|
عضو متواجد
|
رقم العضوية : 51174
|
الإنتساب : Jun 2010
|
المشاركات : 86
|
بمعدل : 0.02 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى الإجتماعي
من فكر المرجع الشيرازي: تزويج الشباب و التحديات التي تواجههم
بتاريخ : 03-07-2010 الساعة : 10:08 PM
تزويج الشباب في رؤيا المرجع الشيرازي
التحديات الاجتماعية والتربوية التي تواجههم
من منطلق العمل بالأحاديث الشريفة الداعية إلى الاستفادة من مجالس العلماء، والأخرى الحاثّة على تقييد العلم وتوثيقه ونشره، وحرصاً على إيصال ما حملته محاضرات آية الله العظمى المرجع الديني السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله من المفاهيم الإسلامية الأصيلة إلى أولئك الذين حُرموا من سماعها أو الاطلاع عليها، نشير هنا إلى بعض ما أفاض به سماحته من طرح لمشاكل الشباب التربوية والاجتماعية، لاسيما قضية الزواج والحلول المناسبة لها.
يقول سماحته: صونوا شبابكم وفتياتكم، واعملوا على أن يكونوا مؤمنين ومعتقدين بالله والرسول صلى الله عليه وآله وأهل البيت سلام الله عليهم، ومهما بلغوا من اعتقادهم فأعملوا على زيادة هذا الاعتقاد لديهم، بل وفّروا وسائل وأسباب ذلك.
علينا أن نعرِّف الشباب والشابات بنبي الإسلام صلى الله عليه وآله والطريقة التي عرّف بها القرآن الكريم شخصية رسول الله صلى الله عليه وآله وحقيقة الأئمة الأطهار سلام الله عليهم، وليس عبر كلمات الإفراط والتفريط، التي تصدر من بعض الجهات المظلّة وهي تريد أن تهبط بهم إلى ما دون مقامهم.
ويضيف المرجع الشيرازي: أطلعوا الشباب على حقيقة مسألة العصمة وعلم الغيب والمسائل التي تعدّ من المسلّمات والقطيعات المتعلّقة بمقام الأئمة المعصومين سلام الله عليهم، وأن صيانة الشباب واجب الآباء والامهات أولاً، وكذا الأعمام والأخوال والأقارب، وهو واجب الشباب المتديّن أيضاً. وفي مسألة حيوية أخرى تخصّ الحوائج العاطفية والأسرية للشباب يقول سماحته: إن الاقتران العاطفي والمتناغم بين الرجل والمرأة الذي يهدف لسدّ الحاجة الجنسية والنفسية ويحقق الشعور بالطمأنينة، وينتهي إلى تكثير النسل هو ما ندعوه بعقد الزواج. وأن الزواج القائم في نظام الخلقة وعالم الوجود يهدف استمرار الحياة هو سنة فطرية وغريزية، يعدّ التخلف عنها تخلفاً عن المسار الطبيعي لنظام الخلقة.
إن الشباب والمسؤولين في المجتمع والآباء والأمهات يدركون جميعاً ضرورة الاقتران، وأهميته في تحقيق الحياة المستقرة السليمة، ويعتقدون بأن الامتناع عن الزواج مخالفة لسنة النبي صلى الله عليه وآله وذلك لقوله: «من أحبّ أن يتّبع سنّتي فإن من سنّتي التزويج». وقال صلى الله عليه وآله: «مَن تزوج فقد أحرز نصف دينه، فليتق الله في النصف الآخر».
ولكن مؤشرات انخفاض حالات الزواج بين الرجال والنساء في المجتمع الاسلامي أمر يدعو إلى القلق، ولا بد من التفكير في معالجته بشكل جذري.
وهناك عدة أسباب لانخفاض الزواج كالظروف الثقافية والاقتصادية والطبية. وسوف نتناول الأمور العامة والأزمات التي تحدّ من مشروع الزواج وهي مشكلة عويصة يعاني منها الشباب، ولابدّ من التفكير على مستويات المجتمع كافة لإزالة هذه الموانع والعقبات وتسهيل أمور الشباب المسلم ولصيانة المجتمع من الانحرافات المتعددة فيما لو كثر العزّاب وحالات العنوسة:
مشاكل الزواج العامة
بالقدر الذي تعاني الحياة العامة في المجتمع المعاصر من مشاكل في البناء والاقتصاد، كذلك تعاني من مشكلة زواج الشباب. فالشابات والشباب يرون موانع ومشاكل أمام زواجهم، أدّت إلى ارتفاع سن الزواج، وهذا يعد خسارة اجتماعية ناشئة من العلل الثقافية والاقتصادية في المجتمع، وأهمها :
أولاً: البطالة
إن الحصول على العمل من الحقوق الابتدائية لتكوين الأسرة وضمان الحياة العائلية، ولكن للأسف هناك علل وأسباب اقتصادية وثقافية مختلفة أدّت إلى بروز البطالة كظاهرة سيئة، وتركت المجتمعات البشرية المعاصرة تتخبط في مأساتها ومحنتها.
إن بطالة الشباب من أكبر المشاكل الاجتماعية التي توسّع من رقعة القلق والخوف في حقوق العاطلين وتؤدّي إلى ازدياد الانحرافات الأخلاقية وتفشي الفساد فيما بينهم. والبطالة تؤدّي إلى عدم تفكيرهم في الزواج وإلى ابتلائهم بالأمراض النفسية والسرقة والإدمان على المخدّرات وما إلى ذلك من المفاسد.
خلاصة القول: إن البطالة وعدم الحصول على مورد مادي يعدّ في الحقيقة عقدة أمام الزواج في المجتمع المعاصر، ولابدّ من حل لهذه المشكلة، وعلى الشعب والحكومة أن يتعاضدا ويتعاونا لإيجاد حل أساسي وثابت لهذه المعضلة.
ثانياً: أزمة السكن
مع الأخذ بنظر الاعتبار الهجرة من الريف إلى المدينة ومن المدن إلى خارج البلاد، وما قامت به بعض الدول الإسلامية من الحدّ من الهجرات الواسعة نحو المدن، والقيام ببناء الشقق، وإعطاء القروض للسكن والزواج وبناء البيوت الاستئجارية، فقد غدى إعداد السكن بوجه خاص بالنسبة إلى الشباب الذين يعتزمون الزواج مشكلة اجتماعية. وبالالتفات إلى ازدياد نسبة الشباب في المجتمع، ولأجل الوقاية من الانحرافات الأخلاقية لابدّ للشباب قبل الزواج أن لا يصرّوا على أن يمتلكوا بيوتاً مستقلة، بل عليهم أن يقنعوا بالأمر الواقع ويسيروا على الطريقة التقليدية المتبعة في السكن مع أوليائهم، أو أن يلزموا الصبر والموازين الأخلاقية والحقوقية بالنسبة إلى الوالدين بل حتى الأخوة والأخوات، ويبدأوا حياتهم الزوجية. وعلى كل حال فإن توفير السكن على حدود الوسع أمر ضروري للشروع في الزواج.
ثالثاً: المهور الغالية
إن المهر والصداق هو ما يتوافق عليه الرجل والمرأة من مال أو عمل أو شيء مشروع يتكفل الرجل بأدائه عند عقد النكاح. وعليه يتعهد الرجل حين عقد الزواج بأن يفعل للمرأة شيئاً أو يقدّم لها مالاً مهراً لها، كما تعهّد موسى بن عمران على نبيّنا وآله وعليه الصلاة والسلام أن يعمل لمدة ثمان سنوات حينما تزوّج من ابنة شعيب. وأقلّ ما يمكن دفعه كمهر هو أن يكون مما يتمول، وأكثره فهو أن لا يتجاوز مهر السُنّة وهو خمسمائة درهم وهو صداق مولاتنا فاطمة الزهراء سلام الله عليها.
في الأيام الأولى من تطبيق أحكام الإسلام في المدينة حيث كانت الأمور تجري على البساطة والإيمان المسوؤل، كان الرجل أحياناً يتعهّد بتعليم المرأة عشرين آية من القرآن أو سورة واحدة، وأحياناً كلّ القرآن كمهر لها، وبذلك يحصل الزواج ويؤدّي الرجل ما تعهّد به من المهر، كما كان يكتفي أحياناً بقبضة من الحنطة أو خاتم كمهر للزواج، ويتمّ الزواج في جو من البساطة والإيمان.
قال مولانا النبي الأعظم صلى الله عليه وآله: «أفضل نساء أمّتي أصبحهن وجهاً وأقلهنّ مهراً».
لكن تغيّر الظروف الاقتصادية في هذا الزمان، والاستغلال السيئ الذي حدث في بعض الأحيان من هذه الناحية، ولتحقيق التوازن بين المهر و(الجهاز) الذي يقع على عاتق أسرة البنت عند البعض لضمان ثبات الزواج واستحكامه ما أمكن، ارتفعت المهور، ومع ذلك إذا حصل الزواج على أسس صحيحة وفي جو تسوده الثقة المتبادلة ضمن تقليل المهور أو إجرائها على أساس غير النقد والمادة، فسوف يكون اللجوء إلى ذلك من المشاكل التي تحول دون الزواج في المجتمع المعاصر.
رابعاً: توفير الجهاز
إن الجهاز عبارة عن الأثاث الذي يحتاجه الرجل للزواج، فتوفيره على عاتق الرجل، كما صنع الإمام علي صلوات الله عليه حينما أراد أن يتزوّج من مولاتنا فاطمة الزهراء صلوات الله عليها حيث جعل درعه صداقاً فباعه بأمر الرسول وأعطى ثمنه إليه صلى الله عليه وآله، فقام بشراء جهاز مختصر وبسيط بجزء من الثمن. وبالتدريج تحول الجهاز بوصفه مساعدة من قبل أهل الزوجة لبناء كيان الأسرة إلى واجب عليهم، ثم صار وللأسف الشديد بفعل طبقة من الناس عقبة أمام الشباب، حتى عجزت الأسر الفقيرة عن توفيره، وفي كثير من الموارد تحرم الفتاة من الزواج بسبب عدم امتلاكها للجهاز أو كونه بسيطاً.
إن الذي يجري حالياً في المجتمعات البدوية التي تسكن البوادي حيث الفطرة والطبيعة السليمة هو ان توفير الجهاز يكون على عاتق أسرة الزوج، وإضافة إلى ذلك يتكفّل الزوج بدفع مقدار من المال حيث يسمّونه ثمن الرضاع. وعلى كل حال فإن توفير الجهاز الغالي يعقّد مسألة الزواج، ويؤدي إلى حوادث مأساوية، مثل الذي يبيع إحدى كليتيه ليوفر ثمن الجهاز.
إن هذه التقاليد إذا لم يتمّ الحد منها، وإن لم تحلّ القيم الإنسانية محلّها فسوف تتجذر الأمراض الأخلاقية والاجتماعية ويتحوّل الزواج إلى مجرّد معاملة تجارية ومادية صرفة.
يقول مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله في حديث موجّه لأسرة الفتاة: «لاتغالوا في الصداق فتكون عداوة». وعليه ففي مورد تحديد المهر الذي لا يدفع نقداً في الغالب قد أوصى الإسلام بأن يكون قليلاً ولابدّ من مراعاة ذلك، لا سيما ونحن نعيش في ظروف اقتصادية حرجة. ولأجل الحفاظ على كرامة أسرة الطرفين لابدّ من القناعة بالقليل المتواضع، لكي لا تثقل على عاتق الأسر الفقيرة والمحتاجة ليحصل بذلك التوازن الأخلاقي والاقتصادي الذي يتمخض عن توثيق الروابط بين الأسر.
خامساً: تكاليف حفلات العقد والزواج.
إن (الوليمة) ودعوة الأشخاص لتناول الطعام والحلويات في حفلات العقد والزواج وإن كانت مما يحثّ عليه الإسلام ويقبله كل عقل سليم، إلاّ ان ما يحدث حالياً في ظل الظروف الاجتماعية الراهنة هو الإسراف في نفقات هذه الحفلات الذي يؤدي إلى تعقيد الزواج بل وتعطيله أساساً.
إذ ان اتّساع رقعة المطالب والإسراف المصحوب أحياناً بارتكاب المآثم من قبيل عدم مراعاة الأخلاق والعفة، بل وإيذاء الناس، يعدّ حالياً من المعضلات الاجتماعية، وموانع تعرقل عملية الزواج.
كما ان بعضاً ولأجل إعداد مسكن للإيجار يخاطرون باقتراض مبالغ كبيرة، ولقلة وعيهم ولأجل المنافسات التي ليس لها مبرر أسرفوا في نفقات العقد والزواج، فباتوا ولسنوات يتجرّعون الآلام والغصص ويدفعون بسبب ذلك أثماناً مادية ومعنوية باهضة، وغدوا يعانون من آلام طويلة جرّاء لذة قصيرة وقليلة، وما أروع ما جاء في الحديث الشريف: «ربّ لذة ساعة أورثت حزناً طويلاً».
|
التعديل الأخير تم بواسطة البحرانية ; 04-07-2010 الساعة 02:45 AM.
|
|
|
|
|