صوت من انكر الاصوات يعلو قديما وحديثا ينادي بتخطئة الحسين (ع) في خروجه على يزيد كابن تيمية من الماضين ومفتي السعودية عبد العزيزالشيخ من المعاصرين ومما قاله الثاني وهو يذكر يزيد والحسين(ع)(..واصبح اماما معترفا به لا يجوز الخروج عليه والتعدي على خلافته...)
ونحن هنا بصدد الرد على هذا الكلام الضار بتظليله عقول البسطاء الممرض لنفوسهم(في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون ( 10 )البقرة ونجمل الموضوع بعدة نقاط :
1- النصوص الشريفة على منزلة الحسين (ع):
من بديهيات الشريعة الغراء عدالة الله سبحانه وان ليس بين الله وبين احد قرابة وقد اكد القرآن هذا الامر قال تعالى(...من يعمل سوءا يجز به..)النساء 123
وقال تعالى(فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون) المؤمنون101
ولهذا يقرر النبي لأمته هذه الحقيقة ففي صحيح البخاري كتاب الوصايا باب هل يدخل النساء والولد في الاقارب(..ويا فاطمة بنت محمد ص سليني ما شئت من مالي لا أغني عنك من الله شيئا)
بل ان الله يوضح هذا الامر باجلى صورة بقوله تعالى(ولو تقول علينا بعض الأقاويل ( 44 ) لأخذنا منه باليمين ( 45 ) ثم لقطعنا منه الوتين ( 46 ) فما منكم من أحد عنه حاجزين الحاقة( 47
بعد ان بينا هذا المحور الاسلامي نشير الى بعض النصوص في فضل الحسين-ع- .
*:- صحيح مسلم كتاب الفضائل باب فضائل اهل بيت النبي (ص)عائشة خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة وعليه مرط مرحل من شعر اسود فجاء الحسن بن علي فادخله ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء على فادخله ثم قال( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)الاحزاب33
قال ابن الاثير في النهاية في غريب الحديث في باب الراء مع الجيم( الرجس : القذر ،وقد يعبر به عن الحرام والفعل القبيح ...)
في هذا الحديث الصحيح حدد النبي (ص) اهل البيت الذين اذهب الله عنهم الرجس باسلوب رائع ومنهم الحسين(ع)
*:- في مستدرك الحاكم قال رسول الله صلى الله عليه وآله الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما .هذا حديث صحيح.
تؤكد الاية الكريمة ذهاب الرجس عن الحسين(ع) من نعومة اظفاره وطهارته طهارة مطلقة من رجس الذنوب وطبيعي ان يكون سيد شباب اهل الجنة كما يبين الحديث .
مقام شامخ ودرجة رفيعة تخضع لها الرقاب , طهارة من الذنوب, وسيد العالم في عالم الاخرة وهذه المنزلة لم تأتي الا بالاخلاص وانصهار ارادته(ع) بارادة الله سبحانه بحيث لم تبقى له ارادة قبال ارادة الله , فلم يتحرك حركة ولم يقوم بامر الا ولله فيه رضا وبقى على هذا الحال الى اخر عمره بل ان العبرة بخواتيم الاعمال ففي صحيح مسلم كتاب القدر باب حجاج آدم وموسى (ع) قال(ص): ( إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة ثم يختم له عمله بعمل أهل النار وان الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل النار ثم يختم له عمله بعمل أهل الجنة) .
فهنا لا بد ان تكون مسيرة الحسين (ع) برضا الله وخصوصا خاتمة حياته الشريفة ولذا بلغ ما بلغ من هذه السيادة الاخروية على باقي البشر.
واذا كان اخطأ في خروجه-كما زعموا- وسبب الفساد بخروجه وكان سبب في قتل الكثير من المسلمين وسن هذه السنة في الخروج على الحكام الظلمة على طول التأريخ كيف ينسجم مع النص بطهارته من الرجس وسيادته؟
هل ان الله لا يعلم بخروجه؟
ام ان هذه النصوص محاباة له ولجده المصطفى(ص)؟
ام ان هذا الخروج امر مرضي عند الله الى اقصى الحدود فتوج الحسين(ع) به حياته السائرة بأوامره سبحانه والمطهرة من المعاصي؟ وهو الحق.
وهنا يتبين وبدون اي شبهة بطلان ما يدعيه البعض من خطأ الحسين (ع) في خروجه.
*:-قال تعالى(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى..).
امر متفق عليه ولم ارى فيه خلاف بين الفريقين وهو الحب في الله والبغض في الله فكلما كان الانسان قريب الى الله بالطاعة ينبغي علينا ان نحبه ونواليه على قدر طاعته حتى نصل الى اقرب الناس الى الله وهو الحبيب المصطفى (ص) فلا بد ان تفوق محبته كل محبوب:
ففي صحيح البخاري كتاب الايمان قال(ص)( فوالذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده)
وفي قبال ذلك لابد ان نتبرء من اهل المعاصي على قدر معاصيهم وان كانو من ذوي القربى
قال تعالى(لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ... ) المجادلة22
لقد حددت النصوص القرابة الذين امرنا بمودتهم في الاية الكريمة بعلي وفاطمة وابناهما(ع)
ففي المعجم الكبير للطبراني عن بن عباس قال لما نزلت قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى قالوا يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم قال علي وفاطمة وابناهما رضي الله عنهم.
وبهذا نصل الى نتيجة وهي :
ان الله يريد منا حب القرابة الذين حددتهم الروايات الشريفة باصحاب الكساء-ومنهم الحسين(ع).
والحب لا يأمر به الله سبحانه لأحد الا وهو سائر على شريعته ومنهاجه.
والا لكان هناك تناقض فلوكان خروج الحسين (ع) غير مرضي عند الله وفيه مفسدة لما امرنا الله بحبه وهو الذي يأمرنا بنبذ المفاسد والتبرء منها ومن اصحابها .
وبهذا يثبت ان خروج الحسين(ع) مرضي عند الله سبحانه بل هو من اقرب القربات ولذا امرنا الله بحبه حبا مطلقا بدون قيد او شرط.