نعم، إنّ النفس البشرية ميالة إلى الشهوات والملذات، والذي يعصمها عن ذلك هو الإيمان بالله عزّ وجلّ واتباع ما أمرنا به واجتناب ما نهى عنه، لكي يعيش الإنسان حياة مطمئنة آمنة، قانعاً بما قسم الله عزّ وجلّ له، بعيداً عن المعاصي والخبائث التي تلحق الأذى بالنفس البشرية الكريمة، كالمخدرات التي تؤدي إلى الادمان.
والادمان هو إستعمال أو إدخال مواد إلى الجسم بصورة مستمرة دون حاجة علاجية إليه، بحيث يصبح الشخص معتمداً عليها ويعتقد انّه لا يستطيع العيش بدونها،
من هذا المنطلق نود أن نوضح بعض الأضرار التي يسببها الادمان:
1- الأضرار الاقتصادية:
من البديهي إنّ الذي يتعاطى المخدرات يحتاج إلى المال لشراء تلك السموم التي يدخلها إلى جسمه، فإذا كان غنياً فإنّه يفقد البركة من ماله، لأنّه يصرفه في المعصية، وإذا كان فقيراً فإنّه يحرم نفسه ومن يعيل، في سبيل ارضاء غريزته، وقد يضطر إلى النصب أو الاحتيال أو السرقة في سبيل الحصول على المخدرات، مما يؤدي به إلى الهلاك والضياع، ولقد حذرنا الله عزّ وجلّ من ذلك بقوله: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (البقرة/ 195).
كما إنّ المخدرات تحد من قدرة متعاطيها على العمل والعطاء واداء واجباته الوظيفية، بسبب ضعف الذاكرة وعدم الإحساس بالوقت وصعوبة القدرة على القيام بالأعمال التي تتطلب التركيز أو الاستجابة السريعة، مثل قيادة السيارات أو تشغيل الأجهزة الخطرة أو التركيز على الدراسة.
كذلك فإنّ المخدرات تُكّلف خزينة الدولة مبالغ كبيرة من أجل مكافحتها والحد من إنتشارها، فتُجند الأشخاص وتصرف الأموال، لمكافحة المخدرات وتنشيء المصحات النفسية لعلاج المدمنين، بينما الدولة بأمس الحاجة لهذا المال لتنفقه على التعليم والصحة، وما يعود بالخير على المجتمع، وهذا يعني إنّ الضرر الاقتصادي للمخدرات يؤثر تأثيراً مباشراً على الفرد وعلى الدولة.
2- الأضرار النفسية والجسدية:
إنّ الإدمان يؤدي إلى نوع من الخضوع والاذلال والاستهتار بكرامة الإنسان، لأنّه يصبح عبداً لهذه المادة التي يتعاطاها، والتي تؤدي أيضاً إلى اضطراب بالتفكير والخوف من المجتمع حتى لا ينكشف أمره، فيصبح منبوذاً ممن هم حوله، مما يشعره بالاكتئاب والعزلة، فيهرب من مجتمعه ليزيد كمية المادة التي يستعملها، وبذلك يهزل جسمه، وينشلُّ تفكيره، ويكون عرضة للأمراض الجسدية والنفسية.
ب- المشكلات الأسرية التي قد يكون الادمان سبباً لوجودها أو قد يكون الهروب منها سبباً للإدمان، وإليكم هذه الحادثة.
روى لي أحد الأشخاص – وكان مدمناً على المخدرات – انّه خرج من بيته ذات ليلة بعد شجار مع زوجته بسبب تعاطيه المخدرات وركب سيارته وقضى ليلته بأحد النوادي الليلية، وفي طريق عودته بعد منتصف الليل لم يستطع السيطرة على سيارته نتيجة تأثير المخدرات، وشعر انّه يطير في الجو، ولم يصح من طيرانه الا بالمستشفى بعد يومين من الغيبوبة الناتجة عن تدهور السيارة التي خسرها، وكذلك أصيب بجرح في وجهه وتساقط في أسنانه، ويسر الله له طبيباً مؤمناً نصحه بالإقلاع عن المخدرات وقد لمس نتيجة تعاطيها، فأخذ بالنصيحة وبدأ الصلاة وعاهد الله عزّ وجلّ على التوبة وترك طريق الشر والتماس طريق الخير عملا بالآية الكريمة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ) (التحريم/ 8).
ج- الغنى الزائد الذي لا تواكبه مخافة الله عزّ وجلّ، فهو يوقع صاحبه بالترف والإدمان على المخدرات، فيكون ماله بذلك عدوا له، مصداقاً لقوله تعالى: (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) (التغابن/ 15).
أخيراً، نصيحتي لمن يتعاطى المخدرات أن يقلع عنها دون تأخير، ويتقي الله في نفسه، وليراجع اختصاصي الطب النفسي ليساعده على الخلاص منها بإذن الله،
والله الهادي إلى سواء السبيل.