إن ما حصل في لحظة بعثة نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله) ، كان أكبر حادثة وقعت في تاريخ الإنسانية وتركت تأثيرها على الامة .
البعثة قضية عجيبة جداً ومهمة بنفس الوقت ، وفيها الكثير، وجديرة بالدراسة والتأمل والدقّة ...
من الطبيعي أن بعثة جميع الأنيباء كانت على هذه الشاكلة ، فكلهم قد اجتازوا مرحلة مهمة من الاختبار بشأن البعثة ، وحصل انجاز عظيم في بعثة موسى وعيسى وابراهيم ، والأنبياء الآخرين ، لكن لبعثة خاتم الأنبياء خصائص لا يمكن العثور على نظير لها .
انفتحت أبواب من الحقائق أمام هذا الإنسان الملكوتي ، وبدأ هو بما لديه من استعداد لأداء الامتحان والنهوض بهذا الثقل وتحمل مشاقّه ومصاعبه .
حركته الكبرى (صلى الله عليه وآله) بدأت منذ تلك اللحظة الأولى ... لهذا فقضية البعثة تختلف عـن قضيه التعليم ، أي إنها أكبر من التعليم ؛ لأن مائده التعليم والتربية الإلهية مبسوطة على الدوام أمام الأنبياء والأولياء .
ونرى الان نتيجة التضحية التي قدمها ( صلى الله عليه وآله) الى الانسانية جمعاء ، هو المدرسة التي علمت العالم على حقوق الانسان وحقوق الحيوان حيث كانت اوربا في ذلك العصر وحتى الجزيرة العربية لا تحترم الضعفاء من الخلق ويوجد في اوربا مسارح لعرض نزالات مصارعة بين رجلين وتنتهي بقتل احدهما ناهيك عن وجود مصانع لاخصاء الاولاد وهذه العملية على ما اتذكر نسبة الموتى 90% .. وأما القبائل في الجزيرة العربية آنذاك كانت تعيش على السلب والنهب او غـزو قبيلة قوية على قبيلة ضعيفة ومن ثم تصادر القبيلة المنتصرة حرية النساء والاطفال والشيوخ والبقية المتبقية من الرجال ليصبحوا عبيد ويباعـوا كما تباع البضائع . ناهيك عن وأد البنات والخرافات المعمول بها بين تلك المجتمعات والحال بالنسبة الى اوربا كذلك لديها الحظ الاوفر من الخرافات . والحديث يطول اذا خضنا في هـذا الموضوع .
لكن الاخلاق والمبادئ الذي زرعها محمد (صلى الله عليه وآله) بين اصحابه وبدورهم انتشرت الى جميع المعمورة ومن ثم الى انحاء العالم ، لان رسول الله (ص وآله) مدحه الله في كتابه الكريم ( وانك لعلى خلق عظيم ) ، وقال ( صلى الله عليه وآله) : ( ادبني ربي فاحسن تأديبي ) ... لذلك رسخ (ص وآله) اخلاقة وما يتمتع من قيم ومبادئ في اصحابه واوصاهم بالتمسك بها بقوله ( صلى الله عليه وآله) " الكلمة الطيبة صدقة " ومن اقواله (صلى الله عليه وآله) :
• لا يكون العبدُ في السماء ولا في الارض مؤمناً ، حتى يكون فَضولاً ، ولا يكون فضولاً حتى يكون مسلماً ، ولا يكون مسلماً حتى يسلم الناس من يده ولسانه ، ولا يسلم الناس من يده ولسانه حتى يكون عالماً ، ولا يكون عالماً حتى يكون عاملاً بالعلم ، ولا يكون عاملاً بالعلم حتى يكون زاهداً ، ولا يكون زاهداً حتى يكون ورعاً ، ولا يكون ورعاً حتى يكون متواضعاً ، ولا يكون متواضعاً حتى يكون عارفاً بنفسه ، ولا يكون عارفاً بنفسه حتى يكون عاقلاً .
• أيها الناس ! أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام ، وصَلّوا بالليل والناسُ نيام ، تدخلوا الجنة بسلام .
• إذا كان يوم القيامة ، لم تزلْ قدما عـبدٍ حتى يسأل عن أربع : عن عـمره فيمَ أفناه ، وعـن شبابه فيم أبلاه ، وعـمّا اكتسبه من اين اكتسبه وفيم انفقه ، وعن حبّنا أهل البيت .
• من أصبح وأمسى والآخرة اكبر همه ، جعــل الله الغنى في قلبه ، وجمع له أمره ، ولم يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه ، ومن اصبح وأمسى والدنيا اكبر همه ، جعـل الله الفقـر بين عينيه ، ولم ينل من الدنيا الا ما قسم له .
• إذا غضب الله على أُمّة ، ولم يُنزل العذاب عليها ،غـلَتْ أسعارها ، وقصرت أعــمارها ، ولم تربح تجارتها ، ولم تنزل ثمارها ، ولم تغـزرأنهارها ، وحُبس عـنها أمطارها ، وسُلط عـيها شرارها .
• إن الله حرّم الجنّة على كل فاحش بذيء ، قليل الحياء ، لا يبالي ما قال وما قيل فيه ، أما إنه إن تنسبه لم تجده إلا بغي ، أو شرك شيطان .
قيل : وفي الناس شياطين ؟ فقال :
نعم ! أو ما تقرأ قول الله تعالى :
[}{ وشَارِكْهُمْ في الأمْـوَالِ وَالأوْلادِ }{] .
• اكفلوا لي ستاً أكفل لكم الجنّة : إذا حدَّث أحدكم فلا يكذب ، وإذا ائتُـمن فلا يخن ، وإذا وعد فلا يخلف ، وغـضُّوا الابصار ، وكفّوا الأيدي ، واحفضوا الفروج .
• الناس على خمس مراتب : منهم من يرى انَّ الرّزق من الكسب فهو كافر ، ومنهم من يرى انَّ الرّزق من الله وأن الكسب سببٌ فلا يدري يعطيه أم لا ، فهو منافق ، شاكّ ، ومنهم من يرى انَّ الرّزق من الله وأن الكسب سببٌ ، فلا يؤدي حقه ، ويعصي الله من اجل الكسب ، فهو فاسق ، ومنهم من يرى انَّ الرّزق من الله ويرى الكسب سبباً ويؤدي حقّهُ ولا يعصي الله لأجل الكسب ، فهو مؤمن مخلص . ( المصدرناسخ التواريخ)
أتمنا ان تستمتعـوا بشيء بسيط من حياة العملاق العظيم رسول الانسانية وخاتم النبيين محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله)