الحديث التاسع عشر : معاوية يأمر بمعصية الله .. وعلماء السنة يفتقدون الأمانة العلمية .
معاوية يأمر بأكل المال بالباطل وقتل الأنفس والشرور ... فوا أسفاه على إسلام يحكمه أشباه الرجال !!
وانظروا للحديث بنفس السند لكن التدليس وبتر النصوص مهنة بني أمية وعلماء السلاطين.
روى ابن ماجة بسننه بسند صححه الألباني (1) :
حدثنا أبو كريب حدثنا أبومعاوية وعبد الرحمن المحاربي ووكيع عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن عبدرب الكعبة قال انتهيت إلى عبد الله بن عمرو بن العاص وهوجالس في ظل الكعبة والناس مجتمعون عليه فسمعته يقول بينا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر إذ نزل منزلا فمنا من يضرب خباءه ومنا من ينتضل ومنا من هو فيجشره إذ نادى مناديه الصلاة جامعة فاجتمعنا فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطبنا فقال إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على ما يعلمه خيرالهم وينذرهم ما يعلمه شرا لهم وإن أمتكم هذه جعلت عافيتها في أولها وإن آخرهميصيبهم بلاء وأمور ينكرونها ثم تجيء فتن يرقق بعضها بعضا فيقول المؤمن هذه مهلكتيثم تنكشف ثم تجيء فتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف فمن سره أن يزحزح عن النارويدخل الجنة فلتدركه موتته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحبأن يأتوا إليه ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يمينه وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع فإنجاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر قال فأدخلت رأسي من بين الناس فقلت أنشدك الله أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأ شار بيده إلى أذنيه فقال سمعته أذناي ووعاه قلبي .
قلت : الحديث القادم هو نفسه لكن هنا تم بتر نص الإدانة لمعاوية .
أما رواية سنن أبو داوود فتحتوي على بتر خفيف وتدليس لطيف فقد روى أبو داوود بسننه بسند صححه الألباني (2) :
حدثنامسدد حدثنا عيسى بن يونس حدثنا الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا رقبة الآخر قلتأنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سمعته أذناي ووعاه قلبي قلت هذا ابن عمك معاويةيأمرنا أن نفعل ونفع لقال أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله .
وروى أحمد بن حنبل في مسنده بسند صححه شعيب الارناؤوط نفس الحديث لكن تم بتر المفعول به للفعل ( يأمرنا ) فبم كان يأمر معاوية ؟!!!
قال أحمد في مسنده (3) :
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ:كُنْتُ جَالِسًا مَعَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ وَهُوَ يُحَدِّثُ النَّاسَ، قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ،فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا، فَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُ خِبَاءَهُ ، وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِيجَشْرِهِ ، وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ ، إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الصَّلَاةَ جَامِعَةً، قَالَ:
فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ، وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ،وَيَقُولُ: " أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى مَا يَعْلَمُهُ خَيْرًا لَهُمْ،وَيُنْذِرَهُمْ مَا يَعْلَمُهُ شَرًّا لَهُمْ، أَلَا وَإِنَّ عَافِيَةَ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي أَوَّلِهَا، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ وَفِتَنٌ، يُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، تَجِيءُ الْفِتْنَةُ، فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ، ثُمَّ تَجِيءُ فَيَقُولُ: هَذِهِ هَذِهِ ، ثُمَّ تَجِيءُ، فَيَقُولُ: هَذِهِ هَذِهِ، ثُمَّ تَنْكَشِفُ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ، فَلْتُدْرِكْهُ مَنِيَّتُهُ ،وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَيَأْتِي إِلَى النَّاسِ مَايُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ، وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا، فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ " وَقَالَ مَرَّةً: " مَا اسْتَطَاعَ " فَلَمَّا سَمِعْتُهَا أَدْخَلْتُ رَأْسِي بَيْنَ رَجُلَيْنِ،قُلْتُ :فَإِنَّ ابْنَ عَمِّكَ مُعَاوِيَةَيَأْمُرُنَا فَوَضَعَ جُمْعَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ، ثُمَّ نَكَسَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: " أَطِعْهُ فِي طَاعَةِ اللهِ، وَاعْصِهِ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ "، قُلْتُ لَهُ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ: " نَعَمْ ، سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي "
قال شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم .
قلت : بعد تتبعنا لطرق الحديث قمت بالاختصار ولم أذكر الحديث الذي في سنن النسائي الوارد بسند صحيح (5) ، فهو كسابقه قد تم بتر نص إدانة معاوية بن أبي سفيان .
قلت : وفي ما ذكرنا عدة فوائد منها أن معاوية المدعى أنه خليفة رسول الله يقيم الله به العدل ويحفظ بيضة الإسلام ويحمي به حقوق الناس هو الحاثّ على عصيان الله ، وقتل النفوس وإهلاكها !!
وأيضا لفتنا استغراباً ما أحدثه البعض ببعض نصوص الحديث فالشاهد من الحديث هو القول (هَذَا ابْنُ عَمِّكَ مُعَاوِيَةُ يَأْمُرُنَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالَنَا بَيْنَنَا بِالْبَاطِلِ وَنَقْتُلَ أَنْفُسَنَا ) ولكن أوردناه من طرق عدة :
- طريق ابن ماجة خالي من النص تماماً فقد حذف .
- طريق أبو داوود صار ( يأمرنا أن نفعل ونفعل ) فصارت مبهمة .
- طريق مسند أحمد صار ( يأمرنا ... ) وتم حذف المفعول به فأبهمت .
- طريق سنن النسائي ولم أذكره بغية للاختصار وهو مبتور تماماً وقد صح سنده .
- طريق صحيح مسلم هو الكاشف للمزورين !!.
ــــــــــــــــــــــ
(1) صحيح وضعيف سنن ابن ماجة للألباني ، ح رقم 3956 .
(2) صحيح وضعيف سنن أبي داوود للألباني ، ح رقم 4248 .
(3) مسند أحمد بن حنبل ، ج 11 ، ص 399-400 ، ط1 ، مؤسسة الرسالة .
(4) صحيح مسلم ، ج3 ، ص 1472 ، ح رقم 1844 ، ط دار إحياء التراث العربي .
(5) صحيح وضعيف سنن النسائي للألباني ، ح رقم 4149 .