وقال مرة أخرى: «ليت أمي لم تلدني، ليتني كنت تبنة في لبنة»(1) ... تلك بعض النصوص أوردتها على نحو المثال لا الحصر.
وهذا كتاب الله يبشر عباده المؤمنين بقوله:
( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين آمنوا وكانوا يتقون، لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم )(2) .
ويقول أيضا: ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم )(3) . صدق الله العلي العظيم.
فكيف يتمنى الشيخان أبوبكر وعمر أن لا يكونا من البشر الذي كرمه الله على سائر مخلوقاته.
وإذا كان المؤمن العادي الذي يستقيم في حياته تتنزل عليه الملائكة وتبشره بمقامه في الجنة فلا يخاف من عذاب الله ولا يحزن على ما خلف وراءه في الدنيا وله البشرى في الحياة الدنيا قبل أن يصل إلى الآخرة، فما بال عظماء الصحابة الذين هم خير الخلق بعد رسول الله - كما تعلمنا ذلك - يتمنون أن يكونوا عذرة، وبعرة، وشعرة، وتبنة، ولو أن الملائكة بشرتهم بالجنة ما كانوا ليتمنوا أن لهم مثل طلاع الارض ذهبا ليفتدوا به من عذاب الله قبل لقاه.
قال تعالى: ( ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الارض لافتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون )(4)
____________
(1) تاريخ الطبري ص 41 الرياض النضرة ج 1 ص 134. كنز العمال ص 361. منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج 3 ص 120.
(2) سورة يونس: آية 62 و 63 و 64.
(3) سورة فصلت: آية 30، 31، 32.
(4) سورة يونس: آية 54.