كم أحب هذه الكائنات الرقيقة
خصوصاً الطيور البيضاء
مثل الحمام الأبيض
عندما تحلق شامخة
في الفضاء الفسيح
لونها الأبيض يعكس دوماً صفاءً داخلياً
ينتقل إليك بمجرد النظر إليها
دوماً مشاهدة الطيور يترك في نفسي أثراً عميقاً و غامضاً
بتحليقها تعبر عن مشاعر دفينة
لا تستطيع أن تطفو علي السطح فأتلمسها
لكني أري صورتها منعكسة في كل طائر أبيض كبير
يحتضن بجناحيه صفحات السماء
تجسيد للنقاء ،
تجسيد للثقة بالذات،
تجسيد للسكينة،
تجسيد للتوكل،
تجسيد للحرية الحقيقية،
تجسيد للسلام،
تجسيد للجمال
الذي يتوق جزء ما في كل منا إليه
فقد فطرنا علي حب الجمال
والعشق الخفي بين الإنسان والطيور متأصل فينا منذ القدم
فلا عجب إذن أن يختاره الإنسان رمزاً للسلام
ولا عجب أن تكون أرواح الشهداء موجودة في جوف طيور تحلق بهم في الجنة
ولا عجب أن يكون الطير هو الكائن الذي اختاره الخالق عز وجل لإثبات مفهوم البعث لسيدنا إبراهيم.
ولا عجب أن يضرب به الرسول صلي الله عليه وسلم المثل الحقيقي في التوكل "تغدو خماصاً وتعود بطاناً"
كم أعشق الطيور البيضاء
وكم أتمني الذوبان في أحدها وأصبح جزءاً منه ولو ليوم واحد
أتذوق فيه لذة الحرية الحقيقية وأتنقل فيه عبر العالم
الواسع
الملئ بالمتناقضات
وبالعجائب
وبالعبر
وبالطرائف أحياناً
إن الكنز الذي تمتلكه الطيور هو
أنه لا يعوقها حواجز
ولا فواصل
تتنقل في العام الواحد من بلد متأخر إلي بلد متقدم
من دولة ديكتاتورية إلي دولة ديمقراطية
تري في العام الواحد الساجدين لله، والساجدين للطواغيت
تتنقل في عالمنا صامتة
تري كل الثقافات
والألوان
والأنواع
دون أن تتأثر بل قد تنقد ما لا يعجبها دون أن تخشي شيئاً
كما طاف هدهد سليمان ورأي عبدة الشمس وأنكر عليهم هذا أمام سليمان عليه السلام.
إن حرية و سرعة الانتقال واكتشاف الواقع من كل أركانه وجوانبه
مع الحفاظ علي الهوية هو الكنز الثمين الذي تمتلكه الطيور البيضاء
والذي أغبطها عليه دوماً
ولعل هذا هو السبب الذي يجعل جزءاً بداخلي
كلما رأيتها محلقة في السماء
يهتز منفعلاً
ويناجيها بصمت
آمل أن تتفهمه يوماً وترسل لي دعوة
لنزهة في ملكوت السماء !!