[وليد المشرفاوي]

الاستاذ الكرخي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السياسة بطبيعتها متحركة متغيرة , ليس فيها اصدقاء دائمون ولا مصالح دائمة , والعلاقات تتغير وكذلك الظروف , مع قابلية المناخ ايضا للتغير والتلبد , والسياسي الماهر الذي يتحرك في المناخ الملائم في الوضع المناسب فاذا ضاعت منه الفرصة فقد لا تعود, واذا احسن السياسي استغلالها في الوقت المناسب ينجح عندها في تغير الواقع في منطقته , الاانه لابد له من معرفة نهاية المدى لا مكاناته وتحركاته والظروف الدولية حتى لا يفشل , فالقدرة على خلق الواقع في اطار التعامل مع الممكن والمستحيل عملية غاية في التعقيد , وتعتمد على معرفة كاملة بتفاصيل الاوضاع المحلية والدولية , مع وضع بدائل وخيارات لكل الظروف الطارئة.فمن الغبن للسياسة ان يقال انها فن الممكن لان عمل الممكن ليس فنا سياسيا والا لاصبح شرب قدح من الماء –وهو عمل ممكن- فنا سياسيا, ومن خلال رصد وقائع الحراك السياسي في العراق نلاحظ ان العمل السياسي بكافة دهاليزه واطره قد اصبح سياسة لفن الممكن حفاظا على مصالح مراكز القوى المتنفذة بل العمل السياسي قد تحول في معظم الدوائر لفن تحقيق الوصول عبر الموقع التنفيذي او التشريعي , الى اعلى المرتبات وتامين وظائف للابناء والاقارب , وتحقيق المصالح ذات الطابع الشخصي والفردي , واهمال القضايا ذات الاتصال المباشر بالجمهور والتي لها علاقة مباشرة بنبض وجوده واستمراره وتوفير مقومات الصمود والانتقال من حالة ردة الفعل الى حالة الفعل والمبادرة على طريق تحقيق تطلعات وطموحات الجماهير , وهنا لابد من اجراء مراجعة فكرية سياسية لماهية الواقع المعاش بالظرف الراهن , وهل اصبحت سياسات فن الممكن هي حجر الزاوية الاساسي التي تتحكم بمسار العمل الوطني..؟؟ واعتقد اننا بحاجة لاعادة صياغة مفاهيم العمل السياسي في العراق من جديد على قاعدة اعادة توصيف طبيعة المرحلة ذاتها حيث ان مقولة السياسة فن الممكن قد باتت تتردد على السنة الكثير من السياسين العراقيين.ان عمل السياسة عمل متميز لا يستطيع القيام به كل الناس , السياسيون الحقيقيون في حقيقة الامر يمارسون ذلك الفن في ضوء علاقة الممكن والمستحيل بالظروف الوقتية والواقعية او المناخ السائد , وفي اطار يجمع بين الواقع وقدر من الخيال يساعد على تغير الواقع في اطار من الممكن , وهنا يحدث نوع من التزاوج بين الحقائق الثابتة والاحلام الممكنة التطبيق .ان لكل منطقة في العالم لها حقائقها الخاصة بها والتي لابد للسياسة من التعامل معها , والعراق له حقائقه التاريخية والجغرافية التي صنعت له نوعا من المستحيلات وفرضت له فنا من السياسة اذا ارتقى اصبح قادرا على احداث تغير وخلق واقع جديد ينتزعه انتزاعا من فك المستحيل , ويرسي به فن الممكن في زمن المستحيل ,