عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة قال: حدثني سعد بن أبي عروة، عن قتادة، عن الحسن البصري أن رسول الله صلى الله عليه وآله تزوج امرأة من بني عامر بن صعصعة يقال لها "سنى" وكانت من أجمل أهل زمانها فلما نظرت إليها عائشة وحفصة قالتا: لتغلبنا هذه على رسول الله صلى الله عليه وآله بجمالها فقالتا لها: لا يرى منك رسول الله صلى الله عليه وآله حرصا فلما دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله تناولها بيده فقالت: أعوذ بالله فانقبضت يد رسول الله صلى الله عليه آله عنها فطلقها وألحقها بأهلها وتزوج رسول الله صلى الله عليه وآله امرأة من كندة بنت أبي الجون فلما مات أبراهيم بن رسول اله صلى الله عليه وآله ابن مارية القبطية قالت: لو كان نبيا ما مات ابنه فألحقها رسول الله صلى الله عليه وآله بأهلها قبل أن يدخل بها فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وولى الناس أبوبكر أتته العامرية والكندية وقد خطبتا فاجتمع أبوبكر وعمر فقالا لهما: اختارا إن شئتما الحجاب وإن شئتما الباه فاختارتا الباه فتزوجتا فجذم أحد الرجلين وجن الآخر
قال عمر ابن اذينة: فحدثت بهذا الحديث زرارة والفضيل فرويا عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: ما نهى الله عز وجل عن شئ إلا وقد عصي فيه حتى لقد نكحوا أزواج النبي صلى الله عليه وآله من بعده وذكر هاتين العامرية والكندية ، ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): لو سألتهم عن رجل تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها أتحل لابنه؟ لقالوا: لا فرسول الله صلى الله عليه وآله أعظم حرمة من آبائهم.
(الكافي/ج5/ص421)
الإمام هنا يصرّح: «لقد نكحوا أزواج رسول الله من بعده» ، وهنا فلندع عائشة عنـّا ونتأمل في الأخريات اللواتي تزوّجن من بعده ، بعد أن أباحت الزواج لهن حكومة أبي بكر وعمر ، فتزوجت قتيلة بنت قيس الكندية بعكرمة ابن أبي جهل ، الإمام عليه السلام هنا يرد على حجة المخالفين القائلة بأن رسول الله قد طلّق هؤلاء النسوة أو لم يدخل بهن فيجوز لهن الزواج من بعده ، فيبيّن عليه السلام لهم لو أن رجلاً تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها أتحل لإبنه؟
ليؤكد بعد ذلك الحرمة الأبدية وأنه لا يجوز استحلال فروج أزواج النبي وإن كنّ مطلقات وإن كنّ لم يدخل بهن ، ويضيف الإمام أن رسول الله أعظم حرمةً من أبائهم إن كانوا مؤمنين وأولى بهم من أنفسهم.
فحسب فقه آل محمد صلوات الله عليهم يعد هذا الزواج باطلاً وهو تدنيس لتلك الأرحام ، وهو مساوقٌ للزنا فالعقد غير شرعي من الأصل كمن يعقد على أمه أو أخته ، فهل هذا يعد زواجًا أم زنا؟
الجواب هذا زنا لأن العقد ليس مباحًا في الشريعة ، فكذلك الأمر لهاتين الزوجتين ، والقضية ثابتة ويقر بها المخالفين بأن بعض أزواج النبي تزوجن من بعده ، إلا أن مبرر الزواج لا يقبله أهل البيت عليهم السلام لتصحيح تلك الأنكحة ، فإذن أنت إذا تقول أنا موالي لأهل البيت وألتزم بتعاليم أهل البيت وفقه أهل البيت عليهم السلام وتدّعي بأنك تتبع أهل البيت فعليك أن تلتزم بموقفهم فهم قد ثبـّـتوا هنا وفي روايات صحيحة وثابتة وواردة في أصح مصادرنا وهي «الكافي» بأن هؤلاء النسوة قد ارتكبن الفاحشة من بعد رسول الله ، ولندع عائشة جانبًا كما أسلفنا ، ولنثبـّت هذه الحقيقة ؛ ناهيك عن وجود روايات مشهورة وقوية السند في أن ابن نوح لم يكن ابن نوح وإنما كان ابن زوجتهِ.