دخل رجل على امير المؤمنين وقال:
أنا رجل بعثني إليك معاوية أسألك عن شئ بعث فيه ابن الاصفر وقال له :
إن كنت أحق بهدا الامر والخليفة بعد محمد - صلى الله عليه وآله - فأجبني عما أسألك فإنك إذا
فعلت ذلك اتبعتك وبعثت إليك بالجائزة ، فلم يكن عنده جواب وقد أقلقه ذلك ، فبعثني إليك لاسألك
عنها .
فقال أميرالمؤمنين عليه السلام :
علي بالحسن والحسين ومحمد ، فاحضروا ، فقال :
يا شامي هذان ابنا رسول الله وهذا ابني ، فاسأل أيهم أحببت ، فقال :
أسأل ذا الوفرة يعني الحسن عليه السلام وكان صبيا ، فقال له الحسن عليه السلام .
سلني عما بدالك .
فقال الشامي :
كم بين الحق والباطل ؟ وكم بين السماء والارض ؟ وكم بين المشرق والمغرب ؟
وما قوس قزح ؟ وما العين التي تأوي إليها أرواح المشركين ؟
وما العين التي تأوي إليها أرواح المؤمنين ؟
وما المؤنث ؟
وما عشرة أشياء بعضها أشد من بعض .
فقال الحسن بن علي عليهما السلام :
بين الحق والباطل أربع أصابع ، فما رأيته بعينك فهو الحق وقد تسمع باذنيك باطلا كثيرا .
قال : وبين السماء والارض دعوة المظلوم ومد البصر ، فمن قال لك غير هذا فكذبه .
قال : وبين المشرق والمغرب مسيرة يوم للشمس ، تنظر إليها حين تطلع من مشرقها وحين
تغيب في مغربها .
قال فما قوس قزح ؟
قال : ويحك لا تقل : قوس قزح ،
فإن قزح اسم شيطان ، وهو قوس الله وعلامة الخصب و أمان لاهل الارض من الغرق .
وأما العين التي تأوي إليها أرواح المشركين فهي عين يقال لها برهوت ، وأما العين التي تأوي
إليها أرواح المؤمنين فهي عين يقال لها سلمى ،
وأما المؤنث فهو الذي لا يدرى أذكر هو أو انثى ، فإنه ينتظر به فإن كان ذكرا احتلم ، وإن كانت
انثى حاضت وبداثديها ، وإلا قيل له : بل على الحائط فإن أصاب بوله الحائط فهو ذكر ، وإن
انتكص بوله كما ينتكص بول البعير فهي امرأة .
وأما عشرة أشياء بعضها أشد من بعض :
فأشد شئ خلقه الله عزوجل الحجر ، وأشد من الحجر الحديد يقطع به الحجر ، وأشد من الحديد
النار تذيب الحديد ، وأشد من النار الماء يطفئ النار ، وأشد من الماء السحاب يحمل الماء ،
وأشد من السحاب الريح يحمل السحاب ، وأشد من الريح الملك الذي يرسلها ، وأشد من الملك
ملك الموت الذي يميت الملك ، وأشد من ملك الموت الموت الذي يميت ملك الموت ، وأشد من
الموت أمرالله رب العالمين الذي يميت الموت .
فقال الشامي :
أشهد أنك ابن رسول الله حقا ، وأن عليا أولى بالامر من معاوية ،
ثم كتب هذه الجوابات وذهب بها إلى معاوية فبعثها معاوية إلى ابن الاصفر فكتب إليه ابن
الاصفر :
يا معاوية لم تكلمني بغير كلامك ، وتحبيبني بغير جوابك ؟
اقسم بالمسيح ما هذا جوابك ، وما هو إلا من معدن النبوة وموضع الرسالة ، وأما أنت فلو
سألتني درهما ما أعطيتك
البحار ج 10 ص