زعموا حمامتين ذكراً و أنثى ملأ عشّهما من الحنطة و الشّعير .
فقال الذكر للأنثى : إنّا إذاً وجدنا في الصّحاري ما نعيش به فلسنا نأكل ممّا هنا شيئاً.
فإذا جاء الشتاء و لم يكن في الصحاري شيء رجعنا إلى عشّنا فأكلناه.
فرضيت الأنثى بذلك و قالت له :نعماً رأيت.
و كان ذلك الحب نديا" حين وضعاه في عشّهما.
انطلق الذّكر و غاب،فلمّا جاء الصّيف يبس الحبّ و تضمّر،فلمّا رجع الذكر ، ظن الحبّ ناقصا" فقال لها : أليس كنّا جمعنا رأينا على ألّا نأكل منه شيئاً فلم أكلته ؟ فجعلت تحلف أنها لم تأكل منه شيئاً ، و جعلت تتنصّل إليه فلم يصدّقها و جعل ينقرها حتّى ماتت.
فلمّا دخل الشتاء و جاءت الأمطار تندّى الحبّ و امتلأ العش كما كان،فلمّا رأى الذكر ذلك ندم ، ثم اضطجع إلى جانب الحمامة و قال: وما ينفعني الحبّ و العيش بعدك إذا طلبتك فلم أجدك و لم أقدر عليك ، و إذا فكّرت في أمرك و علمت أنّي ظلمتك و لا أقدر على تدارك ما فات.
ثمّ استمرّ على حزنه فلم يطعم طعاما" أو شرابا" حتّى مات من الحزن و الجوع ..