بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
عنوآن الموضوع
من هو الخليفة الفعلي ؟؟؟ أبو بكر أم عمر بن الخطــاب ؟؟ ...تفضلوا
بسم الله الرحمن الرحيم
قال ابن حجر في الإصابة - ج 5 ص 56 بترجمة عيينة بن حصين رقم (6146) :
قال البخاري في "التاريخ الصغير" : حدثنا محمد بن العلاء ،
وقال المحاملي في "أماليه" : حدثنا هارون بن عبد الله ، واللفظ له ،
(قالا) : حدثنا عبد الرحمن بن حميد (محمد) المحاربي حدثنا حجاج بن دينار (عن أبي عثمان-× )عن محمد بن سيرين عن عبيدة بن عمرو قال : جاء الاقرع بن حابس وعيينة بن حصن إلى أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه فقال يا خليفة رسول الله إن عندنا أرضا سبخة ليس فيها كلا ولا منفعة فإن رأيت أن تقطعناها فأجابهما وكتب لهما وأشهد القوم وعمر ليس فيهم فانطلقا إلى عمر ليشهداه فيه فتناول الكتاب وتفل فيه ومحاه فتذمرا له وقالا له مقالة سيئة فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتألفكما والاسلام يومئذ قليل إن الله قد أعز الاسلام اذهبا فاجهدا علي جهدكما لا رعى الله عليكما إن رعيتما فأقبلا إلى أبي بكر وهما يتذمران فقالا ما ندري والله أنت الخليفة أو عمر فقال لا بل هو لو كان شاء فجاء عمر وهو مغضب حتى وقف على أبي بكر فقال : أخبرني عن هذا الذي أقطعتهما أرض هي لك خاصة أو للمسلمين عامة ؟؟ قال : بل للمسلمين عامة . قال : فما حملك على أن تخص بها هذين ؟؟ . قال : استشرت الذين حولي فأشاروا علي بذلك ، وقد قلت لك إنك أقوى على هذا مني فغلبتني .انتهى
ملاحظة : طبعاُ لاحظتم أن ابن حجر اختار لفظ "أمالي المحاملي" ، لأنه صاحب خبرة مع الأخ البخاري ( كم مرة أحرجه في شرح صحيحه ) من كثرة القططططع والبتتتتتتر في الأحاديث والآثار.
فقال هنا ( كفاية بخاري أحرجتنا )
ولكي تكون على يقين من قولنا ......
تعال لتقرأ لفظ البخاري في نقل الحادثة في "تاريخيه "الصغير" و "الأوسط"
قال في التاريخ الصغير ج1/81 والتاريخ الأوسط 1/143 : حدثني محمد بن العلاء ، ثنا عبدالرحمن بن محمد المحاربي ، عن الحجاج بن دينار ، عن ابن أبي عثمان الصواف ، عن محمد بن سيرين ، عن عبيدة السلماني : أن عيينة بن حصن (حصين) والأقرع بن حابس استقطعا ابا بكر أرضاً ، فقال عمر : إنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤلفكما على الإسلام ، فأما الآن فاجهدا جهدكما . انتهى
يقول مرآة التواريخ : أهاااااا .... لقد عرفنا السر في جعل كتابك الصحيح : الصحيح الأوحد..!!
وراجع القصة في تاريخ دمشق لابن عساكر ج9/195 – 196 .
تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ج 9 ص 195 :
قال ابن عساكر الدمشقي الشافعي : أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخطيب نا أبو منصور محمد بن الحسن أنا أبو العباس أنا أحمد بن الحسين أنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري حدثنا محمد بن العلاء حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن الحجاج بن أبي عثمان الصواف عن محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني أن عيينة بن بدر(حصين) والأقرع بن حابس استقطعا أبا بكر أرضا فقال عمر إنما كان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) يتألفكما على الإسلام فأما الآن فاجهدا جهدكما .انتهى
وقال ابن عساكر ايضاً :
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا محمد بن هبة الله الطبري أنا محمد بن الحسين القطان أنا عبد الله بن جعفر حدثنا يعقوب بن سفيان حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني حدثنا المحاربي عن الحجاج بن دينار الواسطي عن ابن سيرين عن عبيدة قال : جاء عيينة بن حصن والأقرع بن حابس إلى أبي بكر فقالا : يا خليفة رسول الله إن عندنا أرضا سبخة ليس فيها نخلا ولا منفعة فإن رأيت أن تقطعناها لعلنا نحرثها ونزرعها فلعل الله ينفع بها بعد اليوم .
قال : فأقطعهم إياها ، وكتب لهما كتابا وأشهد (عمر) ، وعمر ليس في القوم ، فانطلقا إلى عمر ليشهداه فوجداه يصلح بعيراً له .
فقالا : إن أبا بكر قد أشهدك على ما في هذا الكتاب ، أفنقرأ عليك أو تقرأ ؟؟
قال : أنا على الحال التي ترياني ، فإن شئتما فاقرئا ، وإن شئتما فانتظرا حتى أفرغ فأقرأ .
قالا : بل نقرأه ..!!
فلما سمع ما في الكتاب تناوله من أيديهما ثم تفل فيه فمحاه فتذمرا وقالا مقالة شتم (سيئة)!!
فقال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كان يتألفكما والإسلام يومئذ ذليل ، وأن الله عز وجل قد أعز الإسلام ، فاذهبا فاجهدا جهدكما ، لا أرعى الله عليكما إن أرعيتما .
قال : فاقبلا إلى أبي بكر وهما يتذمران فقالا : والله ما ندري أنت الخليفة أم عمر ..!!؟؟؟
فقال : بل هو لو كان شيئا .
قال : فجاء عمر مغضبا حتى وقف على أبي بكر . فقال : أخبرني عن هذه الأرض التي أقطعتها هذين الرجلين أرض لك خاصة أم هي بين المسلمين عامة ؟؟!! .
قال : فما حملك على أن تخص هذين بها دون جماعة المسلمين ؟؟؟
قال : استشرت هؤلاء الذين حولي فأشاروا علي بذلك .
قال : فإذا استشرت هؤلاء الذين حولك أكل المسلمين أوسعت مشورة ورضى ؟؟؟
قال : فقال أبو بكر : قد كنت قلت لك إنك أقوى على هذا الأمر مني ولكنك غلبتني .انتهى
قال ( أي عبدالله بن جعفر ): ونا يعقوب ( بن سفيان ) حدثنا سليمان بن حرب حدثنا جرير بن حازم عن نافع أن أبا بكر أقطع الأقرع بن حابس والزبرقان قطيعة وكتب لهما كتابا.
فقال لهما عثمان : أشهدا عمر فهو حرزكما وهو الخليفة بعده .
قال : فأتيا عمر . فقال لهما : من كتب لكما هذا الكتاب ؟؟
قالا : أبو بكر .
قال : لا والله ، ولا كرامة ، والله ليفلقن وجوه المسلمين بالسيوف والحجارة ثم تكون لكما هذا ..!!
قال : فتفل فيه فمحاه .
فأتيا أبا بكر فقالا : ما ندري أنت الخليفة أم عمر ؟؟!!
قال : ثم أخبراه !!
فقال : فإنا لا نجيز إلا ما أجازه عمر.
المعرفة والتاريخ ليعقوب بن يوسف الفسوي ج3/294
يقول مرآة التواريخ : لماذا نرى أبا بكر هنا لم يتشدد في الأرض التي طلبها منه الأقرع بن حابس وصاحبه فأعطاهما إياها بدون تثبت ولا تشدد ولا إحضار شهود؟؟؟
بينما نلاحظه أطـــال الخصومة في أرض فـــدك التي أعطاها رسول الله صلى الله عليه وآله لابنته الصديقة فاطمة عليها السلام ؟؟
هل أن الأقرع وصاحبه اصدق من الزهراء عليها السلام ؟؟؟
قال الفخر الرازي ما نصه :
(المسألة الثانية: روي أنه عليه السلام لما أورد الدلائل على نصارى نجران، ثم إنهم أصروا على جهلهم، فقال عليه السلام: "إن الله أمرني إن لم تقبلوا الحجة أن أباهلكم" .
فقالوا: يا أبا القاسم، بل نرجع فننظر في أمرنا ثم نأتيك فلما رجعوا قالوا للعاقب: وكان ذا رأيهم، يا عبد المسيح ما ترى؟
فقال: والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمداً نبي مرسل، ولقد جاءكم بالكلام الحق في أمر صاحبكم، والله ما باهل قوم نبياً قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ولئن فعلتم لكان الاستئصال فإن أبيتم إلا الإصرار على دينكم والإقامة على ما أنتم عليه، فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج وعليه مرط من شعر أسود، وكان قد احتضن الحسين وأخذ بيد الحسن، وفاطمة تمشي خلفه، وعلي رضي الله عنه خلفها، وهو يقول، إذا دعوت فأمنوا .
فقال أسقف نجران: يا معشر النصارى، إني لأرى وجوهاً لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها ، فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة.
ثم قالوا: يا أبا القاسم، رأينا أن لا نباهلك وأن نقرك على دينك.
فقال صلوات الله عليه: "فإذا أبيتم المباهلة فأسلموا، يكن لكم ما للمسلمين، وعليكم ما على المسلمين" .
فأبوا !! .
فقال: "فإني أناجزكم القتال" .
فقالوا : ما لنا بحرب العرب طاقة، ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ولا تردنا عن ديننا، على أن نؤدي إليك في كل عام ألفي حلة: ألفا في صفر، وألفا في رجب، وثلاثين درعاً عادية من حديد .
فصالحهم على ذلك .
وقال: "والذي نفسي بيده، إن الهلاك قد تدلى على أهل نجران، ولو لاعنوا لمُسِخُوا قردة وخنازير ، ولاضطرم عليهم الوادي ناراً، ولاستأصل الله نجران وأهله، حتى الطير على رؤوس الشجر، ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى يهلكوا" .
وروي أنه عليه السلام لما خرج في المرط الأسود، فجاء الحسن رضي الله عنه فأدخله، ثم جاء الحسين رضي الله عنه فأدخله ثم فاطمة، ثم علي رضي الله عنهما ثم قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيــراً} (الأحزاب: 33) .
واعلم أن هذه الرواية كالمتفق على صحتها بين أهل التفسير والحديث.
المسألة الثالثة: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ } أي في عيسى عليه السلام، وقيل: الهاء تعود إلى الحق، في قوله {ٱلْحَقُّ مِن رَّبّكَ} (هود: 17) {مّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ ٱلْعِلْم} (البقرة: 145) بأن عيسى عبد الله ورسوله عليه السلام وليس المراد ههنا بالعلم نفس العلم لأن العلم الذي في قلبه لا يؤثر في ذلك، بل المراد بالعلم ما ذكره بالدلائل العقلية، والدلائل الواصلة إليه بالوحي والتنزيل، فقل تعالوا: أصله تعاليوا، لأنه تفاعلوا من العلو، فاستثقلت الضمة على الياء، فسكنت، ثم حذفت لاجتماع الساكنين، وأصله العلو والارتفاع، فمعنى تعالى ارتفع، إلا أنه كثر في الاستعمال حتى صار لكل مجيء، وصار بمنزلة هلم.
المسألة الرابعة: هذه الآية دالة على أن الحسن والحسين عليهما السلام كانا ابني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعد أن يدعو أبناءه، فدعا الحسن والحسين، فوجب أن يكونا ابنيه، ومما يؤكد هذا قوله تعالى في سورة الأنعام {وَمِن ذُرّيَّتِهِ دَاوُودُ وَسُلَيْمَـٰنَ} (الأنعام: 84) إلى قوله {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ} (الأنعام: 85) ومعلوم أن عيسى عليه السلام إنما انتسب إلى إبراهيم عليه السلام بالأم لا بالأب، فثبت أن ابن البنت قد يسمى ابناً، والله أعلم.
المسألة الخامسة: كان في الري رجل يقال له: "محمود بن الحسن الحمصي" ، وكان مُعلِّم الاثني عشرية ، وكان يزعم أن علياً رضي الله عنه أفضل من جميع الأنبياء سوى محمد عليه السلام.
قال: والذي يدل عليه قوله تعالى: {وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ } وليس المراد بقوله {وَأَنفُسَنَا } نفس محمد صلى الله عليه وسلم ، لأن الإنسان لا يدعو نفسه ، بل المراد به غيره ، وأجمعوا على أن ذلك الغير كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فدلت الآية على أن نفس علي هي نفس محمد ، ولا يمكن أن يكون المراد منه، أن هذه النفس هي عين تلك النفس، فالمراد أن هذه النفس مثل تلك النفس، وذلك يقتضي الاستواء في جميع الوجوه، ترك العمل بهذا العموم في حق النبوة، وفي حق الفضل لقيام الدلائل على أن محمداً عليه السلام كان نبياً وما كان علي كذلك، ولانعقاد الإجماع على أن محمداً عليه السلام كان أفضل من علي رضي الله عنه، فيبقى فيما وراءه معمولاً به، ثم الإجماع دلَّ على أن محمداً عليه السلام كان أفضل من سائر الأنبياء عليهم السلام فيلزم أن يكون علي أفضل من سائر الأنبياء .
فهذا وجه الاستدلال بظاهر هذه الآية.
ثم قال: ويؤيد الاستدلال بهذه الآية، الحديث المقبول عند الموافق والمخالف، وهو قوله عليه السلام: [من أراد أن يرى آدم في علمه، ونوحاً في طاعته، وإبراهيم في خلته، وموسى في هيبته، وعيسى في صفوته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه] ، فالحديث دل على أنه اجتمع فيه ما كان متفرقاً فيهم، وذلك يدل على أن علياً رضي الله عنه أفضل من جميع الأنبياء سوى محمد صلى الله عليه وسلم.
وأما سائر الشيعة فقد كانوا قديماً وحديثاً يستدلون بهذه الآية على أن علياً رضي الله عنه مثل نفس محمد عليه السلام إلا فيما خصه الدليل، وكان نفس محمد أفضل من الصحابة رضوان الله عليهم، فوجب أن يكون نفس علي أفضل أيضاً من سائر الصحابة، هذا تقدير كلام الشيعة.
والجواب: أنه كما انعقد الإجماع بين المسلمين على أن محمداً عليه السلام أفضل من علي ، فكذلك انعقد الإجماع بينهم قبل ظهور هذا الإنسان [يعني به محمود بن الحسن الحمصي المتقدم] ، على أن النبي أفضل ممن ليس بنبي ، وأجمعوا على أن علياً رضي الله عنه ما كان نبياً ، فلزم القطع بأن ظاهر الآية كما أنه مخصوص في حق محمد صلى الله عليه وسلم ، فكذلك مخصوص في حق سائر الأنبياء عليهم السلام. ) انتهى المراد من تفسير الفخر الرازي
يقول مرآة التواريخ :
خرجنا من هذا النقل بالتالي :
1-المكانة العظيمة لأصحاب الكساء الخمسة صلوات الله عليهم . وهو واضح في قول النبي صلى الله عليه وآله : ["والذي نفسي بيده، إن الهلاك قد تدلى على أهل نجران، ولو لاعنوا لمُسِخُوا قردة وخنازير ، ولاضطرم عليهم الوادي ناراً، ولاستأصل الله نجران وأهله، حتى الطير على رؤوس الشجر، ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى يهلكوا" .]
2-نكوص كبير النصارى عن المباهلة لما رأى وجوه الخمسة صلوات الله عليه ، تراه في قوله [فقال أسقف نجران: يا معشر النصارى، إني لأرى وجوهاً لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها ، فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة.] وفي هذا من الدلالة ما فيه .
3-اختصاص آية التطهير بالخمسة أصحاب الكساء ، كما تقرأه في كلام الفخر الرازي .
4-دلالة الآية الشريفة على أن الحسن والحسين صلوات الله عليهما كانا ابني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
5-تسليم الفخر الرازي بأن ظاهر الآية يدل على أفضلية أمير المؤمنين صلوات الله عليه على سائر الأنبياء عدا نبينا صلى الله عليه وآله ، ولكن يمنع هذا التفضيل قيام الإجماع بين المسلمين - كما يزعم - قبل زمن محمود بن الحسن الحمصي على أن النبي أفضل ممن ليس بنبي ، وأجمعوا كذلك على أن علياً صلوات الله عليه ما كان نبياً ، فلزم القطع بأن ظاهر الآية كما أنه مخصوص في حق النبي صلوات الله عليه وآله فكذلك مخصوص في حق سائر الأنبياء عليهم السلام . [أي استثناء بقية الأنبياء كما استثني النبي محمد صلى الله عليه وآله] .
6-تسليم الفخر الرازي بأفضلية أمير المؤمنين بهذه الاية على سائر الصحابة ، كونه لم يناقش هذا الأمر .
وقد أغنانا السيد الميلاني وفقه الله الرد على الفخر فيما يعود إلى تفضيل أمير المؤمنين بهذه الآية على سائر الأنبياء عدا النبي محمد صلى الله عليه وآله ، في كتابه "تشييد المراجعات" ، ننقله برمته .
قال : تكميل :
وأما تفضيله ـ بالآية ـ على سائر الأنبياء عليهم السلام ـ كما عن الشيخ محمود بن الحسن الحمصي ـ فهذا هو الذي انتقده الفخر الرازي ، وتبعه النيسابوري ، وأبو حيان الأندلسي :
* قال الرازي ـ بعد أن ذكر موجز القصة ، ودلالة الآية على أن الحسنين إبنا رسول الله ـ :
« كان في الري رجل يقال له : محمود بن الحسن الحمصي ، وكان معلم الاثني عشرية (1) وكان يزعم أن عليا رضي الله عنه أفضل من جميع الأنبياء سوى محمد عليه السلام ، قال : والذي يدل عليه قوله تعالى :
____________
(1) وهو صاحب كتاب « المنقذ من التقليد » ، وفي بعض المصادر أن الفخر الرازي قرأ عليه ، توفي في أوائل القرن السابع ، كما في ترجمته بمقدمة كتابه المذكور ، طبعة مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية ـ قم.
( 462 )
( وأنفسنا وأنفسكم ) وليس المراد بقوله ( وأنفسنا ) نفس محمد صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ، لأن الإنسان لا يدعو نفسه ، بل المراد به غيره ، وأجمعوا على أن ذلك الغير كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه فدلت الآية على أن نفس علي هي نفس محمد ، ولا يمكن أن يكون المراد منه أن هذه النفس هي عين تلك النفس ، فالمراد أن هذه النفس مثل تلك النفس ، وذلك يقتضي الاستواء في جميع الوجوه ، ترك العمل بهذا العموم في حق النبوة وفي حق الفضل ، لقيام الدلائل على أن محمدا عليه السلام كان نبيا وما كان علي كذلك ، ولانعقاد الإجماع على أن محمدا عليه السلام كان أفضل من علي ، فيبقى فيما وراءه معمولا به.
ثم الإجماع دل على أن محمدا عليه السلام كان أفضل من سائر الأنبياء عليهم السلام ، فيلزم أن يكون عليّ أفضل من سائر الأنبياء.
فهذا وجه الاستدلال بظاهر هذه الآية.
ثم قال : ويؤيد الاستدلال بهذه الآية : الحديث المقبول عند الموافق والمخالف وهو قوله عليه السلام : من أراد أن يرى آدم في علمه ، ونوحا في طاعته ، وإبراهيم في خلته ، وموسى في هيبته ، وعيسى في صفوته ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.
فالحديث دل على أنه اجتمع فيه ما كان متفرقا فيهم ، وذلك يدل على أن عليا رضي الله عنه أفضل من جميع الأنبياء سوى محمد صلى الله عليه [ وآله ] وسلم.
وأما سائر الشيعة فقد كانوا ـ قديما وحديثا ـ يستدلون بهذه الآية على أن عليا رضي الله عنه مثل نفس محمد عليه السلام إلا في ما خصه الدليل ،
( 463 )
وكان نفس محمد أفضل من الصحابة ، فوجب أن يكون نفس علي أفضل من سائر الصحابة.
هذا تقرير كلام الشيعة.
والجواب : إنه كما انعقد الإجماع بين المسلمين على أن محمدا عليه السلام أفضل من علي ، فكذلك انعقد الإجماع بينهم ـ قبل ظهور هذا الإنسان ـ على أن النبي أفضل ممن ليس بنبي ، وأجمعوا على أن عليا ما كان نبيا ، فلزم القطع بأن ظاهر الآية كما أنه مخصوص في حق محمد صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ، فكذلك مخصوص في حق سائر الأنبياء عليه السلام ». انتهى (1).
* وكذا قال النيسابوري ، وهو ملخص كلام الرازي ، على عادته ، وقد تقدم نص ما قال.
* وقال أبو حيان ، بعد أن ذكر كلام الزمخشري في الآية المباركة : « ومن أغرب الاستدلال ما استدل به محمد (2) بن علي الحمصي... » فذكر الاستدلال ..
ثم قال : « وأجاب الرازي : بأن الإجماع منعقد على أن النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم أفضل ممن ليس بنبي ، وعلي لم يكن نبيا ، فلزم القطع بأنه مخصوص في حق جميع الأنبياء ».
قال : « وقال الرازي : استدلال الحمصي فاسد من وجوه :
منها قوله : ( إن الإنسان لا يدعو نفسه ) بل يجوز للإنسان أن يدعو نفسه ، تقول العرب : دعوت نفسي إلى كذا فلم تجبني. وهذا يسميه أبو علي بالتجريد.
____________
(1) تفسير الرازي 8 | 81.
(2) كذا ، والصحيح : محمود.
( 464 )
ومنها قوله : ( وأجمعوا على أن الذي هو غيره هو علي ) ليس بصحيح ، بدليل الأقوال التي سيقت في المعني بقوله : ( أنفسنا ).
ومنها قوله : ( فيكون نفسه مثل نفسه ) ولا يلزم المماثلة أن تكون في جميع الأشياء بل تكفي المماثلة في شيء ما ، هذا الذي عليه أهل اللغة ، لا الذي يقوله المتكلمون من أن المماثلة تكون في جميع صفات النفس ، هذا اصطلاح منهم لا لغة ، فعلى هذا تكفي المماثلة في صفة واحدة ، وهي كونه من بني هاشم ، والعرب تقول : هذا من أنفسنا ، أي : من قبيلتنا. وأما الحديث الذي استدلّ به فموضوع لا أصل له » (1).
أقول :
ويبدو أن الرازي هنا وكذا النيسابوري أكثر إنصافا للحق من أبي حيان ؛ لأنهما لم يناقشا أصلا في دلالة الآية المباركة والحديث القطعي على أفضلية علي عليه السلام على سائر الصحابة.
أما في الاستدلال بها على أفضليته على سائر الأنبياء فلم يناقشا بشيء من مقدماته إلا أنهما أجابا بدعوى الإجماع من جميع المسلمين ـ قبل ظهور الشيخ الحمصي ـ على أن الأنبياء أفضل من غيرهم.
وحينئذ يكفي في ردهما نفي هذا الإجماع ، فإن الإمامية ـ قبل الشيخ الحمصي وبعده ـ قائلون بأفضلية عليّ والأئمة من ولده ، على جميع الأنبياء عدا نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ، ويستدلون لذلك بوجوه من الكتاب
____________
(1) البحر المحيط 2 | 480.
( 465 )
والسنة ، أما من الكتاب فالآية المباركة ، وأما من السنة فالحديث الذي ذكره الحمصي...
وقد عرفت أن الرازي والنيسابوري لم ينقاشا فيهما.
ومن متقدمي الإمامية القائلين بأفضلية أمير المؤمنين على سائر الأنيباء هو : الشيخ المفيد ، المتوفى سنة 413 ، وله في ذلك رسالة ، استدل فيها بآية المباهلة ، واستهل كلامه بقوله : « فاستدل به من حكم لأمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه بأنه أفضل من سالف الأنبياء عليهم السلام وكافة الناس سوى نبي الهدى محمد عليه وآله السلام بأن قال... » وهو صريح في أن هذا قول المتقدمين عليه (1).
فظهر سقوط جواب الرازي ومن تبعه.
لكن أبا حيان نسب إلى الرازي القول بفساد استدلال الحمصي من وجوه ـ ولعله نقل هذا من بعض مصنفات الرازي غير التفسير ـ فذكر ثلاثة وجوه :
أما الأول : فبطلانه ظاهر من غضون بحثنا ، على أن الرازي قرره ولم يشكل عليه ، فإن كان ما ذكره أبو حيان من الرازي حقا فقد ناقض نفسه.
وأما الثاني : فكذلك ، لأنها أقوال لا يعبأ بها ، إذ الموجود في صحيح مسلم ، وجامع الترمذي ، وخصائص النسائي ، ومسند أحمد ، ومستدرك الحاكم... وغيرها... أن الذي هو غيره هو علي لا سواه... وهذا هو القول المتفق عليه بين العامة والخاصة ، وهم قد ادعوا الإجماع ـ من السلف والخلف ـ على أن صحيحي البخاري ومسلم أصح الكتب بعد القرآن ،
____________
(1) تفضيل أمير المؤمنين عليه السلام على سائر الصحابة. رسالة مطبوعة في المجلد السابع من موسوعة مصنفات الشيخ المفيد.
( 466 )
ومنهم من ذهب إلى أن صحيح مسلم هو الأصح منهما.
وأما الثالث : فيكفي في الرد عليه ما ذكره الرازي في تقرير كلام الشيعة في الاستدلال بالآية المباركة ، حيث قال : « وذلك يقتضي الاستواء في جميع الوجوه... » فإن كان ما ذكره أبو حيان من الرازي حقا فقد ناقض نفسه.
على أنه إذا كان « تكفي المماثلة في صفة واحدة ، وهي كونه من بني هاشم » فلماذا التخصيص بعلي منهم دون غيره ؟!
بقي حكمه بوضع الحديث الذي استدل به الحمصي ، وهذا حكم لا يصدر إلا من جاهل بالأحاديث والآثار ، أو من معاند متعصب ؛ لأنه حديث متفق عليه بين المسلمين ، ومن رواته من أهل السنة : عبد الرزاق بن همام ، وأحمد بن حنبل ، وأبو حاتم الرازي ، والحاكم النيسابوري ، وابن مردويه ، والبيهقي ، وأبو نعيم ، والمحب الطبري ، وابن الصباغ المالكي ، وابن المغازلي الشافعي... (1).
هذا تمام الكلام على آية المباهلة. وبالله التوفيق.
____________
(1) وقد بحثنا عن أسانيده وأوضحنا وجوه دلالاته في أحد أجزاء كتابنا الكبير « نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار » وسيقدم للطبع إن شاء الله تعالى.