اللهم صلي على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر العظيم المستودع فيها عدد ما أحاط به علمك .
اللهم صلي على مُحمد وآل مُحمد وعجل فرجهم واهلك عدوهم من الجن والإنس من الأولين والآخرين
قال الإمام " جعفر الصادق " ( سلام الله تعالي عليه ) : " لفاطمة عليها السلام تسعة أسماء عند الله عزَّ و جلَّ إلا و هي فاطمة و الصديقة و المباركة و الطاهرة و الزكية و الراضية و المرضية و المحُدَّثة و الزهراء " .
و فيما يلي نورد دلالات بعض هذه الأسماء و الألقاب التي تشير إلي الخصائص الفريدة التي تتمتع بها سيدة نساء العالمين الصديقة الكبري " فاطمة الزهراء " ( سلام الله تعالي عليها ) و مناقبها الفذّة و كذلك ما اتسمت به بنت رسول الله " محمد المصطفي " ( صلي الله تعالي عليه وعلي آله و سلم ) من الصدق و البركة و الطهارة و الرضا و الفضل العميم علي سائر نساء العالم .
1 ـ فاطمة :
لدي ولادة سيدة نساء العالمين الصديقة الكبري " فاطمة الزهراء " ( سلام الله تعالي عليها ) سمّاها أبوها رسول الله " محمد المصطفي " ( صلي الله تعالي عليه وعلي آله و سلم ) فاطمة بأمر من الله سبحانه و تعالي و هذا الاسم مشتق من الفطم بمعني القطع و سبب التسمية هو أن الله تعالي فطمها و فطم ذريتها و محبيها عن النار علي ما جاء في الحديث الشريف ، فجعلها سبحانه سيدة نساء أهل الجنة و جعل من ذريتها الإمامين " الحسن المجتبي " و " أبا عبد الله الحسين " ( عليهما السلام ) سيدي شباب أهل الجنّة و جعل محبتها منجية من النار لاَنّها محبّة لقيم العفاف و مباديء الشرف و تعلّق بمكارم الأخلاق التي تتحلّي بها سيدة نساء العالمين " فاطمة الزهراء " ( عليها السلام ) .
و روي " جابر بن عبد الله " و " ابن عباس " عن رسول الله " محمد المصطفي " ( صلي الله عليه و آله و سلم ) أنّه قال : " إنّما سميت ابنتي فاطمة ، لاَنّ الله عزَّ و جلَّ فطمها و فطم محبيها عن النار " .
و كما قال أمير المؤمنين " علي بن أبي طالب " ( عليه السلام ) : " قال رسول الله ( صلي الله عليه و آله و سلم ) : إنّي سميت ابنتي فاطمة لاَنّ الله فطمها و ذريتها من النار " .
و كذلك جاء هذا الاسم الشريف ( فاطمة ) في حديث آخر حيث قال خاتم الانبياء و المرسلين " محمد بن عبد الله " ( صلي الله عليه و آله و سلم ) : " سمّيت فاطمة لاَنّها فطمت شيعتها من النار ، و فُطم أعداؤها عن حبّها " .
2 ـ الصدّيقة :
و هي صيغة مبالغة في الصدق و التصديق ، و قد عرفت سيدة نساء العالمين الصديقة الكبري " فاطمة الزهراء " ( سلام الله تعالي عليها ) بالصديقة و الصديقة الكبري ، أي كانت كثيرة التصديق لما جاء به أبوها رسول الله " محمد المصطفي " ( صلي الله تعالي عليه وعلي آله و سلم ) و قويّة الإيمان به ، كما انّها كانت صادقة في جميع أقوالها بأفعالها .
روي " الشيخ الكليني " باسناده عن " علي بن جعفر " عن أخيه " أبي الحسن " ( عليه السلام ) ، قال : " إنّ فاطمة عليها السلام صديقة شهيدة " .
و أخرج " المحبُّ الطبري " في " الرياض النضرة " أنّ رسول الله ( صلي الله عليه و آله و سلم ) قال للاِمام " علي بن ابي اطالب " ( عليه السلام ) : " أوتيت ثلاثاً لم يؤتهنّ أحد و لا أنا : أوتيتَ صهراً مثلي و لم أوت أنا مثلك ، و أوتيت زوجة صديقة مثل ابنتي و لم أُوت مثلها زوجة ، و أوتيت الحسن و الحسين من صلبك و لم أوت من صلبي مثلهما ، و لكنكم مني و أنا منكم " .
و كما قال رسول الله " محمد المصطفي " ( صلي الله تعالي عليه وعلي آله و سلم ) للاِمام " علي بن ابي اطالب " ( عليه السلام ) : " يا علي ، إني قد أوصيت فاطمة ابنتي بأشياء و أمرتها أن تلقيها إليك فأنفذها فهي الصادقة الصدوقة " .
3 - المباركة :
المباركة و هو ثالث الأسماء التي وردت عن لسان المعصومين ( سلام الله عليهم ) لوصف سيدة نساء العالمين الصديقة الكبري " فاطمة الزهراء " ( سلام الله تعالي عليها ) عند الباري عز و جل ، و الظاهر من خلال سيرتها و ما تركت من ذرية طيبة من بعدها أن مسألة البركة واضحة البرهان في حياتها الواقعية ، حيث نجد أن ذرية كل رسول من ولده و خصوصا الذكور إلا نبينا خاتم الانبياء و المرسلين " محمد المصطفي " (صلي الله تعالي عليه وعلي آله و سلم ) حيث كانت ذريته من ابنته المباركة " فاطمة الزهراء " ( سلام الله عليها ) و هذا ما نجده من خلال المأثور الروائي في حياة الرسول و أهل بيته .
و المباركة تعني النماء و السعادة و الزيادة ، و لقد بارك الله سبحانه و تعالي في السيّدة " فاطمة الزهراء " ( عليها السلام ) أنواعاً من البركات و جعل الخير الكثير في ذرّية رسول الله " محمد المصطفي " ( صلي الله عليه و آله و سلم ) من نسلها لظهور بركتها في الدنيا و الآخرة .
ولا شك و لا ريب و من خلال استقراء حياة " فاطمة الزهراء " ( سلام الله عليها ) قبل و بعد وفاتها أنها هي الخير الكثير الذي ورد فيه قول الله سبحانه و تعالي في كتابه المجيد : " إنا أعطيناك الكوثر " ، و لقد انطبقت علي المباركة " فاطمة الزهراء " ( سلام الله عليها ) هذه المعاني لكثرة بركتها علي رسول الله " محمد المصطفي " (صلي الله تعالي عليه وعلي آله و سلم ) و علي أهل بيته ( سلام الله عليهم ) و علي شيعة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) .
4 - طاهرة :
و من الألقاب الشريفة للصديقة " فاطمة الزهراء " ( عليها السلام ) اسم " الطاهرة " ، و هذا اللقب من الأوصاف الذاتية للسيدة " الزهراء " ( سلام الله عليها " و التحية و الإكرام و لقد طهرّها الله تعالي عن العادة الشهرية و عن كلّ دنس و رجس و عن كلّ رذيلة .
و روي المجلسي " نور الله تربته " عن كتاب " مصباح الأنوار " عن الامام " محمد الباقر " ( عليه السلام ) قال : إنما سميت فاطمة بنت محمد الطاهرة لطهارتها من كل دنس و طهارتها من كل رفث و ما رأت قط يوما حمرة و لا نفاسا " .
و هذا النحو من البيان ورد في الوحي الإلهي و التعليم السماوي في آية التطهير " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا " .
5 - الزكية :
الزكية تعني كثيرة البركة حيث أن الزكاة هي النمو و الزيادة في الشيء علي وجه ما بحيث يكون ذا أثر واضح نتيجة تلك الزيادة التي تطرأ عليه و كما تعني الأرض الطيّبة الخصبة و المطهّرة الطاهرة و من ألقاب سيدة نساء أهل الجنة " فاطمة الزهراء " ( سلام الله عليها ) كونها أزكي أنثي عرفتها البشرية .
6 ـ الراضية :
و تعني الراضية بما قسم الله لها ، حيث كانت سيدة نساء العالمين الصديقة الكبري السيدة " فاطمة الزهراء " ( سلام الله تعالي عليها ) راضية بما قدّر الله لها من مرارة الدنيا و مشقّاتها و مصائبها و نوائبها ، و فيما أعطاها من القرب و المنزلة و الطهارة و غير ذلك من المراتب العالية في الدنيا و الآخرة .
7 ـ المرضية :
إنّ للمرضيين عند الله سبحانه و تعالي درجة عالية و كانت سيدة نساء العالمين الصديقة الكبري " فاطمة الزهراء " ( سلام الله تعالي عليها ) مرضية عند الله عز و جل في جميع أعمالها و أفعالها و ما صدر منها خلال مسيرة حياتها ، فقد رضي الله عز و جل عنها و رضت عنه سبحانه و تعالي ، فهي مرضية بما وعد الله تبارك و تعالي عباده بالرضوان الأكبر .
8 ـ المُحَدَّثة :
و تعني التي يطلعها أحد علي الوقائع و الحقائق من وراء حجاب أو التي تستلهم الأخبار من قبل الله سبحانه و تعالي عن طريق الوحي و هو الملك .
المُحَدَّث هو من تكلّمه الملائكة بلا نبوّة و لا رؤية صورة أو يُلهم له و يلقي في روعه شيء من العلم علي وجه الالهام و المكاشفة من المبدأ الأعلي أو ينكت له في قلبه من حقائق تخفي علي غيره .
و هذه كرامة يكرم الله عز و جل بها من شاء من صالح عباده ، و منزلة جليلة من منازل الأولياء ، حضيت بها سيدة نساء العالمين الصديقة الكبري " فاطمة الزهراء " ( سلام الله تعالي عليها ) بنت خاتم الانبياء و المرسلين " ابا القاسم محمد " ( صلي الله عليه و آله و سلم ) علي ما جاء في كثير من الروايات و منها ما روي عن الإمام " جعفر الصادق " ( عليه السلام ) أنّه قال : " إنّما سميت فاطمة عليها السلام محدّثة ، لاَنّ الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما تنادي مريم بنت عمران ، فتقول : يا فاطمة ، إنّ الله اصطفاك و طهّرك و اصطفاك علي نساء العالمين . يا فاطمة ، اقنتي لربك و اسجدي و اركعي مع الراكعين ، فتحدّثهم و يحدّثونها . فقالت لهم ذات ليلة : أليست المفضّلة علي نساء العالمين مريم بنت عمران ؟ فقالوا : إنّ مريم كانت سيدة نساء عالمها و إنّ الله عزَّ و جلَّ جعلك سيدة نساء عالمك و عالمها و سيدة نساء الأولين و الآخرين " .
و قد اتضح من التعريف المتقدم أنّ المحدَّث غير النبي و أنّه ليس كلّ محدّث نبي و لكن قد يتصور البعض أنّ الملائكة لا تحدّث إلاّ الأنبياء و هو تصور غير صحيح و منافٍ للكتاب الكريم و السُنّة المطهّرة ، فمريم بنت عمران ( عليها السلام ) كانت محدثة و لم تكن نبية ، اذ قال الله تبارك و تعالي في كتابه المجيد : " و إذ قالت الملائكة يا مريم إنّ الله اصطفاك و طهّرك " و أُمّ موسي كانت محدثة و لم تكن نبية ، حيث قال الله سبحانه و تعالي في القرآن الكريم : " و أوحينا إلي أُمّ موسي أن ارضعيه " . و قال الله عز و جل في كتابه المجيد مخاطباً النبي " موسي " ( عليه السلام ) : " إذ أوحينا إلي أُمّك ما يوحي " و سارة امرأة نبي الله " إبراهيم " ( عليه السلام ) قد بشرتها الملائكة بإسحاق و من وراء إسحاق يعقوب و لم تكن نبية و نفي النبوة عن النساء المتقدمات و عن غيرهن ثابت بقوله تعالي : " و ما أرسلنا قبلك إلاّ رجالاً نوحي إليهم " و لم يقل نساءً ، و عليه فالمُحدَّثون ليسوا برُسل و لا أنبياء ولكن الملائكة كانت تحدّثهم ، و " فاطمة الزهراء " ( عليها السلام ) كانت مُحدَّثة و لم تكن نبية كما يحلو للبعض أن يقوله و يقذف به الفرقة الناجية .
9 ـ الزهراء :
و الزهر يعني النيّر و الصافي اللون و المشرق الوجه و كذلك فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) لأنّ نورها زهر و أشرق لأهل السماء .
و يستفاد من جملة الأحاديث و الأخبار أنّ " فاطمة الزهراء " ( عليها السلام ) عرفت بالزهراء لجمال هيئتها و النور الساطع في غرّتها ، فهي مزهرة كالشمس الضاحية و مشرقة كالقمر المنير .
و عندما سُئل الإمام " جعفر الصادق " (سلام الله عليه) عن سبب تسمية سيدة نساء العالمين الصديقة الكبري " فاطمة الزهراء " ( سلام الله تعالي عليها ) بالزهراء ؟ رد الإمام " الصادق " ( عليه السلام ) قائلا : " لاَنّها كانت إذا قامت في محرابها زهر نورها لاَهل السماء كما يزهر نور الكواكب لاَهل الأرض " .
و سأل " أبو هاشم الجعفري " من " صاحب العسكر " ( عليه السلام ) لِمَ سميت " فاطمة " ( عليها السلام ) الزهراء ؟ فقال : " كان وجهها يزهر لاَمير المؤمنين عليه السلام من أول النهار كالشمس الضاحية و عند الزوال كالقمر المنير و عند غروب الشمس كالكوكب الدرّي " .
و كما قال " ابن الأثير " أن الزهراء : تأنيث الأزهر و هو النيّر المُشرق من الألوان و يراد به إشراق نور إيمانها و إضاءته علي إيمان غيرها .
و قال " المناوي " : سميت سيدة نساء العالمين الصديقة الكبري " فاطمة الزهراء " ( سلام الله تعالي عليها ) بالزهراء لاَنها زهرة " المصطفي " ( صلي الله عليه و آله و سلم ) .
و ارتجزت بعض أزواج النبي " محمد بن عبد الله " ( صلي الله عليه و آله و سلم ) في زفاف سيدة نساء العالمين الصديقة الكبري " فاطمة الزهراء " ( سلام الله تعالي عليها ) قائلة :
" فـاطمة خيـر نسـاء البشـر و مـن لها وجـه كـوجه القمر ،
فضلّك الله علـي كـلِّ الوري بفضل من خصّ بـآي الزمـر " .
و أضاف " ابن شهر آشوب " عن " أبي جعفر القمي " اسماء اخري لسيدة نساء العالمين الصديقة الكبري " فاطمة الزهراء " ( سلام الله تعالي عليها ) و منها : البتول و الحرّة و السيدة و العذراء و مريم الكبري و الصديقة الكبري .
و كذلك من الأسماء الاخري لسيدة نساء العالمين الصديقة الكبري " فاطمة الزهراء " ( سلام الله تعالي عليها ) يمكن الاشارة الي : الحَصانة و الحوراء و النورية و كما ان اسمها في السماء هو منصورة .
و كذلك من اهم القاب بنت رسول الله " محمد المصطفي " ( صلي الله عليه و علي آله و سلم ) يمكن الاشارة الي : ام الحسن و ام الحسين و ام المحسن و ام الائمة و ام ابيها نظرا لحبها الكبير لابيها خاتم الانبياء و المرسلين " ابا القاسم محمد " ( صلي الله عليه و علي آله و سلم )