برلين- حذر باحثون ألمان من الإستماع إلى الصوت الداخلي علي نحو دائم، استنادا إلي أن الصوت يمكن أن يكون مثيرا للغضب وسلبيا بشكل ضار. فهو بالكاد يساعدك من خلال التكرار المستمر للتحذيرات والنيل منك. ومع ذلك فإن تجنب الاستماع إليه يعد أمرا صعبا.
إنها ليست حالة هلوسة ولكنها نتاج عقلك. فالصوت الذي تسمعه في أذنيك ويقول لك "لن تنجح، إنه أمر صعب" هو أمر مزعج.
ويعاني كثير من الناس من الأثار السلبية المترتبة عن الصوت الداخلي. ورغم عدم إستطاعتك إيقاف هذا الصوت، إلا أنه بوسعك أن تتعلم من ذلك التفكير بإيجابية من جديد.
وتخشى كارين وهي من مدينة بريمن بألمانيا هذه التغييرات: وظيفة جديدة، الانتقال إلي مكان جديد، أو الإنفصال عن شريك الحياة. وقالت "عند كل بداية جديدة محتملة تتوارد علي خاطري الأفكار، ويحذرني صوت عميق بداخلي من الخطر الشديد".
وكانت كارين تسمع صوتا مستمرا يقول لها انه من الصعب عليها أن تجرؤ على تغيير أي شئ في حياتها. ثم خضعت للعلاج. وأصبحت الآن تدرك مصدر هذا الصوت الداخلي، إنه بالتحديد من والدها، إنه بمثابة"رجل أمن" يردد عبارات تحذيرية من قبيل "بعض الأخطاء لا يمكن أبدا إصلاحها".
وتشير كارين كوتنر أوشيا وهي طبيبة نفسية مقيمة في هامبورج إلي أنه سواء كانت تلك تجارب مع الآباء أوالمدرسين أو أشخاص آخرين مهمين في حياتنا "فإن الوسط المحيط يؤثر علينا". فالتحذيرات وأطر التفكير التي تتمثل لنا تقحم نفسها على عقولنا بالصورة التي كانت عليها في الماضي، وتعود للظهور حتى ولو بعد عشرات السنين.
وقال تيم جروش طبيب نفسي في برلين "أناس كثيرون لا يستطيعون التعرف علي مصدر هذه الأفكار" التي تظهر في حالات كثيرة فقط عندما يكون الشخص ممزق نفسي. فربما تكون مشاكل في العمل أو في أي علاقة أو إنخفاض الروح المعنوية بشكل عام.
ويشير جروش إلى أن"الحالات المزاجية التي يسيطر عليها الحزن والكآبة والمخاوف أو أي اهتزاز في الثقة الذاتية للشخص غالبا ما تفتح الأبواب أمام فيضان الأصوات الداخلية".
ومن وجهة نظر الطبيبة النفسية بهامبورج أوته زاندر فإن الأصوات الداخلية السلبية تضرب بجذورها في المعتقدات التي يتبناها الاشخاص من أناس أخرين على مر العصور.
وقالت إن الاشخاص الذين يستمعون في طفولتهم عبارة متكررة من والديهم مفادها"لن تصل أبدا إلى أي شئ" سوف يحاولون إثبات العكس "ويتعجبون من سبب عدم احساسهم بالرضا والاطمئنان".
وكيف يمكن إسكات هذه الأصوات الداخلية؟ ينصح جروش الذي قال إن العقل يفضل أن يفعل ما كان يفعله بشكل جيد"بممارسة التفكير الإيجابي". وقال إنك كلما طرحت الأفكار السلبية جانبا وركزت في هدفك كلما زاد إحتمال وصولك إليه.
ومع ذلك لا يستطيع أي شخص منع الأفكار التشاؤمية. وتحذر كوتنر أوشيا من "إن محاولة قمع هذه الأصوات يمكن أن يجعل نبرتها أعلى ويؤدي إلي إستمراريتها". وأضافت "من المهم التعامل مع هذه الإشارات التحذيرية".
وأعربت أوشياعن إقتناعها بأن معظم الأصوات الداخلية تحمل شيئا ما ذات مغزي حيث أن الكثير من الأصوات تلعب دورا في أفكارنا. وأحيانا ماتعبر مشاعر ومواقف عن نفسها مثل الحب والتلقائية والطموح أوالنقد.
ومع ذلك يجب ألا تستمع إلى صوت واحد فحسب. فإذا كان هناك شيطان على كتفك الأيسر وملاك على كتفك الأيمن وكلاهما يهمس في أذنيك، فإستمع إلى الأثنين معا، حسبما تقول كوتنر أوشيا.
وتنصح أوشيا"إجمع أصواتك الداخلية معا وإستمع بدقة إلى ما تقوله".
و يتعين علي الأشخاص الذين تعذبهم الأصوات الداخلية إلى درجة تداخلها مع شئون حياتهم أن يسعوا للحصول علي مساعدة طبية ، وإلا سيعانون من القلق والإضطرابات والتوتر والغضب.
وقال جروش "في بعض ألأحيان تستولي الأصوات الداخلية على حياتك بدرجة يصعب عليك السيطرة عليها". وأضاف"إن الأشخاص الذين يرون الجانب السيء فقط غالبا ما يتعين عليهم الكفاح من أجل تعلم كيفية النظر في كافة الإتجاهات من جديد".