|
عضو متواجد
|
رقم العضوية : 52510
|
الإنتساب : Jul 2010
|
المشاركات : 95
|
بمعدل : 0.02 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى العام
(الموت اعظم الدواهي)
بتاريخ : 30-08-2010 الساعة : 02:36 AM
(الموت اعظم الدواهي)
اعلم ان الموت داهية من الدواهي العظمى،و من كل داهية اشد و ادهى، و هو من الاخطار العظيمة،و الاهوال الجسيمة،فمن علم ان الموت مصرعه و التراب مضجعه، و القبر مقره و بطن الارض مستقره،و الدود انيسه و العقارب و الحيات جليسه، فجدير ان تطول حسرته و تدوم عبرته،و تنحصر فيه فكرته و تعظم بليته،و تشتد لاجله رزيته،و يرى نفسه في اصحاب القبور و يعدها من الاموات،اذ كل ما هو آت قريب،و البعيد ما ليس بآت، و حقيق الا يكون ذكره و فكره و غمه و همه و قوله و فعله و سعيه وجده الا فيه و له،قال رسول الله-صلى الله عليه و آله-:«لو ان البهائم يعلمون ما تعلمون ما اكلتم منها سمينا».او قال-صلى الله عليه و آله-لقوم يتحدثون و يضحكون:
«اذكروا الموت،اما و الذي نفسي بيده!لو تعلمون ما اعلم لضحكنم قليلا و لبكيتم كثيرا».و مر-صلى الله عليه و آله-بمجلس قد استعلاه الضحك، فقال:«شوبوا مجلسكم بذكر مكدر اللذات».قالوا:و ما مكدر اللذات؟
قال:«الموت».
ثم غفلة الناس عن الموت لقلة فكرهم فيه و ذكرهم له،و من يذكره ليس يذكره بقلب فارغ،بل بقلب مشغول بشهوات الدنيا و علائقها،فلا ينفع ذكره في قلبه،فالطريق فيه: ان يفرغ القلب عن كل شيء الا عن ذكر الموت الذي بين يديه،كالذي يريد ان يسافر الى بلد بعيد ما بينهما مفازة مخطرة،او بحر عظيم لا بد ان يركبه،فانه لا يتفكر الا فيه، و من تفكر في الموت بهذا الطريق و تكرر منه ذلك،لاثر ذكره في قلبه،و عند ذلك يقل فرحه و سروره بالدنيا،و تنزجر نفسه عنها،و ينكسر قلبه، و يستعد لاجله.و اوقع طريق فيه:ان يكثر ذكر اقرانه الذين مضوا قبله، و نقلوا من انس العشرة الى وحشة الوحدة. و من ضياء المهود الى ظلمة اللحود، و من ملاعبة الجواري و الغلمان الى مصاحبة الهوام و الديدان،و يتذكر مصرعهم تحت التراب،و يتذكر صورهم في مناصبهم و احوالهم،ثم يتفكر كيف محى التراب الآن حسن صورتهم،و كيف تبددت اجزاؤهم في قبورهم،و كيف ارملوا نساءهم و ايتموا اولادهم و ضيعوا اموالهم و خلت منهم مساكنهم و مجالسهم و انقطعت آثارهم و اوحشت ديارهم،فمهما تذكر رجلا رجلا،و فصل في قلبه حاله و كيفية حياته،و توهم صورته،و تذكر نشاطه و امله في العيش و البقاء،و نسيانه للموت،و انخداعه بمؤثثات الاسباب،و ركونه الى القوة و الشباب،و ميله الى الضحك و اللهو،و غفلته عما بين يديه من الموت الذريع و الهلاك السريع،و انه كيف كان يتردد و الآن قد تهدمت رجلاه و مفاصله،و كيف كان ينطق و قد اكل الدود لسانه،و كيف كان يضحك و قد اكل التراب اسنانه،و كيف دبر لنفسه الامور و جمع من حطام الدنيا مالا يتفق احتياجه اليه على مر الاعوام و الشهور و كر الازمنة و الدهور.ثم يتامل انه مثلهم،و غفلته كغفلتهم،و سيصير حاله في القبر كحالهم،فملازمة هذه الافكار و امثالها،مع دخول المقابر و تشييع الجنائز و مشاهدة المرضى، تجدد ذكر الموت في قلبه،حتى يغلب عليه بحيثيصير الموت نصب عينيه، و عند ذلك ربما يستعد له و يتجافى عن دار الغرور،و اما الذكر بظاهر القلب و عذبة اللسان فقليل الجدوى في التنبيه و الايقاظ.و مهما طاب قلبه بشيء من اسباب الدنيا،فينبغى ان يتذكر في الحال انه لا بد من مفارقته.كما نقل:ان بعض الاكابر نظر الى داره فاعجبه حسنها،فبكى و قال:و الله لو لا الموت لكنتبها مسرورا.
من كتاب جامع السعادات للمولى محمد مهدي النراقي احد اعلام المجتهدين
|
|
|
|
|