احسنت الاختيار سيدي الكريم وطيب الله تعالى انفاسك وجعلك وحشرك وايانا
مع سيد الموحدين وامام المتقين روحي لتراب نعليه الفداء
أما بعد
اسمح لي أستاذي الكريم بطرح بعض الأمور التي اتمنى على شخصك الكريم
أن تنورني بالأجابة عنها ولك مني كل الاأحترام والتقدير
اولا
أني رأيت هذا الموضوع في هذا المنتدى الكريم وفي منتدى الكفيل
بأسم أحدى الأخوات ولا أعلم هل نسخ الى مواقع أخرى أم لا
ولكون هذا الموضوع من أشد المواضيع العقدية حساسية لكوني أعتقد جازما
أن أهل البيت عليهم السلام وعلى رأسهم سيدي ومولاي المعظم
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
روحي لتراب نعليه الفداء
هم أكثر من ظلم تاريخيا وعلى مستوى شيعتهم قبل أعدائهم
لأن الشيعي والمحب الموالي يجب أن يكون على درجة عالية جدا من المعرفة بمن
ياخذ دينه منه وهذا ما اشار به المولى المقدس الى سلمان وأبا ذر عليهم الرحمة
وهي ذاتها محل أشكالاتك عليها
معرفته عليه السلام بالنورانية
أنا كتبت هذه السطور على عجالة وسأشير لبعض ما أعتقده أنه كان تناقضا في بعض مفردات
ما أشكلت عليه أستاذي الكريم , وأتمنى من جنابكم الفاضل تنويرنا به
أحد الامور التي أشكلت فيها على كلام الامام المقدس قوله عليه السلام
ومنها: قوله عليه السلام: (وقولوا في فضلنا ما شئتم، فإنّكم لا تبلغون
كنه ما فينا ولا نهايته، فانّ الله عزّ وجلّ قد أعطانا أكبر وأعظم ممّا يصفه واصفكم أو يخطر على قلب أحدكم، فإذا عرفتمونا هكذا فأنتم المؤمنون).
إذا كان المعنى أن لا أحد يعرف كنه معرفته، فإنّ العبارة يصعب قبولها، لأنّ الذي لا يُعرف كنهههو الله تبارك وتعالى، فقد روي في الحديث المرسل عن النبيّ صلّى الله عليه وآله أنّه قال: (لو عرفتم الله حقّ معرفته لزايلت بدعائكم الجبال الراسيات، ولا يبلغ أحد كنه معرفته، فقيل: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، الله أعلى وأجلّ أن يطلّع أحد على كنه معرفته). عوالي اللئالي للشيخ ابن أبي جمهور الأحسائي:4/132/225.
ويؤيّده ما جاء في دعاء يوم الإثنين من الصحيفة السجّاديّة: (وانحسرت العقول عن كنه معرفته).
أستاذي الفاضل
إذا كان المعنى أن
لا أحد يعرف كنه معرفته،
ومن ثم تردف بقولك :
لأن الذي لايعرف كنهه هو الله تعالى
وتستدل على ذلك
ولكن سيدي الفاضل
شتان مابين معرفتين وأنت سيد العارفين
فهناك
معرفة الصفات الذاتية
و
معرفة الصفات الفعلية
فأما الأولى
فهي الصفات التي يكون ثبوتها لله تعالى من خلال لحاظ الذات الإلهية فقط، ومن دون لحاظ أي شيء آخر
.
مثال ذلك: الحياة، العلم، القدرة
.
وهذه ممتنعة إلا من الذات الألهية المقدسة
وأما الثانية
وهي معرفة الصفات الفعلية :
وهي الصفات التي يكون ثبوتها لله تعالى من خلال لحاظ الأفعال الإلهية
.
أي: هي الصفات التي يتّصف بها الله من خلال الأفعال الصادرة عنه
.
مثال ذلك: الخالق، الرازق، الغافر
ومما لاشك ولا ريب فيه أن هذه الصفات قد وهبها الله تعالى
ليس فقط لأل بيت النبوة الكرام بل هي ثابتة للملائكة والانبياء والرسل
والشواهد على ذلك من القران العظيم كثيرة
ولكن على رأس ومقدمة الملائكة والأنبياء والرسل هم
محمد وأل محمد صلى الله عليه وآله وسلم
فهو القائل سبحانه وتعالى
قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا انزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لاولنا واخرنا واية منك وارزقنا وانت
خير الرازقين
من هم هؤلاء الرازقين المذكورين من قبله سبحانه وتعالى ؟
وكذلك :
ثم ردوا الى الله مولاهم الحق الا له الحكم وهو اسرع
الحاسبين
من هم هؤلاء الحاسبين المذكورين من قبله تعالى ؟
وكذلك :
قال رب اغفر لي ولاخي وادخلنا في رحمتك وانت
ارحم الراحمين
من هم هؤلاء الراحمين المذكورين من قبله تعالى ؟
بل الله مولاكم وهو خير
الناصرين
وكثير من الأدلة القرأنية التي تعاضد هذا الكلام
وتفسيره
ماجاء في دعاء الناحية المقدسة لإمامنا المفدى
روحي لتراب نعليه الفداء
كما جاء بالزيارة الرجبية قوله :
لافرق بينك وبينها إلا إنهم عبادك وخلقك
وكذلك ماورد عن الإمام الصادق عليه السلام قوله
لنا مع الله حالات نكون فيها
هو نحن ونحن هو
ولكن يبقى هو هو ونحن نحن !
ورد هذا الكلام في كتاب (الكلمات المكنونه) للفيض الكاشاني، وكتاب (مصباح الهداية) للسيد الخميني (قدس) حيث كان بصدد الرد على كلام الصوفية وتبيان المذهب الحق في المسألة.
وقولهم (عليهم السلام) هذا ليس فيه دلالة على ما ذكرت، فإن قوله: (لنا مع الله حالات هو فيها نحن ...) الخ، ناظر إلى حالات الإتحاد في الهوية، أي أنّ لنا مع الله تعالى حالات نكون في هذه الحالات لشدّة الإتصال به عزّ وجلّ والقرب منه كأننا هو، إذ تغيب إنياتنا في هذه الحالات لاندكاكها في عظمته، فنكون مظهراً لأمر الله وفعله، فإذا قلنا فالله تعالى هو القائل بنا وإذا فعلنا فالله تعالى هو الفاعل بنا، فبلحاظ هذه الحالات يكون فعلنا وقولنا فعل الله وقول مع أنه أجل وأعلى من أن يتحد بنا لأننا نحن وهو الله، وكذلك نكون كأننا الله عز وجل مع إننا عبيد له.
وعليه استاذي الفاضل
مايشير أليه الإمام المقدس أمير المؤمنين عليه السلام
بقوله ولن تبلغوا كنه معرفته
فهذه حقيقة لاغبار عليها لأنه عليه السلام يقصد معرفة
الصفات الفعلية لا الصفات الذاتية
وهذه الصفات الفعلية قد ثبت من القران الكريم
وأقوالهم عليهم السلام
أتحادها بينهم وبين الله تعالى تقدست اسمائه الحسنى
فهم يملكون مايملك سبحانه وتعالى من صفات الأفعال
وبذلك صاروا مظهرا له سبحانه وتعالى
وهو يملكهم لأنهم خلقه وعبيده
وهنا أستحالة معرفة كنههم كما قال عليه السلام
وليس من الصحة بمكان أن نرد كلام الإمام المقدس
من دون تدقيق وتمحيص
ومن نحن لكي نفعل ذلك
فإذا كان أحد أنبياء أولي العزم وهو كليم الله تعالى
موسى على نبينا وآله وعليه السلام
لم يكن قادرا على بلوغ كنه فعل الخضر عليه السلام
فهل نحن قادرين على معرفة كنه
أمير الموحدين
سر الله , وعيبة علم الله , وخازن علم الله
وأسم الله الاعظم , وجنب الله , ويد الله , ونبأه العظيم
وعدنا ايها الأستاذ الفاضل ان لنا رجعة على موضوعكم القيم
حديث المعرفة بالنورانية
واستكمالا لما سقناه من قبل نقول بعد الاستعانة بالله تعالى
جنابكم الكريم أستفتحت كلامك بالموضوع بهذا الحديث الشريف
إعقلوا الخبر إذا سمعتموه عقل رعاية لا عقل رواية
من هنا أنا أسألك أستاذي الكريم
هل يجوز أن نجتزأ كلام السادة العظام من الذوات المقدسة
وعلى رأسهم مولانا المفدى المقدس
أمير المؤمنين عليه السلام روحي لتراب نعليه الفداء ؟
بمعنى نأخذ ما نشاء ونترك ما نشاء أم هو كلامهم حكمه حكم
القران الكريم يفسر بعضه بعضا كما جاء بصريح كلامهم عليهم السلام , كيف لا والإمام علي هو القران الناطق
وعلى هذا الأساس كلمة
إعقلوا
كلمة شمولية لكل حديثهم عليهم السلام دون أجتزاء
ومن هنا سيدي الفاضل
جنابك الكريم أخذت العبارة التالية وبنيت عليها حكما وأستنتاجا :
قال صلوات الله عليه: مرحبا بكما من وليّين متعاهدين لدينه لستما بمقصّرين، لعمري أنّ ذلك الواجب على كلّ مؤمن ومؤمنة، ثمّ قال صلوات الله عليه: يا سلمان ويا جندب! قالا: لبيك يا أمير المؤمنين، قال عليه السلام: إنّه
لا يستكمل أحد الايمان حتّى يعرفني كنه معرفتي بالنورانيّة، فإذا عرفني بهذه المعرفة فقد امتحن الله قلبه للإيمان وشرح صدره للإسلام وصار عارفاً مستبصراً، ومن قصر عن معرفة ذلك فهو شاكّ ومرتاب...لا تجعلو
أما أعتراضك وأستنتاجك كان :
منها: قوله عليه السلام: (ومن قصر عن معرفة ذلك فهو شاكّ ومرتاب).
لم يرد في النصوص المعتبرة أنّ من لم يعرف المعصوم بهذه المعرفة النورانيّة فهو شاكّ ومرتاب، بل هذا يتقاطع مع الكثير من النصوص المعتبرة الحاكية بأنّ الاعتقاد بأهل البيت عليهم السلام أنّهم مفترضوا الطاعة ومعصومون يعدّ من الإيمان، وأنّ هذه المعرفة كافية مجزية، سواء كان المعنى منها أنّ معرفة الموالي يلزم أن تكون معرفة نورانيّة أو أنّه يلزم الموالي معرفة إمامه المعصوم بحقيقته النورانيّة.
وهنا سيدي الفاضل كان محط أبتلاء الأمة بأكملها إلا مارحم ربي
وهو كما تقول نصا :
بأن الاعتقاد بأهل البيت عليهم السلام أنهم مفترضوا الطاعة
ومعصومون يعد
من الأيمان
ولكن سيدي الفاضل جنابك الكريم لم تركز ولم تتطرق لأهم عبارة
في قول مولانا المقدس عليه السلام وهو قوله :
إنّه لا يستكمل أحد الايمان
وكلمة لايستكمل
تشير بوضوح تام أن اليمان ليس مرتبة واحدة بل هو عدة مراتب !!
ومن يعرف الإمام بالمعرفة النورانية يجب عليه أن يقطع درجات تلك المراتب فيصل إلى أعلاها وكما وصفها الإمام المقدس
لايستكمل
فإذا ما أستكملها فهو مؤمن كامل الإيمان ويكون مؤهلا لأن يعرف إمامه بالمعرفة النورانية
في حين أن جنابك الكريم قلت :
بأنّ الاعتقاد بأهل البيت عليهم السلام أنّهم مفترضوا الطاعة ومعصومون يعدّ من الإيمان،
ولكن سيدي الكريم
أوليس الأعتقاد يقع كذلك على عدة مراتب
أعتقاد بالجنان
و
تصديق باللسان
و
عمل بالأركان
كما قسمه المولى المقدس عليه السلام
فهل مجرد الأعتقاد بمعصومية الإمام وكونه مفترض الطاعة
تجعل من المؤمن كامل الإيمان !
هذا مانفاه مولانا المقدس أمير المؤمنين عليه السلام
وجعل المعرفة النورانية هي نهاية سلم الإيمان
وليس
(( من الإيمان ))
كما ورد في عبارتك أعلاه ف (( من )) تبعيضية
وصار مجرد الأعتقاد جزء من الإيمان وليس كله
وهنا أرى من المناسب أن أستشهد بواقعة شهودها هم نفسهم رواة هذا الحديث سلمان وأبار ذر عليهم رضوان الله تعالى
يروى أن في يوم من الأيام سأل النبي المعظم
محمد بن عبد الله
صلى الله عليه وآله وسلم روحي لتراب نعليه الفداء
سأل أبو ذر عليه الرحمة فقال له :
((
لو أن الحسن والحسين جاؤك فأخبروك أنهم تركوا أباهم الإمام
علي يشرب الخمر فماذا تقول ؟؟
قال أبو ذر
يارسول الله إن مولاي علي لايفعلها
فقال الرسول المعظم
صلى الله عليه وآله وسلم :
صدقت يا أبا ذر أنت على الإيمان
ثم جاء من بعد ذلك سلمان عليه الرحمة
فقال له الرسول المعظم
صلى الله عليه وآل نفس السؤال
فقال سلمان :
أصدقهما (( أي الحسن والحسين )) وأذهب
لأشرب الخمر مع مولاي الإمام علي عليه السلام !!!
هنا قال له الرسول المعظم
صلى الله عليه وآله :
لقد أستكملت مراتب الإيمان ياسلمان !!
هنا قال له الرسول المعظم لسلمان
أستكملت
وفي حديث النورانية يقول له المولى المقدس :
لايستكمل
أوليس ابا ذر مؤمن من خيرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين , أوليس هو يعتقد بمعصومية الإمام الحسن والحسين ومن قبلهما بمعصومية الإمام علي عليه السلام ؟
لماذا أعتقاده هذا لم يجعله يصل لمرتبة سلمان عليه الرحمة ؟
هنا يأتي تفصيل ماقلناه سابقا أستاذي الفاضل
أن الأعتقاد مراتب
أعتقاد بالجنان
وتصديق باللسان
وعمل بالأركان
ففي هذا الحديث الشريف كان موقف سلمان هو الأقرب لكمال الإيمان
بسبب
أولا
من طرح التسائل هو الساحة القدسية المحمدية
صلى الله عليه وآله وسلم
وهو معصوم مفترض الطاعة
وناقل الخبر
الحسن والحسين عليهما السلام
وهما معصومين مفترضي الطاعة
وصاحب الفعل هو
الإمام علي عليه السلام وهو معصوم ومفترض الطاعة
حسب أجابة أبا ذر
يكون هناك من دون قصد ودراية تكذيب لأحد الأطراف الثلاثة المقدسة ؟؟
في حين في جواب سلمان عليه الرحمة
كان تصديق للذوات المقدسة جميعا
هنا يأتي دور أستكمال الإيمان وصحة الأعتقاد
أما مجرد الأعتقاد لايوصلنا لمرتبة النورانية التي وصلها
سلمان عليه الرحمة كما قال له نبينا المقدس
صلى الله عليه وآله وسلم
وعليه ورد في الحديث المشهور عن مولانا المقدس أمير المؤمنين
عليه السلام روحي لتراب نعليه الفداء عن العلاقة بين سلمان وأبا ذر
قوله عليه السلام :
لو كان أبا ذر يعلم مابداخل سلمان من علم
لكفرهُ ثم لقتله !!
الى هنا أكتفي بهذا القدر سيدي الفاضل ولي رجعة أخرى أن شاء الله تعالى