[الشيخ الهاد]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أحسنتم كثيرا على هذا الموضوع ، جناب الأخ الفاضل أبا مسلم الخراساني ..
لكني أشيد بما انتزعه الأستاذ الفاضل النجف الأشرف بفهمه الوقّاد من هذا الحديث ..
فالأقوى ثبوت صدور هذا أصل الحديث (دون كل ألفاظه التي تحتاج الى مراجعة كل المصادر ففي بعضها شك) عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ، كما هو رأي بعض علماء الشيعة ، ولبيان ذلك نعرض شيئين مهمين ..
الأوّل : لا شكّ في أنّ النبيّ يدعو لكلّ أمّته (المعنى العرفي للأمة وليس الشرعي الخاص بالمؤمنين) دبر كلّ صلاة ، مؤمنهم ومنافقهم ، صالحهم وطالهم ، وهذا ثابت ، ومنشأؤه رحمة النبي ؛ لقوله تعالى : وما أرسناك إلا رحمة للعالمين ، وحسبنا صلاة النبي على المنافق ابن سلول ، فيكون دعائه لعائشة من هذا الباب ..
الثاني : عائشة سخرت من النبي ؛ لأنّها -وهي الجاهلة غير المؤدّبة التي لا حياء عندها- غفلت عن أنّ دعاء النبي لها من قبيل دعائه لابن سلول ، فكأنّما وجدت تناقضا في كلام النبي فسخفت دعاؤه الشريف ، فردّ عليها النبي بأنّ دعاءه الشريف غير معيّن ، وليس بالضرورة أن يكون مستجاباً ..
وتقريب ذلك أنّ دعاء النبي على قسمين معيّن وغير معيّن ، ومن المعيّن قول النبي اللهم اغفر لعمّار ، وهذا لا بد من وقوعه ؛ لأنّه وحي ، وافتراض عدم تحققه ووقوعه ، لغو ، وهو مستحيل في حق الوحي والنبي ..
أمّا غير المعيّن وهو دعاء النبي لكل أهل الشهادتين بالمغفرة (مؤمنهم ومنافقهم) انطلاقا من كونه عليه السلام رحمة للعالمين ، فقد يتحقق وقد لا يتحقق ، وأصل ذلك قوله تعالى :{اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }التوبة80 ..
أمّا ما هو الدليل على أنّ دعاء النبي لعائشة من غير المعين ، أي من قبيل دعائه وصلاته على المنافق ابن سلول ؟!!.
الجواب هو قول النبي :وَاللهِ إِنَّهَا لَدَعْوَتِي لأُمَّتِي فِي كُلِّ صَلاة ، وعائشة كابن سلول المنافق داخلة في هذا العموم ويندرجان تحت الإطلاق ، وقبّح الله عائشة على عدم الحياء هذا ، والله إنّها سخيفة لا تستحي ، وقد قيل في الحكمة القديمة : إذا لم تستح فاصنع ما شئت ..

الهاد