حكي أن المأمون مر يوماً على زبيدة أم الأمين ، فرآها تحرك شفتيها بشيء لا يفهمه ، فقال لها: يا أماه، أتدعين علي لكوني قتلت ابنك وسلبته ملكه ؟
قالت: لا والله يا أمير المؤمنين .
قال : فما الذي قلته ؟
قالت : يعفيني أمير المؤمنين .
فألح عليها وقال : لا بد أن تقوليه ؟
قالت له : قلت ، قبح الله اللجاجة .
قال : وكيف ذلك ؟
قالت : لأني لعبت يوماً مع أمير المؤمنين الرشيد بالشطرنج على الحكم والرضا ، فغلبني ، فأمرني أن أتجرد من أثوابي وأطوف القصر عريانة ، فاستعفيته ، وبذلت له أموالاً لا تحصى ، فلم يعف عني .
فتجردت من أثوابي وطفت القصر عريانة ، وأنا حاقدة عليه ، ثم عاودنا اللعب فغلبته فأمرته أن يذهب إلى المطبخ ، فيطأ أقبح جارية وأشوهها خلقة فاستعفاني عن ذلك فلم أعفه ، فنزل لي عن خراج مصر والعراق ، أبيت وقلت : والله لتطأنها، فألححت عليه وأخذت بيده وجئت به إلى المطبخ ، فلم أر جارية أقبح ولا أقذر ولا أشوه خلقة من أمك مراجل ، فأمرته أن يطأها فوطئها فعلقت منه بك ، فكنت سبباً لقتل ولدي وسلبه ملكه .
فولى المأمون وهو يقول : قاتل الله اللجاجة ، أي التي لج بها عليها حتى أخبرته بهذا الخبر .