انتقد فضيلة الشيخ "سلمان العودة" في صحيفة "المدينة" الاثنين الماضي تصرفات بعض القائمين على "الحجرة النبوية" قائلا أنه لاحظ بعض الجفاء في تعاملهم مع المعتمرين والحجاج في زيارته الأخيرة للمدينة المنورة. مشيرا إلى أن المدينة النبوية منطلق الرسالة ومهبط الوحي وتمثل زخما تاريخيا وإرثا إسلاميا عظيما؛ ومؤكدا أن على الجميع نقل صورة مشرفة عن الإسلام وأبناء المملكة. خاصة في ظل وجود بعض المفاهيم الخاطئة في بعض الدول عن السلفية - من أهل السنة أنفسهم - وأن وجودهم بيننا في مكة المكرمة والمدينة المنورة أعظم فرصة ليتعرفوا علينا عن كثب مشددا على التعامل بالحسنى ولين الجانب.
وليت الشيخ سلمان يطلع على بعض ما يجري عند النساء - وخاصة عند زيارة الرسول -؛ وقد سبق أن كتبت في هذا العمود عن جفاء بعض موظفات الحرم في التعامل مع الزائرات؛ بل ورفع أصواتهن على مرمى خطوات من قبر النبي صلى الله عليه وسلم، واستخدام مكبرات الصوت في بقعة نزل فيها قرآنا يقول: «يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي». وحقيقة كابنة للمدينة المنورة نشأت على تقدير الحجاج واحترام تعدديتهم واختلافاتهم؛ تزعجني بعض الممارسات المعززة للصور النمطية والأفكار المسبقة التي يحملها بعض الحجاج عنا؛ حيث لا يزال التصنيف والتقسيم "البغيض" القائم على جنسية الحاجة معمولا به، فالراغبات في الزيارة والسلام على الرسول الكريم يحجزن في حيز مكاني تقودهن إليه موظفة تحمل لافتة عليها اسم جنسية بعينها، لتتحرك الزائرات خلفها كالقطيع حتى يصلن للبقعة المخصصة لبلدهن؛ حيث ينتظرن طويلا حتى لحظة الإفراج والفسح بالدخول دون اعتبار لكبر سن بعضهن وعجز أخريات، لتتحول الزيارة "الحلم" إلى قطعة من العذاب المرهق والانتظار الممض! خاصة عندما يتم - بطريقة مفاجئة ومخاتلة - تحويل مكان الدخول للزيارة من أقصى المكان إلى أقصاه، لتتحرك الأفواج بقضها وقضيضها وعجائزها مسافة طويلة ومرهقة. وفي أثناء الانتظار الطويل تبدأ المواعظ والنصائح في التدفق على الزائرات وبلغات مختلفة وبواسطة مكبرات الصوت. وتأتي بعض تلك النصائح مخالفة ومتناقضة مع معتقدات بعض الزائرات، أو قناعات وثقافة أخريات؛ وكأن موعظة عابرة في ساعة انتظار - مفعمة بالشوق والترقب للسلام على خير الخلق - قادرة على اجتثات معتقدات ومفاهيم تجذرت في نفوس أهلها منذ نعومة أظفارهم!
وكثيرا ما تتوجه الموظفة لحاجة بسيطة على قدر كبير من العفوية والتلقائية قائلة: إنها يجب أن تعلم أنها قادمة للصلاة في المسجد النبوي أولا، وليس لزيارة القبر. أو قد تقول لأخرى بإمكانك السلام على الرسول من أي مكان في المسجد ولا داعي لتكبد العناء بالدخول إلى مكان الزيارة، وهي التي قطعت المسافات وشدت الرحال للصلاة في المسجد والتشرف بزيارة الرسول! ناهيك عن الالحاح المزعج بالإسراع في الصلاة والخروج من الروضة الشريفة والذي يجرح مهابة المكان وطمأنينته. ولا يزال أيضا التمييز بين النساء والرجال قائما في هذه البقعة الطاهرة، فالوقوف بالمواجهة الشريفة منذ سنوات طوال حكرا على الرجال فقط! وبينما فشلت محاولات إقصاء النساء عن صحن الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، نجحت بامتياز في المواجهة الشريفة بالحرم النبوي، فإلى متى يستمر هذا التمييز؟!
أمل زاهد
البلد: المملكة العربية السعودية
كاتبة سعودية
----------
أشكر الأخت امل على هذا المقال
وأقول لها أنه من خلال زياراتي للمدينة المنورة وبالرغم من أخلاق ساكنيها العالية
إلا أن الحرم الشريف يخيل لي أنه مملوك وليس كما كان في عهد رسول الله ص