اختلفت الروايات في اسم السفياني على قلتها, ولعل الاختلاف والتضارب يعود إلى عدم أهمية الاسم بدرجة كبيرة بعد الاتفاق على لقبه المشؤوم, كما ان احتمال انتحال هذا الرجل لاسماء حركية متعددة يقلل من اهمية ذكر اسمه خاصة في بداية أمره وأوائل حركته المنحرفة.
فقد ورد في رواية أن اسمه (حرب) كما في المروي عن أمير المؤمنين عليه السلام.
بينما نجد أن رواية أخرى تسميه عنبسة.
وفي رواية ثالثة ورد أن اسمه عثمان, فقد روى الصدوق في كمال الدين قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (يخرج ابن آكلة الاكباد من الوادي اليابس... اسمه عثمان وأبوه عنبسة).
وضعف سند هذه الروايات الثلاث مضافاً إلى تضاربها على قلتها يدفعنا إلى عدم اعتماد اسم معين لهذه الشخصية, بعد وضوح عدم أهمية الاسم في القضية وإنما المهم المنهج الشاذ لهذه الشخصية وبعد اتضاح ملامح معتقداته وسيرته ومبدأ ظهوره وكيفية توليه الأمور وصيرورة الحكم إليه عن اختلاف رايات ثلاث, تظهر بالشام.
ومما يؤيد عدم أهمية الاسم ما روي عن صادق آل محمد عليه السلام في خبر عبد الله بن أبي منصور قال:
سألته عن اسم السفياني, فقال عليه السلام: (وما تصنع باسمه اذا ملك كور الشام الخمس, دمشق, حمص, فلسطين, الأردن وقنسرين, فتوقعوا عند ذلك الفرج).
أجل, ورد تأكيد على انتمائه العائلي وشجرته الملعونة كما في الخبر المروي عن أمير المؤمنين عليه السلام والمتقدم ذكره حيث قال عليه السلام: (يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس).
فهو من عائلة أبي سفيان بن حرب وهند أكلة كبد حمزة عم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
وفي (الفتن) للسليلي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:
(ويكون بالوادي اليابس عدة عديدة فيقولون له _اي للسفياني_: يا هذا ما يحل لك أن تضيع الاسلام,أما ترى ما الناس فيه من الهوان والفتن؟ فاتق الله واخرج, اما تنصر دينك؟ فيقول: لست بصاحبكم. فيقولون: ألست من قريش).
وكذا ما روي عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام من أنه قال:
(... وهو من ولد عتبة بن أبي سفيان).
وهذه الروايات وإن كانت مختلفة أحيانا إلا أنها مشتركة ومتفقة على انتماء هذا الرجل إلى الشجرة الملعونة في القرآن, خاصة وأنها روايات متعددة.
ولا يخفى تمايز النسب عن الاسم في الأهمية, فليست معرفة الاسم ضرورية مثل معرفة النسب الذي يدل في أغلب الأحيان على الانتماء الفكري والعقائدي والانسجام في الرؤى والتطابق في الاساليب والسلوك إلا ما شذ وندر عند بعض الافراد, ولعل هذا هو احد اسباب اهتمام وتأكيد الائمة عليهم السلام على ذكر نسب السفياني, ويبدو ذلك واضحاً فيما تقدم عن صادق آل البيت عليه السلام, حينما قال:
(إنا وآل أبي سفيان أهل بيتين...) الخبر.
وكذا الكلام في أوصافه وملامحه الشخصية والجسدية, حيث لم ترد روايات معتبرة في ذلك ما عدا ما نقله في (كمال الدين) عن الإمام الصادق عليه السلام (إنك لو رأيت السفياني لرأيت أخبث الناس, أشقر أحمر أزرق...).
قد تؤثر الملامح الجسدية لبعض الناس على سلوكم سلباً أو ايجابا, ولكن الدور الأسود الذي يلعبه السفياني في تاريخ الأمة الإسلامية بعيد كل البعد عن التأثر بأوصافه الجسدية, وانما هو متأثر بلا ادنى شك بمعتقداته وهواه الفكري والمنهجي, فنحن نستبعد كل الاستبعاد أن تتمكن العاهات الجسدية أو التشوهات الخلقية, من صياغة شخصية إجرامية حاقدة على الاسلام كشخصية السفياني, وانما صياغة مثل هذه الشخصية هي فقط وفقط نتاج القلب المريض والنفس اللئيمة والروح الشريرة المترعرة في أحضان شياطين الانس والجن.
صدى المهدي