عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية نسايم
نسايم
شيعي حسيني
رقم العضوية : 18676
الإنتساب : Apr 2008
المشاركات : 7,218
بمعدل : 1.17 يوميا

نسايم غير متصل

 عرض البوم صور نسايم

  مشاركة رقم : 56  
كاتب الموضوع : نسايم المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 20-03-2009 الساعة : 09:12 PM





تأخرت أمي في المستشفى ... كان براسي كلام ودي أقوله لها وكنت أنتظرها من ساعات ...

اتصلت عليها بالجوال بس الظاهر كانت مشغولة كثير او الجوال ما هو بمعها ...




لما جت الساعة 6 المغرب جيت أباطلع أشتغل في عشة الحمام شوي ... و شفت جدتي جاية تسرع صوب الباب ...


-خير وش صاير ؟؟؟


سألتها بقلق ، و ردت بفزع و لهفة :



- أمك تعبت في المستشفى ... باروح لها




لما وصلنا ... كانت أمي على السرير فاقدة الوعي ، و كانوا على وشك أنهم ياخذوها لغرفة الأشعة ...

كلمتها ما ردت علي ...



بسرعة اخذوها و ظليت مع جدتي و جدي و الدكتورة سلمى صديقتها بالغرفة ...


أنا حاولت أسأل الدكتورة إذا تعرف أي شي ، لكنها طلعت بسرعة و ما ادري وين راحت ...




بعد أقل من ساعة ... رجعت الممرضة بأمي على السرير و معها الدكتورة سلمى ... و أمي بعدها فاقدة الوعي ...


سألت جدتي بفزع :

- وش فيها ؟



جاوبت الدكتورة سلمى و هي تهز راسها بمرارة :

- نزيف داخل الراس ....


........................



هذه المرة احتاجت قمر عملية مستعجلة ... في الرأس ...


طبعا أنا شلت يدي من الموضوع كطبيبة و ظليت معها كصديقة و وحدة من الأهل ...

كنت أتابع كل شي ... كل صغيرة و كبيرة ... أول بأول ...



الأشعة وضحت أنه كان عندها نزيف بسيط من أيام تخثر و ما أحد انتبه له
أما النزيف الجديد هذا ... كان ... شديد ...




نفس المكان اللي صابته نفس الحالة قبل 14 سنة ...




كانت بآخر الأيام تشتكي من صداع رهيب ... كيف ما فكرت أنه ممكن يكون شيء خطير ... ؟

انا ألوم نفسي أني ما انتبهت ...


بس كان ذاك من زمن ... و انتهى ... يا ليته كان انتهى ... يا ليت ...



قمر... بعد العملية المستعجلة ظلت بالمستشفى أيام ... فاقدة الوعي تماما ... و أسابيع ... مشلولة عن الحركة ...



كنت أول ما أجي المستشفى أمر عليها ... و آخر الدوام أمر قبل ما أطلع ... و في أوقات الزيارة ... كنت أحاول أتحاشى التواجد ... ما أقدر أشوف أهلها و أسمع أسئلتهم ... ما أقدر ...



في البداية ... كان كل اللي يطلع منها أنات و تأوهات ... بعدين بدت تحرك شفايفها و لسانها بصعوبة ...

و أول كلمة نطقت بها و هي لسة في حالة اللا وعي : ( عسل ) ...



مرة من المرات ... و أنا كنت عندها وعت شوي ... فتحت عينها و حركتهم يمين و شمال ... مسكت بيدها و ناديت بلهفة :

- قمر ... تسمعيني ؟


ما جاوبت علي ... شديت على يدها أبيها تحس فيني ... كلمتها ... بكيت غصبا علي ... و أنا أردد

- تشجعي يا قمر ... ارجعي لنا ... أرجوك ...


كأني سمعتها تقول ( عسل ) ... طالعت بعينها ... أكيد قصدها تسأل عن سلطان ؟


سلطان ... ما أعرف أخباره ... بعد وفاة بنته الوحيدة ... ما أدري وش صار فيه ... يا ليته مات بدالها ...

يا ليته طايح بالفراش بدل قمر ...

يا ليته غرق من سنين بدل بسام ...



رديت ... و أنا بس أبي أشجعها و أشوف تتجاوب معي أو لا :


- سلطان ؟ سلطان بخير و يسأل عنك ...


أهي حقيقة أو تهيؤ ... مو متأكدة ... بس كأني شفت الراحة بعينها ... غمضت ثواني و ردت فتحت تطالع فيني ...

كأنها تقول ( طمنتيني )... بعدها غمضت مرة ثانية ...


.............................
ماتت بنت أخوي .. الوحيدة .... المدللة الدلوعة ... بهجة قلوبنا كلنا ... نشوة البيت و العيلة كلها ...

ماتت ... و ما تركت بعدها الا سواد في سواد




شهرين مروا من يوم وفاتها ... و صورتها الأخيرة ... و هي جثة بلا روح ... بحضن أبوها و هو يصرخ
( ردي علي ) ... صورة للحظة ذي ... و لآخر لحظة بعمري ... ما نسيتها و لا بانساها ....



أتذكرها كأنها صارت البارح ... قبل شوي ... قاعدة تصير قدامي الحين ...


و أتذكر ... قبل سنة ... لما كنت أشاهد أروع صورة ... لأخوي و بنته ... و احنا بمكتبه بالشركة ...

و هو شايلنها على ذراعه و حاضننها ...و هي تضحك بمرح و حيوية ... و النافذة مفتوحة من وراهم ...

و البدر مكتمل ... و النسيم يلعب في شعر البنت الحريري ...


يومها أتذكر أني تمنيت لو كانت عندي كاميرا أصور بها هذه الروعة ...

ما كنت أدري ... أنها بتظل ببالي كآخر و أروع صورة لهم ... محفورة و محفوظة دون الحاجة لأي كاميرا ....

معلقة بالضبط .. جنب صورتها و هي ميتة بحضن أبوها ... في المشهد الأخير ...


ياليت ربي ... أعماني قبل ذاك اليوم ...



شهرين ... و أحنا كلنا نموت كل يوم و كل لحظة .... بعد هبة ... حلت علينا الغيمة السوداء المظلمة ...

اللي ما قدرت أي رياح و أعاصير .... تبعدها عنا لوقت طويل ....


بعد هالشهرين ... توني بس ... قررت أطلع من البيت ... و كان أول مشوار بغيته ... هو المستشفى ...
قمر ...


...........................


أمي تحسنت تحسن بسيط ... الحين صارت واعية بس ما تتكلم و لا تتحرك ... لا جيت عندها تبتسم لي ...


أنا أدعو ربي كل ساعة أنها تقوم بالسلامة و تتعافى و ترجع لي ... أنا ما لي بالدنيا غيرها ...

حتى لو بتتزوج مو مهم ... بس خلها ترد زي أول و أي شي ثاني مو مهم ...



اليوم شكلها أحسن ... كنت جالس جنبها على السرير و حاط راسي بحضنها و إيدي بإيدها ... كأني أحس بإيدها تحاول تشد على إيدي ... بس ما تقدر ...


الطبيب يقول أنها رح تتحسن بس ببطء ...


سمعت طرقات على الباب و بعدها انفتح و دخلت وحدة ... الظاهر أنها من صديقات أمي جاية تزورها ...


أمي طالعت بالزايرة و كأنها تفاجأت ...


- السلام عليكم


قالت الزايرة ، رديت السلام و أنا أعدل من جلستي على سرير أمي ...


طالعت المرة فيني و قالت :




- أنت بدر ... ؟

- نعم



و بعدين جت قربت من أمي و مدت يدها لها ... طبعا أمي ما حركت يدها ... و جت الزايرة و مسكت يد أمي تصافحها و قبلت جبينها ...

-كيف حالك يا قمر ؟ إن شاء الله أفضل الحين ؟

أنا رديت :

- الحمد لله . هي أحسن .


أمي كانت تطالع بالزايرة بنظرة غريبة ... ما فهمتها ... كأنها تبي تقول لها شي ؟


-حمد الله على السلامة يا قمر ... جيت متأخرة لكن ... تعرفي الظروف ...



تعابير وجه أمي تغيرت ... ما أدري وش بغت تقول ؟

سألتني الزايرة كم سؤال ... تطمن فيه على أحوال أمي و أهلي ...


و بعدها قالت كم كلمة تشجيع و دعاء بالشفاء لأمي ... و صافحتها مرة ثانية ... و راحت تطلع ...

أمي ظلت تشيعها بنظراتها كأنها تبيها ترجع ... ناديت أمي أبي أسألها تبي شي ؟


أمي فجأة نطقت :

- سلطان



الزايرة وقفت و التفتت صوب أمي على طول ...

طالعت بأمي ... و شفت بريق الدموع بعينها ... و قالت :

- بخير ... الحمد لله ...

و هزت راسها تأكد كلامها ... و بعدها طلعت من الغرفة ...


أنا بقيت أناظر في أمي ... مندهش ... و ما عندي تعليق مناسب ...

عين أمي ملأتها الدموع ... رحت أمسح فيها و أنا أكرر

- يمه أرجوك لا تبكي ...


أكررها و أنا اللي كنت أبكي على أمي ...

و أحس أنني أنا ... نعم أنا السبب ... في أن أمي مرضت لذي الدرجة ...




توقيع : نسايم

يا باب الحوائــج حاجتي يمكــ
عليك اقسم بضلع الطاهرة امــكـ


إلهي أسئلك العفو والعافية

عافية الدنيا والأخرة
من مواضيع : نسايم 0 رائحة القهوة
0 فلكي يصف إمكانية رؤية قمرين بـ«كذبة أغسطس»
0 سحابة «سـوداء» أخفت برج سـاعة مكـة
0 بالورد والياسمين نرحب بالأخ العزيز الرادود علي حامد الكاظمي
0 الشاعر واثق العيساوي والملا باسم الكربلائي في قصيدة ماجينه
رد مع اقتباس