الأمام علي بن أبي طالب (ع) وحقوق الإنسان م الجزء الأول.
بتاريخ : 21-11-2011 الساعة : 09:31 AM
الأمام علي بن أبي طالب (ع) وحقوق الإنسان / الجزء الأول.
--------------------------------------------------
من المعلوم أن التاريخ الذي زخر بالشجعان والذي يمتازون بالقسوة والذين يفتقرون إلى العلم والرحمة والإنسانية وهناك الرجال الذين يتصفون بالعلم والحكمة ولكن نلاحظ تنقصهم الشجاعة والفروسية لتفرغهم لأمورهم العلمية والإنسانية ، ولكن نلاحظ في شخصية سيدنا ومولانا أمير المؤمنين(ع) اجتمعت كل المزايا من شجاعة وكرم وفروسية وسماحة وإنسانية وعلم وفقه والتي لا أستطيع أن أحصي أوصافها التي لا يدانيها أي إنسان في التاريخ القديم والحديث بعد سيدنا محمد(ص) أليس يقول رسول في حديث : ياعلي أنا وأنت أبوا هذه الأمة ، ياعلي الناس أشجار شتى،وأنا وأنت من شجرة واحدة .وقال أيضاً(ص) : لو أن الغياض أقلام والبحر مداد، والجن حساب والأنس كتًاب ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب. أذن من يقدر هذا الأمام الذي لم يأتي الزمان به وجاد بهذه الشخصية التي يعجز القلم والكتب أن تصفها والتي لم يأتي التاريخ بحاضرة و قديمة مثلها بعد رسول الله(ص)وسنحاول عسى الله أن يوفقنا في إلقاء بعض الأضواء على مناقب سيدي ومولاي أبا الحسنين(ع) عسى إن نقدر في أظهار هذه المناقب والفضائل العظيمة لقسيم الجنة والنار وبها نجدد البيعة أمد الدهر لأمير المؤمنين(ع).
وقد تعرضت هذه الشخصية العظيمة إلى الكثير من الظلم والتزوير في التعاطي لهذه الشخصية الفذة التي لم يجد بها التاريخ بمثلها بعد شخصية نبينا الأكرم محمد(ص) والذي تربى في حجر الرسالة وكفله ورباه أبن عمه وأخيه نبي الرحمة محمد (ص) فكان بحق باب مدينة العلم والذي من أراد إن يدخل المدينة فليأتها من بابها.
وقد قال سيدنا أبو تراب : أن الله قد فتح لي ألف باب من العلم وفي كل باب ألف باب، فسلوني قبل إن تفقدوني .
ونص الحديث : قال عليٌّ (عليه السلام): ((علّمني رسول الله ألف باب من العلم، ففتح لي من كلّ باب ألف باب))(1)
وحتى كان ان جعله في منزلة عظيمة عند الله ورسوله وقد قال عنه نبينا الأكرم (ص) في حديثه الشريف((علي أخي في الدنيا والآخرة))(2)
ولكن كل الأحاديث وكل المقولات التي ذكرت في حق الأمام روحي له الفداء كان يقابله الكثير من التزوير والتحريف وتشويه هذه الشخصية .
ولهذا أردت إن أتناول جانب من شخصية الأمام علي وهي من حقوق الإنسان والتي يغمط حقها الكثير من الكتاب والتي ذكرت في بداية مقالي تناول شخصية من ناحية الشجاعة والقوة ولم يتناولوا شخصيته الإنسانية والتي تضاهي الكثير من الشخصيات العالمية والتي يتم تناولها وبشيء من الإسهاب مع العلم أن الأمام علي كان قد فاق الكثير بما كان يحمله من مضامين إنسانية قولاً وفعلاً.
وللأسف القول إن من تناول هذه الشخصية ورفعها إلى منزلة عالية هم ليسوا من كتابنا ومفكرينا وهيئاتنا المسلمة والعربية بل هم الهيئات الدولية والمحسوبة على العالم الغربي والتي تناولت ذلك هي منظمة الأمم المتحدة والتي أصدرت تقريرها ومن (150) صفحة حول اعتبار الأمام علي(ع) إحدى الشخصيات المميزة عبر التاريخ واستناداً لرسالة واحدة أرسلها الى عامله في مصر الصحابي مالك الأشتر(رض) والتي يتناول فيها صفات الحاكم على الرعية والتي هي كما يلي :
الإمام علي بن أبي طالب (ع) وتكريمه من قبل الأمم المتحدة هل يعتبر قدوة للإسلاميين في العراق؟!
الدكتور قاسم خضير عباس
باحث قانوني ومفكر إسلامي
"تكريماً لامير المؤمنين علي بن ابي طالب(عليه السلام) أصدرت الأمم المتحدة في العام 2002 تقريراً باللغة الانكليزية بمائة وستين صفحة أعده برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الخاص بحقوق الإنسان وتحسين البيئة والمعيشة والتعليم حيث تم فيه اتخاذ الإمام علي(ع) من قبل المجتمع الدولي شخصية متميزة ومثلاً اعلي في إشاعة العدالة والرأي الأخر واحترام حقوق الناس جميعاً , مسلمين وغير مسلمين, وتطوير المعرفة والعلوم وتأسيس الدولة على أسس التسامح والخير والتعددية وعدم خنق الحريات العامة.
وقد تضمن التقرير مقتطفات من وصايا أمير المؤمنين(عليه السلام) الموجودة في نهج البلاغة التي يوصي بها عماله وقادة جنده حيث ذكر التقرير ان هذه الوصايا الرائعة تعد مفخرة لنشر العدالة وتطوير المعرفة واحترام حقوق الإنسان . وشدد التقرير الدولي على ان تأخذ الدول العربية بهذه الوصايا في برامجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية ، لأنها (ما تزال بعيدة عن عالم الديمقراطية ومنع تمثيل السكان وعدم مشاركة المرأة في شؤون الحياة وبعيدة عن التطور وأساليب المعرفة).
والملاحظ إن التقرير المذكور قد وزع على جميع دول الأمم المتحدة حيث أشتمل على منهجية امير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) في السياسة والحكم وإدارة البلاد والمشورة بين الحاكم والمحكوم ومحاربة الفساد الإداري والمالي وتحقيق مصالح الناس وعدم الاعتداء على حقوقهم المشروعة.
وتضمن التقرير الدولي أيضا شروط الإمام علي)ع) للحاكم الصالح التي وردت في نهج البلاغة وفيها يقول (ع) : ((إن من نصب نفسه للناس إماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره ، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه ، فمعلم نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم)).
واقتبس التقرير الدولي مقاطع من وصايا امير المؤمنين(عليه السلام) لعامله على مصر مالك الاشتر ، التي يؤكد فيها على ((استصلاح الاراضي والتنمية ويقول وليكن نظرك في عمارة الارض ابلغ من نظرك في استجلاب الخراج لان ذلك لا يدرك الا بالعمارة ومن طلب الخراج بغير عمارة اخرب البلاد واهلك العباد ولم يستقم امره الا قليلاً)).
وورد في التقرير الدولي أيضا أساليب الامام علي(عليه السلام) في محاربة الجهل والامية وتطوير المعرفة ومجالسة العلماء حيث يقول لاحد عماله ((واكثر من مدارسة العلماء ومناقشة الحكماء في تثبيت ماصلح عليه أمر بلادك وإقامة ما استقام به الناس قبلك)).
ومن شروط الحاكم العادل اخذ التقرير الدولي قول امير المؤمنين علي(عليه السلام) الذي قال فيه : ((ثم اختر للحكم بين الناس افضل رعيتك في نفسك ممن لا تضيق به الأمور ولا تحكمه الخصوم ولا يتمادى في الزلة ولا يحصر من الفيء إلى الحق إذا عرفه ولا تشرف نفسه على طمع ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه وأوقفهم في الشبهات وأخذهم في الحجج واقلهم تبرماً بمراجعة الخصم وأصبرهم على تكشف الأمور واصرمهم عند اتضاح الحكم ممن لا يزدهيه إطراء ولا يستميله إغراء وأولئك قليلون ثم أكثر تعاهد قضائه وأفسح له في البذل ما يزيل علته وتقل معه حاجته الى الناس وأعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصتك ليأمن بذلك اغتيال الرجال له عندك ، فانظر في ذلك نظراً بليغاً)). إن هذا التقرير يبين ان علياً بن ابي طالب (عليه السلام) يعد مفخرة يحار الانسان الى اي جانب منها يشير؟ وكيف لا؟ وهو قد تربى على صدر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان مما انعم الله عز وجل به على امير المؤمنين علي بن ابي طالب انه كان في حجر رسول الله )ص) وكان اول ذكر من الناس آمن برسول الله وصلى معه وصدق بما جاءه من الله تعالى "(3).
ولهذا التقرير وقع وتأثير خاص من أنه صادر من جهة دولية وبحق إسلامية قل إن تصدر مثل هذه التقارير بحق شخصيات إسلامية والتي صدرت ومن خلال رسالة واحدة للإمام أمير المؤمنين(ع) إلى مالك الأشتر ولكن لو تم الإطلاع إلى الفكر والقيم والمبادئ التي يحملها علي بن أبي طالب لكان وبقناعاتي المتواضعة لكان التقرير مناحي أخرى في تمجيد هذه الشخصية العظيمة الخلاقة والمبدعة في كل شيء والتي حاول أعداؤه طمس معالمها الوهاجة والمتألقة وفي مقدمتهم الأمويين وبقيادة معاوية الذي حاول وبكل ما أوتي من قوة ومال في النيل من الأمام روحي له الفداء واستمر هذه الحرب المعلنة على علي بن أبي طالب ولحد الآن لأن الحاقدين والمزورين والأفاقين موجودين في كل مكان وزمان منذ العصر الأموي وحتى قبله ومنذ البعثة النبوية.
وبقى هذا الحقد على الأمام ليمتد إلى أهل بيته وليصبح بصورة أفظع وأشنع وبشكل دموي وهو ما حدث في واقعة الطف واستشهاد سيد الشهداء وخامس أصحاب الكساء سيدي ومولاي أبي عبد الله الحسين(ع) على يد اللعين يزيد بن معاوية ويستمر مسلسل القتل والذبح ولحد يومنا هذا وكله بغضاً بالإمام علي (ع) وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
ولنأخذ ما قاله المعاصرون بحق الأمام علي(ع) فهذا الكاتب والمفكر المصري عباس محمود العقاد يتناول ماكانت تحمله هذه الشخصية العظيمة من صفات ليصفها وبأدقها وليضع النقاط على الحروف لمكنونات الأمام وليوضح ما تحمل من قيم وأفكار عظيمة سبق بها الأولين والأخرين بعد شخصية نبينا الأكرم محمد (ص) لأنه كان هو معلمه وهو الذي تربى في حجر الرسالة المحمدية وبأبهى صوره وأعلاها
"وفي الحديث عن الأمام صلة بالنفس الإنسانية في كل مناحيها، وفي سيرته ملتقى بالعواطف الجياشة ، والأحاسيس المتطلعة إلى الرحمة والإكبار ، لأنه الشهيد أبو الشهداء..وملتقى بالخيال ، حيث دار حول شجاعته منزع الحقيقة ، ومنزع الخيال..وملتقى الفكر ، فهو صاحب أراء لم تسبق في التصوف والشريعة والأخلاق ، ويعتبر صاحب مذهب حكيم بين حكماء العصور ، أوتي من الذكاء ما هو أشبه بذكاء الباحثين المنقبين من بذكاء الساسة المتغلبين ، وملتقى مع الذوق الأدبي أو الفني ، تراه في تهجه البلاغي والأدبي..وملتقى مع خلاف الطبائع والأذهان أو الخصومة الناشبة أبداً على رأي أو حق أو وطن ، فتنازع الناس حوله ، وتناقضت آراؤهم فيه ، حتى عبر عن ذلك بقوله : ((ليحبني أقوام حتى يدخلوا النار في حبي ، ويبغضني أقوام حتى يدخلوا النار في بغضي)) . ((يهلك في رجلان : محب مفرط بما ليس في ، ومبغض يحمله شناني على أن يبهتني))..وملتقى مع الشكوى والتمرد ، أو الرغبة في التجديد والإصلاح ، فصار اسمه علماً يلتف به كل مغصوب ، وصيحة ينادي بها كل طالب إنصاف ، وصارت الدعوة ((العلوية)) كأنها الدعوة المرادفة لكلمة إصلاح.
فالتقت النفوس مع علي في وجه من وجوهه ، وعلى حالة من حالاته ، وتلك ميزة تفرد بها الأمام.
وكان للإمام مزايا فكرية لا تقل عن صفاته النفسية ومحاسنه الخلقية فاتفقت الآراء على بلاغته ، وعلمه ، وفطنته.
وامتاز بالفقه الذي يراد به الفكر المحض ، والدراسة الخالصة ن فأمعن فيه ليغوص في أعماقه العلمية ، أو الحقيقة الفلسفية ـ بلغة العصر ـ ..ولذا يمكن القول بأن الإمام أبو علم الكلام في الإسلام..ونهج البلاغة قد حوى الكثير من الكلمات التي تنسب إليه ، ويصح أن تنسب أصلاً للعلم الالهي.. كم يمكن القول بأنه كان يتتلمذ للقرآن الكريم ، ويستوحيه نصاً في عرفان إسلامه ، وتقرير أيمانه ، فكان مبتكراً في نظرته إلى الخلق والخالق وجاء في أقواله عن الخفاش والطاووس مايدل عل على ذلك ، فكان مؤثراً للاجتهاد ما استطاعه ، معرضاً عن التقليد ما استغنى عنه ، وكان إسلامه إسلام المطبوع الذي يبتكر دينه ، والحكيم المجتهد الذي يرجع في الحكمة والاجتهاد إلى رياض النفس ، وتمحيص الفكر.. والرجل الذي أتيح له أن يتلمذذ لربه ، ويتربى في حجر نبيه ، ويصبح إماماً للمقتدين من بعده.
وعصر الإمام انفرد بظاهرة اجتماعية لم تكن في عصور الخلفاء من قبله ، وهذه الظاهرة أن المجتمع صار ذا شقين : شق يؤيد النظام الاجتماعي القائم ، ويسعى إلى بقائه وتدعيمه ، وهو حصة معاوية في الشام وما جاورها.. وشق ثائر على هذا النظام ، ويسعى إلى تقويضه ، وهو حصة علي في الجزيرةالعربية بكل أنحائها "(4).
وفي الجزء الثاني سوف نتطرق الى باقي مفردات شخصية سيدي ومولاي أمير المؤمنين وما تفردت من قيم ومعاني سامية تميزت عن باقي الشخصيات وعلى مر الزمن.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
السلام على امير المؤمنين وامام المتقين (علي بن ابي طالب عليه السلام)
جزاك الله خير الجزاء اخي الكريم على هذا الطرح القيم
جعله الله لك في ميزان حسناتك
لك مني كل التحايا