عندما رأى الرسول الرحمة هابطة
روى الحاكم في كتابه "المستدرك على الصحيحين في الحديث" عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب أنّه قال: لما نظر رسول الله (ص) إلى الرحمة هابطة قال: "أُدعوا لي، أُدعوا لي"، فقالت صفيّة: من يا رسول الله؟ قال: "أهل بيتي عليّاً وفاطمة والحسن والحسين"، فجيء بهم فألقى عليهم النبي (ص) كساءه ثمّ رفع يديه ثمّ قال: "اللّهمّ هؤلاء آلي فصلّ على محمّد وآل محمد" وأنزل الله عزّ وجلّ: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً )(الأحزاب/33)(1).
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد(2).
أ ـ في حديث عائشة:
روى مسلم في صحيحه والحاكم في مستدركه والبيهقي في سننه الكبرى وكلّ من الطبري وابن كثير والسيوطي في تفسير الآية بتفاسيرهم واللفظ للأوّل عن عائشة قالت:
خرج رسول الله غداة وعليه مرط مُرحّل من شعر أسود، فجاء الحسن بن عليّ فأدخله، ثمّ جاء الحسين فدخل معه، ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها، ثمّ جاء علي فأدخله، ثمّ قال: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ
الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(1)(2).
ب ـ في حديث أم سلمة:
روى كلّ من الطبري والقرطبي في تفسير الآية بتفسيره عن أمّ سلمة قالت:
لمّا نزلتوفي حديث آخر عنها قالت: وغطّى عليهم عباءة...(1).
رواه السيوطي في تفسيره وأشار إليه ابن كثير كذلك.
كيفية جلوس أهل البيت تحت الكساء
أ ـ في حديث عمر بن أبي سلمة:
روى كلّ من الطبري وابن كثير في تفسيريهما والترمذي في صحيحه والطحاوي في مشكل الآثار، واللفظ للأوّل عن عمر بن أبي سلمة، قال:
نزلت هذه الآية على رسول الله (ص) في بيت أمّ سلمة: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ ...) فدعا حسناً وحسيناً وفاطمة فأجلسهم بين يديه ودعا عليّاً فأجلسه خلفه فتجلّل هو وهم بالكساء ثمّ قال: "هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً"(2)(3)
.هذه الآية (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ ...) دعا رسول الله علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فجلّل عليهم كساءً خيبرياً ...(3)(4).
وفي رواية ابن عساكر بعده: قالت أمّ سلمة: اجعلني معهم، قال رسول الله (ص): "أنتِ بمكانك وأنتِ على خير".
ب ـ في حديث واثلة بن الأسقع(1)(2) وأمّ سلمة(3):
أجلس عليّاً وفاطمة بين يديه والحسن والحسين كلّ واحد منهما على فخذه أو في حجره.
كما رواه عن واثلة الحاكم في مستدركه وقال: صحيح على شرط الشيخين، والهيثمي في مجمع الزوائد.
المصادر
1-
وعبد الله بن جعفر ذي الجناحين بن أبي طالب، وأمه أسماء بنت عميس الخثعمية، ولد في الحبشة وأدرك النبي، توفى بعد الثمانين من الهجرة. ترجمته بأُسد الغابة 3 : 33.
والحاكم هو إمام المحدّثين أبو عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوري (ت:405).
والحاكم أعلى رتبة للمحدّثين عند علماء السنة، فأوّل رتبة عندهم: المحدّث، ثمّ الحافظ، ثمّ الحجة، ثمّ الحاكم. راجع المختصر في علم رجال الأثر : 71.
2- مستدرك الحاكم على الصحيحين 3 : 147-148.
1- رواة حديث أمّ المؤمنين عائشة:
رواه مسلم في صحيحه، باب فضائل أهل بيت النبي (ص) 7 : 130; والحاكم في مستدركه على الصحيحين 3 : 147; والبيهقي في السنن الكبرى، باب بيان أهل بيته والذين هم آله 2 : 149; وفي تفسير الآية بتفسير الطبري، جامع البيان 22 : 5; وتفسير ابن كثير 3 : 485; وجامع الأصول 10 : 101-102; وتيسير الوصول 3 : 297; وتفسير السيوطي، الدرّ المنثور 5 : 198و199.
2- عائشة بنت أبي بكر، بنى بها الرسول بعد ثمانية عشر شهراً من هجرته إلى المدينة، وتوفيت في السابعة أو الثامنة أو التاسعة والخمسين من الهجرة، وصلّى عليها أبو هريرة، ودفنت بالبقيع. راجع أحاديث عائشة.
3- رواه أبو سعيد عن أمّ سلمة، كما في تفسير الآية في تفسير الطبري 22 : 6.
4- أمّ سلمة هند إبنة أبي أُمية القرشي المخزومي، تزوجها رسول الله (صلى الله عليه وآله)بعد وفاة زوجها الأول أبو سلمة بن عبد الأسد على أثر جراح أصيب به في أُحد، توفيت بعد شهادة الحسين (عليه السلام) سنة ستين. ترجمتها بأُسد الغابة وتقريب التهذيب.