نحن ام انتم يامن اهنتم رسولنا صلوات الله وسلامه عليه وعلى اله
النبي يبول واقفا
1 - روى البخاري ومسلم عن حذيفة قال : أتى النبي ( صلى الله عليه وآله ) سباطة قوم خلف حائط فبال قائما ( 2 )
2 - ورويا أيضا عن أبي وائل قال : كان أبو موسى الأشعري يشدد في البول ويقول : إن بني إسرائيل كان إذا أصاب ثوب أحدهم قرضه فقال حذيفة : لوددت أن صاحبكم لا يشدد هذا التشديد ، فلقد رأيتني أنا ورسول الله ( صلى الله عليه وآله ) نتماشى ، فأتى سباطة ، خلف حائط فقام كما يقوم أحدكم فبال فانتبذت منه فأشار إلي فجئت فقمت عقبه حتى فرغ ( 3 )
مؤدى هاتين الروايتين اللتين رواهما البخاري ومسلم : أن رسول الله - حاشاه - هو مثل الأشخاص السذج الذين آنسوا السنن الجاهلية ، ولما يتعرفوا على التعاليم والآداب الإسلامية ، وإنه كمثل هؤلاء يقف على السباطة خلف الجدران ويبول وهو واقف ( قام رسول الله كما يقوم أحدكم فبال قائما ) ) .
اعتراف بقبح هذه التهمة : إننا في هذا البحث الموجز نغض النظر عن التحقيق والبحث العلمي حول هذه الفرية التي ألصقوها برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
* ( هامش ) *
( 1 ) صحيح مسلم 1 : 544 كتاب فضائل القرآن باب ( 33 ) باب الأمر بتعهد القرآن . . . ح 228 .
( 2 و 3 ) مفاد ما ورد في صحيح البخاري 1 : 66 كتاب الوضوء باب البول عند صاحبه والتستر بالحائط وباب البول قائما
وقاعدا وباب البول عند سباطة قوم ، و ج 3 : 177 كتاب المظالم باب الوقوف والبول عند سباطة قوم ،
صحيح مسلم 1 : 228 - 230 كتاب الطهارة باب ( 22 ) باب المسح على الخفين ح 73 - 80 . ( * )
ولا أريد أن أقول : إن النظافة مسألة فطرية وغريزية مودعة حتى في الحيوانات بحيث تشعر بها بشعورها الذاتي ، وأنها تسعى عند البول أن لا تتلوث به .
ولا أريد أن أقول : أن النظافة من البول مسألة بديهية يعرفها حتى أبو موسى الأشعري وكان يشدد فيها .
ولا أريد أن أقول : أن مسألة البول عند بني إسرائيل - كما حدثنا أبو موسى - كانت مهمة للغاية بحيث إنهم كانوا يقرضون ثيابهم إذا أصابها بول . إنا نغض النظر عن كل هذه المسائل لأن قبح المسألة بديهي ، حتى أن علماء العامة وشراح
الصحيحين أذعنوا لذلك ، واعترفوا بكون هذه المسألة ونسبتها إلى النبي هي إهانة واستخفاف بشأن النبوة ، ولذا عمدوا إلى توجيه وتأويل الأحاديث المذكورة ، وذكروا لها معاذير واهية التمسوا عذرا هو أقبح من الذنب . أعذار أقبح من الفعل :
قال شراح صحيحي مسلم والبخاري في تبريرهم لهذين الحديثين :
1 - إن العرب كانت تستشفي لوجع الصلب بالبول قائما ، فلعل كان به ( صلى الله عليه وآله ) وجع الظهر فتأسى بآداب الجاهلية فبال قائما .
2 - أنه بال قائما لعلة بمأبضه - أي باطن الركبة - بحيث تمنعه من الجلوس .
3 - أنه لم يجد مكانا للقعود فاضطر إلى القيام .
4 - البول قائما يحصن الإنسان من خروج الحدث من مخرج الغائط ، ولكن هذه الحصانة غير مأمونة عند الجلوس ، ولذا قال عمر : البول قائما أحصن للدبر ( 1 ) ، ولعل النبي بال قائما عملا بهذا الاحتمال .
5 - أنه ( صلى الله عليه وآله ) كان يبول قائما أحيانا لكي يبقى حكمه الجواز .
* ( هامش ) *
( 1 ) شرح صحيح مسلم 3 : 166 . ( * )
ذكر هذه التبريرات الركيكة شارحو صحيحي البخاري ومسلم كابن حجر في فتح الباري ( 1 ) ، والقسطلاني في إرشاد الساري ( 2 ) ، والنووي ( 3 ) في شرح صحيح مسلم نقلا عن الخطابي والبيهقي وغيرهما من أهل السنة . وأضاف السيوطي إلى هذه الوجوه وجوها أخرى ( 4 ) .
لم هذه التوجيهات ؟ هذه تبريرات مؤيدي البخاري ومسلم وتأويلهم لهاتين الروايتين ، وقد عرفت أيها القارئ الكريم هزال هذه التبريرات وخفتها ، إنها أعذار أقبح من الذنب ، وإنها لأشأم من نفس التهمة التي ألصقوها بالنبي ( صلى الله عليه وآله ) . وأعتقد أن قبول هذه الأحاديث ثم تبريرها وتأويلها بتأويلات فارغة المعنى وسخيفة لم تكن إلا لعلتين وسببين :
1 - الجهل بمقام النبوة .
2 - الاعتقاد الأعمى بصحة كل حديث أورده البخاري ومسلم في صحيحيهما وكما يروي السيوطي : إن البول قياما صار عادة اعتاد عليها المسلمون من العامة في مدينة هرات وإحياء لهذه السنة المبتدعة ، وعدم مخالفتهم لما جاء في صحيح البخاري ومسلم ، تراهم أنهم يستنون بهذه السنة فكانوا يبولون عن قيام حتى ولو مرة واحدة في كل عام ( 5 ) .
ونقل لي أحد العلماء المعاصرين : إن بعض المسلمين من أهل السنة في العراق اليوم ، يبولون قياما تأسيا بهذه الأحاديث الموضوعة .
* ( هامش ) *
( 1 ) فتح الباري 1 : 261 - 262 .
( 2 ) إرشاد الساري 1 : 293 .
( 3 ) شرح صحيح مسلم للنووي 3 : 165 - 166 .
( 4 و 5 ) شرح سنن النسائي 1 : 19 - 26 . ( * )
دحض هذه الأباطيل : فلو كان لهؤلاء أدنى معرفة بالنبوة والرسالة ، ولو أنهم فرغوا عقولهم من السذاجة والتعصب المفرط ، وحسن ظنهم الشديد وتعلقهم بالصحيحين ، وتأملوا قليلا فيهما لعرفوا أن هذا الموضوع الذي لفقوه على النبي ( صلى الله
عليه وآله ) ليس فقط لا يتلاءم ومقام النبوة فحسب ، بل إنه يشين بأي فرد من الأفراد ممن له معرفة سطحية بالمعارف
الدينية أو يكون محترما عند نفسه . وإننا نرفض جميع هذه الروايات الملفقة على النبي ( صلى الله عليه وآله ) ولا نقول
بصحتها أبدا - كما يعتقد بأن الحديث الصحيح هو كل ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما - بل نأخذ بالأحاديث الصحيحة التي تروي لنا : كنت مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) في سفر فأتى النبي حاجته فأبعد في المذهب ( 1 ) ، وأنه كان يرتاد لبوله مكانا كما يرتاد منزلا ( 2 ) .
وإننا نقبل الأحاديث التي تقول : مر النبي ( صلى الله عليه وآله ) على قبرين فقال : إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير . ثم قال : بلى أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة ، وأما أحدهما فكان لا يستتر من بوله ( 3 ) .
دواعي وضع هذه الأحاديث : يبدو أن هناك بين أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله ) من ترسخت فيه عادات الجاهلية مثل البول قياما فهو لا يستطيع ترك هذه العادة السافلة ، وحتى لا يكون مشجوبا عند الناس ، ولا
* ( هامش ) *
( 1 ) سنن الترمذي 1 : 31 كتاب الطهارة باب ( 16 ) باب ما جاء أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان إذا أراد الحاجة أبعد في المذهب ح 20 وسنن النسائي 1 : 18 كتاب الطهارة باب الأبعاد عند إرادة الحاجة .
( 2 ) سنن الترمذي نفس المصدر .
( 3 ) صحيح البخاري 2 : 124 كتاب الجنائز باب عذاب القبر من الغيبة والبول ،
صحيح مسلم 1 : 240 كتاب الطهارة باب ( 34 ) باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه ح 111 ،
سنن أبي داود 1 : 6 كتاب الطهارة باب الاستبراء من البول ح 20 .
سنن النسائي 1 : 28 كتاب الطهارة باب التنزه عن البول . ( * )
يحط شأنه وشخصيته في الأنظار ، فلذا تراه يختلق مثل هذه السخافات ، ويتهم فيها رسول الله بالبول قائما لكي تمكنه ممارسة هذا العمل القبيح ويقلل من قبح عادته المخزية . وتتجلى لك حقيقة قولنا إذا راجعت وتمعنت في الروايات المروية في كتب العامة المعتبرة .
أخرج ابن ماجة في سننه : وكان من شأن العرب البول قائما ( 1 ) .
وخرج مالك في الموطأ عن عبد الله بن دينار قال : رأيت عبد الله بن عمر يبول قائما ( 2 ) .
وحول تبول الخليفة عمر قائما ورد حديثان :
1 - عن ابن عمر ، عن عمر قال : رآني النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأنا أبول قائما . فقال : يا عمر لا تبل قائما ، فما بلت قائما بعده ( 3 ) .
2 - وعن ابن عمر قال عمر : ما بلت قائما مذ أسلمت ( 4 ) .
ونجد أن الراوي الوحيد الذي حدث وروى حديثا في البول قائما هو عمر بن الخطاب . الذي روى حديثا وبين فيه الحكمة والفلسفة للبول في حال القيام فقال : البول قائما أحفظ للدبر ( 5 ) .
وعلى أي حال فإن كلام عبد الله بن دينار في ابن عمر وكذا نفي موضوع التبول في حالة القيام عن الخليفة عمر بن الخطاب ونسبته إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلسفة عمر في هذا ، الموضوع ، كل ذلك يدلنا على أن بين هذه الموارد المذكورة علاقة وثيقة .
* ( هامش ) *
( 1 ) سنن ابن ماجة 1 : 112 ، كتاب الطهارة باب ( 14 ) باب في البول قاعدا ذيل ح 309 .
( 2 ) موطأ مالك 1 : 65 كتاب الطهارة باب ( 31 ) باب ما جاء في البول قائما وغيره ح 112 .
( 3 ) سنن الترمذي 1 : 17 كتاب الطهارة باب ( 8 ) باب ما جاء في النهي عن البول قائما ح 12 ،
وسنن ابن ماجة 1 : 112 كتاب الطهارة باب ( 14 ) باب في البول قاعدا ح 308 .
( 4 ) سنن الترمذي 1 : 18 كتاب الطهارة باب ( 8 ) باب ما جاء في النهي عن البول قائما ح 12 .
( 5 ) فتح الباري 1 : 262 ، إرشاد الساري 1 : 277 وشرح صحيح مسلم 3 : 165 . ( * )
والجدير بالذكر أن هذه المسألة قد طرحت بعد وفاة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وفي حياة عائشة ، وقد دار النقاش حوله فبعض نفى نسبتها إلى الرسول ، والآخر أثبته ، وأما عائشة فقد التزمت بالدفاع عن الرسول وقامت تفند وتستنكر هذه الأحاديث وتقول : من حدثكم أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان يبول قائما فلا تصدقوه ، ما كان يبول إلا قاعدا ( 1 ) .
وقال الترمذي بعد تخريجه لهذا الحديث : حديث عائشة أحسن شئ في الباب وأصح ( 2 ) . ومن الذين صادق على صحة رواية عائشة وأكدها ابن حجر العسقلاني في شرحه على صحيح البخاري ( 3 ) .
* ( هامش ) *
( 1 ) سنن الترمذي 1 : 17 كتاب الطهارة باب ( 8 ) باب ما جاء في النهي عن البول قائما ح 12 ،
سنن ابن ماجة 1 : 112 كتاب الطهارة باب ( 14 ) باب في البول قاعدا ح 307 ،
سنن النسائي 1 : 26 كتاب الطهارة باب البول في البيت جالسا .
( 2 ) سنن الترمذي 1 : 17 كتاب الطهارة ذيل حديث 12 .
( 3 ) فتح الباري 1 : 261 . ( * )
فبعد كل هذا لماذا الغضب على الدنماركيين وانتم المحسوبين على المسلمين قد اهنتم رسولنا قبل ذلك
فلا بارك الله بامة اهانت رسولها والله ما كان فعل الدنماركيين الا تكملة لما فعلتم