قيس بن سعد بن عُبادة الأنصاري الخزرجي، وأبوه سعد كان زعيم الخزرج. (1)
ولادته
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلاّ أنّه كان من أعلام القرن الأوّل الهجري.
صحبته
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبيّ(صلى الله عليه وآله)، ومن أصحاب الإمامينِ أمير المؤمنين و الحسن المجتبى(عليهما السلام).
جوانب من حياته
* كان من جملة العشرة الذين نصروا رسول الله(صلى الله عليه وآله).
* اشترك مع النبيّ(صلى الله عليه وآله) في حروبه كلّها: بدر، وأُحد، والخندق... .
* عدّه البرقي في رجاله من الاثني عشر الذين أنكروا على أبي بكر.
* كان من الذين لم يبايعوا أبا بكر بالخلافة.
* كان من السابقين الأوّلين الذين رجعوا إلى الإمام عليّ(عليه السلام)(2).
* أرسله الإمام عليّ(عليه السلام) مع الإمام الحسن(عليه السلام) وعمّار بن ياسر إلى أهل الكوفة مستنفريهم لمقاتلة أهل الجمل(3).
* اشترك مع الإمام عليّ(عليه السلام) في حروبه كلّها: الجمل وصفّين والنهروان، وكان فيها من قادة الجيش.
* كان من شرطة الخميس، ومن أمرائهم في الكوفة.
من أقوال الأئمّة(عليهم السلام) فيه
1ـ قال الإمام عليّ(عليه السلام) في كتابه إلى أهل مصر: «وقد بعثت إليكم قيس بن سعد أميراً فوازروه وأعينوه على الحق... وهو ممّن أرضى هديه، وأرجو صلاحه ونصيحته»(4).
2ـ قال الإمام الحسن(عليه السلام) له ولأصحابه المخلصين بعد صلحه مع معاوية: «صدقتم رحمكم الله، ما زلت أعرفكم بصدق النية، والوفاء بالقول، والمودّة الصحيحة، فجزاكم الله خيراً»(5).
من أقوال العلماء فيه
1ـ قال إبراهيم بن محمّد الثقفي(قدس سره): «وكان قيس بن سعد(رحمه الله) من مناصحي عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، فلمّا قام عليّ استعمله على مصر»(6).
2ـ قال الشيخ المفيد(قدس سره): «سيّد النقباء من الأنصار»(7).
3ـ قال الواقدي(ت:207ه): «من كرام أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأسخيائهم ودهاتهم»(8).
4ـ قال ابن أبي الحديد المعتزلي(ت:656ه): «وكان قيس بن سعد من كبار شيعة أمير المؤمنين(عليه السلام)، وقائل بمحبّته وولائه، وشهد معه حروبه كلّها... وكان طالبي الرأي، مخلصاً في اعتقاده وودّه»(9).
من خطبه
1ـ قال(رضي الله عنه) للإمام عليّ(عليه السلام) قبل معركة الجمل: «يا أمير المؤمنين، ما على الأرض أحد أحبّ إلينا أن يقيم فينا منك، لأنّك نجمنا الذي نهتدي به، ومفزعنا الذي نصير إليه، وإن فقدناك لتظلمن أرضنا وسماؤنا، ولكن والله لو خلّيت معاوية للمكر، ليرومن مصر، وليفسدن اليمن، وليطمعن في العراق، ومعه قوم يمانيون قد أشربوا قتل عثمان، وقد اكتفوا بالظنّ عن العلم، وبالشكّ عن اليقين، وبالهوى عن الخير، فسر بأهل الحجاز وأهل العراق، ثمّ أرمه بأمر يضيق فيه خناقه، ويقصر له من نفسه. فقال(عليه السلام): أحسنت والله يا قيس، وأجملت»(10).
2ـ قال(رضي الله عنه) في الكوفة مستنفراً أهلها لمقاتلة أهل الجمل: «أيّها الناس، إنّ هذا الأمر لو استقبلنا به الشورى لكان عليّ أحقّ الناس به في سابقته وهجرته وعلمه، وكان قتال مَن أبى ذلك حلالاً، فكيف والحجّة قامت على طلحة والزبير، وقد بايعاه وخلعاه حسداً»(11).
3ـ قال(رضي الله عنه) يوم صفّين: «إنّ معاوية قد قال ما بلغكم، وأجاب عنكم صاحبكم، فلعمري لئن غظتم معاوية اليوم لقد غظتموه بالأمس، وإن وترتموه في الإسلام فقد وترتموه في الشرك، وما لكم إليه من ذنب أعظم من نصر هذا الدين الذي أنتم عليه، فجدّوا اليوم جدّاً تنسونه به ما كان أمس، وجدّواً غداً جدّاً تنسونه به ما كان اليوم، وأنتم مع هذا اللواء الذي كان يقاتل عن يمينه جبرائيل وعن يساره ميكائيل، والقوم مع لواء أبي جهل والأحزاب»(12).
ولايته لمصر
عيّنه الإمام عليّ(عليه السلام) والياً على مصر، وقال له: «سر إلى مصر فقد وليتكها، وأخرج إلى رحلك فاجمع فيه من ثقاتك مَن أحببت أن يصحبك حتّى تأتيها ومعك جند، فإنّ ذلك أرهب لعدوّك وأعزّ لوليك، فإذا أنت قدمتها إن شاء الله فأحسن إلى المحسن، واشتد على المريب، وارفق بالخاصّة والعامّة، فإنّ الرفق يمن»(13).
خرج(رضي الله عنه) في سبع نفر من أصحابه حتّى دخل مصر فصعد المنبر، فأمر بكتاب معه من الإمام علي(عليه السلام) فقرئ على الناس، ثمّ قام خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه وقال: «الحمد لله الذي أمات الباطل وأحيى الحقّ وكبت الظالمين، أيّها الناس، إنّا بايعنا خير مَن نعلم بعد نبيّنا(صلى الله عليه وآله) فقوموا فبايعوا على كتاب الله وسنّة نبيّه، فإن نحن لم نعمل فيكم بكتاب الله وسنّة رسوله فلا بيعة لنا عليكم. فقام الناس فبايعوا، واستقامت له مصر وأعمالها»(14).
من شعره
قال(رضي الله عنه) عن واقعة الغدير:
«وعليّ إمامنا وإمام ** لسوانا أتى به التنزيل
يوم قال النبيّ مَن كنت مولاه ** فهذا مولاه خطب جليل
إنّ ما قاله النبيّ على الأُمّة ** حتم ما فيه قال وقيل»(15).
مبايعته للإمام الحسن(عليه السلام) وقتاله معه
بادر(رضي الله عنه) بعد شهادة الإمام عليّ(عليه السلام) إلى مبايعة الإمام الحسن(عليه السلام)، وصار من أصحابه والمحامين والمدافعين عنه، وحينما وجّه (عليه السلام) عبيد الله بن العباس في اثني عشر ألفاً لقتال معاوية خرج معه، ولمّا هرب عبيد الله ليلاً نحو صفوف معاوية بعد أن أرسل إليه مبلغاً من المال، صلّى قيس صلاة الصبح مكانه وقاد الجيش وبذلك سدّ خللاً كاد أن يقع.
وما أن سمع بطعن الإمام الحسن(عليه السلام) اغتمّ لذلك وتأسّف لتفرّق الأصحاب، وأرجع الأموال التي بعثها إليه معاوية لينحاز إليه قائلاً له: «تخدعني عن ديني!»(16)، فترك هذا الموقف وغيره من المواقف آثاره على نفس معاوية، حتّى استثناه من الشيعة في الأمان بعد صلحه مع الإمام الحسن(عليه السلام) لشدّة حقده عليه.
وفاته
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 60ه.
المصادر:
1. اُنظر: معجم رجال الحديث 15/96 رقم9675.
2. اُنظر: اختيار معرفة الرجال 1/185.
3. اُنظر: الأمالي للطوسي: 718 ح1518.
4. الغارات 1/211.
5. مقاتل الطالبيين: 40.
6. الغارات 1/208.
7. أقسام المولى: 7.
8. الاستيعاب 3/1289 رقم2134.
9. شرح نهج البلاغة 10/112.
10. الأمالي للطوسي: 716 ح1518.
11. المصدر السابق: 719 ح1518.
12. وقعة صفّين: 446.
13. الغارات 1/208.
14. المصدر السابق 1/211.
15. أقسام المولى: 37.
16. تاريخ اليعقوبي 2/214.