك العام وحصد عددا ً من المقاعد النيابية عن محافظتي الجنوب والبقاع وهذهالكتلة كبرت وإزدادت عددا ً في الإنتخابات النيابية اللاحقةأعوام 1996 و 2000 و 2005 وهي تعرف بإسم " كتلة الوفاءللمقاومة ". وفي عام1997فقد نصرالله إبنه البكر هادي في مواجهات دارت بين مقاتلي الحزبوالجيش الإسرائيلي في منطقة الجبل الرفيع جنوب لبنان .