السماء خالية من العصافير. صفحة السماء زرقاء صافية والنهار يتلألأ كفضة. هذا هو وقت جد العصافير وكلها غادرت المدينة إلى الحقول المجاورة إلا ذلك العصفور اللطيف الذى جاء يسير على الأرض بجوار مقعدى فى الحديقة. أشبه بطفل صغير يتعلم المشى ويتعثر، لكن فى الوقت نفسه فخور جدا. متى جاء العصفور دون أن أشعر به؟ لا أدرى.
أرنو إليه. يقفز قفزات صغيرة متتالية وهو يتأمل الأرض بعناية.
الحديقة شبه مهجورة فى هذا الوقت من الشتاء، لذلك فهو يمشى بحرية. يبدو مغامرا بشكل ما ومتهورا أيضا. ماما قالت له إن الأرض خطرة وفيها الكثير من الكائنات المعادية. لابد أن أفكاراً كهذه دارت فى رأسه الصغير. ولابد أنه قال أيضا لنفسه: «ماما مبالغة جدا. الأرض مأمونة وخالية تقريباً من البشر».
لا أستطيع الاقتراب كثيرا، فحاسة الخطر لدى العصافير عالية جدا. مرة تركت مقعدى لأقترب من عصفور فى حذر فطار بسرعة خاطفة.
أيها العصفور لا تخف. ألم يخبرك قلبك الصغير الذى يدق مائتى دقة فى الدقيقة أنى.. أنى أحبك؟!
لا أستطيع تحويل نظرى عن تأمل ظرفه وطرافته. أعرف أنها مجرد ثوان معدودة يضيق بعدها العصفور بحياة الأرض المملة وبالقفزات الصغيرة المتلاحقة فيطير للسماء المفتوحة بلا حدود. لكن ربما كان هذا العصفور مختلفا عن سائر العصافير. ومنذ أن صار للطيور أجنحة منذ مائتى مليون عام والطيور لم تفكر فى العودة إلى الأرض أبدا. إنها مزدحمة وخطرة.
لكن عصفورا واحدا قال لنفسه: لماذا لا أجرب؟
الثوانى تمر. والدقائق تتوالى والعصفور يسير على الأرض مخالفا كل تقاليد الطيور. أيها العصفور الرائد الذى يصنع التاريخ فى تلك اللحظة. هل لدى العصافير حلمها فى الأرض يماثل حلمنا فى الفضاء؟ هل ضقت بالرحيل المستمر؟ هل تحسد الأشجار؟ وتحن لذكريات مائتى مليون عام خلت بغرائز غامضة حينما كان أجدادك يسيرون على الأرض قبل أن تنبت لهم أجنحة؟
اشرح لى أيها العصفور.
خذ حذرك. قط غادر يتسلل خلفك. بهدوء قاتل يقترب، لن أقلق فأنا أعرف أن غريزتك مرهفة، وستنقذك فى اللحظة الأخيرة، حتى لو كان القط صيادا متمرسا عبر ملايين السنين..
القط يقترب أكثر والعصفور يشعر بالخطر وينظر فى حذر نظرة جانبية متوترة. طر أيها الأحمق. هذا ليس وقت إثبات الشجاعة ولا صناعة التاريخ!. القط على بعد خطوات منك فلماذا لم تطر؟ الذعر واضح فى حركاتك المضطربة وتراجعك الغريزى، فلماذا لم تطر أيها العزيز المجنون؟
وكانت نفس اللحظة التى وثب فيها القط عليه هى تلك التى أدركت فيها أن العصفور لم يكن يمشى على الأرض الخطرة.. إلا.. لأن جناحه مكسور!!.
المغزى من القصة واضح , أحسنت الإنتقاء ولكن ...
لي ملاحظة بسيطة :
الظاهر كاتب القصة من الماديين الذين يؤمنون بنظرية التطور وهذا لا يتلائم مطلقاً مع عقيدتنا وديننا الحنيف , فالله تعالى منذ أن خلق الطير خلقه يطير وسبحان الله من أولى قصص أبينا آدم عليه السلام قصة الغراب مع ولديه .. لذا أرجو أن تتوخّى الحذر في نقل مثل هكذا أمور لأنك تعرف جيّداً أن الجماعة يدوفون السم الزعاف مع العسل ..
أرجو أن أكون لك مثل المرآة تنظر فيها إلى نفسك وأقل حق بيننا أن ( تحب لأخيك ما تحب لنفسك )