وعندما يبلغ الطالب مرحلة الأجتهاد، ويطمئن الأستاذ اليه في البحث والأستنباط وصياغة الدليل والجمع بين الأحاديث ووجوه الرأي ومناقشة الأقوال يشهد له بالأجتهاد فينتقل الطالب بعد قطع هذه المرحلة الطويلة التي تستغرق مما يقارب الربع قرن، يستقل بالأجتهاد وإبداء الرأي والتوجيه وخلال هذه الأدوار يتعاطى الطالب أطرافاً من الثقافات الأخرى التي لا تتصل برسالته في الصميم، كما لا تكون غريبة كذلك عن حقول اختصاصه كالحساب والفلك والنجوم إن شاء ذلك وإن اعترض اخيراً عن دراستها بظروف ليس محل ذكرها الآن.
إنَ الحوزة العلمية تبلغ بالطالب المجد الى الأجتهاد ومعرفة الشريعة أصولاًَ وفروعاً من مصادرها. وهذه المعرفة تهيئه وتمده بالطاقة الكافية لتفهم الحياة والآراء والفلسفات قديمها وجديدها، والحكم لها أو عليها، على شرط أن يستمر في قرآة الكتب المتنوعة ويتذاكر- إن أمكن ذلك- بعد أن يترك المكان الذي درس فيه وأما إذا ترك الدرس والمذاكرة فيصير بالأمي أشبه وتذهب جهوده أيام دراسته سدى، ولا يمر أمد حتى يصبح ذهنه جامداً متحجراً- وليس هذا من مختصات الحوزة العلمية فحسب بل هو شأن كل علم- بعد نموه وإنطلاقه وهكذا شأن جميع المتعلمين وحملة الشهادات حتى المتخصصين منهم سواءاً تخرجوا من الحوزة العلمية او من غيرها.