الحديث الخامس
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يجصص القبر أو يبنى عليه أو أن يقعد عليه
مستدرك الوسائل 1/127.
الحديث السادس
عن الإمام الصادق رحمه الله قال: \" من أكل السحت سبعة: الرشوة في الحكم ومهر البغي وأجر الكاهن وثمن الكلب والذين يبنون البناء على القبور\"
مستدرك الوسائل 1/127.
الحديث السابع
عن علي بن جعفر قال: سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن البناء على القبر والجلوس عليه هل يصلح؟ فقال: لا يصلح البناء عليه ولا الجلوس ولا تجصيصه ولا تطيينه
وسائل الشيعة 2/869 ، جامع أحاديث الشيعة 3/444.
الجواب
وأما ما في هذا الحديث الخامس وكذا السادس والسابع الأخير من تحريم (البناء على القبر) فلا دلالة فيه على تحريم تعمير المشاهد المقدسة، وذلك من وجوه:
الأول؛ لما عرفتَ من أن المنهي عنه اتخاذها مساجد على نحو ما يفعل اليهود والنصارى، أو اتخاذها معابد على نحو ما كان يفعل أهل الجاهلية، فيكون البناء المحرّم مقيّدا بهذا القصد وهذه الغاية. إما إن كان المُراد من البناء إقامة مسجد يُعبد الله تعالى فيه ويكون القبر في جانب منه؛ فلا محذور في ذلك بل هو مستحب راجح، أكدته الآية الكريمة المزبورة الحاكية لقصة أصحاب الكهف. ولا بدّ من حمل أخبار النهي هذه على ذلك القيد مع صراحة الآية وإفادتها جواز بناء المساجد التي يكون في جانب منها قبر، بشرط أن لا يُصلّى أو يُسجد عليه أو إليه كما ذكرنا.
الثاني؛ أن بناء المشاهد - دقّياً - ليس بناءً على القبر، فإن القبر لم يرتفع بأزيد مما ورد في الآثار من الشبر أو الأربع أصابع المفرّجات، وإنما البناء هو لما حوله وما يعلوه من سقف وقبّة، وبينه وبين ذلك العمران فضاء ظاهر، وليس ثمة بناء متراكم على أصل القبر، فيكون دليل النهي أجنبياً عن هذا المقام، فإن المحذور هو البناء المتراكم لأنه يثقل على صاحب القبر، فقد رُوي عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: ”كل ما جُعل على القبر من غير تراب القبر فهو ثقل على الميت“. (من لا يحضره الفقيه للصدوق ج1 ص189).
الثالث؛ إن دُفع كل ما سبق، فإنه يبقى الدليل الخاص في جواز تعمير قبور الأئمة الأطهار من آل النبي (صلوات الله عليهم أجمعين) وهو يخرجها من حكم المنع - إن تمّ - تخصيصاً، وفي ذلك أخبار كثيرة، منها ما عن أبي عامر الساجي واعظ أهل الحجاز قال: ”أتيتُ أبا عبد الله عليه السلام فقلتُ له: ما لمن زار قبره؟ - يعني أمير المؤمنين عليه السلام - وعمّر تربته؟ فقال: يا أبا عمار، حدّثني أبي عن أبيه عن جدّه الحسين بن علي عليهما السلام عن علي عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال له: والله لتُقتلنّ بأرض العراق وتُدفن بها! قلت: يا رسول الله؛ ما لمن زار قبورنا وعمّرها وتعاهدها؟ فقال لي: يا أبا الحسن؛ إن الله تعالى جعل قبرك وقبر وُلدك بقاعاً من بقاع الجنة وعرصة من عرصاتها، وإن الله جعل قلوب نجباء من خلقه وصفوة من عباده تحنُّ إليكم وتحتمل المذلّة والأذى، فيعمّرون قبوركم ويكثرون زيارتها تقرّباً منهم إلى الله ومودّة منهم لرسوله، أولئك يا علي المخصوصون بشفاعتي، الواردون حوضي، وهم زوّاري غداً في الجنة. يا علي من عمَّرَ قبوركم وتعاهدها فكأنما أعان سليمان بن داود على بناء بيت المقدس! ومن زار قبوركم عدل ذلك له ثواب سبعين حجة بعد حجة الإسلام، وخرج من ذنوبه حتى يرجع من زيارتكم كيوم ولدته أمه، فأبشر وبشِّر أولياءك ومحبيك من النعيم وقرّة العين بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ولكن حثالة من الناس يعيرِّون زوّار قبوركم بزيارتكم كما تُعيَّر الزانية بزناها! أولئك شرار أمتي! لا نالتهم شفاعتي! ولا يردون حوضي“! (التهذيب ج6 ص22).
فها هو النبي (صلى الله عليه وآله) قد وصف الذين يعمّرون قبور أهل بيته (عليهم السلام) بالصفوة النجباء المخصوصين بالشفاعة، وليسوا إلا الشيعة. بينما وصف (صلى الله عليه وآله) الذين يعيّرونهم بالحثالة الأشرار المحرومين من الشفاعة ومن الورود على الحوض! وليسوا إلا الناصبة الوهابية!
فنحن نمضي على تعمير مشاهد أئمتنا من آل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) ونتعاهد قبورهم بالزيارة والدعاء والابتهال إلى الله تعالى أن يرزقنا شفاعتهم ولا يحرمنا الاجتماع معهم في الجنة. أما مخالفونا فهنيئاً لهم الاجتماع بأئمتهم في نار جهنم فإنه يُدعى كل أناس بإمامهم!