اسم البحرين : يطرح المؤرخون وجهات نظر مختلفة حول أسباب تسمية البحرين بهذا الاسم ، وهناك تفسيران رئيسيان .الأول يقول لأنها تقع بين "بحر عمان" و"بحر فارس" ، أما التفسير الثاني فيشير الى أن البحر المالح الأجاج يحيط بها بينما يتفجر الماء العذب من بين صخورها . وهذا الماء لا يتفجر على اليابسة فقط ولكن أيضا في قاع الخليج ، انها ينابيع أكثر عذوبة من مياه الابار العادية لأنها بعيدة عن التلوث والأتربة ، وكان الغواصون في الماضي يعرفون أماكن هذه الينابيع ويهبطون اليها حاملين القرب الجلدية للتزود بالماء أثناء رحلات الغوص الطويلة .
وهناك اسم اخر اشتهرت به البحرين ، وهو جزيرة أوال . وقيل أن سبب التسمية يعود الى أن (أوال) هو اسم لأحد أصنام قبيلة بكر بن وائل التي كانت تسكن البحرين . وقيل أيضا ان أوال اسم لأخ أو ابن (عاد) الذي بنى (ارم ذات العماد) فكان اسمه أوال وكان يبحث عن منطقة جميلة وهواؤها نقي وتصلح لأن يعيش فيها فنصح بهذه الجزيرة فسميت باسمه (أوال) .
يقول الشيخ علي البحراني (المتوفى 1926م) في كتابه (أنوار البدرين) :"ان أوال هذا أخ لعاد أو ابنه قد طلب أرضا طيبة الهواء جزيرة قابلة للسكنى كأخيه أو أبيه عاد لما طلب أرضا طيبة الهواء ليبنيها كالجنة فبنى ارم ذات العماد فوصف له جزيرة أعني البحرين فراها جزيرة عظيمة حسنة طيبة الهواء ذات مياه خالية من الهوام والسباع قابلة للتعمير والسكنى واستنباط العيون وغرس النخيل والأشجار فسكنها ومدنها فنسبت اليه ." كما أطلق البعض على البحرين أسماء أخرى ، مثل دلمون ، وتايلوس ، وأرادوس .
بحراني – بحريني:
أما بالنسبة للصفة التي تطلق على أهل البحرين فهي "بحراني" . غير ان هذه الصفة أخذت معنى آخر بعد ادخال الاصلاحات الادارية في العشرينات وكتابة القوانين المدنية في الخمسينات من القرن العشرين . فقبل تلك الفترة ، كان كل من استوطن البحرين الكبرى (الأحساء والقطيف والبحرين حاليا) وأصبح من أهل البحرين يطلق عليه "بحراني" . أما بعد الاصلاحات الادارية في 1926 ، فقد اعتبر البعض صفة "بحراني" تختص بالشيعة العرب سكان البحرين الأصليين (البحارنة) ، ولهذا استحدثت صفة "بحريني" كصفة بديلة رغم الشك في صحتها من الناحية اللغوية .
يقول حمزة الحسن (1993) " ان الشيعة يسمون بالبحارنة ، وهي لفظة يطلقها الطائفيون للسخرية والانتقاص .. ومفرد البحارنة بحراني ، وهي صيغة عربية صحيحة للانتساب ، فكل من سكن البحرين (الأحساء والقطيف والبحرين حاليا) فهو بحراني ، ولأن كل البحارنة تقريبا من الشيعة ، لذا أصبحت الكلمة مرادفة في المعنى للشيعي فالبحراني تعني الشيعي وتعني ساكن المنطقة الأصلي .. الا أنها تعطي بالنسبة للطائفيين معنى دونيا تمييزا ، فالبحراني الشيعي ابن المنطقة بالنسبة لهم ، هو غير العربي-البدوي-القبلي، والسيد المسيطر ".
والكاتب لهذا البحث لا يرى ضررا من استخدام أي من المصطلحين شريطة ان لا يكون الهدف هو التمييز الطائفي او الأثني بين المواطنين .
جغرافية البحرين القديمة :
كانت البحرين قديما تمتد من البصرة شمالا الي عمان جنوبا ومن اليمامة غربا الى ساحل الخليج شرقا فهي تضم الكويت والمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية وقطر إلى جانب جزر البحرين الحالية في هذه الأيام . يقول الميرزا الخوانساري (1970م) "ان البحرين – كما في ( تلخيص الاثار ) – ناحية بين البصرة وعمان على ساحل البحر ، بها مغاص الدرر ، ودرة أحسن الأنواع ، ينتهي اليها قفل الصدف في كل سنة من مجمع البحرين ، ويحمل الصدف بالدر منه اليها ، وليس لأحد من الملوك مثل هذه الغلة " .
وفي معجم البلدان لياقوت الحموي (المتوفى 1228م) " ان البحرين اسم جامع لبلاد على ساحل بحر الهند بين البصرة وعمان ، قيل هي قصبة هجر . وقيل هجر قصبة البحرين " . والقصبة هي المدينة او أعظم مدن البلاد ، وهجر في الجغرافية القديمة كانت تعني اقليم البحرين من البصرة الى عمان أحيانا ، وتعني مدينة وقصبة للاقليم في احيان أخرى . هذه المدينة القديمة (هجر) دمرها أبو سعيد الجنابي زعيم القرامطة عام 900م . وفي عام 929 م قام أبوطاهر القرمطي ببناء مدينة الأحساء التي اتخذ منها قاعدة لدولته . وهناك اختلاف حول المكان الذي بنيت فيه مدينة (الأحساء) فالبعض يرى انها بنيت بالقرب من مدينة هجر التي دمرت والبعض الاخر يرى ان الأحساء بنيت على أنقاض هجر . ومن القائلين بالرأي الثاني حسن الامين (1981م) في دائرة المعارف الاسلامية الشيعية حيث يقول "ان الاحساء كانت تطلق على ما يعرف ب( هجر ) عاصمة ( البحرين ) التي كانت اسما للمنطقة الممتدة من البصرة الى عمان" .
يقول عبد الرحمن عبد الكريم النجم (1973) "أطلق العرب إسم البحرين على الإقليم الممتد على ساحل الخليج العربي بين البصرة وعمان، فهو يشمل ما نعتبره في لوقت الحاضر الكويت والإحساء وقطر وجزر البحرين الحالية المعروفة باسم أوال. وهي متصلة غربا باليمامة، وشمالا بالبصرة وجنوبا بعمان".
ان اسم البحرين كان اذن يطلق على المنطقة كلها وتكون هجر العاصمة ، وأحيانا تكون هجر المنطقة كلها . يقول الحموي (المتوفى 1228م) "هجر مدينة وهي قاعدة البحرين . وربما قيل الهجر ، بالألف اللام ، وقيل : ناحية البحرين كلها هجر ، وهو الصواب ." الا ان الأكثر شهرة ان هجر قصبة البحرين . يشير الميرزا
الخوانساري (1970م) بقوله "هجر مدينة كبيرة قاعدة بلاد البحرين " كما أشار الى ذلك أيضا بطرس البستاني في دائرة المعارف بقوله :" وكانت قصبتها (البحرين) مدينة هجر" ثم نتيجة لغلبة الاستعمال فقد اختص اسم البحرين بجزيرة أوال (البحرين حاليا) وهجر بالاحساء . يقول الشيخ علي البحراني (المتوفى 1926م) :"اسم البحرين واسم هجر بفتحتين ويطلق كل منهما على الجميع كما هو المستفاد من تتبع كلام أهل اللغة وأهل التواريخ والسير ثم صار علما بالغلبة اسم البحرين على جزيرة أوال وهجر على بلاد الاحساء ".
والبحرين قديما كانت تضم ثلاث مدن رئيسية هي أوال والخط وهجر (البحرين و القطيف والاحساء على التوالي ) حيث استمر ارتباط هذه المناطق الثلاث ببعضها حتى مجيئ الاحتلال البرتغالي في 1520م الذي استولى على المناطق الثلاث وفي عام 1551م استولت الجيوش العثمانية على الأحساء والقطيف وبقيت جزيرة أوال تحت الاحتلال البرتغالي . استطاع الخوالد طرد العثمانيين من الأحساء والقطيف ولكن الوهابيين تغلبوا على الخوالد وأصبحت المنطقتين (الأحساء والقطيف) ضمن نفوذهم . في عام 1810م وبعد استيلاء الوهابيين على البحرين قاموا بتعيين عبد الله بن عفيصان وكيلا عنهم في البحرين وقطر والأحساء القطيف وكان مقره في البحرين .
ولكن هذا الامر لم يدم طويلا حيث استولت الجيوش العثمانية على الأحساء مرة أخرى عام 1818م . وقام ال خليفة بالاستنجاد بسلطان مسقط لطرد الوهابيين من البحرين .
جغرافية البحرين الحديثة :
ينقل قدري قلعجي (1992م) عن أمين الريحاني وصفا للبحرين حيث يقول :" ليس بين مسقط والبصرة أجمل من مركز هذه الجزيرة . وليس أصلح منه للتجارة أو للحرب . فهي تتوسط الخليج في زاوية معينة منه كأنها بارجة راسية في جون متسع بين قطر والقطيف ، أو كأنها باخرة دنت من الساحل الذهبي المحيط بها ترفع علم السلم والتجارة . بل كأنها ، وهي عند مهد اللؤلؤ ، جوهرة كبيرة في جيب الخليج . فلا عجب اذا تسابق اليها الفاتحون في قديم الزمان ، وتنازعها الأمم ذات الصولة والعرفان . وهي لا تزال محط رحال التجار يجيئونها من الهند وفارس ، ومحط رحال الطامعين بالسيادة على خليج العرب ."
كانت الأساطير السومرية تسمي البحرين "دلمون" أو "أرض الحياة" أو "الأرض المقدسة" لوجود عنصري الحياة بها ، الماء والزراعة ، اللذين تفتقر اليهما بقية البلدان المجاورة في العصور القديمة ، مما جعل سكان تلك المناطق يختارون البحرين لدفن موتاهم لاحراز الخلود .
وكان لموقع البحرين بين الشاطئين العربي والايراني ، وكونها طريق مواصلات بحري تتردد عليها السفن من مختلف دول العالم ، كان لذلك أثر واضح في المستوى الحضاري لشعب البحرين الذي كان دائما أقل بداوة وأكثر تحضرا من الشعوب المجاورة له . ولم يفقد موقع البحرين أهميته رغم أن هذه الأهمية كانت تتلون بظروف كل فترة تاريخية تمر بها .
فأثناء فترة الاستعمار البريطاني لشبه القارة الهندية كانت أهمية البحرين تكمن في كونها طريق مواصلات بين أوروبا والهند .. ثم أصبحت البحرين في قلب منطقة الخليج الغنية بالبترول ، واحتياطي الطاقة العالمي البالغ قرابة ثلثي ما هو متوفر في العالم .
تتألف البحرين من مجموعة جزر تزيد على الثلاثين تقع في الجنوب الأوسط للخليج العربي وتبعد 22 كم عن الساحل الشرقي للمملكة العربية السعودية وأكثر بقليل عن الساحل الغربي لشبه جزيرة قطر ، ويربط البحرين بالمملكة العربية السعودية جسر تم افتتاحه عام1986 م .
وتعد البحرين أصغر دول الخليج اذ تبلغ مساحتها الكلية 695 كم {مايقارب 270 ميل مربع} ، وتعتبر جزيرة البحرين الأم أكبر الجزائر اذ تبلغ نسبة مساحتها 85% من مجمل المساحة الكلية ، وهناك اضافة لجزيرة البحرين ، جزيرة المحرق (3,25 % من مجموع المساحة) وسترة (2,07 %) والنبيه صالح (0,11 %) وأم النعسان (2,72%) ، وجدة (0,05 %) ، وأم الصبان ، وجزر حوار القريبة من الساحل القطري.
تتكون أرض البحرين من الرمال وبعض الصخور الظاهرة ، وأغلب الجزر مسطحة وبها بعض أحجار الكلس . وفي شمال وغرب البحرين تكثر الأراضي الصالحة للزراعة مع وفرة ينابيع الماء العذب المنتشرة في البلاد قبل استنزافها في السنوات الأخيرة ، اذ عمدت السياسات الحكومية للاستغناء عن الأراضي الزراعية وقامت بتشييد المباني و الشقق عليها مما أدى لأن تعتمد البحرين على أكثر من 95% من المواد الغذائية المستوردة للبلد .
أما عن حالة الجو فهو حار في الصيف معتدل في الشتاء مع أمطار خفيفه ، ويكون الجو لطيفا في الفترة الممتدة بين شهري نوفمبر وأبريل حيث تتراوح درجات الحرارة بين 15 -24 درجة مئوية ، ولكن معدل درجة الحرارة في البحرين هو 36 درجة مئوية مع رطوبة عالية ، أما معدل سقوط الأمطار سنويا فيبلغ 77 ملم تقريبا.
البحرين قبل الميلاد
ان الموقع الفريد لجزر البحرين (أوال) وقربها من مصائد اللؤلؤ جعلها قبلة لشعوب ما قبل الميلاد ، حيث تشير المصادر والاثار الى الوجود البشري في هذه المنطقة منذ 3000 سنة قبل الميلاد . لا عجب أن تكون البحرين محطة تختزن الكثير من حضارات التاريخ التي توافدت على المنطقة وعاشت فيها جيلا بعد جيل ، فهي اللؤلؤة التي تكالبت الشعوب عليها لتصنع من لؤلؤها جيدا تفخر به . لقد كان اللؤلؤ – والى عهود متأخرة – الثروة التي لا يشابهها سوى النفط في أيامنا هذه ، وكان لؤلؤ البحرين لا يضاهيه غيره في أرجاء العالم .
وتشير الى ذلك مي الخليفة (1996م) بقولها : " فعلى مدى تاريخ طويل أعتبر مغاص البحرين أشهر مغاص للؤلؤ في العالم لوفرة الكم والنوعية وأجمع المختصون على تفوق انتاجها منه على سائر اللالي ولعل ذلك عائد لوفرة ينابيع الماء العذب وسط المياه المالحة وتلك احدى عجائب الطبيعة وهباتها ، ويرجح الجيولوجيون ان مصدر تلك المياه قادم من مرتفعات نجد، من وراء الدهناء أي من قلب الجزيرة العربية التي أمدت البحرين بالماء العذب والسكان والحكام أيضا . أما أول من غاص بحثا عن اللؤلؤ أو زهرة الخلود فهو بلا شك جلجامش الذي تروي أسطورته أقدم ملحمة شعرية في العالم حفظها لنا السومريون على ألواح مكتبتهم الخالدة التي ضمت عشرين ألفا من ألواح الصلصال نقشت بالخط المسماري وشكلت أكبر وأقدم مكتبة في تاريخ الانسان" .
وتحكي الأسطورة عن الصعوبات التي مر بها جلجامش ذلك البطل القادم من جنوب العراق بحثا عن سر الخلود . وكيف عبر بحار الموت ووجد زيوسودرا في انتظاره على شاطئ دلمون ليخبره أن حياة الانسان عابرة ومقيدة ، وكيف باح له بسر الخلود ودله على الأرض المقدسة حيث تنبت تلك الزهرة في قاع البحر قرب شواطئ أرض الحياة . ويغوص جلجامش في ماء عذب وسط البحر ويجدها – أي زهرة الخلود أو اللؤلؤة – . وتذكر لنا الملحمة كيف ربط ثقلا حول قدمه ليصل الى الأعماق (تماما كما يفعل الغاصة) ، ثم كيف عاد الى بلاده حاملا تلك الزهرة ، وفي طريقه مر ببركة ماء أغراه صفاؤها وبرودتها ، فخلع ملابسه ونزل ليستحم ، فأزعج بفعله هذا الثعبان النائم في القاع ، فخرج الى السطح مهاجما وحين رأى زهرة الخلود البراقة ، أغرته بابتلاعها ، وحالما فعل انسلخ جلده وتجدد عمره وكتب له الخلود .
وقد كشفت الحفريات الأخيرة في المنطقة الجنوبية من البحرين عن مجموعة من الاصداف يعود تاريخها الى فترة دلمون حيث يعتقد أن الدلمونيين غاصوا بحثا عن اللؤلؤ لارتباط ذلك باعتقاداتهم الدينية أكثر منه تجارة كما هو الحال بعد ذلك". (انظر مي الخليفة (1996م) ) .
واضافة لأهمية اللؤلؤ فان الموقع الجغرافي لهذا البلد له أهمية حتى في ذلك التاريخ وفي أيام شعب دلمون . يقول حسن الأمين (1981م) "أهم ما تتميز به البحرين في عصر ما قبل التاريخ هو مدينة (ديلمون) التي ظلت قائمة أكثر من 1000 سنة مهيمنة على التجارة في أقطار الخليج العربي وكانت صلة الوصل بين أكبر مدينتين عرفهما التاريخ انذاك وهما مدينة الهندوس ومدينة بلاد ما بين النهرين " . وبعد عمليات البحث والتنقيب في اثار البحرين وخصوصا معابد باربار قسمت البعثة الدنمركية المكلفة بالتنقيب العهود التاريخية لأرض البحرين الى ستة
عهود :-
1- العهد الغابر ويمتد الى 3000 سنة قبل الميلاد أي قبل بناء معابد باربار بفترة قصيرة .
2- العهد الذي عاصر بناء معابد باربار .
3- العهد التالي له وليس لهذا العهد الا اثار قليلة .
4- العهد الذي يبدأ من عام 700 قبل الميلاد حتى الأعوام الأولى التي سبقت ميلاد المسيح ويتمشى هذا العهد مع العصر الاغريقي اذ يتبين ذلك من التأثير الاغريقي الكبير على الحضارة في البحرين .
5- عهد القرامطة الذي يرجع تاريخه الى القرنين العاشر والحادي عشر
الميلادي .
6- العهد الأخير وهو عهد البرتغاليين .
والعهود الثلاثة الأولى تسميها البعثة باسم عهد ديلمون والعهد الرابع بعهد تايلوس والخامس بعهد أوال ".
البحرين والقبائل العربية :-
بعد عهود طويلة قضاها شعب دلمون وغيره على أرض الخلود جاء دور العرب(ربما قبل العام1200 ق. م) في هذه الجزيرة ليقولوا كلمتهم ولينقشوا اسمهم على لؤلؤتها . ومن القبائل العربية القديمة التي استقرت في هذه المنطقة قبائل الأزد واياد وتنوخ ، ثم تبرز أسماء ثلاث قبائل عدنانية توافدت على أرض البحرين وهي:
1- بكر بن وائل : وهي قبيلة عظيمة من العدنانية تنتسب الى بكر بن وائل ابن قاسط ابن هنب بن أفصي بن دعمي ابن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان . وقد كانت ديار بكر بن وائل من اليمامة الى البحرين ، الى سيف كاظمة الى البحرين ، فأطراف سواد العراق . كانت تعبد اصناما يقال لهم "ذو الكعبين" و"المحرق" و"أوال" و"عوض" وكانت تعبد "كعبة شداد" . واعتنق قسم من بكر النصرانية . وقد غزت هذه القبيلة تخوم الامبراطورية الفارسية فجهز الملك شابور حوالي سنة 330 م جيشا لمعاقبتها ، فقتل وسبى عددا كبيرا من الأسرى . يذكر عبد الرحمن عبد الكريم النجم (1973) " استوطنت بكر بن وائل البحرين قبيل الإسلام وخاصة بعد يوم قضة وهو آخر أيام حرب البسوس، وقد امتدت مساكن بكر إلى اليمامة وكذلك إلى أطراف العراق الغربية. و من بطون بكر التي إستوطنت البحرين بنو قيس بن ثعلبة بن عكابة".
2- تميم بن مر : قبيلة عظيمة من العدنانية ، تنتسب الى تميم بن مر بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان . كانت منازلهم بأرض نجد دائرة من هنالك على البصرة واليمامة ، حتى يتصلوا بالبحرين وانتشرت الى العذيب (من أرض الكوفة) ثم تفرقوا في الحواضر ولم تبق منهم باقية . . يذكر عبد الرحمن عبد الكريم النجم (1973) " ومن بطونهم التي استوطنت البحرين بنو سعد ابن زيد مناة بن تميم".
3- عبد القيس بن أفصي : قبيلة عظيمة من العدنانية ، تنتسب الى عبد القيس بن أفصي بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان . كانت مواطنهم بتهامة ثم خرجوا الى البحرين وبها أناس كثيرون من بكر بن وائل وتميم ، ولما نزل بها عبد القيس ، زاحموهم في تلك الديار وقاسموهم في المواطن . (راجع : كحالة : عمر رضا ، معجم قبائل العرب القديمة والحديثة ، الجزء الأول والثاني ، الطبعة الخامسة ، 1985م ) . يذكر عبد الرحمن عبد الكريم النجم (1973) "إن كثرة مدن وقرى عبد القيس التي ذكرتها المصادر اظهر مدى إنتشارهم ودورهم في البحرين. ومن زعمائهم المشهورين عند ظهور الإسلام الأشج العصري الذي تزعم وفد عبد القبس الأول إلى الرسول (ص) في المدينة، والجارود العبدي الذي رأسهم في الوفادة الثانية، ومن بطونهم المشهورة نكرة، وقد وصفهم ابن قتيبة بأنهم أهل البحرين وفيهم العدد والشرف".
ويشير بعض الباحثين الى أن هذه القبائل الثلاث ربيعية (أي تنتسب الى ربيعة بن نزار) ولكن هذا الرأي ينقصه بعض التفصيل . فنزار حفيد (عدنان) له أربعة أبناء : ربيعة ومضر واياد وأنمار ، وبالاستناد الى الجذور النسبية التي توضح اباء وأجداد القبائل الثلاث المذكورة يلاحظ التالي :
أولا : ان قبيلة بكر بن وائل "ربيعية" حيث تنتسب الى ربيعة كما هو واضح في سلسلة النسب .
ثانيا : ان قبيلة عبد القيس بن أفصي "ربيعية" حيث تنتسب الى ربيعة كما هو واضح في سلسلة النسب
ثالثا : ان قبيلة تميم بن مر"مضرية" وليست "ربيعية" حيث تنتسب الى مضر أخ ربيعة كما هو واضح في سلسلة النسب .
ويشير المعلم بطرس البستاني(بدون تاريخ) الى تواجد القبائل الثلاث السالفة الذكر في البحرين قبيل الاسلام حيث يذكر دخول (شابور) للبحرين بقوله : "فلما كبر شابور غزا العربان ودخل البحرين فقتل أهلها غير ملتفت الى غنيمة وسار الى هجر وبها ناس من تميم وبكر بن وائل وعبد القيس" .
ويشير النويدري (1992م) الى قبيلة أخرى تعد من القبائل العربية التي استقرت في البحرين وهي قبيلة تغلب بن وائل . وتغلب هذا يعد أخ بكر بن وائل ، وقد وقعت بين هاتين القبيلتين حروب كثيرة في الجاهلية أشهرها حرب البسوس التي استمرت أربعين عاما ، وهذه القبيلة ربيعية أيضا . وعلى أساس ذلك تصبح القبائل الربيعية في البحرين ثلاث وهي : عبد القيس وبكر بن وائل وتغلب بن وائل اضافة للقبيلة الرابعة المضرية وهي تميم .
مجتمع البحرين الحديث :
يبلغ عدد السكان حاليا 620,378 حسب تقدير 1997 (الجهاز المركزي للاحصاء) ويبلغ عدد الأجانب المقيمين … من المجموع الكلي للسكان . ويمثل هؤلاء ثلثا الأيدي العاملة ومعظمهم من شبه القارة الهندية . يمتاز المجتمع البحريني الحديث بالتعددية الاثنية والثقافية . واذا استثنينا العمالة الوافدة ، فان المجتمع يتكون من :
1 – القبيلة الحاكمة (ال خليفة) والقبائل التي قدمت معها عند غزو البحرين في 1783م .
2 – السنة من أصل أفريقي : وهؤلاء كانوا ضمن تجارة العبيد غير الانسانية ، وتم عتقهم لاحقا، وبقوا بالقرب من مساكن القبيلة الحاكمة التي جاءت بهم .
3 – السنة العرب : وهؤلاء تعود أصولهم الى الجزيرة العربية ، واستقروا في البحرين على فترات مختلفة خلال القرون الماضية .
4 – السنة الهولة : وهؤلاء هم مجموعة القبائل التي تؤمن بأنها ذات أصول عربية هاجرت الى ايران ثم عادت مرة أخرى الى الساحل العربي من الخليج .
5 – البحارنة : وهؤلاء هم الشيعة العرب سكان البحرين المنتسبون للقبائل العربية كما هو موضح فيما سبق .
6 – العجم : وهم الشيعة الذين استقروا في البحرين خلال العقود المنصرمة ، وأصبحوا جزءا من المجتمع البحريني الحديث .
7 – هناك مجموعات صغيرة أخرى من المسيحيين واليهود والهنود (البانيان) وغيرهم الذين استوطنوا البحرين خلال العقود المنصرمة (خصوصا قبل عهد النفط) .
وفي تفصيل لمجتمع البحرين الحديث يشير الرميحي (1976 م) الى "ان مجتمع السنة في البحرين ينتمي الى ثلاث فرق : –
الفرقة الاولى : المجموعات التي تنتمي لقبائل معروفة وترتبط مع بعضها برباط القرابة ، ويميلون تقليديا الى الولاء لال خليفة ويمثلون في مجموعهم الطبقة العليا التقليدية ، وهذه الطبقة تمثل القبائل التي جاءت الى البحرين مع ال خليفة كحلفاء وفاتحين ، أو تلك التي جاءت بعد ذلك من شرق الجزيرة العربية وترتبط مع القبائل الأولى برباط النسب أو القربى . وعلى رأس هذه القبائل قي البحرين ال خليفة والجلاهمة والفاضل وال بن علي والسادة والسودان وال بو رميح وال بوعينين والدواسر والمنانعة وال بوكوارة وال مسلم وال نعيم . وقد كان نفوذ هذه القبائل يقوم على دعامتين ، الأولى سياسية والثانية اقتصادية .
الدعامة السياسية ترجع الى حقيقة ان هؤلاء يرتبطون ببعضهم الاخرعن طريق التزاوج كما انهم على اتصال مباشر بالعائلة الحاكمة اذ ان ال خليفة يقبلون الزواج من بنات هذه القبائل الا انهم لا يرضون بتزويج بناتهم لابناء تلك القبائل ، وربما لاعتقادهم ان ذلك قد يضيع السلطة من أيديهم في المستقبل .
وهذه العلاقة ذات الاتجاه الواحد عن طريق الزواج من جانب والدور التقليدي الذي كانت تلعبه تلك القبائل كموالية وحليفة ومن ثم مدافعة عن سلطة ال خليفة من الجانب الاخر كانا يحددان شكل العلاقات السياسية وهي الركيزة الأساسية الأولى لنفوذ تلك القبائل .
الدعامة الاقتصادية أساسها أن هذه القبائل ملكت النشاط الاقتصادي التقليدي وهو الغوص على اللؤلؤ وبالتالي الأراضي والبساتين الكثيرة – وقد وهبت لبعض تلك القبائل والنافذين فيها أو تم شراؤها من ال خليفة .
هاتان الركيزتان السياسية والاقتصادية قد أتاحتا لتلك القبائل أن تكون الطبقة العليا في المجتمع التقليدي وبخاصة خلال القرن التاسع عشر وربما الثلث الأول من القرن العشرين .
الفرقة الثانية : المجموعات التي لا ترتبط مع بعضها برباط القرابة ، وهؤلاء يسمون ب(الهولة) والذين كانوا في وقت ما أكثر ترابطا من حيث صلة القرابة ، حيث حكموا جزر البحرين -على فترات – قبل مجئ ال خليفة والقبائل العربية الأخرى . هؤلاء "الهولة" هم في الحقيقة أولئك العرب الذين نزحوا الى الشاطئ الشرقي للخليج واستقروا هناك مدة طويلة من الزمن ، اكتسبوا فيها كثيرا من العادات الفارسية في المأكل والملبس وطرق البناء الا انهم لم يتشيعوا حيث حافظوا على سنيتهم ، وكانت مراكزهم هي لنجة – بندر عباس – بو شهر ، ثم رجعوا مرة أخرى
خلال القرن السابع عشر الى الشاطئ العربي للخليج . هؤلاء هم نواة ما يمكن ان نطلق عليه تجاوزا الطبقة الوسطى في البحرين حاليا ، ولطول بقاء هذه الفئة على الساحل الشرقي للخليج فان العصبية القبلية بينهم قد خفت . وبعد احتلال ال خليفة وحلفائهم للبحرين أصبح الهولة يشكلون عائلات ممتدة أكثر من كونهم فخوذ قبائل . وحيث ان موقعهم الاقتصادي لم يتغير بعد الاستيلاء على البحرين ولكونهم سنة ، فان التناقض لم يكن حادا بينهم وبين القادمين الجدد ، فظلوا يزاولون تجارتهم بحرية . ومن ثم أصبحوا أصحاب نفوذ سياسي ، وكونهم سكان المدينة (وبخاصة المنامة) فقد استفادوا كثيرا من فرص التعليم التي أتيحت بعد الحرب الأولى . أما في التجارة فهناك عائلات مثل كانو ، الوزان ، المؤيد ، فخرو، وغيرهم يشكلون كبرى المجموعات التجارية في البحرين .
الفرقة الثالثة : المجموعات التي لا تنتمي الى قبيلة محددة معروفة كما لا ينتمون "للهولة" أيضا ، وهم يسمون "بنو خضير". وعليه فربما كانوا مهجنين من بقايا العبيد الذين ازدهرت تجارتهم في القرن الثامن عشر في الخليج أو أولئك الذين يسمون "بياسر". وهم في الغالب عرب سنة ينتمون الى عائلات غير معروفة الأصل في المجتمع الذي يعيشون فيه . في حالة "بني خضير" و"البياسر" فانها مصطلحات كثيرا ما تعني الدونية ، ولذلك فمن العسير أن تجد عائلات تقبل أن توصف بهذه الأوصاف ، وربما حتى "الهولة"فانهم يتحفظون في الاشارة الى أنفسهم بذلك ."(انظر الرميحي (1976م) )
ويمكن أن نضيف لهذه الفرق الثلاث بعض الوافدين من الساحل الفارسي والذين يرجعون لأصول ايرانية من غير الهولة ، وقد توافدوا على المنطقة أيام الاحتلال البريطاني وتولي رضا بهلوي الحكم في ايران . وهناك بعض العوائل النجدية التجارية التي استقرت في البحرين ومنها القصيبي والعصيمي والزامل والعجاجي وغيرهم .
أما الشيعة البحارنة فيقول عنهم النويدري (1992 م) بأنهم "عرب ينتمي أغلبهم الى ربيعة القبيلة العربية الشهيرة ، وأغلب أسر البحارنة ترجع الى قبيلة عبد القيس من ربيعة ".
أما الرميحي (1976 م) فيقول " ان الشيعة هم الذين يعرفون محليا (البحارنة) هم سكان البحرين الأساسيون وسكان منطقة الاحساء أيضا ، ولهم مراكز سكانية مكتظة في هذه المنطقة ، ولكن لطول مدة استقرارهم وعملهم في الأرض والبحر ، فقد خفت بينهم (العصبية) وبالتالي خضعوا لقبائل عربية حرمتهم تدريجيا من الأرض كما حدث في البحرين وبالتالي فقد اعتمدوا لكسب معيشتهم على أعمال ثانوية غير ماهرة وشيئا فشيئا أعتبروا كمواطنين من الدرجة الثانية" .
ويواصل الرميحي (1976م) قائلا : "ان الشيعة هي الفئة المقهورة في المجتمع ، ومنذ بداية هذا القرن الى وقت متأخر نسبيا فانهم لم يكونوا يقومون بأعمال هامة في المجتمع ، اذ ان أغلبهم كان وما يزال فقيرا ، وأكثرهم كانوا يقومون في السابق بالأعمال البسيطة من زراعة أوصيد بحري أو غوص .
كان الشيعة وما يزالون الى حد كبير ، يعيشون في قرى خاصة بهم ، وكذلك السنة ، أما أولئك الذين يعيشون في المدن ولاسيما المنامة – والى حد أقل المحرق – فانهم يعيشون في أحياء غالبا ما تكون مختلطة بين معتنقي المذهبين" .
أما بالنسبة للشيعة العجم فانهم مجموعات توافدت من الساحل الفارسي وترجع لأصول ايرانية ، وقد استقرت في البحرين أيام الاحتلال البريطاني وتولي رضا بهلوي الحكم في ايران . ومن الاسباب التي دعت لهجرتهم للبحرين هو ما قام به رضا بهلوي من اجراءات متشددة كانت تهدف لمسخ الهوية الدينية للشعب الايراني كما فعل أتاتورك في تركيا ، حيث قام بمنع ارتداء الحجاب مثلا مما سبب ضيقا وحرجا للفئات المتدينة والمحافظة فاضطرت للهجرة والاستقرار في البحرين . ويبدو ان هناك أسباب تجارية لهجرة بعضهم للبحرين. تذكر مي الخليفة (1996م) ان هناك "أقلية من الشيعة الايرانيين النازحين اليها أثناء الغزو الايراني ومنهم طبقة برجوازية من التجار ذوي النفوذ يشير اليهم أدميات(مؤلف ايراني) قائلا "ان السكان الشيعة الايرانيين كانوا يكونون الطبقة البرجوازية لسكان الجزيرة ."