|
المستبصرون
|
رقم العضوية : 82284
|
الإنتساب : Sep 2015
|
المشاركات : 124
|
بمعدل : 0.04 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى العقائدي
الجاحظ و الخلافة بالنظر
بتاريخ : 22-03-2016 الساعة : 10:52 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آله
السلام عليكم
من كتاب مجموع رسائل الجاحظ. حقق نصوصه و قدم لها و علق عليها الدكتور محمد طه الحاجري . الطباعة . دار النهضة العربية . بيروت لبنان.. بيروت 1983 صفحة( 63 الى 67) { [...].حتى أدركنا العلم ، فطلبنا معرفة الدين و أهله ، و أهل الصدق و الحق، فوجدنا الناس مختلفين، يبرأ بعضهم من البعض ، و يجمعهم في حال اختلافهم فريقان:أحدهما قالوا: أن النبي ، صلى الله عليه و آله ، مات و لم يستخلف أحدا، و جعل ذلك الى المسلمين يختارونه، فاختاروا أبا بكر، و الآخرون قالوا: أن النبي ، صلى الله عليه و آله ، اِستخلف عليًا ، فجعله إماما للمسلمين بعده . و أدعى كل فريق منهم الحق. فسألناهم جميعا، هل للناس بدّ من وال يقيم عبادتهم، و يزكي زكاتهم، و يفرقها على مستحقيها، و يقضي بينهم، و يأخذ لتضعيفهم من قوتهم، و يقيم حدودهم؟ فقالوا : لا بد من ذلك. فقلنا: هل لأحد أن يختار واحدا فيوليه، بغير نظر في كتاب الله، و سنة نبيه، صلى الله عليه و سلم، ؟ فقالوا لا يجوز ذلك إلا بنظر. فسألناهم جميعا عن الاِسلام الذي امر الله به ، فقالوا: اِنه الشهادتان، ة الإقرار بما جاء الله به، و الصلاة و الصوم و الحج، بشرط الاِستطاعة، و العمل بالقرآن .يحلّ حلاله و يحرم حرامه فقلنا ذلك منهم. ثم سألناهم جميعا : هل الله خيرة في خلقه ، اصطفاهم و اختارهم؟ فقالوا: نعم! فقلنا ما برهانكم؟ قوله تعالى و ربك يخلق ما يشاء و يختار،ما كان لهم الخيرة من أمرهم). فسألناهم : من الخيرة؟ فقالوا : هم المتقون. فقلنا ما برهانكم؟ قالوا: قوله تعالى: ( اِن أكرمكم عند الله أتقاكم). فقلنا : هم خيرة المتقين؟ قالوا: نعم ، المجاهدون بأموالهم، بدليل قوله تعالى: فضل الله المجاهدين بأموالهم و أنفسهم على القاعدين درجة). فقلنا هل لله خيرة من المجاهدين؟ قالوا : نعم، السابقون من المهاجرين الى الجهاد، بدليل قوله تعالى : (لا يستوي منكم من أنفق من قبل و قاتل) الآية[1] فقلنا ذلك منكم ، لإجماعهم عليه ،و علمنا أن خيرة الله من خلقه المجاهدون السابقون الى الجهاد. ثم قلنا: هل لله خيرة ؟ فقالوا: نعم! قلنا: من هم؟ قالوا : أكثرهم غناء في الجهاد، و طعما و ضربا و قتلا في سبيل الله، بدليل قوله تعالى : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ) ، ( و ما تقدموا لاْنفسكم من خير تجدوه عند الله) ، فقبلنا ذلك منهم و عرفناه. و علمنا أن خيرة الخيرة أكثرهم في الجهاد غناء ، و أبذلهم لنفسه في طاعة الله، و أقتلهم لعدوه. فسألناهم عن هذين الرجلين: علي بن أبي طالب ، عليه السلام، و أبي بكر، أيهما كان أكثر غناء في الحرب، و أحسن بلاء في سبيل الله؟ فأجمع الفريقان على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه كان أكثر طعنا و ضربا، و أشد قتالا، و أذبﱠ عن دين الله و رسوله ، صلى الله عليه و سلم، فثبت بما ذكرناه من اِجماع الفريقين، و دلالة الكتاب و السنة اِن عليا عليه السلام أفضل. و سألناهم ثانية عن خيرة من المتقين، فقالوا هم الخاشون ، بدليل قوله تعالى و أزلفت الجنة للمتقين غير بعيد) اِلى قوله : (من خشي الرحمن بالغيب)[2] و قال تعالى أعدت للمتقين الذين يخشون ربهم ) ، ثم سألناهم : من الخاشون ؟ فقالوا : هم العلماء، لقوله تعالى: ( اِنما يخشى الله من عباده العلماء ) . ثم سألناهم جميعا : من أعلم الناس قالوا: أعلمهم بالقول ، و أهداهم الى الحق ، و أحقهم أن يكون متبوعا ، و لا يكون تابعا، بدليل قوله تعالى: (يحكم به ذوا عدل منكم)، فجعل الحكومة الى اهل العدل. فقبلنا ذلك منهم. ثم سألناهم عن أعلم الناس بالعدل، من هو؟ قالوا: أدلهم عليه. فقلنا : فمن أدل الناس عليه؟ قالوا: أهداهم الى الحق ،و أحقهم أن يكون متبوعا، بدليل قوله تعالى: ( أفمن يهدي الى الحق...)[3]. فدل كتاب الله ، و سنة نبيه عليه السلام ، و الإجماع ، أن أفضل الأمة بعد نبيها أمير المؤمنين علي بن ابي طالب، عليه السلام، لأنه اِذا كان أكثرهم جهادا كان أتقاهم ، و اِذا كان أتقاهم كان أخشاهم ، و اِذا كان أخشاهم كان أعلمهم، و اِذا كان أعلمهم كان أدل على العدل، و اِذا كان أدل على العدل كان أهدى الى الحق، و اِذا كان أهدى كان أولى أن يكون متبوعا و أن يكون حاكما لا تابعا و لا محكوما عليه. و أجمعت ألأمة بعد نبيها أنه خلّف كتاب الله ، تعالى ذكره؛ و أمرهم بالرجوع اِليه، اِذا نابهم أمر، و الى سنته ، صلى الله عليه و سلم، فيتدبرونهما و يستنبطون منهما ما يزول به الاِشتباه . فاِذا قرأ قارئهم : ( و ربك يخلق ما يشاء و يختار) ، فيقال له : أثبتها، ثم قرأ : ( اِن أكرمهم عند الله أتقاهم)، و في قراءة ابن مسعود: ( اِن خيركم عند الله أتقاكم) ، ثم يقرأ : ( و أزلفت الجنة للمتقين غير بعيد، هذا ما تو عدون لكل أواب حفيظ، من خشي الرحمن بالغيب) . فدلت هذه الآية على أن المتقين هم الخاشون؛ ثم يقرأ حتى اِذا بلغ الى قوله تعالى : ( اِنما يخشى الله من عباده العلماء)، فيقال له : اِقرأ حتى ننظر : هل العلماء أفضل من غيرهم أم لا، حتى اِذا بلغ الى قوله تعالى: (هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون)، علم أن العلماء أفضل من غيرهم. ثم يقال ، اِقرأ ، اِذا بلغ الى قوله تعالى( يرفع الله الذين آمنوا منكم و الذين أوتوا العلم درجات) ، قيل : قد دلت هذه الآية على أن الله تعالى قد أختار العلماء و فضلهم و رفعهم درجات. و قد أجمعت الأمة على أن العلماء ، من أصحاب الرسول ،صلى الله عليه و سلم، الذين يؤخذ عنهم العلم كانوا أربعة: علي بن ابي طالب ، عليه السلام، و عبد الله بن العباس، و ابن مسعود ، و زيد بن ثابت، رضي الله عنهم ، و قالت طائفة : عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه. فسألنا الأمة : من أولى الناس بالتقديم اذا حضرت الصلاة؟ فقالوا: ان النبي ، صلى الله عليه و سلم، قال ((يؤم الناس أقرؤهم )) ، ثم أجمعوا على أن الأربعة كانوا أقرأ لكتاب الله من عمر. فسقط عمر. ثم سألنا الأمة أي هؤلاء الأربعة أقرأ لكتاب الله، و أفقه بدينه؟ فاختلفوا ، فوقفناهم حتى نعلم. ثم سألناهم : أيهم أولى بالإمامة فأجمعوا على أن النبي ، صلى الله عليه و سلم، قال: (( الأئمة من قريش))، فسقط ابن مسعود و زيد بن ثابت . و بقي علي بن أبي طالب و ابن عباس. فسألنا : أيهما أولى بالإمامة ؟ فأجمعوا على النبي ، صلى الله عليه و سلم، قال: (( اِذا كان عالمين فقيهين فأكبرهما سنا ، و أقدمهما هجرة فسقط عبد الله بن عباس ، و بقي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، صلوات الله عليه . فيكون أحق بالإمامة ، لما أجمعت عليه الأمة ، و لدلالة الكتاب و السنة عليه.
[1] . (وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا ۚ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) الحديد 10
[2] . وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ(33)
[3] . (مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ ۚ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ ۗ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَىٰ ۖ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) يونس 35
|
|
|
|
|