(( طالب رئيس الحزب السوري القومي الإجتماعي علي قانصوه بإقفال مكتب تيار المستقبل في عكار لأنه شكل وكراً للعصابة التي ارتكبت مجزرة حلبا أمس في حق القوميين وذهب ضحيتها أحد عشر شخصاً من ابناء عكار.
قانصوه وخلال مؤتمر صحافي كشف ان مسلحي تيار المستقبل وبعد معارك عنيفة دامت سبع ساعات حاولوا خلالها إقتحام بيت الحزب القومي إستغلوا وقف إطلاق النار الذي فرضه الجيش اللبناني ووصلوا الى الباحة الخارجية للمركز ليطلقوا النار على المناصرين العزّل الذين كانوا داخل المكتب، ولم يكتفوا بذلك بل تعقبوا الجرحى الى المستشفيات ونحروهم بآلات حادة معلناً انه سيكشف عن المستندات التي تثبت ذلك في وقت لاحق .
وحمّل قانصوه النائب سعد الحريري ورجال الدين في الشمال المسؤولية الكاملة عن هذه المجزرة مؤكداً ان ما وصله من معلومات سرية عن الإجتماع الذي عقد في معراب يفيد ان قوى السلطة قررت وبعد فشلها في بيروت فتح جبهات متنقلة في المناطق.))
النص عن موقع التيار الوطني الحر في لبنان
تذكارات من لحم البشر
حسن عليق
ماذا يفعل مقاتل على إحدى جبهات الحرب الجديدة بقطعة لحم أزالها من جسد مقاتل «معادٍ»؟ لا أحد يجيب عن هذا السؤال سوى بـ«إنها الحرب». وبحسب أبناء الحرب، من «الطبيعي أن يموت المتحاربون، وأن يسقط الأبرياء عن طريق الخطأ». وأحياناً، يرى المقاتلون في كل من يقف على الجهة المقابلة «عدواً ومجرماً وخائناً ومعتدياً يستحق عقوبة الموت»، مدنياً كان أم حاملاً للسلاح. إنها الحرب إذاً. وحتى مساء أمس، سجّلت القوى الأمنية مقتل 62 شخصاً، سقط معظمهم في ساحات المعارك، ومنهم مدنيون عبروا الطريق الخطأ في الوقت الخطأ، ومنهم من أطل برأسه ليرى ما يحدث في حيّه، فيما قُتِل بعضهم برصاص الابتهاج. بين القتلى، شبان قيل إن جثثهم جرى التمثيل بها وقُطعت أجزاء منها بعد الموت، أو قبله. يجري الحديث عن جثة سُحِلَت في شوارع قرية لبنانية حتى تقطعت أوصالها، كما أوصال السلطات الرسمية التي لم تفتح بعد تحقيقاً في معظم جرائم القتل، باستثناء بعض الجثث التي كشف أطباء شرعيون عليها. التقارير الطبية أظهرت في إحدى هذه الحالات أن شاباً أوقفته مجموعة مسلحة، كان قد أجلِسَ على الأرض راكعاً على ركبتيه. وقد ألصِقَت فوهة السلاح برأسه ثم أطلقت عليه رصاصة قاتلة. الشاب ذاته مطعون بآلة حادة. وفي باطن الذراع الأيسر، عملت يد تحمل آلة حادة على إزالة قطعة من جلده، وبعمق يصل إلى أكثر من سنتيمتر، راسمة حفرة مستطيلة في اللحم. قطعة اللحم المزالة من جسد القتيل لم تُسَلّم مع جثته. ويبدو أن مقاتلاً من المجموعة التي كانت تحتجز القتيل قد احتفظ بها، أو أنها قد سقطت في مكان ما خلال نقل الجثة. وبالطبع، لا أحد يستطيع أن يفسّر سبب قتل شخص راكع بإطلاق النار من سلاح ألصقت فوهته برأسه، ولا يمكن أحداً أن يشرح ماذا يريد مقاتل أن يفعل بقطعة لحم بشرية في حوزته. ولا يمكن أحداً أن يعطي جواباً شافياً عن سبب قطع عضو بشري من مكانه، بآلة حادة. أهل القتيل يقولون إن القطعة المزالة من مكانها كانت تحمل وشماً.
إنها الحرب إذاً، وما كان يُحكى عن مقاتلين، شاركوا في الحرب الأهلية السابقة (1975ـــ1990)، أنهم كانوا يجمعون أعضاء بشرية ليحتفظوا بها بات «حقيقة» معيشة.
إنها الحرب إذاً. وبها يُصنَع مجرمون لا يمكن معاقبتهم، هذا إن بقيت سلطة قادرة على العقاب. ففي سوابق لبنان، أن كل جريمة تُرتَكَب بقرار سياسي، يمكن إصدار قانون للعفو عن مرتكبيها. وبين منازلنا، وعلى الطرق التي نسير عليها، سنبقى ندوس على قطع اللحم والأعضاء البشرية، وسيعيش بين ظهرانينا قتَلة جمعوا تذكارات من جثث أبناء جلدتهم.