بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ... وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
-----------------------
زكاة الفطرة
قال السيد اليزدي قدس سره في العروة الوثقى :
( وهي واجبة إجماعاً من المسلمين ، ومن فوائدها أنها تدفع الموت في تلك السنة عمّن أديت عنه ، ومنها أنها توجب قبول الصوم ، فعن الصادق عليه السلام أنه قال لوكيله : اذهب فأعط من عيالنا الفطرة أجمعهم ، ولا تدع منهم أحدا فإنك إن تركت منهم أحدا تخوفت عليه الفوت ، قلت : وما الفوت ؟ قال عليه السلام : الموت وعنه عليه السلام إن من تمام الصوم إعطاء الزكاة ، كما أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله من تمام الصلاة ، لأنه من صام ولم يؤد الزكاة فلا صوم له إذا تركها متعمدا ولا صلاة له إذا ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم إن الله تعالى قد بدأ بها قبل الصلاة ، وقال : " قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى " والمراد بالزكاة في هذا الخبر هو زكاة الفطرة كما يستفاد من بعض الأخبار المفسرة للآية ، والفطرة إما بمعنى الخلقة فزكاة الفطرة أي زكاة البدن من حيث إنها تحفظه عن الموت ، أو تطهره عن الأوساخ ، وإما بمعنى الدين ، أي زكاة الإسلام والدين ، وإما بمعنى الإفطار لكون وجوبها يوم الفطر ) .
وجوب زكاة الفطرة :
وهي واجبة على كل بالغ عاقل حر غني أي يملك قوت سنته فعلاً او قوة وههنا صور :
الصورة الاولى : أن يكون البالغ العاقل الحر الغني هو المعيل على نفسه ويعيش من كسبه فهنا يجب عليه ان يدفع فطرة نفسه .
الصورة الثانية : أن يكون البالغ العاقل الحر الغني في عيلولة غيره بمعنى أنه يعيش على كسب غيره كالأب او الزوج وهنا تجب زكاة الفطرة على من يعيله ولا يجب إخراجها بنفسه الا إذا لم يخرجها المعيل عنه فيجب أن يخرجها هو عن نفسه .
الصورة الثالثة : أن يكون البالغ العاقل الحر الغني معيلاً لمن لم يستجمع الشرائط كالطفل والمجنون والعبد والفقير فحينئذ يجب عليه أن يدفع فطرته وفطرتهم وإن لم يجب عليهم الدفع بأنفسهم .
وقت إخراج زكاة الفطرة :
زكاة الفطرة من الواجبات المؤقتة فيجب إخراجها في وقت مخصوص له مبدأ ومنتهى
أما مبدؤه ففيه قولان
الاول : أنها تجب بدخول ليلة العيد فدفعها ليلة العيد مجزٍ وهو رأي السيد الصدر والسيد السيستاني
الثاني : أنها تجب بطلوع الفجر من يوم العيد وهو الرأي المعروف
وأما من حيث المنتهى ففيه ثلاثة أقوال :
الاول : أنه زوال يوم العيد سواء صلى صلاة العيد أو لا وهو رأي السيد الحكيم
الثاني : أن وقتها ينتهي بزوال يوم العيد لمن لم يصل صلاة العيد أما من يصليها فيجب إخراجها قبل الصلاة او لا أقل عزلها ، وهو الرأي المعروف
الثالث : أن وقتها يمتد الى غروب يوم العيد وهو رأي السيد الروحاني
هذا ولكن لا أثر للخلاف في مبدء وقت زكاة الفطرة لأن أغلب العلماء يجيزون تقديمها على أول وقتها سواء كان هو غروب ليلة العيد أو فجر يوم العيد ، فيجوز دفع زكاة الفطرة قبل ذلك ولو من أول يوم من شهر رمضان والأفضل أن يكون ذلك بعنوان القرض كما سيأتي إن شاء الله
والاحتياط يقتضي أن يدفعها صبيحة يوم العيد قبل أداء صلاة العيد أو قبل الزوال إذا لم يصل صلاة العيد
جنس الفطرة :
هو القوت الشائع المتعارف كالتمر والحنطة والشعير وغيرها ، وكما يجوز إخراج الفطرة من هذه الأجناس يجوز دفع قيمتها من النقود والعبرة بالقيمة وقت الإخراج لا وقت الوجوب وبلد الإخراج لا بلد المكلف فيما لو تغايرا ، فالعراقي مثلاً إذا كان في بلد آخر وأراد دفع القيمة فلا بد من مراعاة القيمة في البلد الذي هو فيه لا القيمة في العراق .
كما لابد من قصد البدلية في دفع القيمة لأحد الاجناس ولايكفي دفع النقود ابتداء من دون قصد البدلية ، فيقصد أن يدفع بدل التمر مثلاً .
وأفضل أجناس الفطرة التمر فعن أبي عبد الله (ع) قال حين سأله أحدهم عن صدقة الفطرة : " التمر أحبُّ إليَّ فإنَّ لك بكلِ تمرة نخلة في الجنة " .
مقدار زكاة الفطرة :
مقدار الفطرة صاع من طعام وهو يساوي ثلاث كيلوات تقريباً ، ومعنى ذلك هو لزوم إخراج صاع من طعام أو قيمته عن كل فردٍ ، ولا يجوز الأقل .
من تدفع اليه زكاة الفطرة :
مستحق زكاة الفطرة
المعروف هم الأصناف الثمانية الذين هم مستحقو الزكاة والمذكورون في قوله تعالى :
" إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ " التوبة / 60
واحتاط السيد السيستاني لزوماً بالاقتصار على الفقراء والمساكين
ويشترط فيمن تدفع له أن يكون مؤمناً أي اثني عشرياً ، وأن لا يكون في الدفع له إعانة على الإثم ، وأن لا تعطى لواجبي النفقة فلا يجوز للزوج أن يعطيها لزوجته الفقيرة كما لا يجوز اعطاؤها للاب او الام او الولد ، وأن لا يكون هاشمياً إذا كان الدافع غير هاشمي
بعض المسائل المهمة
الاولى : لا يجوز إخراج زكاة الفطرة الى بلد آخر مع وجود المستحق في البلد الا اذا كان النقل الى الحاكم الشرعي .
الثانية : اذا لم يوجد المستحق في البلد فهل يجوز دفعها للفقراء من المذاهب الاخرى ؟
الجواب : المعروف الجواز بشرط كون المدفوع له مستضعفاً أي معذوراً في خلافه غير معاند في اتباع الحق ، واكتفى السيد السيستاني بعدم كونه ناصبياً .
الثالثة : يستحب تقديم الفقراء الارحام على غيرهم فان لم يوجد في الارحام فقير استحب تقديم الفقراء من الجيران على غيرهم ، والافضل تقديم اصحاب العلم والفضل من الفقراء على غيرهم .
الرابعة : يجوز للهاشمي ( السيد ) دفع فطرته للفقير الهاشمي وغير الهاشمي ، اما غير الهاشمي فلا يجوز دفع فطرته للهاشمي وانما يدفعها للعامي ( غير السيد ) .
الخامسة : يجوز تقديم دفع زكاة الفطرة على ليلة العيد خلال شهر رمضان لكن الافضل والاحوط استحبابا ان يكون ذلك من باب القرض بمعنى ان تدفع للفقير بعنوان الدين او القرض فاذا حلت ليلة العيد احتسبها عليه زكاة فطرة وابرء ذمته من الدين بشرط كونه مستحقا في ذلك الوقت
وبعض العلماء احتاط وجوباً بذلك منهم السيد الصدر حيث حكم بالاحتياط الوجوبي في ان يكون التقديم من باب القرض وليس بعنوان زكاة الفطرة
هذا ملخص احكام زكاة الفطرة والمهم فيها وهناك تفاصيل اخرى بامكان القارئ الكريم الوقوف عليها بمراجعتها في مظانها .
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين