الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصى نعمائه العادون ولا يؤدي حقه المجتهدون
اللهم عجل لوليك الفرج
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
..
عن محمد بن الحسين ، عن عثمان بن عيسى ، عن عبدالرحمن
ابن الحجاج قال : إن الله تبارك وتعالى خلق محمدا وآل محمد من طينة عليين ، وخلق قلوبهم من طينة فوق ذلك .
الخبر ( 1 ) .
39 ك : العطار ، عن أبيه ، عن الاشعري ، عن ابن أبي الخطاب ، عن أبي سعيد الغضنفري ( 2 ) ، عن عمرو بن ثابت ، عن أبي حمزة قال : سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول : إن الله عزوجل خلق محمدا وعليا والائمة الاحد عشر من نور عظمته أرواحا في ضياء نوره ( 3 ) ، يعبدونه قبل خلق الخلق ، يسبحون الله عزوجل ويقدسونه ، وهم الائمة الهادية من آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين ( 4 ) .
40 ك : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسين بن زيد ، عن الحسين بن موسى ، عن علي بن سماعة ، عن علي بن الحسن بن رباط ، عن أبيه ، عن المفضل ، قال : قال الصادق عليه السلام : إن الله تبارك وتعالى خلق أربعة عشر نورا قبل خلق الخلق بأربعة عشر ألف عام ، فهي أرواحنا ، فقيل له : يا ابن رسول الله ومن الاربعة عشر ؟ فقال : محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والائمة من ولد الحسين ، آخرهم القائم الذي يقوم بعد غيبته فيقتل الدجال ، ويطهر الارض من كل جور وظلم ( 5 ) .
41 من رياض الجنان لفضل الله بن محمود الفارسي بإسناده إلى جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : يا جابر كان الله ولا شئ غيره ، لا معلوم ولا مجهول ، فأول ما ابتدء من خلقه أن خلق محمدا صلى الله عليه وآله ، وخلقنا أهل البيت معه من نور عظمته ، فأوقفنا أظلة خضراء بين يديه ، حيث لا سماء ولا أرض ولا مكان ، ولا ليل ولا نهار ، ولا شمس ولا قمر ، الخبر ( 6 ) .
__________________________________________________ ______
( 1 ) بصائر الدرجات : 5 .
( 2 ) في المصدر : العصفرى ، وروى الحديث الكلينى في اصول الكافى باب ما جاء في الاثنى عشر 1 : 530 باسناده عن محمد بن يحيى العطار وفيه : العصفوري .
( 3 ) في الكافى : من نور عظمته ، فاقامهم أشباحا في ضياء نوره .
( 3 ) في الكافى : من نور عظمته ، فاقامهم أشباحا في ضياء نوره .
( 4 ) كمال الدين : 184 .
( 5 ) كمال الدين : 192 و 193 .
( 6 ) رياض الجنان : مخطوط .
وروى أحمد بن حنبل بإسناده عن رسول الله صلى الله عليه وآله إنه قال : كنت أنا وعلي نورا بيريدي الرحمن قبل أن يخلق عرشه بأربعة عشر ألف عام ( 1 ) .
43 وعن جابر بن عبدالله قال : قلت لرسول الله صلى الله عليه وآله : أول شئ خلق الله تعالى ما هو ؟ فقال : نور نبيك يا جابر ، خلقه الله ثم خلق منه كل خير ( 2 ) .
44 وعن جابر أيضا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أول ما خلق الله نوري ، ابتدعه من نوره ، واشتقه من جلال عظمته ( 3 ) .
أقول : سيأتي تمام هذه الاخبار مع سائر الاخبار الواردة في بدء خلقهم عليهم السلام في كتاب الامامة .
45 كا : علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن علي بن إبراهيم ، عن علي ابن حماد ، عن المفضل قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : كيف كنتم حيث كنتم في الاظلة ؟ فقال : يا مفضل كنا عند ربنا ليس عنده أحد غيرنا في ظلة خضراء ، نسبحه ونقدسه و .
-بحار الانوار مجلد: 15 من ص 24 سطر 12 الى ص 32 سطر 12 نهلله ونمجده ، وما من ملك مقرب ولاذي روح غيرنا حتى بداله في خلق الاشياء ، فخلق ما شاء كيف شاء من الملائكة وغيرهم ، ثم أنهى ( 4 ) علم ذلك إلينا ( 5 ) .
46 كا : احمد بن إدريس ، عن الحسين بن عبدالله الصغير .
عن محمد بن إبراهيم الجعفري ، عن أحمد بن علي بن محمد بن عبدالله بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الله كان إذ لا كان ، فخلق الكان والمكان ، وخلق نور الانوار الذي نورت منه الانوار ، وأجرى فيه من نوره الذي نورت منه الانوار ، وهو النور الذي خلق منه محمدا وعليا ، فلم يزالا نورين أولين إذ لا شئ كون قبلهما ، فلم يزالا يجريان طاهرين مطهرين في الاصلاب الطاهرة حتى افترقا في أطهر طاهرين في عبدالله وأبي طالب عليهما السلام ( 6 ) .
بيان .
قوله : ( إذ لا كان ) لعله مصدر بمعنى الكون كالقال والقول ، والمراد به الحدوث ، أي لم يحدث شئ بعد ، أو هو بمعنى الكائن ، ولعل المراد بنور الانوار أولا نور النبي صلى الله عليه وآله ، إذ هو منور أرواح الخلائق بالعلوم والهدايات والمعارف ، بل سبب لوجود الموجودات ، وعلة غاية لها ، وأجرى فيه ، أي في نور الانوار ، من نوره ، أي من نور ذاته ، من إفاضاته وهداياته التي نورت منها جميع الانوار حتى نور الانوار المذكور أولا .
قوله : ( وهو النور الذي ) أي نور الانوار المذكور أولا ، والله يعلم أسرار أهل بيت نبيه صلوات الله عليهم .
47 كا : أحمد بن إدريس ، عن الحسين بن عبدالله ، عن محمد بن عبدالله ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل ، عن جابر بن يزيد قال : قال لي أبوجعفر عليه السلام : يا جابر إن الله أول ما خلق خلق محمدا وعترته الهداة المهتدين ، فكانوا أشباح نور بين يدري ، قلت : وما الاشباح ؟ قال : ظل النور ، أبدان نورانية بلا أرواح ، وكان مؤيدا بروح واحد ( 1 ) وهي روح القدس ، فبه كان يعبدالله وعترته ، وذلك خلقهم حلماء علماء برة أصفياء ، يعبدون الله بالصلاة والصوم والسجود والتسبيح والتهليل ، ويصلون الصلوات ، ويحجون ويصومون ( 2 ) .
بيان : قوله عليه السلام : ( أشباح نور ) لعل الاضافة بيانية ، أي أشباحا نورانية ، والمراد إما الاجساد المثالية ، فقوله : ( بلا أرواح ) لعله أراد به بلا أرواح حيوانية ، أو الا رواح بنفسها ، سواء كانت مجردة أو مادية ، لان الارواح إذا لم تتعلق بالابدان فهي مستقلة بنفسها ، أرواح من جهة وأجساد من جهة ، فهي أبدان نورانية لم تتعلق بها أرواح آخر ، و ظل النور أيضا إضافته بيانية ، وتسمى عالم الارواح والمثال بعالم الظلال ، لانها ظلال تلك العالم وتابعة لها ، أو لانها لتجردها أو لعدم كثافتها شبيهة بالظل ، وعلى الاحتمال الثاني يحتمل أن تكون الاضافة لامية ، بأن يكون المراد بالنور نور ذاته تعالى ، فإنها من آثار تلك النور ، والمعنى دقيق فتفطن .
__________________________________________________ ______
( 1 ) في المصدر : بروح واحدة .
( 2 ) الاصول 1 : 442 .
قال الشيخ أبوالحسن البكري استاد الشهيد الثاني ( 1 ) قدس الله روحهما في كتابه المسمى بكتاب الانوار : حدثنا أشياخنا وأسلافنا الرواة لهذا الحديث عن أبي عمر الانصاري سألت عن كعب الاحبار ( 2 ) ووهب بن منبه وابن عباس قالوا جميعا : لما أراد الله أن يخلق محمدا صلى الله عليه وآله قال لملائكته : إني اريد أن أخلق خلقا أفضله واشرفه على الخلائق أجمعين ، وأجعله سيد الاولين والآخرين ، واشفعه فيهم يوم الدين ، فلولاه مازخرفت الجنان ، ولا سعرت النيران ، فاعرفوا محله ، وأكرموه لكرامتي ، وعظموه لعظمتي ، ( 3 ) فقالت الملائكة : إلهنا وسيدنا وما اعتراض العبيد على مولاهم ؟ ! ( 4 ) سمعنا وأطعنا ، فعند ذلك أمر الله تعالى جبرئيل ( 5 ) وملائكة الصفيح الاعلى وحملة العرش فقبضوا تربة رسول الله صلى الله عليه وآله من
__________________________________________________ ______
( 1 ) اسمه أحمد بن عبدالله على ما في الرياض وكشف الظنون ، أو أحمد بن عبدالله بن محمد على ما في لسان الميزان ، وقد استشكل في صحة نسبة كتاب الانوار إلى أبى الحسن البكرى استاذ الشهيد الثانى لامور : 1 ما حكى صاحب الرياض عن بعض المؤرخين أنه رأى نسخة عتيقة منه تاريخ كتابتها : 696 ، 2 ما حكى عن ابن تيمية المتوفى سنة 728 أنه ذكر في كتاب منهاج السنة أن أبا الحسن البكرى مؤلف الانوار كان أشعرى المذهب ، وعن السمهودى في كتابه تاريخ المدينة المؤلف : 888 أن سيرة أبى الحسن البكرى البطلان والكذب ، قد ترجم ابن حجر المتوفى 852 أبا الحسن البكرى وعد من كتبه كتاب ضياء الانوار ، فعلى ذلك فكيف يمكن القول بأنه من مشايخ الشهيد الثانى المستشهد سنة 966 ، ولذا حكم بتعدد أبى الحسن البكرى أحدهما صاحب الانوار ، ثانيهما المترجم في شذرات الذهب بعنوان علاء الدين أبى الحسن على بن جلال الدين محمد البكرى الصديقى الشافعى المحدث المتوفى بالقاهرة سنة 952 وهو استاذ الشهيد الثانى فتأمل وراجع الذريعة 2 : 409 و 410 وأعيان الشيعة : الجزء التاسع : 33 37 .
قلت : ونسخة من كتاب الانوار هذا عندنا موجودة .
( 2 ) بالحاء المهملة ، هو كعب بن ماتع الحميرى أبواسحاق ، مخضوم ، كان من أهل اليمن فسكن الشام ومات في خلافة عثمان وقد زاد على المائة .
( 3 ) في المصدر : و عظموه لتعظيمى .
( 4 ) في المصدر بعد ذلك : نعوذ بجلالك أن نعصيك ، سمعنا إه .
( 5 ) في المصدر : أمرالله تعالى طاؤوس الملائكة وهو جبرئيل أن يأتيه بالطينة المباركة ، فهبط جبرئيل وملائكة الصفيح الاعلى إه .
قلت : الصفيح : السماء .
موضع ضريحة ، وقضى أن يخلقه من التراب ، ويميته في التراب ، ويحشره على التراب ، فقبضوا من تربة نفسه الطاهرة قبضة طاهرة ( 1 ) لم يمش عليها قدم مشت إلى المعاصي ، فعرج بها الامين جبرئيل فغمسها في عين السلسبيل ، حتى نقيت كالدرة البيضاء ، فكانت تغمس كل يوم في نهر من أنهار الجنة ، وتعرض على الملائكة ، فتشرق أنوارها فتستقبلها الملائكة بالتحية والاكرام ، وكان يطوف بها جبرئيل في صفوف الملائكة ، فإذا نظروا إليها قالوا : إلهنا وسيدنا إن أمرتنا بالسجود سجدنا ، فقد اعترفت الملائكة بفضله ( 2 ) وشرفه قبل خلق آدم عليه السلام ، ولما خلق الله آدم عليه السلام سمع في ظهره نشيشا ( 3 ) كنشيش الطير ، وتسبيحا وتقديسا ، فقال آدم : يا رب وما هذا ؟ فقال : يا آدم هذا تسبيح محمد العربي ، سيد الاولين والآخرين ، فالسعادة لمن تبعه وأطاعه ، والشقاء لمن خالفه ( 4 ) ، فخذ يا آدم بعهدي ، ولا تودعه إلا الاصلاب الطاهرة من الرجال ، والارحام من النساء الطاهرات الطيبات العفيفات ( 5 ) ، ثم قال آدم عليه السلام : يا رب لقد زدتني بهذا المولود شرفا ونورا وبهاء ووقارا ، وكان نور رسول الله صلى الله عليه وآله في غرة آدم كالشمس في دوران قبة الفلك ، أو كالقمر في الليلة المظلمة ، ود أنارت منه السماوات والارض والسرادقات والعرش والكرسي ، وكان آدم عليه السلام إذا أراد أن يغشى حواء أمرها أن تتطيب وتتطهر ، ويقول لها : الله يرزقك هذا النور ، ويخصك به ، فهو وديعة الله وميثاقه ، فلا يزال نور رسول الله صلى الله عليه وآله في غرة آدم عليه السلام .
فروي ( 6 ) عن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال : كان الله ولا شئ معه ، فأول
__________________________________________________ ______
( 1 ) في المصدر : فقبضوا القبضة من تربة نقية طاهرة .
( 2 ) في المصدر : وعرفت الملائكة فضله .
( 3 ) النشيش : الصوت .
( 4 ) في المصدر : والسعيد من تبعه وأطاعه ، والشفى من خالفه .
( 5 ) في المصدر : ولا تودعه الا في الاصلاب الطاهرة ، قال آدم : سمعت وأطعث وقبلت العهد والميثاق ، فلا أودعه إلا في الاصلاب الطاهرة من الرجال ، والارحام المطهرة الزكية من النساء الطاهرات الحافظات العفيفات ، فقال آدم عليه السلام إه .
( 6 ) النسخة المخطوطة من المصدر خال عن قوله : فروى إلى ما يأتى بعد صفحات من قصة ميلاد شيث عليه السلام ، فالحديث فيه هكذا : فلا يزال نور رسول الله صلى الله عليه وآله في غرة آدم عليه السلام حتى حملت حواء بشيت .
ما خلق نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله قبل خلق الماء والعرش والكرسي والسماوات والارض و اللوح والقلم والجنة والنار والملائكة وآدم وحواء بأربعة وعشرين وأربعمائة ألف عام ، فلما خلق الله تعالى نور نبينا محمد صلى الله عليه وآله بقي ألف عام بين يدي الله عزوجل واقفا يسبحه ويحمده ، والحق تبارك وتعالى ينظر إليه ويقول : يا عبدي أنت المراد والمريد ، وأنت خيرتي من خلقي ، وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت الافلاك ، من أحبك أحببته ، ومن أبغضك أبضغته ، فتلالا نوره وارتفع شعاعه ، فخلق الله منه اثني عشر حجابا أولها حجاب القدرة ، ثم حجاب الرحمة ، ثم حجاب النبوة ، ثم حجاب الكبرياء ( 1 ) ، ثم حجاب المنزلة ، ثم حجاب الرفعة ، ثم حجاب السعادة ، ثم حجاب الشفاعة ، ثم إن الله تعالى أمر نور رسول الله صلى الله عليه وآله أن يدخل في حجاب القدرة فدخل وهو يقول : ( سبحان العلي الاعلى ) وبقي على ذلك اثنى عشر ألف عام ، ثم أمره أن يدخل في حجاب العظمة فدخل وهو يقول : ( سبحان عالم السر وأخفى ) أحد عشر ألف عام ، ثم دخل في حجاب العزة وهو يقول : ( سبحان الملك المنان ) عشرة آلاف عام ، ثم دخل في حجاب الهيبة وهو يقول : ( سبحان من هو غني لا يفتقر ) تسعة آلاف عام ، ثم دخل في حجاب الجبروت وهو يقول : ( سبحان الكريم الاكرم ) ثمانية آلاف عام ، ثم دخل في حجاب الرحمة وهو يقوا : ( سبحان رب العرش العظيم ) سبعة آلاف عام ، ثم دخل في حجاب النبوة وهو يقول : ( سبحان ربك رب العزة عما يصفون ) ستة آلاف عام ، ثم دخل في حجاب الكبرياء و هو يقول : ( سبحان العظيم الاعظم ) خمسة آلاف عام ، ثم دخل في حجاب المنزلة وهو يقول : ( سبحان العليم الكريم ، أربعة آلاف عام ، ثم دخل في حجاب الرفعة وهو يقول : ( سبحان من يزيل الاشياء ولا يزول ) ألفي عام ، ثم دخل في حجاب الشفاعة وهو يقول : ( سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ) ألف عام .
__________________________________________________ ______
( 1 ) حجاب الكرامة خ ل .
قال الامام علي بن ابي طالب عليه السلام : ثم إن الله تعالى خلق من نور محمد صلى الله عليه وآله عشرين بحرا من نور ، في كل بحر علوم لا يعلمها إلا الله تعالى ، ثم قال لنور محمد صلى الله عليه وآله : أنزل في بحر العز فنزل ، ثم في بحر الصبر ، ثم في بحر الخشوع ، ثم في بحر التواضع ، ثم في بحر الرضا ، ثم في بحر الوفاء ، ثم في بحر الحلم ، ثم في بحر التقى ، ثم في بحر الخشية ، ثم في بحر الانابة ، ثم في بحر العمل ، ثم في بحر الزميد ، ثم في بحر الهدى ، ثم في بحر الصيانة ، ثم في بحر الحياء ، حتى تقلب في عشرين بحرا ، فلما خرج من آخر الابحر قال الله تعالى : يا حبيبي ويا سيد رسلي ، ويا أول مخلوقاتي ويا آخر رسلي أنت الشفيع يوم المحشر ، فخر النور ساجدا ، ثم قام فقطرت منه قطرات كان عددها مائة ألف وأربعة وعشرين ألف قطرة ، فخلق الله تعالى من كل قطرة من نوره نبيا من الانبياء ، فلما تكاملت الانوار صارت تطوف حول نور محمد صلى الله عليه وآله كما تطوف الحجاج حول بيت الله الحرام ، وهم يسبحون الله ويحمدونه ويقولن : ( سبحان من هو عالم لا يجهل ، سبحان من هو حليم لا يعجل ، سبحان من هو غني لا يفتقر ) فناداهم الله تعالى : تعرفون من أنا ؟ فسبق نور محمد صلى الله عليه وآله قبل الانوار ونادى : ( أنت الله الذي لا إله إلا أنت ، وحدك لا شريك لك ، رب الارباب ، وملك الملوك ) فإذا بالنداء من قبل الحق : أنت صفيي ، وأنت حبيبي ، وخير خلقي ، امتك خير امة اخرجت للناس ، ثم خلق من نور محمد صلى الله عليه وآله جوهرة ، وقسمها قسمين ، فنظر إلى القسم الاول بعين الهيبة فصار ماء عذبا ، ونظر إلى القسم الثاني بعين الشفقة فلخلق منها ( 1 ) العرش فاستوى على وجه الماء ، فخلق الكرسي من نور العرش ، وخلق من نور الكرسي اللوح ، وخلق من نور اللوح القلم ، وقال له : اكتب توحيدي ، فبقي القلم ألف عام سكران من كلام الله تعالى ، فلما أفاق قال : اكتب ، قال : يا رب وما أكتب ؟ قال : اكتب : ( لاإله إلا الله ، محمد رسول الله ) فلما سمع القلم اسم محمد صلى الله عليه وآله خر ساجدا ، وقال : سبحان الواحد القهار ، سبحان العظيم الاعظم ، ثم رفع رأسه من السجود وكتب : ( لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ) ثم قال : يا رب ومن محمد الذي قرنت اسمه باسمك وذكره بذكرك ؟ قال الله تعالى له : يا قلم فلو لاه ما خلقتك ، ولا خلقت خلقي إلا لاجله ، فهو بشير ونذير ،
__________________________________________________ ______
( 1 ) فخلق منه خ ل .
وسراج منير ، وشفيع وحبيب ، فعند ذلك انشق القلم من حلاوة ذكر محمد صلى الله عليه وآله ، ثم قال القلم : السلام عليك يا رسول الله ، فقال الله تعالى : وعليك السلام مني ورحمة الله وبركاته ، فلاجل هذا صار السلام سنة ، والرد فريضة ، ثم قال الله تعالى : اكتب قضائي وقدري ، وما أنا خالقه إلى يوم القيامة ، ثم خلق الله ملائكة يصلون على محمد وآل محمد ، ويستغفرون لامته إلى يوم القيامة ، ثم خلق الله تعالى من نور محمد صلى الله عليه وآله الجنة ، وزينها بأربعة أشياء : التعظيم ، والجلالة ، والسخاء ، والامانة ، وجعلها لاوليائه وأهل طاعته ، ثم نظر إلى باقي الجوهرة بعين الهيبة فذابت ، فخلق من دخانها السماوات ، ومن زبدها الارضين ، فلما خلق الله تبارك وتعالى الارض صارت تموج بأهلها كالسفينة ، فخلق الله الجبال فأرساها ( 1 ) بها ، ثم خلق ملكا من أعظم ما يكون في القوة فدخل تحت الارض ، ثم لم يكن للصخرة قرار فخلق لها ثورا عظيما لم يقدر أحد ينظر إليه لعظم خلقته وبريق عيونه ، حتى لو وضعت البحار كلها في إحدى منخريه ما كانت إلا كخردلة ملقاة في أرض فلاة ، فدخل الثور تحت الصخرة وحملها على ظهره وقرونه ، واسم ذلك الثور لهوتا ، ثم لم يكن لذلك الثور قرار فخلق الله له حوتا عظيما ، واسم ذلك الحوت بهموت .
فدخل الحوت تحت قدمي الثور فاستقر الثور على ظهر الحوت ( 2 ) ، فالارض كلها على كاهل الملك ، والملك على الصخرة ،
____________________________
( 1 ) من أرسى الوتد في الارض : ضربه فيها ، وذلك إشارة إلى قوله تعالى : ( والجبال أوتادا ) ، أو المعنى أثبتهابه ، كما يثبت السفينة بالدسر والمسامير لئلا تنفخ أجزاؤها .
وتتفرق كل جزء منها في الجو .
( 2 ) قدورد هذا التفصيل في أخبار من العامة ، ولعل مصنف الانوار أخذه من طريقهم ، وهو يخالف العلم الحاصل لنا من القرآن العظيم وأخبار النبى والولى عليهم صلوات الله وسلامه و غيرهما الذى يدل على أن الارض قائمة بنفسها غير محمولة ولا موضوعة على شئ ، تتحرك في الغضاء ، كما يشير اليه قوله تعالى : ( والجبال أوتادا ) اذ لو كانت مثبتة على شئ لما احتاجت إلى وتد ، وكقوله تعالى : ( وألقى في الارض رواسى أن تميدبكم ) أو ( أن تميدبهم ) كما في سورة الانبياء وكقوله تعالى : ( ألم نجعل الارض مهادا و الجبال أوتادا ) وغير ذلك من الايات الدالة على ذلك ، وكقلوه النبى صلى الله عليه وآله وسلم : ( نور السماوات والارضين وفاطرهما ومبتدعهما بغير عمد خلقهما فاستقرت الارضون بأوتادها فوق الماء ) وقال في دعاء وداع شهر رمضان : ( وبسط الارض
... بارك الله بكِ مولاتنا العلويه وعذرا على الإطاله