بسم الله الرحمن الرحيم
تحية طيبة
اود ان تقبلوني معكم ومناقشتكم في بعض المواضيع التي قد اراها محيرة بالنسبة لي على الاقل
اود ان اتكلم عن يوم عاشوراء
انا من الاشخاص الذي يصوم عاشوراء ولله الحمد وبعض الاحيان اجلس على التلفاز وابدا بمشاهدة اناس يضربون بعضهم بالحديد والسيوف وارى الدماء على اجسادهم وعلى الطرقات وارى ايضا الاطفار وقد ذرفت منهم الدماء من رؤوسهم
اقول في نفسي ما هذا وماذا يفعلون ولماذا يفعلون هذا وكيف يستطعون ان يتحملوا هذه الالام وكيف لرجل له قلم ان يقوم بضرب ابنه بالسيف في مقدمة راسة وتسيل منه الدماء بهذه الطريقة وسألت وسألت واستفسرت وناقشت وحللت الى ان توصلت ان هؤلاء شيعة ويفعلون هذا حزنا واسفا على سيدنا الحسين رضي الله عنه .
اعترف بأني جاهل في هذه الامور ولكن اريد ان اصل الى الحقيقة وهل ان ايذاء الجسد بهذه الطريقة مقبول دعوني اقول عقلانيا
بسمه تعالى
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم الى ما بعد يوم الدين . .
إنّ المثل العليا والقيم السامية التي جسّدها
الإمام الحسين(عليه السلام) في الطفّ،
جعلت السائرين على نهجه والمرتبطين به يحيون ذكراه، وينشرون مآثره، باعتبارها خير أُسوة يتأسّى بها الناس.
فإحياء الذكريات التي تمثّل منعطفاً بارزاً، وتحوّلاً نوعياً في حياة الأُمم، أمر طبيعي وغير مستهجن؛ لأنّه نابع من ذات الإنسان، ومتّصل بفطرته، كما أنّ الأيّام تعتبر مزدهرة وخالدة، ومتّصفة بالتميّز لوقوع الحوادث العظيمة فيها.
وأيّ حادثة أعظم من واقعة كربلاء؟!
لقد بقيت هذه الواقعة معلماً شاخصاً في التاريخ؛ لما جرى فيها من فجائع من جهة، ولما رسمت فيها من صور مشرّفة من جهة أُخرى. فالشيعة يقيمون هذه المآتم، ويحيون هذه الذكرى الأليمة من هذا المنطلق، ومن منطلقات عديدة أُخرى، منها:
أولاً: امتثال أمر الله تعالى، القاضي بمودّة العترة الطاهرة؛ إذ قال تعالى:
بهذا المصاب الجلل من أظهر مصاديق المودّة، فرسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بكى على الإمام الحسين(عليه السلام)، وهو لم يزل في سنيّ الطفولة.
فقد ورد عن عائشة أنّها قالت:
ثمّ خرج [رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)] إلى أصحابه، فيهم عليّ وأبو بكر، وعمر، وحذيفة، وعمّار، وأبو ذر(رضي الله عنهم)، وهو يبكي، فقالوا: ما يبكيك يا رسول الله؟!
فقال: (أخبرني جبريل، أنّ ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطفّ، وجاءني بهذه التربة، وأخبرني أنّ فيها مضجعه)
ثانياً: نحن نقيم هذه الشعائر لأنّ فيها نصرةً للحقّ وإحياءً له، وخذلاناً للباطل وإماتةً له، وهذا الأمر من أجله أوجب الله تعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ثالثاً: إنّ إحياءنا لهذه الذكرى، حفظ لها من الضياع، وصون لمبادئها من التزييف، ولولا ذلك لاضمحلّت، وخَبَت جذوتها، ولأنكرها المخالفون، كما حاولوا إنكار غيرها!!
رابعاً: بإقامتنا لهذه الشعائر - لاسيّما المجالس الحسينية - نكشف عن منهج مدرستنا، هذه المدرسة الجامعة لمختلف الطبقات والفئات، إذ يعرض فيها التفسير والتاريخ، والفقه والأدب، و... فهي مؤتمرات دينية، تُطرح فيها مختلف المعارف والعلوم.
خامساً:إنّ إحياءنا لهذه الشعائر، هو أفضل وأبسط وأنجح وسيلة لنشر الإسلام الأصيل؛ لأنّها حيّة وغير معقّدة، ولذلك كانت ولا زالت أشدّ تأثيراً في النفوس!
فالإحياء والمشاركة والتنمية لشعائر الحسين(عليه السلام) إحياء لذكر رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، لأنّه قال: (حسين منّي وأنا من حسين) فهما(عليهما السلام) من سنخ واحد، وإحياء ذكرى النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) إحياء للدين، باعتباره الرمز الأوّل للإسلام.
مجمع الزوائد 9: 188كتاب المناقب مناقب الحسين بن عليّ، المعجم الكبير 3: 107 حديث (2814) ترجمة الإمام الحسين بن عليّ، كنز العمّال 12: 123 حديث (3429) كتاب الفضائل، فيض القدير 1: 266، ينابيع المودّة 3: 10 الباب (60).
كامل الزيارات: 116 الباب (14)، مسند أحمد بن حنبل 4: 172 حديث يعلى بن مرّة الثقفي، سنن الترمذي 5: 324 حديث (3864) مناقب أبي محمّد الحسن بن عليّ، المستدرك على الصحيحين 3: 177 فضائل الحسين بن عليّ، المصنّف لابن أبي شيبة 7: 515 ما جاء في الحسين بن عليّ، صحيح ابن حبّان 15: 428 مناقب الحسن والحسين، المعجم الكبير 3: 33 و 2: 274 بقية أخبار الحسن بن عليّ.
ونحن نبكي على الإمام الحسين(عليه السلام)، ونقيم المأتم عليه؛ لأنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بكى على الإمام الحسين(عليه السلام) قبل استشهاده، لمّا أخبره جبرائيل بما سيجري على الإمام الحسين(عليه السلام).
أيبكي رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) قبل الفاجعة، ونحن لا نبكي بعدها؟!
ما هذا شأن المتأسّي بنبيّه، والمقتصّ لأثره!!!!!؟
إنّ ترك الحزن والبكاء على الحسين(عليه السلام) خروج عن قواعد المتأسّين، بل عدول عن سنن النبيّين. .
يستيقظ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو يبكي، فتقول له عائشة: ما يبكيك؟
فيقول: (إنّ جبريل أراني التربة التي يقتل عليها الحسين... فقال: يا عائشة والذي نفسي بيده، إنّه ليحزنني، فمن هذا من أُمّتي [الذي] يقتل حسيناً بعدي؟!) فنحن نهتمّ بالحسين(عليه السلام) لاهتمام النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) به، ونبكي عليه لبكاء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) عليه، ونحزن عليه لحزن النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) عليه.
وأمّا اللطم وغيرها من الشعائر فإنّه من مظاهر الحزن والعزاء، وكلّ شيء يُعدّ عرفاً من مظاهر الحزن والعزاء على الحسين(عليه السلام) فإنّه يدخل تحت عمومات الحزن على الحسين(عليه السلام).
المصنّف لابن أبي شيبة 8: 632 حديث (258) كتاب الفتن، مسند ابن راهويه 4: 131 ما يروي أهل الكوفة عن الشعبي، المعجم الكبير 3: 109 و 23: 328، كنز العمّال 13: 657 حديث (37668) كتاب الفضائل.
(3) ترجمة الإمام الحسين لابن عساكر: 262 حديث (230)، تاريخ مدينة دمشق 14: 195 ترجمة الإمام الحسين، ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام) من طبقات ابن سعد: 46 حديث (271).