أخلاق أولياء الله وتزيده في حبنا لهم والتقرب الی الله عزوجل بمودتهم.
معکم في هذا اللقاء وأربع حکايات قصيرة لکل منها هداية بليغة تعرفنا بأخلاق أولياء الله وتزيده في حبنا لهم والتقرب الی الله عزوجل بمودتهم.
لنبدأ بالحکاية الأولی فقد روي عن انس بن مالک انه قال: کنت مع النبي (صلی الله عليه وآله)، وعليه برد غليظ الحاشية، فجبذه اعرابي بردائه جبذة شديدة حتی أثرت حاشية البرد في صفحة عاتقه (صلی الله عليه وآله)، ثم قال: يا محمد احمل لي علی بعيري هذين من مال الله الذي عندک، فإنک لا تحمل لي من مالک ولا مال أبيک. فسکت النبي (صلی الله عليه وآله)، ثم قال: المال مال الله، وأنا عبده.
ثم قال: ويقاد منک يا أعرابي ما فعلت بي يعني القصاص منه بمثل ما أحدثه علی عاتفه (صلی الله عليه وآله)، أجابه الإعرابي: لا.
قال (صلی الله عليه وآله): ولم؟
قال: لأنک لا تکافيء بالسيئة السيئة.
فضحک النبي (صلی الله عليه وآله) ثم أمر أن يحمل له علی بعير شعير، وعلی الآخر تمر.
ننقل لکم من کتاب عيون أخبارالرضا (عليه السلام) الحکاية التالية وفيها هداية الی العلامات المميزة لأئمة الحق وخلفاء رسول الله (صلی الله عليه وآله)، فقد حکی العبد الصالح الريان بن الصلت قال: لما أردت الخروج إلی العراق وعزمت علی توديع الرضا (عليه السلام) قلت في نفسي: إذا ودعته سألته قميصا من ثياب جسده لأکفن به، ودراهم من ماله أصوغ بها لبناتي خواتيم فلما ودعته شغلني البکاء والأسف علی فراقه عن مسألة ذلک فلما خرجت من بين يديه صاح بي: يا ريان ارجع.
فرجعت فقال لي: أما تحب أن أدفع إليک قميصا من ثياب جسدي تکفن فيه إذا فنی أجلک؟ أو ما تحب أن أدفع إليک دراهم تصوغ بها لبناتک خواتيم؟
فقلت: يا سيدي قد کان في نفسي أن أسألک ذلک فمنعني الغم بفراقک فرفع (عليه السلام) الوسادة وأخرج قميصا فدفعه إلی ورفع جانب المصلی فاخرج دراهم فدفعها إلي وعددتها فکانت ثلاثين درهما.
الحکاية الثالثة في هذا اللقاء من برنامج حکاية وهداية فهي مستقاة من سيرة أحد خريجي مدرسة أهل بيت النبوة (عليهم السلام) فقد حکي ان مالک الأشتر (رحمه الله ) کان مجتازا بسوق وعليه قميص خام، وعمامة منه، فرآه بعض السوقة فأزری بزيه، فرماه ببندقة تهاونا به، فمضی ولم يلتفت.
فقيل له: ويلک أتعرف لمن رميت؟!
فقال: لا.
فقيل له: هذا مالک صاحب أمير المؤمنين (عليه السلام).
فارتعد الرجل، ومضی إليه ليعتذر إليه، وقد دخل مسجداً وهو قائم يصلي فلما انفتل انکب الرجل علی قدميه يقبلهما.
فقال: ما هذا الأمر؟
فقال: اعتذر إليک بما صنعت.
فقال: لا بأس عليک، والله ما دخلت المسجد إلا لأستغفرلک.
وأخيراً ننقل لکم هذه الحکاية القصيرة التي تحمل عبرة کبيرة، فقد روي انه لما اجتمع يعقوب مع يوسف (عليهما السلام) قال: يا بني حدثني بخبرک؟
فقال له: يا أبت لا تسألني عما فعل بي إخوتي، واسألني عما فعل الله بي.