|
عضو فضي
|
رقم العضوية : 29478
|
الإنتساب : Jan 2009
|
المشاركات : 2,216
|
بمعدل : 0.38 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
نفحات عطرة من سيرة سيدتنا فاطمة الزهراء(عليها السلام) الجزء السادس
بتاريخ : 30-05-2009 الساعة : 08:00 PM
نفحات عطرة من سيرة سيدتنا فاطمة الزهراء(عليها السلام) الجزء السادس
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة على نبينا أبو القاسم محمد قنديل السماء وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين
إما بعد فنستكمل أجزائنا في سيرة فاطمة الزهراء(ع) التي سجل حياتها وسيرتها التاريخ بأحرف من نور بقت خالدة إلى يوم يبعثون وندعو من الله أن يوفقنا في ذلك.
زواج النور من النورة :
والآن أصبحت روحي لها الفداء شابة يافعة فالجمال المفرط والخلق الفاضل والفصاحة التامة والبلاغة الراقية والشرف العريض والنسب المشرق وغير ذلك من الأمور التي لا يرقها بها أي إنسان ذكر أو أنثى ولا ننسى الأغراض السياسية والاجتماعية التي كانت مدعاة إقبال الكثيرين للإقبال على النبي(ص) للمفاوضة بشأن هذا الزواج من الصديقة الطاهرة.
وقد تقدم لخطبتها أبو بكر لخطبتها فكان جواب النبي(ص) : أنتظر بها القضاء ، وتقدم عمر لخطبتها أيضاً وكان جواب النبي لا يختلف عن جوابه لصاحبة، وكان يقول:إن زواجها بأمر من السماء. وورد عن أنس بن مالك أن عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان تقدموا إلى النبي فقال عبد الرحمن للنبي(ص) :يا رسول الله تزوجني فاطمة أبنتك،وقد بذلتك لها من الصداق مائة ناقة سوداء زرق الأعين محملة كلها قباطي مصر،وعشرة آلاف دينار!!
وقال عثمان : وأنا أبذل ذلك،وأنا أقدم من عبد الرحمن إسلاماً!!.
فغضب النبي(ص)من مقالتهما فتناول كفاً من الحصى فحصب به عبد الرحمن وقال له ((إنك تهول بمالك))فتحول الحصى دراً فقومت درة من تلك الدرر فإذا هي تفي بكل ما يملكه عبد الرحمن.وهكذا كان الفشل لكل من تقدم لخطبة الزهراء(ع)راجعين وقد ود علموا أن في أمر زواجها سر من الأسرار.
وأستقر النبي والمهاجرون في المدينة وبدأت الجهود لإقامة ركيزة أساسية للانطلاق منها وأمر ببناء المسجد،كما أمر ببناء دور من حوله له ولزوجاته.
وكان الإمام علي(ع) لا يزال في بيت النبي(ص) وقد بلغ في ذرف العشرين وطبيعي في هذه السن لكل شاب أن تنفتح براعم الغريزة الجنسية والبحث عن شريكة له في الحياة،وقواعد الزواج تفترض الكفاءة والتماثل بين الزوجين.
عليّ ذلك البطل العملاق.
وهو ذلك المؤمن السابق إلى الإسلام.
وهو ذلك الرجل المتحلي بكل صفات الكمال والفضل والورع والتقوى والصفات الحميدة التي يحسدها كل إنسان ويشار إليها بالبنان.
وهو في نفس الوقت أبن عم فاطمة وينحدر وإياها من نفس السلالة الشريفة فمن يا ترى أكفأ منه لها،ومنها له؟!!
فما الذي يمنع يا ترى يمنع من التقدم لخطبة ابنة عمه؟ تقول الروايات : كان يمنعه من ذلك قلة اليد..ولكن الكفاءة المفروضة بين الزوجين مادية حتى تستقر الحالة الزوجية وكل الروايات تؤكد أن الله أختار علياً زوجاً لفاطمة وأختارها زوجة له.
1 ـ ففي رواية عن الأمام جعفر الصادق(ع) أنه قال : ((لولا الله تعالى خلق أمير المؤمنين علياً(ع)لفاطمة(ع) ما كان لها كفؤ على ظهر الأرض من آدم فما دونه))
2 ـ وفي رواية أبن مسعود عن النبي(ص) : ((إن الله تبارك وتعالى أمرني أن أزوج فاطمة من عليّ))
3 ـ وفي رواية أخرى ينقلها الخوارزمي: ((إن رسول الله(ص)خرج على أصحابه ووجهه مشرق كدائرة القمر،فسأله عبد الرحمن بن عوف فقال : بشارة أتتني من ربي في أخي وابن عني وابنتي بأن الله زوج عليّاً من فاطمة..))
4 ـ وفي حديث آخر: ((إن جبرائيل جاء إلى النبي(ص) فقال : إن الله يأمرك أن تزوج فاطمة من عليّ)).
وإلى غير من الأحاديث الصريحة أن زواج النورين كان بأمر من الله ووفقاً لمشيئته.
وهذا كانت سيرة أهل البيت في قلة اليد ولكن كان هم الثراء الروحي والإنساني الذي لا يدانيه أي واحد من البشر،فلذلك عندما فاتحه أبو بكر بالتقدم لخطبة ابنه عمه بعد أن فشل جميع الصحابة في ذلك عندئذ تغرغرت عينا علي(ع) بالدموع وقال: لقد هيجت من ساكناً وأيقظتني لأمر كنت عنه غافلاً،والله إن فاطمة لموضع رغبة،وما مثلي قعد عن مثلها غير أنه يمنعني من ذلك قلة ذات اليد.فقال له أبو بكر : لا تقل هذا يا أبا الحسن فأن الدنيا وما فيها عند الله ورسوله كهباء منثور.
وتقول الرواية : عند ذلك توجّه عليّ إلى النبي(ص)وكان في منزل زوجته أم سلمة فدق الباب.
فقالت أم سلمة : من الباب؟،فقال لها رسول الله من قبل أن يجيب عليّ : قومي فافتحي له الباب ومُريه بالدخول فهذا رجل يحبه الله ورسوله ويحبهما.فدخل عليّ وفاتح النبي(ص) بشأن فاطمة..
تقول أم سلمة:فرأيت وجه رسول الله يتهلل فرحاً وسروراً.ثم قال رسول الله(ص) :إن الله عزّ وجل قد زوجها في السماء من قبل أن أزوجها في الأرض وقد أشهد على زواجكم أربعين ملك في السماء.
ومهما من هذه الرواية ألا أنها تدلل بما لا يدع مجال للشك من الله اختار علياً لفاطمة هو زواج كان بأمر من السماء.
ولنأتي إلى هذا الزوج العظيم والبسيط في المهر وبكل أموره والذي باركته الله وملائكته والسماء وبعد كثير من المحاورات ولا داعي للإطالة جاء الإمام أمير المؤمنين(ع) إلى (ص) فقال له :أني لا أملك إلا سيفي وناضحتي ودرعي،فقال له (ص) :إما سيفك فهو يقاتل في سبيل الله فلا نحتاجها، وإما ناضحتك فهي لتنقلك وتنقل أهلك فأبقها، وإما درعك فأرهنه لعمل صداق فاطمة وكان درعاً حطمية باعها الأمام(ع) بأربعمائة وثمانين درهماً.
وأتى بالمبلغ ووضعه بين يدي النبي(ص).ووزعها لشراء مستلزمات الزواج والبيت والتي كانت بسيطة في مستلزمها عظيمة في قيمها التي تبين وتعطي الدرس في عدم المغالاة في طلب المهور وجعلها مسألة زواج البنت مسألة تجارية وإرهاق الزوج بالمتطلبات المادية والتي تثقل كاهله وليتعظ أهالي البنت في عدم الإكثار من الطلبات والاقتداء بمدرسة أهل البيت في كيفية الزوج والبساطة في الطلبات.
وحملت جهاز الزواج ببساطته إلى الرسول(ص)،فلما عرض عليه جعلّ يقلبه بيده ويقول: ((بارك الله لأهل البيت، وفي رواية أخرى : اللهم بارك لقوم جلّ آنيتهم من الخزف)).
أما الإمام(ع) فقد أقتصر إعداده لبيت الزوجية على ما يلي :
1 ـ فرش حجرة النوم بالرمل الناعم. 2 ـ نصب خشبة من حائط إلى حائط.
3 ـ أهاب كبش ومخدة ليف وضعها على الأرض. 4 ـ منشفة علقها على الحائط.
5 ـ وضع على الأرض قربة ماء ومنخلاً لنخل الدقيق.
فهذه الصورة الناصعة من تزويج الزهراء تنقلنا إلى المبدأ الإسلامي في التخفيف عن كاهل الأزواج،وبهذه الصورة تم التزويج.
وبقت فترة الخطوبة شهر وكان الحياء يمنع علي من طلب زوجته من رسول الله وذات يوم اجتمعت نساء النبي(ص) عند الإمام(ع) وقلن له :إلا نطلب لك من رسول الله دخول فاطمة عليك؟،فقال لهنِّ :أفعلن.
فدخلن على رسول الله،فقالت أم أيمن: يا رسول الله لو أن خديجة باقية لقرت عينها بزفاف فاطمة،وأن علياً يريد أهله،فقر عين فاطمة ببعلها واجمع شملهما وقر عيونا بذلك.
وما أن سمع النبي(ص) باسم خديجة حتى تغرغرت عيناه بالدموع وأنِّ لها أنة ثم قال: خديجة!!،وأين مثل خديجة؟!!صدقتني حين كذّبني الناس،وآزرتني على دين الله،وأعانتني عليه بمالها ـ أن الله عز زجل أمرني أن أبشر خديجة ببيت من الجنة من قصب الزمرد ولا صخب ولا نصب.
يا له من وفاء تام لزوجته التي قام الدين في أحد عماديه بمالها،وفي العماد الآخر على سيف ابن عمه علي(ع)!!.
ثم أستفسر عن عدم طلب علي لزوجته،فقال(ع) :الحياء يمنعني يا رسول الله.ثم طلب نساءه وقال لهنِّ :هيئوا لابنتي وابن عمي في حجرتي بيتاً.
فأعدت أم سلمة غرفتها للعروسين،ثم أمر رسول الله علياً بأن يصنع لأهله طعاماً فاضلاً وقال له : من عندنا اللحم والخبز،وعليك التمر والسمن.فأشترى الإمام التمر والسمن وأمر رسول الله(ص)بذبح كبش سمين،وخبز خبزاً كثيراً وهشم الخبز بيديه مع التمر والسمن ثم قال أدع يا علي من أحببت وصعد إلى ربوة وقال : أجيبوا إلى وليمة فاطمة .
فاقبل الناس إرسالاً ويقول الإمام روحي له الفداء : فاستحييت من كثرة الناس وقلة الطعام،فعلم رسول الله(ص) ما تداخلني فقال : يا علي أني سأدعو الله بالبركة.فأكل القوم عن آخرهم وقد بلغوا أربعة ألاف دون أن ينقص من الطعام شيء. ثم أخذ صحناً وجعل فيها طعاماً وقال : هذا لفاطمة وبعلها.وزفها رسول الله ببغلته الشهباء مثنى عليها قطيفة وقال لفاطمة أركبي،وأمر سلمان أن يقود بها.ومشى الرسول(ص) خلفها ومعه بنو هاشم مشهرين سيوفهم ونساؤه يرجزن مع نساء عبد المطلب ونساء المهاجرين والأنصار.ووصل الجمع إلى بيت الزوجية إلى إن دخلن الدار،وفي دار الزوجية أنفذ الرسول إلى علي فدعاه،ثم هتف بفاطمة وأخذ علياً بيمينه وفاطمة بشمالها،ووضع يدها في يد علي،ثم قال : أذهبا إلى بيتكما جمع الله بينكما،وأصلح بالكما أستودعكما الله.
ثم أغلق الباب عليهما..
هذا وفي الأجزاء القادمة أنشاء الله سوف نسلط الضوء على هذا البيت المبارك وحياتهما الزوجية لكي نتعلم منها الدروس العظيمة لأن حياة أهل البيت كلها عبر ودروس تعلم الأجيال جيلاً بعد آخر عن عظم أهل بيت النبوة ومدرستهم التي تكون لكل واحد منا عليه أن يتعلم منها ويجعلها دليل حياته لكي يسير في ركب أهل البيت.
ونسألكم الدعاء والمسألة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
|
|
|
|
|