|
بــاحــث مهدوي
|
رقم العضوية : 65883
|
الإنتساب : May 2011
|
المشاركات : 1,191
|
بمعدل : 0.24 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى العقائدي
: الإتجاهُ الوسطي في مقولة : لاجبر ولا تفويض :
بتاريخ : 20-09-2012 الساعة : 04:59 PM
: الإتجاهُ الوسطي
في مقولة
: لاجبر ولا تفويض بل أمرٌ بين أمرين :
==============================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
لاشك ولا ريب في أنّا فاعلون لأفعالنا بالإختيار
والضرورة :البداهة قاضيةٌ وحاكمة بذلك
ففرقٌ بديهي بين سقوط الإنسان من سطح
ونزوله منه على الدرج
وإن لم نفعل أفعالنا بالإختيار لإمتنع تكليفنا بشيءٍ
وبالنتيجة يسقط مبدأ الثواب والعقاب
فضلا عن قبح أن يُخلَق الله تعالى الفعلَ فينا ثم يُعذِّبنا عليه
وحول حرية وإختيار الإنسان في هذا العالم الدنيوي
ظهرتْ مذاهبٌ كلاميّة متباينة الرؤى والنتيجة
وأشهرها ما يلي:
:1:
: مذهب الأشاعرة: الإتجاه الجبري:
فذهب زعيمهم أبو الحسن الأشعري ومن تابعه إلى أنّ الأفعال البشرية كلها
واقعة بقدرة الله تعالى وأنّ العبدَ لا فعل له أصلا .
وفصّل بعض الأشاعرة فقال:
إنّّ ذات الفعل من الله تعالى والعبد له الكسب:أي تحقيقه خارجا:بإعتبار أنَّ الله تعالى مُنزّه عن الماديات .
وفسروا الكسب بأنه كون الفعل طاعة أو معصية .
وقال بعضهم :
إنَّ معنى فعل العبد أنَّ العبد إذا صمم العزم على الشيء
خَلَقَ اللهُ تعالى الفعلَ عقيبه أي: بعد تصميم العبد مباشرة.
:2:
:مذهب المُعتزلة:المُفوِّضَة :
وقد ذهبوا إلى تفويض الأمر إلى العباد بمعنى أنَّ الله تعالى وحاشاه عن ذلك
قد رفع يده وقدرته عن فعل العبد في هذه الحياة الدنيا وتركه وشأنه
وهم بهذا المنحى الضال فكريا لا يختلفون عن اليهود الذين قالوا:
{ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ }المائدة64
:3:
: الإتجاه الوسطي الإمامي الشيعي :
القائل بنظرية الإمام جعفر الصادق:عليه السلام:
: لاجبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين :
:الكافي : الكليني :ج1:ص160:حديث 13:
بمعنى:
إنَّّ الأفعال الصادرة من العبد وصفاتها والكسب الذي ذكره الاشاعرة
كلها واقعة بقدرة العبد واختياره
وأنَّ العبد َ ليس بمجبور على فعله
بل له أن يفعل وله أن لا يفعل .
وهذا الإتجاه الوسطي هو الحقٌ
لوجوه :أهمها :
:1:
:الوجه الاول:
إنّا نجدُ تفرقةًً ضرورية بديهية بين صدور الفعل منّا تابعاً للقصد والداعي
كالنزول من السطح على الدرج اختياراً
وبين صدور الفعل لا كذلك
كالسقوط من السطح قهراً أو غفلةً.
فإنّا نقدر على الترك في النزول الإختياري
ولا نقدر على الترك في السقوط القهري وهذا أمرٌ معلوم بالوجدان.
فلو كانتْ الأفعال ليست منا أي:مجبرون عليها:
لكانتْ على وتيرة واحدة من غير فرقٍ بين الإختيار والقهر:الجبر:
ولكن الفرق حاصلٌ بالحس والوجدان
فيكون صدور الأفعال منا إختيارا وهو المطلوب خلافا لمذهب الاشاعرة الجبري.
:2:
:الوجه الثاني:
لو لم يكن العبدُ مُوجداً لأفعاله لإمتنع تكليفه
لأنّ التكليف فرع قدرة المكلّف على الإمتثال عقلا
والتكليف بغير المقدور مُحال عقلا
ومع جبرية العبد على أفعاله لاقدرة تبقى له على الإمتثال
فلا يصح تكليفه عقلا
لأنّه لو كُلّفَ العبد بذلك لكان تكليفاً بما لايطاق وهو باطل عقلا وإجماعا.
:3:
: الوجه الثالث:
إنه لو كان العبدُ غير قادرٍ وغير موُجد لفعله
لكان الله تعالى وحاشاه ظالما سبحانه عما يصفون
وهو العدلُ المُنزه عن الظلم عز وجل وفعل القبيح .
ولأنّه إذا صدر منه ذلك أي: كانت الأفعال البشرية كلها غير مقدورة للعبد ومجبور عليها ثم عاقبه عليها لكان سبحانه وتعالى ظالما .
والحال أنّ الافعال لم تصدر من العبد بل صدرتْ منه في صورة الجبر الأشعري
فلا يكون العبد مُستحقا للعقاب عقلا
لأنّه لم يفعل فعلا قَدِرَ عليه بل كان مجبورا على ذلك.
:4:
:الوجه الرابع:
:الأدلة السمعية النقليّة القطعية من القرآن الكريم :
والتي هي الفارق المعياري بين الحق والباطل
فأكثر النصوص القرآنية تُصرح بإضافة الفعل الى العبد
وتقول أنّ الفعل واقع بمشيئة العبد.
كقوله تعالى:
{فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ }البقرة79
أي:
هلاك ووعيد شديد لأحبار السوء من اليهود الذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون:
هذا من عند الله وهو مخالف لما أنزل الله على نبيِّه موسى عليه الصلاة والسلام; ليأخذوا في مقابل هذا عرض الدنيا.
فلهم عقوبة مهلكة بسبب كتابتهم هذا الباطل بأيديهم
ولهم عقوبة مهلكة بسبب ما يأخذونه في المقابل من المال الحرام, كالرشوة وغيرها.
وقوله تعالى:
{وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ }الأنعام116
{لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً }النساء123
وهذا غيض من فيض وإلاّ فهناك المئات من النصوص ما تثبت ذلك من إختيارية العبد وحريته فعلا وعدم جبريته في افعاله.
وسلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :
|
|
|
|
|