اللهم صلي على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر العظيم المستودع فيها عدد ما أحاط به علمك . اللهم صلي على مُحمد وآل مُحمد وعجل فرجهم واهلك عدوهم من الجن والإنس من الأولين والآخرين
الآية الأولى:
قال تعالى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) الفاتحة:6
روى الحافظ الكبير، الحاكم الحسكاني الحذّاء (الحنفي) النيسابوري، من أعلام القرن الخامس الهجري، في كتابه(شواهد التنزيل، لقواعد التفصيل في الآيات النازلة في أهل البيت):قال: أخبرنا الحاكم الوالد أبو محمد عبد الله بن أحمد(باسناده المذكور) عن أبي بريدة في قول الله اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)، قال: صراط محمد وآله. شواهد التنزيل 1/57ـ58
وروى هو أيضاً قال: أخبرنا عقيل بن الحسين القسوي(باسناده المذكور) عن سفيان الثوري، عن أسباط ومجاهد، عن ابن عبّاس في قول الله تعالى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)
قال: يقول: قولوا معاشر العباد اهدنا إلى حبّ النبيّ وأهل (أقول) آل محمد صلى الله عليه وآله وأهل بيته محورهم الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء، ولولاها لم يكن لعليّ زوج تليق بإنجاب الأئمّة الأطهار عليهم الصلاة والسلام، وقد ورد في حديث الكساء الشريف:«هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها» فهي المحور حتّى في الحديث القدسي.
الآية الثانية:
(صِرَاطَ الَّذِين أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) الفاتحة:7
أخرج علامة الشافعية أبو بكر الحضرمي في كتابه رشفة الصادي»قال:
(اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِين أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)
قال أبو العالية: هم آل رسول الله صلى الله عليه وسلّم.رشفة الصادي/25.
(أقول) بما أن سيّدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام) من «آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم» كما سيأتي مكّرراً منّا التنبيه على ذلك، مشفوعاً بحشد من الأدلّة المتكاثرة ـ صحّ عدّ هذه الآية الكريمة فيما نزل في شأنها صلوات الله عليها من القرآن الحكيم.
الآية الثالثة:
(وَمَا ظَلَمُونَا وَلكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) البقرة:57
روى الحافظ الحنفي سليمان القندوزي بسنده عن أبي جعفر الباقر( رضي الله عنه) في تفسير هذه الآية:
(وَلكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)
قال: فالله جلّ شأنه، وعظم سلطانه، ودام كبريائه، أعزّ وارفع وأقدس من أن يعرض له ظلم، ولكن أدخل ذاته الأقدس فينا أهل البيت، فجعل ظلمنا ظلمه فقال:
«وَمَا ظَلَمُونَا وَلكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ» ينابيع المودّة/358.
(أقول) المفهوم من هذا الحديث الشريف: إنّ من ظلموا فاطمة الزهراء عليها السلام فكأنّهم ظلموا الله (سبحانه وتعالى علواً كبيراً).
الآية الرابعة:
قال تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوْا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدَاً وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ) البقرة:58.
روى (الفقيه الشافعي) جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر(السيوطي) في تفسيره، عند قوله تعالى:
(وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوْا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدَاً وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ)
قال: وأخرج ابن أبي شيبة عن عليّ قال:«إنما مثلنا في هذه الأمّة كسفينة نوح، وكـ:باب حطّة) الدرّالمنثور/ج1/تفسير سورة البقرة.
نقل قريباً من ذلك الطبري في المسترشد ضمن خطبة لعليّ عليه السلام.المسترشد للطبري/76.
ونقله أيضاً النعماني، عن الموافق والمخالف.الغيبة للنعماني/18.
(أقول) في هذا الحديث الشريف «مثلنا» يعني: أهل البيت الشامل لسّيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام بإجماع عامّة مذاهب المسلمين.
الآية الخامسة:
قال تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ) البقرة:124
روى الحافظ القندوزي (الحنفي) بإسناده عن المفضّل، قال: سألت جعفر الصادق (رضي الله عنه) عن قوله عزّ وجل وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ) قال: هي الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه.
وهو أنه قال: (يا ربّ أسألك بحقّ محمد، وعليّ، وفاطمة، والحسن، والحسين،ألاّ تبت عليّ)
(فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) البقرة:37.
فقلت له: يا بن رسول الله فما يعني بقوله فَأَتَمَّهُنَّ)؟
قال: يعني: أتمّهن إلى القائم المهدي اثني عشر إماماً تسعة من الحسين.ينابيع المودّة/25.
(أقول): معنى هذا الحديث الشريف ـ والعشرات من أمثاله المرويّة في كثير من المصادر ـ: أنّ فاطمة الزهراء صلوت الله عليها كانت إحدى الكلمات الّتي عناها القرآن الحكيم في هذه الأية المباركة، وأوجبت اختيار الله تعالى بهنّ نبيّه العظيم إبراهيم الخليل عليه وعلى نبيّنا وآله الصلاة والسلام.
الآية السادسة:
قال تعالى: (َمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)البقرة:256
روى العلاّمة البحراني، عن أبي الحسن الفقيه محمد بن عليّ بن شاذان، في المناقب المائة من طريق العامّة بحذف الاسناد عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول ـ في الحديث ـ:
«معاشر الناس اعلموا أنّ الله تعالى باباً من دخله أمن من النار، ومن الفزع الأكبر» فقام إليه أبو سعيد الخدري فقال: يا رسول الله صلى الله عليه آله اهدنا لهذا الباب حتىّ نعرفه.
قال: صلى الله عليه وآله «هو عليّ بن أبي طالب سيّد الوصيّين، وأمير المؤمنين، وأخو رسول ربّ العالمين، وخليفة الله على الناس أجمعين، معاشر الناس من أحبّ أن يتمسّك بالعورة الوثقى الّتي لا انفصال لها فليتمسّك بولاية عليّ بن أبي طالب، فولايته ولايتي، وطاعته طاعتي. (معاشر الناس) من أحب أن يعرف الحجّة بعدي فليعرف عليّ بن أبي طالب (معاشر الناس) من سرّه ليقتدي بي، فعليه ان يتوالى ولاية عليّ بن أبي طالب والأئمة من ذريتي، فإنّهم خزّان علمي»الحديث. غاية المرام/244.
(أقول) وحيث أن فاطمة الزهراء عليها السلام أحبّ أهل بيت النبيّ وذريته إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلّم، وهي أمّ الأئمة من ذريته، فيكون ولاؤها كولايتهم، ولاءاً للرسول الأعظم، وتمسّكاً بالعورة الوثقى، وتكون الأية ممّا أشارة إلى فضلها ونزل في حقّها سلام الله عليها.
الآية السابعة:
قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) الرعد:29
أخرج علاّمة الحنفية الحافظ سليمان البلخي القندوزي في (ينابيع المودّة) قال: أخرج الثعلبي عن الباقر (رضي الله عنه) قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن قوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) فقال (صلى الله عليه وآله): «هي شجرة في الجنة أصلها في داري وفرعها على أهل الجنّة».
فقيل له: يا رسول الله صلى الله وعليه وآله سألناك عنها فقلت: هي شجرة في الجنّة أصلها في دار عليّ وفاطمة وفرعها على أهل الجنةّ؟
فقال: صلى الله عليه وآله: «إنّ داري ودار عليّ وفاطمة واحد غداً في مكان واحد، وهي شجرة غرسها الله تعالى وتبارك بيده، ونفخ فيها من روحه، تنبت الحليّ والحلل/ وإنّ أغصانها لترى من وراء سور الجنّة»ينابيع المودة/131.
أقول:
الرسول صلى الله عليه وآله ينص على ان دار فاطمة الزهراء عليها السلام وداره في الجنة، فتكون الآية الكريمة في حقها، وممّا نزل في القرآن الحكيم في فضلها.
الآية الثامنة:
قال تعالى: (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ،بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ،فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ،يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ) الرحمن:19ـ22
روى (الفقيه الشافعي) جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي في تفسيره قال: وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله (تعالى):
(مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ).
قال: علي وفاطمة.
(بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ).
قال: النبي صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ)
قال: الحسن والحسين.تفسير الدرّ المنثور6/142.
الآية التاسعة:
قال تعالى: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) الكوثر:1
أخرج أصحاب العديد من التفاسير نزول هذه السورة بشأن فاطمة الزهراء بنت الرسول سلام الله عليه وعليها وإليك عدداً منهم:
منهم البيضاوي في تفسيره، عند تفسير كلمة:«الكوثر» قال:
«وقيل: أولاده»أنوار التنزيل وأسرار التأويل/مخطوط/ص1156.
ومنهم الفخر الرازي، في تفسيره الكبير، قال:
«الكوثر أولاده صلى الله عليه وسلم لأنّ هذه السورة إنّما نزلت ردّاً على من عابه عليه السلام بعدم الأولاد، فالمعني: أنه يعطيه نسلاً يبقون على مرّ الزمان، فانظر كم قتل من أهل البيت ثم العالم ممتلئ منهم، ولم يبق من بني أمية في الدنيا أحد يعبأبه» التفسير الكبير/ج30/تفسير سورة الكوثر.
ومنهم الشيخ زاده في حاشيته على تفسير البيضاوي عند تفسير سورة الكوثر قال: «إن المفسرين ذكروا في تفسير الكوثر أقوالاً كثيرة منها: إن المراد بالكوثر: أولاده عليه السلام، ويدل عليه أن هذه السورة نزلت رداً على من قال في حقه (عليه السلام): إنه أبتر ليس من يقوم مقامه» ج9ص341.
ومنهم: شهاب الدين في حاشيته على تفسير البيضاوي حاشية الشهاب المسماة بـ(عناية القاضي) ص402.
ومنهم: عثمان بن حسن المشتهر بـ(كوسة زادة) في كتاب له في تفسير بعض آيات من القرآن أسماه بـ(المجالس). المجالس لكوسة زاده ص222.
ومنهم العلامة أبو بكر الحضري في كتابه (القول الفصل). القول الفصل ص457.
ومنهم غير هؤلاء