|
عضو نشط
|
رقم العضوية : 35897
|
الإنتساب : May 2009
|
المشاركات : 168
|
بمعدل : 0.03 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى الثقافي
ويداك للأحرارِ تحتضنانِ
بتاريخ : 25-03-2011 الساعة : 01:06 AM
ويداكَ للأحرارِ تحتضنانِ
قلْ للردى مهلاً إلى الميدان = ماذا فعلتَ على مدى الأزمانِ
كمْ رميةٍ سدّدتها متبسّماً = مابين سهمٍ في الدُّنا وسِنانِ
أنّى التفتتُّ رأيتُ طفلاً ثاكلاً = يبكي على لحدٍ مع الإخوانِ
مازالَ يرمي في الجموعِ نبالَه = حتى تساوى الكلُّ في الأكفانِ
مازالَ يلتقطُ الفريدَ بنفسهِ = لولا القضاءُ منعتهُ ببناني
فالناسُ سيّانٌ وليس َ مع الردى = رثُّ الثيابِ وصاحبُ التيجانِ
لو تعلمُ الأجناسُ أنّ مماتها = كالبرقِ يأتي فجأةً بثوانِ
لَبَنَتْ لها عند الإلهِ منازلاً = فيها فعالُ الخيرِ والإحسانِ
ياليت َ يُخبرنا الردى مُتفضّلاً = قبلَ النوى عن عالمِ العمرانِ
لكنّهُ يمضي ويهتفُ قائلاً = إنّ المنيةَ لهْيَ كأس ُ الفاني
مالموتُ إلاّ نقلةٌ نوعيةٌ = للفرد والإخوانِ والأقرانِ
هو آيةُ العلاّم ِ مِن أسرارهِ = تُخْفى معاجزهُ على الإنسانِ
فتنبّهوا للموتِ يا أهل َ الهوى = واستعصموا باللهِ والإيمانِ
وتزوّدوا بالصالحات فإنها = تستنقضُ المأخوذَ للنيرانِ
هيهاتَ يدخلُ في جهنّمَ عابدٌ = هاتيكَ مغفرةٌ مِن الدّيانِ
لو تعقلُ الأهواءُ أنّ مصيرَها = إحراقُها انقلبتْ على النيرانِ
قالت ْ : لنا الملكُ العضوضُ وسيفهُ = حتى اكتوى مِنْ حكمِنا الثقلان ِ
تتهيبُ الشجعانُ مِن أسيافُنا = تتزلزلُ الأطوادُ بالبركانِ
هذا هو الطغيانُ إلاّ أنهُ = ماكان ملتفتاً إلى الشيطانِ
فإذا أتى أمرُ الإلهِ بأمّةٍ = دُكّتْ معالِمُها على السُّكّانِ
أين الملوكُ السابقونَ وحزبُهم = والفاتحونَ مواطنَ الرومانِ
أين الديارُ العامرات بأهلِها = إلاّ بقايا بلدةٍ ومكانِ
سكنوا اللحود َ وخرّبوا بنيانهم = بالّلهو آونةً وبالعدوانِ
قلْ للحوادث : ماجرى فوق الثرى = تركوا منازلهم إلى الكثبانِ
مَنْ لمْ تُذكرُهُ الحتوفُ بيومهِ = لمْ يتخذْ درباً سوى الخُسْرانِ
فانظرْ إلى تلك القبورِ فلن ترى = إلاّ عزيزاً مِن بني الأديانِ
أين َ السعادةُ في ربوع ديارهم = مرّوا بها في غبطةٍ وأمان ِ
لا تأمنوا تلك السهامِ للحظةٍ = أو تأمنوا لهواً مع الطوفانِ
مِن بعد ما دارت على سفنِ النّجا = والدّهرُ طاعنَهمْ بكلِّ طعان ِ
قومٌ سمَتْ أفعالهُم وخصالهُمْ = فهُمُ الكواكبُ في دُجى الأزمانِ
لهمُ الأيادي الزاخرات بجودها = ماخابَ قاصدُهُم مِن الإحسانِ
قومٌ إذا قصدَ الفقيرُ ديارَهُم = جعلوهُ في عزٍّ وفي سلطانِ
قيّدتُ قلبي في محبةِ عترةٍ = حيثُ احتمى في ظلّها الثقلان
مَن يَتْيَعِ الأطهارَ نهجاً صادقاً = لايرتضي ذلاً مِن الأكوانِ
إنّي امرؤٌ لاشيَ ينسفُ فكرهُ = ولو استعاروا منهجَ العدوانِ
هذا يُشككُ في دفين جوارحي = وَيَدُكُّ ذاكَ معالمي وجناني
ولقد نظرتُ إليهمُ فكأنّما = أنا في الجنان وفي حمى الرحمن
أمضي إلى حرم الحسينِ مُردداً = أنَّ الحسينَ عقيدةٌ بكياني
أمضي إلى تلك الديار وللربى = متأملاً في الجرحِ والأحزانِ
وإلى الجداول ِ كلّما عصفتْ بها = الأحداثُ ذاتُ قذائفِ البركانِ
جفّت ْ منابعها فكانت ْ بلقعاً = حمراءَ بعد َ عواصفِ الأزمانِ
ياطالما استعبرتها فبكى لها = قلبي على عزفٍ من الأشجان ِ
في كلِّ يومٍ للفؤادِ مآتمٌ = وعلى سفوحُ الوجهِ لونٌ قانِ
وَلَكِدْتُ أستجدي الدموعُ لعَبْرَتي = إذْ لايزالُ مُصابهُمْ يلقاني
رحلوا وصدّعَ بُعْدَهمْ وَسطَ الحشا = وهُمُ الدليلُ لمقلتي وجناني
لولا مواصلة الرثاءُ بمجلسي = لعقدتُ فيكَ وحيدة َ الأزمانِ
تبقى على كلِّ العصورِ يتيمةٌ = للحاضرين وقبلَ كلّ آذانِ
فهي السبيلُ لساجدٍ متعبّدٍ = وهي النجاةُ لمؤمنٍ متفاني
ليرى الأوائلُ يومَ سرتَ لكربلا = وعلِمتَ أين َ مضاجعُ الشُّجعانِ
ورَسَمتَ كيف َ تُنيرُ آفاق َ الورى = ويكونُ محورها إلى الإنسانِ
وَبَنَيتَ في أرضِ الطفوفِ معالماً = ويداكَ للأحرارِ تحتضنانِ
وبقيتَ في هذا الوجودُ مخلّداً = يابْنَ النبيِّ المُصْطفى العَدْنانِ
تُعطي وتُغدقُ والمناهلُ جمَةٌ = ومُوكّلٌ بقضاءِ كلِّ أماني
جارَ الزمانُ وأنتَ ذخرُ رسولهِ = مَن ْ ذا يُحطّم دولةَ الفرقانِ
اللهُ يشهدُ أنّ نورَكَ في السّما = هو خامسٌ وهو الوليدُ الثاني
فإذا همُ اجتمعوا فنورٌ واحدٌ = سرُّ الإلهِ سفينةُ الإيمانِ
قدْ كنتَ تبني في الطفوفِ منازلاً = فاقتْ على الياقوتِ والمرجانِ
إن ْ كانَ للتاريخ ِ يومٌ مزهرٌ = ويلوحُ في الآفاق ِ والأكوان
هي وقفةٌ وقفَ الحسينُ وصحبُهُ = حملوا لواءَ الدينِ والقرآنِ
أتت ْ المنايا زاحفاتٍ عندهم = فتسابقوا بالروحِ والأبدانِ
يتعانقونَ مع الردى في بأسِهِمْ = إنّ الأسودَ أشاوسُ الميدانِ
ياقائدَ الثّوارِ والأحرارِ والـ = أفكارِ والثوراتِ والأقرانِ
إنْ كانَ للإسلامِ صوتٌ قائمٌ = بعد الرسولِ فأنت أنت الباني
المجدُ والشرفُ الرفيعُ سجيّةٌ = تُهدى إلى الأبطالِ والفرسانِ
إن كانَ للدين الحنيف ركائزٌ = فمِنَ الطفوفِ ركائزُ الأديانِ
هل قامَ بعدكَ فاتحٌ بدمائه = وسما على العلياءِ والتيجانِ
ومضى إلى عادي الردى بتبصّرٍ = للحورِ والجنّاتِ والولدانِ
لو أنّ أرحاماً تُخلّفُ أمّةً = أو تستجيرُ بدولةِ الرومانِ
لمْ تستطعْ حتى الوصولَ بثقلِها = فيما أتيتَ للحظةٍ وثوانِ
تبقى دماكَ على الثرى خفاقةً = فخراً تتيهُ بها على القمرانِ
فاهنأ على أرضِ الطفوفِ فإنّها = أسمى الأماكنِ في سما الأوطانِ
ياطالما اسْتَعْبَرْتها فبَكى لها = نهرُ الفراتِ وطيّبُ الوجدانِ
والنهرُ مشقوقُ الجيوبِ مُفجّعٌ = يجري على خجلِ مِن العطشانِ
والصبحُ ملتحفُ السّوادِ على الدُّنا = بعدَ الحسينِ وخيرةِ الرُّهبانِ
والخيلُ باكيةُ على أبطالها = والبيضُ ساجمةٌ على الجثمانِ
والأرضُ تنعى والسّماءُ تُردّدُ = اللهَ في ثكلى تلوذُ بعانِ
بسَطَتْ مآتمها وأحْنَتْ ظهرَها = وتسَمّعَتْ لنوائحِ النسوانِ
ما قطّعوكَ وإنّما بكَ قطّعوا = نحرَ الرسالةِ أولَ العنوانِ
لمّا هويتَ على الصعيدِ مُضرّجاً = بين الأعادي نطفة الشيطانِ
بزغتْ على أرض الطفوفِ كواكبٌ = نالتْ بك السبعون عمراً ثاني
أودى الردى بمُطهّرٍ لا ينحني = إلاّ إلى الخلاّقِ والدّيانِ
نفحاتُ قدْسِكَ في الطفوفِ مهابطٌ = للرسلِ والأملاكِ والثّقلانِ
ولِكَمْ أمُرُّ على عظيمِ قائدٍ = لمْ يتّخذ ْ بدَلاً عن ِ الإيمانِ
ما عزّ مهجتهُ التي يحيا بها = يومَ الطعانِ لخالقِ الأكوانِ
ظمآنُ يكتسِحُ الجموعَ بصبرهِ = ويصولُ كالكرارِ في الميدانِ
باتتْ جموعُ الكفرِ في أكواخِها = ويفرُّ منهُ الجيشُ بالخذلانِ
يرمي بأصنافِ الرجالِ إلى اللظى = فَيَسوقُها رغماً إلى النيرانِ
بطلٌ إذا هزّ اللواءَ بكفّهِ = فرَّ الجميعُ بذلّةٍ وهوانِ
ماراعَهُ عادي الزمانِ بكربلا = إنّ الحسينَ بجسمهِ روحانِ
روحٌ سمتْ نحو العُلا في عاشرٍ = وبكربلا روحٌ مع القرآنِ
يكفيكَ تنجذبُ الجموعُ تتابُعاً = زحفاً كذاكَ سجيّةُ اللهفانِ
جاءوا وصدّعَ دهرَهُم هذا الآسى = متفجّعينَ على عظيمِ الشانِ
أضحى ضريحُك كعبة ً أبديّةً = بالطفِّ فيه ِ بداية ُ البرهانِ
ولِكَمْ أعيشُ قرينَ كلَّ مُفجّعٍ = مثلَ الثكولِ بركنِ كلِّ مكانِ
بي ما يُهيجُ جوارحي ومكامني = وإذا نعيتك كلَّ فيك َ لساني
وأنا الذي أهوى الرثاء إذا بدى = حرمُ الحسينِ وقبلةُ الأحزانِ
يمضي إليها زاحفاً مُتكدّراً = إذْ لاتزالُ دماؤهم تلقاني
لهفي على هذا الجلالِ مُضرّجاً = بالطفِّ بين عواسلٍ وسنانِ
أنعاهُ مسلوبَ الرداءِ مُقطّعاً = متلحفاً بالتربِ والمرجانِ
وعلى الثرى تطا الخيولُ لصدرهِ = مرّتْ حوافرُها على الجثمانِ
هو آيةُ الرحمنُ في ملكوتهِ = يسمو ويعلو عن بني سفيانِ
نال َ الحسينُ شهادةً نبويةً = أما الطُغاةُ فباتوا بالخسرانِ
أبو حسين الربيعي – 25/1/2011 – 20 صفر 1432 هـ دبي
|
|
|
|
|