كسر أواني أزواج الرسول صلى الله عليه وآله :
ومن آثار حدة طبعها كسرها أواني أزواج النبي اللائي كن يبعثن بطعام
إلى النبي عندما كان في دارها ، كما صنعت ذلك بإناء أم سلمة ، على ما أخرجه النسائي في صحيحه ( 8 ) عن أم سلمة : أنها أتت بطعام في صحفة لها إلى رسول الله ، فجاءت عائشة متزرة بكساء ومعها فهر ( * ) ، ففلقت به الصحفة ، فأرسل النبي صفحة عائشة إلى أم سلمة .
كسر إناء حفصة ( 9 ) على ما أخرجه أحمد في مسنده ( 10 ) : عن أم المؤمنين عائشة في حديث لها : قالت صنعت له طعاما ، وصنعت حفصه له طعاما . فقلت لجاريتي : اذهبي فإن جاءت هي بالطعام فوضعته قبل فاطرحي الطعام ، قالت : فألقته الجارية ، فوقعت القصعة ( * ) ، فانكسرت وكان نطعا ( * ) قالت : فجمعه رسول الله صلى الله عليه وآله ، وقال : اقتصي ظرفا مكان ظرفك .
كسر اناء صفية : في مسند أحمد ( 11 ) عن عائشة قالت : بعثت صفية ( 12 ) إلى رسول الله بطعام قد صنعته له ، وهو عندي ، فلما رأيت الجارية أخذتني رعدة حتى استقلني ( * ) أفكل فضربت القصعة فرميت بها ، قالت : فنظر إلي رسول الله صلى الله عليه وآله فعرفت الغضب في وجهه ، فقلت أعوذ برسول الله صلى الله عليه وآله أن يلعنني اليوم ، قالت : قال أولي ، قالت : قلت : وما كفارته يا رسول الله ؟ قال طعام كطعامها وإناء كإنائها .
مع صفية : وفي طبقات ( 13 ) ابن سعد : استبت عائشة وصفية ، قفال رسول الله لصفية : ألا قلت : أبي هارون وعمي موسى ، وذلك أن عائشة فخرت عليها .
وروى الترمذي عنها أنها قالت : " قلت للنبي : حسبك من صفية كذا وكذا ، فقال لها النبي صلى الله عليه وآله : لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجمته - تغير
بها طعمه ، أدركه لشدة نتنها - " ( 14 )
وفي المستدرك ( 15 ) عن صفية قالت : دخلت علي رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا أبكي ، فقال : يا ابنة حيي ما يبكيك ؟ قلت : بلغني أن عائشة وحفصة ينالان مني . . الحديث .
مع سودة : في الاجابة ( 16 ) : سمعت أم المؤمنين عائشة سودة ( 17 ) تنشد : " عدي وتيم تبتغي من تحالف " فقالت عائشة لحفصة : ما تعرض إلا بي وبك يا حفصة ، فإذا رأيتني أخذت برأسها فأعينيني . فقامت فأخذت برأسها ، وخافت حفصة فأعانتها ، وجاءت أم سلمة فأعانت سودة فأتي النبي صلى الله عليه وآله فأخبر وقيل له : أدرك نساءك يقتتلن . فقال : " ويحكن مالكن ؟ " . فقالت عائشة : " يا رسول الله ألا تسمعها تقول : " عدي وتيم تبتغي من تحالف " . فقال : " ويحكن ليس عديكن ولا تيمكن ، إنما هو عدي تميم وتيم تميم . . " الحديث
أخرج ابن سعد في طبقاته ( 43 ) وقال : تزوج النبي مليكة بنت كعب ، وكانت تذكر بجمال بارع ، فدخلت عليها عائشة ، فقالت لها : أما تستحين أن تنكحي قاتل أبيك ، فاستعاذت من رسول الله فطلقها ، فجاء قومها إلى النبي صلى الله عليه وآله فقالوا : يا رسول الله إنها صغيرة وإنها لا رأي لها وإنها خدعت فارتجعها ، فأبى رسول الله ، وكان أبوها قتل في يوم فتح مكة ، قتله خالد بن الوليد بالخندمة ( * ) .
وأخرج ابن سعد في طبقاته ( 44 ) عن ابن عباس ، قال : تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله أسماء بنت النعمان ، وكانت من أجمل أهل زمانها وأشبه ، قال : فلما جعل رسول الله صلى الله عليه وآله يتزوج الغرائب ، قالت عائشة : قد وضع يده في الغرائب ، ويوشكن أن يصرفن وجهه عنا ، وكان خطبها حين وفدت كندة عليه إلى أبيها ، فلما رآها نساء النبي صلى الله عليه وآله حسدنها ، فقلن لها : إن أردت أن تحظي عنده فتعوذي بالله منه إذا دخل عليك ، فلما دخل ، وألقى الستر ، مد يده إليها ، فقالت : أعوذ بالله منك ، فقال : " أمن عائذ الله ! إلحقي بأهلك " .
وروى ( 45 ) حمزة بن أبي اسيد الساعدي عن أبيه ، وكان بدريا قال : تزوجرسول صلى الله عليه وآله أسماء بنت النعمان الجونية فأرسلني فجئت بها ، فقالت حفصة لعائشة أو عائشة لحفصة : اخضبيها أنت ، وأنا أمشطها ففعلن ، ثم قالت إحداهما : ( إن النبي يعجبه من المرأة إذا دخلت عليه أن تقول أعوذ بالله منك ، فلما دخلت وأرخى الستر مد يده إليها ، فقالت : أعوذ بالله منك ! فتل ( * ) بكمه على وجهه ، واستتر به وقال : " عذت معاذا " ثلاث مرات . قال أبو أسيد : ثم خرج علي فقال : يا أبا أسيد ! ألحقها بأهلها ومتعها برازقيتين - يعني كرباستين - فكانت تقول : أدعوني الشقية ) ( 46 ) .
يظهر من هذه النصوص ، أن المتعوذة بالله من الرسول بتعليم من أم المؤمنين أيضا كانت أكثر من واحدة .
( 8 ) صحيح النسائي باب الغيرة من كتاب العشرة بسنده إلى أم سلمة النسائي ( 2 / 159 ) .
( * ) الفهر : الحجر ملء الكف ، أو الحجر مطلقا . الصحفة : اناء الطعام .
( 9 ) حفصة ابنة الخليفة عمر بن الخطاب وامها زينب بنت مظعون ، ولدت قبل مبعث النبي بخمس سنوات ، وتزوجها خنبس بن حذافة وهاجرت معه إلى المدينة فمات عنها بعد رجوع النبي من غرزة بدر ، ثم تزوجها النبي ، وتوفيت في شعبان سنة خمس وأربعين في خلافة معاوية وصلى عليها مروان ودفنت في البقيع ،
طبقات 8 / 80 - 86 وراجع ترجمتها في الاستيعاب ، وأسد الغابة والإصابة .
( 10 ) مسند أحمد 6 / 111 ، والكنز 3 / 44 بتفصيل، وفي 4 / 44 الحديث 983 كتاب الشمائل من قسم الأفعال
( * ) القصعة : إناء الطعام .
( * ) النطع : بساط من الجلد .
( 11 ) 6 / 277 و 144 ، والنسائي 2 / 148 و 159 ، وهامش الحلبية 283 - 284 .
( 12 ) صفية بنت حيي بن أخطب من سبط هارون بن عمران من بني إسرائيل وأمها برة بنت السموأل من بني قريظة ، وقد تزوجها سلام بن مشكم القرظي ، ثم فارقها فتزوجها كنانة بن =>
=> الربيع من يهود بني النظير فقتل عنها يوم خيبر ، واصطفاها النبي صلى الله عليه وآله من سبي خيبر ، ورأى النبي بوجهها خضرة ، قال : ما هذا ؟ قالت : يا رسول الله رأيت في المنام قمرا أقبل من يثرب حتى وقع في حجري فذكرت ذلك لزوجي ، فقال لي : تحبين أن تكوني تحت هذا الملك الذي يأتي من المدينة ؟ فضرب وجهي ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله : إن اخترت الإسلام أمسكتك لنفسي ، وإن اخترت اليهودية فعسى أن عتقك فتلحقي بقومك ، فقالت : يا رسول الله لقد هويت الإسلام وصدقت بك قبل أن تدعوني حيث صرت إلى رحلك ، ومالي في اليهودية إرب ، ومالي فيها والد ولا أخ ، وخيرتني الكفر والإسلام : فالله ورسوله أحب إلي من العتق وأن أرجع إلى قومي . فاعتدت ثم تزوجها الرسول ، ولما نزل المدينة أنزلها في العالية في بيت من بيوت حارثة ، فجاءت عائشة متنقبة حتى دخلت عليها ، فقال لها النبي : كيف رأيتها ؟ قالت : رأيت يهودية ، قال : لا تقولي هذا فإنها قد أسلمت وحسن إسلامها . واجتمع نساء النبي عليه في المرض الذي توفي فيه فقالت صفية : اما والله يا نبي الله لوددت ان الذي بك بي فغمزتها أزواج النبي صلى الله عليه وآله وأبصرهن رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : مضمضن . فقلن : من أي شئ يا نبي الله ؟ قال : من تغامزكن بصاحبتكن ، والله إنها لصادقة . وتوفيت سنة 52 في خلافة معاوية ودفنت في البقيع ، لخصت ترجمتها من طبقات ابن سعد ج 8 / 120 - 129 .
( * ) استقلني أفكل : أخذتني رعدة .
( 13 ) 8 / 127 عن ابن أبي عون . وراجع الحديث 1980 من كتاب النكاح في سنن ابن ماجة ، وفيه قالت عائشة : يهودية وسط يهوديات ص 627 . ( * )
( 14 ) الترمذي على ما رواه الزركشي في الاجابة ص 73 وكذلك فسره .
( 15 ) المستدرك على الصحيحين 4 / 29 وفي تلخيصه أيضا .
( 16 ) الاجابة / 18 .
( 17 ) سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس من بني لؤي ، وأمها الشموس بنت قيس النجاري من الانصار ، تزوجها ابن عمها السكران بن عمرو بن عبد شمس ، أسلما بمكة قديما وهاجرا إلى الحبشة في الهجرة الثانية ، ثم رجعا إلى مكة وتوفي زوجها ، ثم تزوجها النبي صلى الله عليه وآله بعد وفاة خديجة ، ودخل بها بمكة ، توفيت في عهد معاوية شوال سنة 54 . طبقات ابن سعد 8 / 52 57 . ( * )
( 43 ) 8 / 148 ، والذهبي في تاريخه 1 / 335 ، وابن كثير في تاريخه 5 / 299 وفي الإصابة 4 / 392 في الترجمة المرقمة 1016، وقد تخيرنا اللفظ من طبقات ابن سعد. وفي انساب البلاذري 1 / 458 أوفى من ابن سعد
( * ) الخندمة جبل بمكة معجم البلدان .
( 44 ) 8 / 145 ، وأخرجه اليعقوبي عند ذكره أزواج النبي من تاريخه مختصرا ، وفي المحبر 94 - 95 وبعده : وخرج والغضب يرى في وجهه ، فقال له الأشعث بن قيس لا يسوءك يا رسول الله . . الحديث فزوجه ابنته .
( 45 ) الطبري في ذيل المذيل 13 / 79 . والحاكم في المستدرك 4 / 37 وفي تلخيصه وفي المحبر أيضا .( * )
( * ) تل عليه : أرخاه .
( 46 ) أخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب 2 / 703 الترجمة 2 ، وفي الإصابة 3 / 530 يترجمه نعمان ابن أبي الجون الترجمة 8736 مفصلا ، وفي الترجمة 57 ج 4 ص 227 - 298 ، والحاكم في المستدرك 4 / 36 ، وفي تلخيصه وقال اليعقوبي عند ذكره أزواج النبي من تاريخه : " والجونية امرأة من كندة " ، وليست بأسماء . ثم ذكر باختصار تمام القصة المذكورة آنفا وختمها بقوله : فزعموا أنها ماتت كمدا . وكذلك ذكره في المحبر 95 ، وأنساب الاشراف 1 / 457 .