بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين وآله الطاهرين
ماذا تعني إيران للشيعة ؟!
كلُ من يعرف الشيعة الإمامية (الاثني عشرية) أو يقرأ عنهم يعرف أن لديهم عقيدة قوية في زيارة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام والتوسل بهم والتبرك بأضرحتهم
وهذه عقيدة راسخة لدينا نحن كشيعة جعلتنا نبذل المال والنفس في سبيل زيارتهم تقرباً إلى الله تعالى ,,وقد وردت روايات في عظم ثواب وأجر من يذهب لزيارة أبناء رسول الله صلى الله عليه وآله _أعني أحفاده من نسل ابنته الطاهرة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام_ .
ومن الأئمة الاثني عشر الذين يذهب الشيعة لزيارتهم هو الإمام الثامن وهو الإمام علي بن موسى الرضا عليهما السلام المدفون في مدينة مشهد في إيران
وقد استشهد في زمن المأمون العباسي مسموماً ودفن هناك
أما أخته فاطمة المعصومة فهي سيدة جليلة مرقدها في مدينة قم الإيرانية
فما الذي يربط الشيعة بإيران ؟
1- وجود مرقد إمام معصوم من الأئمة الاثني عشر الذين يعتقد بهم الشيعة الامامية
إضافة إلى مرقد أخته السيدة المعصومة وقد وردت روايات في فضل زيارتهما عليهما السلام .
2- مدينة قم المقدسة توجد فيها ثاني أكبر حوزة شيعية والحوزة هي المدرسة الدينية الخاصة بالشيعة والتي يدرس فيها طلاب العلم علوم الدين (قرآن ,فقه, عقائد ,حديث ....الخ وكل ما يخدم الدين من علوم اللغة و المنطق والفلسفة ...الخ .
وعليه فإن كل من يريد طلب العلم يذهب إلى قم أو إلى النجف حيث توجد أكبر الحوزات الشيعية ,إضافة إلى أن مدينة قم الإيرانية اكتسبت مكانتها الروحية نتيجة تخريجها لعلماء الدين الشيعة ووجود العلماء الكبار فيها .
تماماً كالأزهر الشريف في جمهورية مصر العربية حيث يقصده من يريد طلب العلم ولاسيما في تلك الأزمنة حيث كان يقصده المسلمون من أنحاء العالم ولم يكن يدرس فيه المصريون فقط .
3- وجود المراجع الكبار في إيران والعراق يعود إلى أسباب وظروف وبيئة هذين البلدين ,منها وجود الحوزات فيها منذ القدم بينما دول أخرى كالخليج مثلاً لم تنتشر فيها الحوزات إلا مؤخراً ,إضافة إلى أن نسبة الشيعة فيها أكبر ,أضف إلى ذلك الظروف التي يعيشها الشيعة في كل بلد من حيث الحرية الدينية وغيرها ,وهذه أمور قد تحدّ من قدرة البعض على مواصلة الدراسة للحصول على الدراسات العليا في الحوزة ,, ,ولو وضع أحدهم مراجع إيران مشكلة فماذا عن مراجع العراق العرب؟! وإن كان أمراً معيباً في حق المسلم أن يميز بين العربي والعجمي و لكني أتحدث بمنطق البعض الذي نسي أن سلمان المحمدي الذي قال عنه المهاجرون : سلمان منا ,وقال عنه الأنصار : سلمان منا,فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : بل سلمان منا أهل البيت ! وكل هذا إعجاب منهم بفكرته حول حفر الخندق وسلمان هذا كان فارسياً !
4- إيران موضع احترام الكثير من المسلمين وغير المسلمين ,ومن المسلمين الشيعة وغير الشيعة ,وذلك نظراً لقوتها وصمودها أمام أعداء الله ورسله والمؤمنين وهم الإسرائيليون ومن يدعمها ولاسيما أميركا .
5- إيران تستحق الإعجاب نظراً لكونها ورغم الحصار متقدمة علمياً وتقنياً فهي دولة تصنع نفسها بنفسها مستفيدة من نعم الله عليها من بترول وغاز طبيعي وغير ذلك .
في إيران مصانع لسيارات إيرانية قد لا تكون بجودة السيارات الألمانية والأمريكية وغيرها لكنها صناعة محلية !وهذا فخر لأي دولة . وفيها محطات نووية تقهر العدو الإسرائيلي الذي طالما قهر المستضعفين في هذا العالم . وفيها صواريخ وأسلحة تصنعها أيدي أبناء إيران فتخيف إسرائيل . وفيها تطور علمي تمنعه إسرائيل وأمريكا عن بعض البلدان كي يبقوا بحاجة إليها ! وفيها وفيها وفيها ........ .
6- في إيران كانت ثورة سارت على خُطى ثورة الإمام الحسين عليه السلام عام 61ه حين استشهد في كربلاء واقفاً ضد نظام الطاغية يزيد الذي كان يجاهر بالفسق ولا يراعي لدين الإسلام أية حرمة ,وجاء سيد من أبناء رسول الله صلى الله عليه وآله وهو آية الله العظمى السيد روح الله الموسوي الخميني الذي حارب نظام الشاه الذي لو قرأ عنه أي شخص أو بحث حوله أو رأى قصراً من قصوره لعرف كيف أنه كان طاغية فضلاً عن كونه عميلاً لإسرائيل وأمريكا يعينهما على سرقة نعم إيران من نفط وغاز ويسمح لحضارة أمريكا بالانتشار في بلد إسلامي كإيران ,حارب الإمام الخميني هذا النظام وأسقطه وأسّس هذه الجمهورية الإسلامية في إيران .الخميني احتل مكانة كبيرة في قلوب الشيعة في كل العالم وما مكانته تلك إلا لأنه طبق نهج الإمام الحسين عليه السلام ملهم الشيعة بل ملهم الأحرار في كل العالم .
إذاً : إيران تعني للشيعة بلداً للزيارة _زيارة إمام من أئمتهم الاثني عشر وهو الإمام الرضا عليه السلام _.
وتعني لهم ولكل المسلمين بل كل الأحرار : دولة قوية صامدة أمام أعتى الطغاة _إسرائيل وأمريكا_.
وتعني لهم ولكل الأحرار ومحبي العلم والتطور : دولة متقدمة صنعت نفسها بنفسها رغم الحصار.
أما أن تكون وطناً للشيعة فهذا غير صحيح فالعراق أولى بالشيعة كون الكوفة عاصمة إمامنا الأول مولانا علي بن أبي طالب عليهما السلام !
وهنا سؤال يُطرح : هل على جميع المسلمين البقاء في مكة المكرمة كونها موطن الإسلام ؟!
أو هل عليهم البقاء في مصر كونهم يرجعون إلى الأزهر الشريف ؟!
وطننا هو وطننا لا نغيره ولا نبدله ولا نقبل بغيره ومهما أحببنا بلداناً أخرى من منطلق :
وما حب الديار شغفنّ قلبي ولكن حب من سكن الديارا
فإننا نبقى نحب أرضنا التي ولدنا فيها ونشأنا وتربينا ولعبنا عليها وأكلنا من خيراتها ,وعايشنا أهلها .
كلمة شخصية:
في سفرتي الوحيدة لإيران قبل سنوات ,زرت إيران فزرت قم ومشهد ومررت بطهران وذهبنا إلى شمال إيران سياحة .
عشت أجواء روحانية في قم , وعشت راحة نفسية في مشهد حيث إمامنا الرضا عليه السلام ,ورأيت طهران التقدم والتطور ,رأيت بيت الإمام الخميني وضريحه كما رأيت قصور الشاه التي صارت متاحف يزورها السيّاح ,,ورأيت طبيعة إيران الخلابة والتي قد لا أراها في بلدي في شبه الجزيرة العربية نظراً لاختلاف الطبيعة والمناخ ....
لكن تلك الراحة وذلك الجمال لم يبعدا عن ذهني أهلي الذين تركتهم وبيتي وأحبتي ورائحة تراب أرض الرامس ورطوبة أجوائنا ونخيل مزارعنا وأصوات لعب الأطفال من أبناء جيراننا
عدت إلى وطني ,,وما أن هبطت الطائرة في مطار الدمام حتى ذرفت
دمعة الشوق والحنين !
ولا أُلام في ذلك فهنا كنت وهنا سأبقى !
فهذا وطني لا إيران !
وولائي لمحمد وآل محمد صلى الله عليه وآله فنحن نُعرف بـِ الموالين .
و الرسول الاكرم (صلى الله عليه و اله و سلم) يقول :"حب الوطن من الايمان "
تحياتي: بنتُ علي