ونتابع في جزئنا سيرة الزعيم عبد الكريم قاسم وتطورات مسيرة حكمه في العراق.
الشامية هذه المدينة المعطارة برائحة الرز "عنبر الشامية" كانت المحطة الأولى في حياة الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم، حيث عيّن معلما فيها للفترة ما بين (1932 – 1934).
كان معتدا بنفسه، لم يهادن الإقطاع وهم كثر فيها، حيث أولادهم لهم الامتياز في المدرسة، على العكس من ذلك، كان قريبا من أولاد الفلاحين، متميزا في تدريسهم.
من أصدقائه في الشامية (جلوب الاوتجي) صاحب مكوى، ويمكن ان يقال انه _ جلوب _ صديق النخبة، الأفندية تحديدا. وكان الزعيم عبد الكريم يحلق رأسه عند (خليل الحلاق/وأبن كصاد). ويسكن في بيت متواضع مع بعض المعلمين، وتارة في المدرسة، وكان له الكثير من المواقف الوطنية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر وهي
في صباحات مسطر العمال العراقيين، عند غبش الفلاحين للورد وجني بيادر الخير، تصدح عنادل البساتين حناجرنا، نحن أطفال المدارس الابتدائية عند الاصطفاف الصباحي ننشد:
((عبد الكريم كل القلوب تهواك
عبد الكريم رب العباد يرعاك...))
.
هذه الصورة تمثل المرحوم الدكتور ناجي الاصيل و الكاتب خالص عزمي وهم ينصتون الى توجيهات الزعيم الخالد الراحل عبد الكريم قاسم بشأن الاحتفالات الكبرى التي قامت على عهده عام 1962 تمجيدا لبغداد والفيلسوف الكندي : هذه الصورة التقطت في قاعة بهو امانة العاصمة على كتف نهر دجلة في باب المعظم وهي تمثل حبه للعلم والمتعلمين ورعايته لهم.
عندما كان برتبة نقيب في فوج تابع للواء الرابع عشر في موقع الناصرية، عشق إحدى بنات المعدان، بائعة سمك في سوق الناصرية، (سوق الصفات) من سلالة سومر، وانتشرت القصة، وقيل ان شبعاد باركت هذا الحب العذري للنقيب، لقد كان هذا الحب من زاوية ما كسرا للقوانين العسكرية، لذا تم نقله الى وحدة عسكرية أخرى، وسرّ الشهيد عبد الكريم قاسم صديقه النقيب عبد الكريم الجدة، وقال: ((سوف لن أتزوج أبدا)) وفاء لحبه الكبير ،لمعلمة في بغداد وريفية في الناصرية..؟ كان الزمن بداية الخمسينات، ولا زالت تروى هذه القصة الغرامية لعبد الكريم عند كبار أهل الناصرية، رواها لي (كامل محمد علي النجم الحسيناوي _ أبو رغد).
في المسيرة المليونية، تأييدا لقائد ثورة تموز الخالدة، والجموع تهتف للثورة، ولحياة عبد الكريم قاسم، كان مهوال وفد قضاء الشامية المشارك في هذه المسيرة (يوسف الجار الله) من ناحية الصلاحية محمولا على الأكتاف، يعطي الهوسة بعد الهوسة
كريم، تلفظ بالتصغير عند الريفي للتحبب، ويطلق عليها عند أهل المدن (تدليع)
كان يفعل اكثر مما يقول، ((الرحمة فوق القانون)) و((عفا الله عما سلف)) إحدى أسباب الردة!.
كان وطنياً وقومياً بكل مافي من هذه المعنى من كلمة عمل لشعبه ولم يكل عن خدمته وما حزمة القوانين التي أصدرها إلا دلالة على ذلك والتي خدمت شعبنا العراقي بما عجزت كل الحكومات المتعاقبة عن خدمة شعبها وبرغم قصر فترة حكم الزعيم وقام ببناء البنية التحتية وتشييدها وفق الأسس العلمية الصحيحة فهو الذي انشأ جسر المعلق الذي لم يلحق بافتتاحه لأن المجرمين قد أعدموه شر إعدام يترفع حتى عن الحيوانات وهو الذي فتح الكثير من الطرق والجسور ومشاريعه كثيرة أكثر من إن تعد وتحصى كلها كانت لخدمة المواطنين وبقت خططه ومشاريعه في الخطط الاستثمارية تطبق عشرات السنين بعد استشهاده ولأذكر لكم إن أحدى وزراته التي شكلها كانت تضم (18) وزيراً كلها من حملة شهادة الدكتوراة من مجموع الحقائب الوزارية التي عددها (20)حقيبة وزارية فأين منه مما نحن الآن حيث تسلق كل من هب ودب وأصحاب الشهادات المزورة لكراسي الوزارات والذين ساهموا أيما مساهمة في تخريب البلد وشيوع الفساد الإداري والمالي وهو الذي في عهده تسلمت امرأة أحدى الوزارات وهذا كان يمثل أول بلد عربي تتسلم فيه امرأة حقيبة وزارية دلالة على ماكان يمثله من ضرورة احتلال المرأة مكانها الطبيعي وكان في وزارته وزير الخارجية المعروف (د.عبد الجبار جومرد)الذي كان معروفاً على المستوى العالمي لما كان لخطبته في الأمم المتحدة بعد الثورة الأثر الكبير في تأييد وتعاطف المجتمع الدولي مع العراق وكان له حضور قوي وفاهل في كل المحافل الدولية لهذا الوزير الذكي والبطل وكان في عهده موجود العلم العراقي الفيزيائي(د.عبد الجبار عبد الله) الذي كان يقع في التصنيف الأول في العالم لعلماء الفيزياء والذي كان من المؤمل إن يحصل على جائزة نويل نتيجة لعلومه وأبحاثه في الفيزياء وعلى المستوى العالمي والذي رعاه عبد الكريم أيما رعاية ولكن مجرمي البعث ماذا عملوا أعدموا هذين الشخصين وبوحشية يندى لها الجبين لأتهامهم بالشيوعية والذي حتى المنظمات الدولية استنكرت هذا الفعل الجرم لقتل هذين العالمين وفي وكثير من المنجزات التي أعطاها للمعدمين والفقراء وما مدينة الصدر التي أنشأها للفقراء إلا دليل حبه لشعبه وبالذات للمعدمين لأنه كان قريبٌ منهم ولما يعانونه.
أما على الصعيد القومي ولندخل فيه بشيء من التفصيل فهو الذي حما فلسطين من سقوطها بيد الصهاينة وبفضل بطولاته وبطولات لوائه البطل اللواء(19) الذي قاتل اليهود وإيقاف تقدمهم في جنين وأنقذها من سقوطها بيد اليهود حتى إن قرية في فلسطين سميت باسمه وهي (كفر قاسم) كما توجد في جنين مقبرة تضم رفات شهداء العراقي الذين استشهدوا في نكبة (1948)و تسمى مقبرة العراقيين.
ويحكي لي احد نواب الضباط القدماء من كبار السن والذين شاركوا في هذه الحرب وكنت معه في الجيش في حرب إيران يقول أنه كان في جهاز المخابرة وقد التقطوا عدة مكالمات من اليهود يقولون فيها أوقفوا تقدم العراقيين فهم ذبحونا وجاءت النكبة لتوقف زحف الجيش العراقي بقيادة الضباط البطال وفي مقدمتهم الزعيم عبد الكريم قاسم لتوقف هذا الزحف المتجه لتحرير فلسطين بمؤامرة من قائد الجيوش في ذلك الوقت غلوب باشا الانكليزي والملك عبد الله الأول ملك الأردن والملك فاروق والملك عبد العزيز آل سعود ليتم تسليم فلسطين إلى اليهود كان الزعيم الشهيد وبمؤمراة معروفة للجميع كانت الخيانة العربية لحكامنا العرب واضحة وعلى مرأى الجميع.
وهذا اللواء الذي كان يسمى لواء عبد الكريم قاسم حتى وبعد وفاته وحتى في عهد المقبور صدام مما عمل هذه المجرم ونتيجة لحقده على الزعيم إن ادخل اللواء في عدة معارك خاسرة مع الجانب الإيراني لكي يتم فيه أباده هذه اللواء لاقترانه باسم الزعيم وفعلاً وفي حرب إيران تم تفكيك اللواء نتيجة حقد الصنم صدام على الزعيم ولأنه يعرف حق المعرفة الفرق والبون الشاسع بينه وبين زعيمنا الراحل.
.
هذه الصورة أخذت له في احد عيد الجيش العراقي في زمن حكم الزعيم الراحل وكان برتبة فريق ويلاحظ من الصورة حمايته التي كانت فقط مرافقه وسائقه.
هذا من جانب فلسطين أما من جانب الجزائر فهو الذي دعم جبهة التحرير الجزائرية بشكل لا يوصغ بالأسلحة والأموال حتى إنه كانت هناك صفقة للأسلحة الخفيفة معقودة مع الجانب الروسي وبكلفة أكثر من مليون دينار في ذلك الوقت تم تحولها جميعها إلى الجزائر لمساندتهم في حربهم مع الجزائر والجزائريين يعرفون ما قدمه العراق وزعميهم من دعم لحربهم ضد الاستعمار الفرنسي ولا ينسونه أبداً.
طلبوا منه ان يعمل من اجل الوحدة العربية، وزاره أحد النخاسة القوميين بصحبة وفد لدولة عربية هي مصر ، اخذ الزعيم هذا الوفد، وأطلعه على منطقة (خلف السدة ) مدينة الصدر حاليا ثم ذهب بالوفد إلى منطقة (المنصور)، ثم قال لهم (( اذهبوا إلى من أرسلكم وقولوا لهم متى ما استطعنا إن نوحد بين الرصافة والكرخ، بين خلف السدة والمنصور، فسوف نعمل من اجل وحدتكم الاندماجية))ز وهذا هو السبب الذي أجج الحقد على عبد الكريم قاسم من قبل مصر وفي مقدمتها عبد الناصر الذي أنه سوف يأخذ منه زعامة العرب وبتصوره القاصر والضيق ولحب الزعامة لدى عبد الناصر كان هو من أول المتآمرين على حكم العراق الجديد في ذلك الوقت وعمل المؤامرات تلو المؤامرات لإسقاط ثورة (14)تموز المجيدة هذا عبد الناصر الذي يعتبره العرب زعيم العروبة وأبو القومية هو الذي سعى وبكل الجهود لإسقاط تلك الثورة الجديدة والوليدة من رحم الجماهير العراقية فهو الذي مهد للقاء المقبور صدام مع بوش الأب بعد هروب الصنم من العراق بعد محاولة اغتيال عبد الكريم في العراق وهذا ما ذكره خالد عبد الناصر أبن جمال عبد الناصر في كتابه الذي يحمل عنوان(مذكرات خالد عبد الناصر)حيث يذكر وبالنص وحسب روايته( أنه كان يريد الدخول على أبوه وهو فتى يافع والذي كان لا يمنعه شيء عن الدخول لأبوه حاله حال عدي وصدام المجرمين عند ذلك معه منعه السكرتير الخاص لعبد ناصر وقال له أنه لديه اجتماع مهم ومنع الدخول أليه وحتى أنت فأستغرب وأنتظر عن السكرتير وبعد فترة خرج شاب أسمر من العراق اسمه صدام ورجل أبيض أمريكي يعمل ضابط في (CIA)وهو بوش الأب حيث تم في ذلك الوقت تجنيد المقبور في المخابرات الأمريكية)) وكان الغرض التأمر على النظام العراقي الجديد واحتواء العراق وجعله يسير في عجلة الأمريكان. ونأتي إلى نقطة مهمة وهو وصل بالتأمر من قبل عبد الناصر أنه حرك العناصر القومية في الجيش وحزب البعث للقيام بالانقلاب ووصل إلى تزويد الحرس اللاقومي في ردة شباط المجرمة برشاشات بورسعيد والتي هي من أنتاج مصر العروبة في سبيل قلب نظام الحكم ممثلاً بعبد الكريم قاسم وإفشال التجربة الجديدة القريبة من الجماهير الكادحة والفقيرة.
وفي الجزء القادم سوف نستكمل انشاءالله سيرة الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم الذي أحبه الشعب وبقى محبوباً في أفئدة وعقول الناس إن كان لنا في العمر بقية.