لقد اشتهر دعاء ليلة النصف من شعبان ، وسارت به الركبان ، فترى الناس يرددونه في تلك الليلة في البلدان الإسلامية ، ويكاد يحفظه الصغار والكبار ، وأشدهم تعلقاً به هم الطائفة الصوفية مع محبيهم وأتباعهم ، وهؤلاء إلى الآن ما زالوا مستمرين على أدائه في تلك الليلة – ليلة النصف من شعبان – فتجدهم في هذه الليلة يقرأون سورة ياسين ثلاث مرات القراءة الأولى بنية طول العمر ، والثانية بنية دفع البلاء والثالثة بنية الاستغناء عن الناس .. والدعاء يقرأونه عقب قراءتهم لسورة ياسين في كل مرة ، -وسيأتي نص الدعاء لاحقاً- ويحيون تلك الليلة بذكر الله تعالى وقراءة المولد الشريف مع ما يتخلله من المدائح النبوية والقصائد المصطفوية لما يرون من الأحاديث الواردة في فضلها وفضل من يحيها. مع أنه لم يرد في هذه الأحاديث دعاء مخصوص يقرأ في هذه الليلة !! .. هذا ولا بأس فيما يفعلونه حتى وإن كانت الأحاديث الواردة في فضل هذه الليلة ضعيفة ، فهم يؤجرون باجتماعهم لذكر الله والصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم -، بل أي ليلة من ليالي السنة سواءً ليلة النصف من شعبان أو غيرها يجتمع الناس فيها يذكرون الله ، ويعظمون رسول الله بالصلاة عليه وبقراءة مولده الشريف المشتمل على صفاته الحميدة وخصاله المجيدة ، فإنهم يثابون وتتجلى عليهم الرحمات ويتعرضون للنفحات الإلهية ، وأما الذين يمنعون هذا الاجتماع بحجة أنه "بدعة" فهؤلاء لا يعرفون معنى البدعة ولا حقيقتها ولا نقاش لنا معهم ، لأنهم معروفون بتكفيرهم لعباد الله وتحقيرهم من شأن رسول الله وتجسيمهم لذات الله !! .. فكيف يكون ذكر الله بدعة وهو مطلوب في كل وقت ؟! وتعظيم النبي – صلى الله عليه وآله سلم – محبوب في كل ليلة .. ولكن( "إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور")..
ونحن لا نقول مثل هؤلاء بأن إحياء ليلة النصف من شعبان بدعة .. بل نحبب فيما يفعلونه من ذكر الله والصلاة على رسول الله وقراءة المولد الشريف .. ولكن نخالفهم في الدعاء الذي يقرأونه في تلك الليلة والذي ينظرون إليه نظرة تقديس وكأنه آية من كتاب الله أو حديث من أحاديث رسول الله !! .. والموضوع متروك للنقاش.
فنحن نرى أن ذلك الدعاء –وهو منسوب للأجهوري – فيه ركاكة في المعنى وتناقض في المبنى ويتصادم مع كتاب الله ومع تعاليم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وإليك أخي القارئ نص الدعاء بفصه ونصه :- "بعد الثناء على الله – اللهم إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقياً أو محروماً أو مطروداً أو مقتراً علي في الرزق ، فامح اللهم بفضلك شقاوتي وحرماني وطردي وإقتار رزقي ، واثبتني عندك في أم الكتاب سعيداً مرزوقاً موفقاً للخيرات ، فإنك قلت وقولك الحق في كتابك المنزل على لسان نبيك المرسل (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب )إلهي بالتجلي الأعظم في ليلة النصف من شعبان المكرم التي يفرق فيها كل أمر حكيم ويبرم ، أن تكشف عنا من البلاء ما نعلم وما لا نعلم وما أنت به أعلم إنك أنت الأعزُّ الأكرم ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم ). أ. هـ
قلت : فالمتأمل لهذا الدعاء يجد فيه – أولاً –تناقضاً وهو : اللهم إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقياً .... واثبتني عندك في أم الكتاب سعيداً ... (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب )
!
فالآية تناقض ما ذكر في أول الدعاء ، ومعنى الآية : أن أم الكتاب لا محو فيها ولا إثبات .. فكيف يطالب بالمحو والإثبات؟!..
فمن الأمور أمور موقوفة عند الله ، يقدم فيها ما يشاء ويمحو ما يشاء ويثبت منها ما يشاء ، فالصدقة على وجهها ، وبر الوالدين ، واصطناع المعروف ، وزيارة الأرحام تزيد في العمر ... [يمحو الله ما يشاء ويثبت ...] ، ومن الأمور أمور محتومة كائنة لا محالة [ وعنده أم الكتاب ] وفي الدعاء
" اللهم إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقياً .. الخ " فإذا كان الله قد كتب على فلان الشقاء ، فلماذا سيحاسبه على اقترافه المعاصي طالما أنه تعالى قد كتب عليه أن يكون شقياً ؟!! ، فالله تعالى لم يكتب الشقاوة على أحد والتي هي اقتراف الذنوب والمعاصي والجرائم بأنواعها ، وإنما علم بالأشقياء والأتقياء وما سيصدر منهم من معاصي و طاعات ، وعلمه هذا سابق وليس سائق.
والعلم الإلهي هو المعبر عنه بـ ( أم الكتاب ، وبالإمام المبين الجامع لأشكال الخلق أجمعين )، كذلك نجد أن أول الدعاء مخالف لتعاليم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فبداية الدعاء يقول : "اللهم إن إن كنت كتبتني .. الخ" وهذا مخالف للحديث : "إذا سألتم الله فاجزموا في المسألة ، لا يقل أحدكم : يا رب اغفرلي إن شئت أو ارحمني إن شئت أو ارزقني إن شئت ، فإن الله لا مكره له ...".
فينبغي للمرء أن يتأدب في دعائه ويجزم في مسألته ولا يتردد أو يتشكك في دعائه، إذاً فليس من أدب الدعاء تعليقه على المشيئة والشرطية ، يقول "إن كنت كتبتني .. " فهذا أسلوب غير لائق ينادي العبد ويدعو به ربه.
ثانياً : نجد في الدعاء هذا القول " ... إلهي بالتجلي الاعظم في ليلة النصف من شعبان المكرم التي يفرق فيها كل أمر حكيم ويبرم .. " فهذا غلط واضح لأن الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم ويبرم إنما هي الليلة التي أنزل فيها القرآن وهي ليلة القدر ، قال تعالى : "حم ، والكتاب المبين ، إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين ، فيها يفرق كل أمر حكيم" الدخان 1 – 4.
ثم وضح الله تعالى لنا هذه الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم ويبرم بأنها ليلة القدر ، قال تعالى "إنا أنزلناه في ليلة القدر ) وليلة القدر هذه هي ليلة من ليالي شهر رمضان بنص القرآن ، قال تعالى " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ".
مما مر سابقاً اتضح وتبين خطأ ذلك الدعاء ، وأنه مغلوط لا يوافق المنقول ولا المعقول ، ومتناقض وركيك في معناه ومبناه .. والأولى بمن يقيمون ليلة النصف من شعبان أن يستبدلوا بدعائهم الآنف ذكره بدعاء آخر من كتاب الله أو من السنة النبوية الشريفة أو بأدعية الصالحين من العارفين بالله تعالى وهي كثيرة ومستمدة من الكتاب والسنة ، أولا بأس أن يبتكروا دعاءاً جامعاً شاملاً لخيري الدنيا والآخرة شريطة ألا يخالف العقل والمنطق والتعاليم النبوية. والله ولي التوفيق.
اللهم صل على محمد وآل محمد
ليلة النصف من شعبان هي ليلة مباركة ومستحب الدعاء والتهجد وقراءة القرآن فيها فضلا عن الصلاة فيها واحيائها
واما مايخص الدعاء بالذات فان الدعاء المندوب قراءته هوماصح وروي عن المعصوم عليه السلام
واما غيره فلا ... لان المعصوم عليه السلام يعلم مايقول وليس هنالك اي شائبة او عدم الفهم في كلامه فكل كلامه يؤدي ال غاية ومفاهيم عالية المضامين وموصلة الى رضوان الحق تعالى ..
اما مايخص من انكر ليلة النصف من شعبان وبدع من احياها ؟ فهؤلاء جهلة لايعبا بكلامهم التافه
جزيتم خيرا ومشكور على الموضوع
ممنون