|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 81994
|
الإنتساب : Apr 2015
|
المشاركات : 1,288
|
بمعدل : 0.37 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتدى القرآن الكريم
عقائد قرانية 10
بتاريخ : 30-08-2017 الساعة : 05:25 PM
الدرس العاشر: الموت وحقيقته
الموت حقيقة لا مفرَّ منها:
إن الموت هو حقيقة لا مفرَّ منها ولا مهرب وكل إنسان يُذعن بأن مصيره إلى التراب في اخر المطاف ولكن كثيراً من الناس يتعاملون مع الموت معاملة الشك مع أنهم لا يرتابون فيه، يقول الإمام الصادق عليه السلام: "ما خلق اللَّه عزَّ وجلَّ يقيناً لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه من الموت"1 وتضافرت الآيات الكريمة التي تتحدث عن حتمية الموت وأن اللَّه تعالى هو الواحد الباقي يقول تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْت﴾2.
﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ءوَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾3.
﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُون﴾4.
لا ملجأ من أمر اللَّه:
لكل أمة ونفس جعل اللَّه سبحانه وتعالى أجلاً وإذا جاء الأجل لا يمكن الهروب
99
منه يقول تعالى: ﴿وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيد﴾5.
ويقول تعالى: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُون﴾6.
ويحدثنا القرآن الكريم عن أولئك الذين يفرُّون من الموت ماذا أصابهم يقول تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ﴾7.
ويقول تعالى: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَة﴾8.
ويقول تعالى في سورة الجمعة: ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ﴾9.
حقيقة الموت:
الموت ليس زوالاً وانعداماً للإنسان بل هو الحياة الحقيقية لأن الإنسان خلق في هذه الدنيا ليبقى ويتكامل لا لينعدم ويزول يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "ما خلقتم للفناء بل خلقتم للبقاء وإنما تنقلون من دار إلى دار"10.
إنما هي الأرواح باقية حية في عالم آخر وفي دار غير هذه الدار وإن كل ما حصل بالموت هو أن الأرواح فارقت الأبدان، يقول تعالى: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون﴾11.
100
وقد سُئل الإمام الحسن عليه السلام ما الموت الذي جهلوه؟ فقال عليه السلام: "أعظم سرور على المؤمنين إذا نقلوا عن دار النكد إلى نعيم الأبد، وأعظم ثبور يرد على الكافرين إذا نقلوا عن جنتهم إلى نار لا تبيد ولا تنفد"12.
ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر والموت جسر هؤلاء إلى جنانهم وجسر هؤلاء إلى جحيمهم"13.
من يقبض الأرواح:
إن الآيات الواردة في هذا المجال على ثلاثة أقسام:
الأول: أن اللَّه تعالى هو الذي يقبض الأرواح، يقول تعالى: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا﴾14.
الثاني: أن الذي يتولى ذلك الملائكة لقوله تعالى: ﴿حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ﴾15 ويقول تعالى: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِين﴾16.
الثالث: أن الذي يتولى ذلك ملك الموت: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ﴾17.
ويشرح الإمام الصادق عليه السلام هذه الآيات المباركة، عندما سُئِل عنها قال عليه السلام: "إن اللَّه تبارك وتعالى جعل لملك الموت أعواناً من الملائكة يقبضون الأرواح، بمنزلة صاحب الشرطة له أعوان من الأنس يبعثهم في حوائجه، فتتوفاهم الملائكة
101
ويتوفاهم ملك الموت منهم مع ما يقبض هو ويتوفاها اللَّه عزَّ وجلَّ من ملك الموت"18.
لماذا الخوف من الموت:
إن للموت صورة مريعة عند عامة الناس، وإن لهذا الخوف منشأ ولم يأتِ من فراغ وبلا سبب. ويمكن تلخيص أسباب الخوف بالأمور التالية:
1- الجهل بحقيقة الموت وما ينتظر الإنسان بعد الموت، فلو عرف الإنسان حقيقة الموت وأنه ليس انعداماً وإنما هو قنطرة تعبر بنا من عالم إلى عالم وأن الحياة الحقيقية هي في الآخرة، لو علم الإنسان ذلك وكان من المؤمنين المطيعين فبالطبع سيزول عنده الخوف من الموت، لأن الموت هو مخلوق من قبل اللَّه تعالى كما أن الحياة مخلوقة كما عبّر اللَّه تعالى عنه وهذا التعبير يعني الإيجاد وليس الانعدام يقول تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾19.
2- ارتكاب الذنوب في عالم الدنيا: فإن الإنسان إذا قصَّر في واجباته وارتكب الذنوب والآثام ولم يطهِّر نفسه فإنه حتماً سيكره الموت ويخاف منه لأنه يخاف أن ينتقل من نعيم إلى جحيم يقول تعالى: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾20.
أما عن حال المؤمنين يقول تعالى: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون﴾21.
3- عمران الدنيا ونسيان الآخرة والتكاثر والتفاخر بالمال والبنين، يقول تعالى:
102
﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾22 ويقول تعالى: ﴿ألهكم التكاثر حتى زرتم المقابر﴾23.
وروي أن رجلاً جاء إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فقال يا رسول اللَّه ما لي لا أحب الموت، فقال: ألك مال قال: نعم، قال صلى الله عليه وآله وسلم: قد قدَّمته، قال: لا، قالا: فمن ثم لا تحب الموت24.
وقيل لأبي ذر رضوان الله تعالى عليه: ما بالنا نكره الموت، فقال: لأنكم عمرتم الدنيا وخربتم الآخرة فتكرهون أن تنتقلوا عن عمران إلى خراب25.
حال المؤمنين والظالمين عند سكرات الموت:
إن حال المؤمنين لا يشبه حال الظالمين عند حلول الموت وسكراته لأن نتائج أعمالهم واعتقاداتهم سوف تظهر تدريجياً في هذه اللحظة وتبدأ الحسرة والندامة أو الفرح والسرور.
حال الظالمين:
يقول تعالى: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * فَادْخُلُواْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِين﴾26.
توضح هذه الآية المباركة حال الظالمين كيف أنهم حتى عند الموت لم يكونوا خاضعين للَّه تعالى وكذبوا ونفوا أنهم كانوا يعملون السوء لذا أتى في ذيل الآية الكريمة ﴿بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيم﴾ ثم أمر بهم إلى النار.
103
ويقول تعالى: ﴿فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُم﴾27.
فالآية تبيِّن حالهم عند الموت بأن الملائكة تستقبلهم بالضرب على وجوههم وأدبارهم.
حال المؤمنين:
في قبال حال الظالمين يأتي المشهد الآخر وهو حال المؤمنين الذين يستقبلون الموت بكل اطمئنان يقول تعالى: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾28 وعندئذٍ ينادي منادٍ من قبل رب العزة من بطنان العرش يقول: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * إرْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً ءفَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾29.
104
خلاصة الدرس
الموت حقيقة لا مفرَّ منها ولا مهرب وكل إنسان يذعن أن مسيره إلى التراب ولكن كثيراً من الناس يتعاملون معه معاملة الريب والشك.
الموت ليس زوالاً وانعداماً للإنسان بل هو الحياة الحقيقية لأن الإنسان خلق في هذه الدنيا ليبقى ويتكامل لا لينعدم ويزول.
الآيات الواردة حول من يقبض الأرواح على ثلاثة أقسام:
1- إن اللَّه تعالى هو الذي يقبض الأرواح.
2- الذي يتولى ذلك الملائكة.
3- إن الذي يتولى ذلك ملك الموت.
إن للموت صورة مريعة عند عامة الناس وإن لذلك أسبابه ومناشئه.
للحفظ
سُئل الإمام الحسن عليه السلام: "ما الموت الذي جهلوه؟ فقال عليه السلام: أعظم سرور على المؤمنين إذا نقلوا عن دار النكد إلى نعيم الأبد، وأعظم ثبور يرد على الكافرين إذا نُقلوا عن جنتهم إلى نار لا تبيد ولا تنفد".
أسئلة حول الدرس
1- ما هي حقيقة الموت؟
2- لماذا يخاف الناس من الموت؟
3- من يتكفل بقبض الأرواح؟
4- كيف يكون حال الظالمين عند الموت؟
5- كيف يكون حال المؤمنين عند الموت؟
للمطالعة
الموت
عن الإمام الصادق عليه السلام بأسانيد كثيرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم لو أن مؤمناً أقسم على ربه عزَّ وجلَّ أن لا يميته ما أماته أبداً، ولكن إذا حضر أجله بعث اللَّه عزَّ وجلَّ إليه ريحين، ريحاً يقال لها المنسية، وريحاً يقال لها المسخية، فأما المنسية فإنها تنسيه أهله، وماله، وأما المسخية فإنها تسخي نفسه عن الدنيا حتى يختار ما عند اللَّه تبارك وتعالى.
وفي رواية فرات بن إبراهيم سئل الصادق عليه السلام عن المؤمن ايستكره على قبض روحه، قال لا واللَّه، قلت وكيف ذلك، قال لأنه إذا حضره ملك الموت جزع فيقول له ملك الموت لا تجزع فواللَّه لأنا أبرّ بك وأشفق من والد رحيم، لو حضرك افتح عينيك وانظر، قال ويتهلل له رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم ، وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب، والحسن والحسين، والأئمة من بعدهم والزهراء، قال فينظر إليهم فيستبشر بهم أفما رأيت شخوصه، قلت بلى، قال فإنما ينظر إليهم، قلت جعلت فداك قد يشخص المؤمن والكافر، قال ويحك إن الكافر يشخص منقلباً إلى خلفه لأن ملك الموت إنما يأتيه ليحمله من خلفه، والمؤمن أمامه وينادي روحه مناد من قبل رب العزة من بطنان العرش فوق الأفق الأعلى ويقول ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * إرْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ءوَادْخُلِي جَنَّتِي﴾ (الفجر: 29)، فيقول ملك الموت إني قد أمرت أن أخيّرك بين الرجوع إلى الدنيا والمضي فليس شيء أحب إليه من سلال روحه30.
إقرأ
روضة الواعظين
المؤلف: علي محمد بن الحسن بن علي أحمد ابن الفتال النيسابوري الفارسي الشهيد سنة 508هـ.
ذكر مؤلفه في مقدمته السبب الداعي لتأليفه فقال: ... فهممت أن أجمع كتاباً يشتمل على بعض كلام اللَّه تعالى ويدور على محاسن إخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويحتوي على جواهر كلام الأئمة عليهم السلام وأبوبه أبواباً ومجالس، وأضع كل جنس موضعه، فإنه لم يسبقني إليه أحد من أصحابنا إلى تأليف مثل هذا الكتاب، فكان التعب به أكثر والنصب أعم وأكثر وأنا إن شاء اللَّه أفتتح لكل مجلس منها بكلام اللَّه تعالى ثم بآثار النبي والأئمة عليهم السلام محذوفة الأسانيد، فإن الأسانيد لا طائل فيها إذا كان الخبر شائعاً ذائعاً ووقعت تسميته بـ(روضة الواعظين وبصيرة المتعظين).
وكتابنا هذا في جزءين خص المؤلف الجزء الأول، وهو يشتمل على ثلاثين مجلساً يتخللها بعض الأبواب والفصول بذكر ماهية العقول والعلوم والنظر ووجوب معرفة اللَّه تعالى وفساد التقليد في ذلك، والكلام في صفات الباري وخلق الأفعال والقضاء والقدر والعدل والتوحيد والنبوة والبعثة ومعجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتاريخه، ثم الإمامة وما يتعلق بها وتاريخ الأئمة عليهم السلام من أمير المؤمنين عليه السلام إلى الحسن العسكري عليه السلام مع تاريخ الزهراء ا. أما الجزء الثاني فيزيد على سبعين مجلساً، أتم في أوله الكلام في تاريخ الحجة عجل الله فرجه الشريف وإمامته، ثم ذكر في باقي مجالسه مناقب آل محمد وفضائل بعض الأعلام، ثم استعرض ذكر بعض الأحكام والأزمان والأماكن، وحتى القبور والقيامة والصراط والميزان والجنة والنار وغيرها. وقد طبع هذا الكتاب في إيران مراراً.
هوامش
1- من لا يحضره الفقيه، ج1، ص195.
2- العنكبوت: 97-57
3- الرحمن: 26.
4- الزمر: 30.
5- ق: 19.
6- الأعراف: 34.
7- البقرة: 243.
8- النساء: 78.
9- الجمعة: 8.
10- شرح أصول الكافي، ج6، ص70.
11- آل عمران: 169.
12- حق اليقين، ج2، ص89.
13- نفس المصدر السابق.
14- الزمر: 42.
15- الأنعام: 61.
16- النحل: 32.
17- السجدة: 11.
18- الذكرى (الشهيد الأول)، ص37.
19- الملك: 2.
20- النحل: 28.
21- النحل: 32.
22- الأنفال: 28.
23- التكاثر: 1 2.
24- حق اليقين، ج2، ص89.
25- نفس المصدر السابق.
26- النحل: 28 29.
27- محمد: 27.
28- النحل: 32.
29- حق اليقين، ج2، ص95 - الفجر: 29-30.
30- الكافي، ج3، ص127.
|
|
|
|
|