جاءت الانتخابات وكانت مخاضً عسيراً ما بين التجاذبات السياسية والتي لم تنتهي لحد الآن في العراق وكان حصة المواطن العراقي منها الحصة الكبرى في العيش وسط الحيرة والذهول والتعجب وسط هذا التخبط السياسي الذي لا يعلمه إلا الله والذي لو تأمل كل إنسان نزيه وحيادي وشاهد هذا الخضم المتلاطم من بحر السياسية لوقف مذهولاً.
وانتهت الانتخابات وكان اندفاع الشعب العراقي وزحفهم على صناديق الاقتراع قد أعجب العالم وصفق بحرارة لهذا الشعب العريق في أصالته وعراقته ووقف مبهوراً واحتراماً لهذا الشعب المعطاء والغاية في العطاء والذي تجاوز خنادق الإرهاب والعنف وكل المحن لينتخب من يراه مناسباً لشغل كراسي البرلمان والحكومة وأشادت كل دول العالم والمنظمات العالمية والدولية بهذه الانتخابات النزيهة والتي لم يحصل لها في كل دول العالم الثالث من حيث المشاركة والنزاهة والشفافية التي سارت بها الانتخابات واثبت للعالم كله أنه شعب يستحق الاحترام والإشادة وأنه شعب حي ويقرر مصيره بنفسه ويستحق أنه شعب الحضارات وعلم الإنسان الكتابة والحضارة ومهد الأنبياء ويحتضن سبعة من أئمة أهل البيت ويفتخر بذلك.
وفي خضم ذلك وبعد انتهاء الانتخابات مباشرة وفوراً لاحظنا كيف انبرت بعض القوائم وفي مقدمتها قائمة علاوي أفندي بإعلان الفوز في الانتخابات وعمل المسيرات للاحتفال بالنصر بشكل لم يسبق له مثيل وأخذت القنوات المحسوبة عراقياً وفي مقدمتها الشرقية بإعلان الفوز للتأثير على معنويات العراقيين مع العلم لم يتم فتح أي صندوق من صناديق الاقتراع في ذلك الوقت في مشهد يثير الضحك والسخرية لسطحية وجهالة من يطبل لهذا الفوز المزعوم والأخرق وكما قال الشاعر
كلٌ يدعي وصلٌ بليلى.....وليلى لا تقر لهم بوصلٍ
وكان القصد من هذه الجعجة والتطبيل هو يأخذ منحيين وفي اعتقادي المتواضع :
المنحى الأول : هو التأثير على المواطن العراقي وأثباط عزيمته في زحفه وإدلائه بصوته في الانتخابات وبالتالي خلق حالة من الشعور باليأس عند المواطن العراقي وإيصاله إلى قناعة بعدم جدوى الانتخابات وهو أسلوب استخباري واضح لكي يتم ضمان الانتخابات في المراحل المقبلة وهذا ما عمل وخطط له رئيس إحدى الائتلافات الذي ذهب إلى السعودية وخططوا لذلك مع ملك السعودية ومع مدير الاستخبارات السعودية الذي حضر الاجتماع.
المنحى الثاني : هو جعل أمر الفوز ورقة يلعب بها على الحبلين فكثير من رؤساء القوائم قد عمل ملفين له ملف أخضر وملف أحمر وهو يلعب بها فإذا فاز في الانتخابات استخرج الملف الأخضر وأشاد بنزاهة ومفوضيتها وأنه جرت بشفافية وعدالة وأنه جرت خروقات بسيطة إلا أنها كانت بسيطة ولا تذكر ولم يعلق.
أما إذا لم تفز قائمته هنا استخرج الملف الأحمر الذي يذكر ماشاء من الخروقات وعمليات التزوير ليبين عدم نزاهة شفافيتها ونزاهة مفوضية وأن المفوضية قد وقعت تحت تأثير الأحزاب الحاكمة الى أخر الكلام الذي يعرفه الجميع لكي يعمل على التأثير على ضبابية على المسيرة الانتخابية ولكي يوحي للعالم وكل الناس أنه هناك عمليات تزوير خروقات حدثت في عملية الانتخابات ويجعل مماثل لما حصل من إيران واضطرابات وإفشال بالتالي العملية السياسية الجديدة في العراق وهذا هو ما صرح به علاوي وبعد الانتخابات مباشرة وبعد سد أبواب مراكز الاقتراع وبدون أي مقدمات عن حصول عمليات تزوير وخروقات وتجاوزات لكي يبقي الباب مفتوحاً لهذا الباب واللعب بهذا الملف الأحمر.والمنحيين هم منحيين فيه من الدهاء واللؤم والخباثة والذي ما يشتهر به علاوي وزبانيته وهؤلاء القوم مع العلم أنه حتى الأمم المتحدة قد أشادت بالانتخابات ودعت الكتل السياسية كافة بقبول النتائج والتصديق لمعرفتهم ماهية هؤلاء الأشخاص الذين واقعين تحت تأثيرات دول الجوار ودول المنطقة العربية.
وبعد هذا الشرح لاحظت وجود مرارة لدى البعض من نتائج الانتخابات التي لم تظهر كما لاحظت لدى بعض الشيعة في بعض الأقطار عتب ولوم في انتخاب علاوي وعدم انتخاب القوائم الشيعية حتى وصل الأمر في أحد المنتديات وصف شيعة العراق بشيعة أبو سفيان وقد تألمت لهذا الوصف وقد رددته وبأسلوب مؤدب وليس كأسلوبه التهجمي ومع الأسف ولكن لنحلل هذه النقطة وليتسع صدر القارئ لمقالي هذا.
من المعلوم إن شيعة العراق أكثر من دفع ضريبة الدم في حب أهل البيت ومولاتهم وكان الظلم واقعاً عليهم من زمن الأمويين مروراً بالعباسين الذين وصل الأمر إلى قطع الأيدي والأرجل وحتى النفس المحترمة في سبيل زيارة سيد الشهداء سيدي مولاي أبا عبد الله الحسين(ع) وأستمر مسلسل الظلم لشيعة العراق إلى مجيء الصنم صدام وما عمله بالشيعة من تنكيل وقتل ومقابر جماعية ليستمر وكانوا شيعة العراق لم يتخلوا عن محبتهم لأئمتهم الميامين(عليهم السلام أجمعين)ومولاتهم وكانوا على الدوام واضعين نصب أعينهم ضريبة الدم التي يجب إن يدفعوها لموالاتهم واستمر مسلسل الدم وحتى يومنا الحاضر ومايعمله النواصب والقاعدة المجرمون في الفتك وقتل أرواح الشيعة بحيث وأنا أجزم بذلك إنه ما تعرض له شيعة العراق لم يتعرض أي شيعة في أي بلد من البلدان لمحبتهم أهل البيت وما التفجيرات الأخيرة في زيارة الأربعين وقتل النساء والرجال والشيوخ والأطفال وكلهم يقولون كلنا فدوة للحسين وأبد والله ما ننسى حسيناه لخير دليل على قوة وصلابة أيمان العراقيين الشيعة ولو أن أي شيعة في أي من البلدان وأقول ذلك وأنا مـتأكد من ذلك لحدث اختلال في أيمان هؤلاء الشيعة في تلك البلدان في محبة أهل البيت.
فلا نريد أحد يزاد على قوتنا وصلابتنا في شيعتنا وتمسكنا بثوابتنا الوطنية والدينية التي هي معروفة للجميع ثم نأتي إلى نقطة مهمة من المعلوم إن الزحف الجماهيري للانتخابات كان بنسبة (62 %) وهي نسبة عالية جداً ولم تحدث في أي بلد من بلدان المنطقة كلها والإسلامية كذلك ونحن نفتخر بذلك وقد وجهت المرجعية بالتوجه إلى الانتخابات وانتخاب ما ترونه مناسباً وهذا يمثل قمة الرقي والصلاح في توجيهات مرجعيتنا الرشيدة(دام ظلها الشريف)التي تعطي للإنسان قيمته في اختيار ما يناسبه وعدم تأييدها أي كتلة لكي تبقي عقل العراقي مفتوحاً وتشعره بأهميته فيما يختاره ولم تنحاز إلى أي كتلة أو ائتلاف بل كانت على مسافة واحدة من الكل فهل حدث هذا في أي بلد من مرجعيات التي في الأقطار بل كل مرجعية تشجع مناصريها من الشيعة وتطالبهم بانتخابهم أو نصرهم في تلك البلدان وهذا ما يميز مرجعيتنا الرشيدة التي تملك مفاتيح الحكمة والصلاح والعمل بما يأمر الله ونبيه وأئمته الأطهار.
ولنأتي إلى مسألة مهمة إن نتائج الانتخابات لم تظهر وكل من يقول أنه فائز هو ضرب من الخيال ويبني تصوراته على ما ذكرناه سابقاً فلا تبنوا استنتاجكم وإحكامكم على أي شخص أو جماعة على هذه التصريحات التي ضرب من ضرب من الأوهام والغيب والتي تكون الأحكام فيها من القسوة والتجني على أناس بعيد كل البعد عن هذه الأحكام.
ولنتنظر نتائج الانتخابات التي بها تتضح الحقائق كلها وتذهب أحلام كل المخططين في الظلام إلى الحضيض وهناك وكما يقول في كتابنا القرآن الكريم((هنالك يخسر المبطلون))وتذهب كل أوراقهم التي أردوا بها اللعب بها إلى الحرق ويذهبون إلى مزبلة التاريخ حالهم كحال المقبور صدام ومن معه ليبقى وجه العراق وأهلة ناصعاً ومتألقاً كتألق البدر في الليلة الظلماء وسيعلم كل من لم يحسب قدرنا أننا وكما قال الشاعر عنترة بن شداد :
سيذكرني قومي يوم التقى الجمعان..... وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر.