|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 429
|
الإنتساب : Oct 2006
|
المشاركات : 12,843
|
بمعدل : 1.91 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
Dr.Zahra
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 08-11-2007 الساعة : 09:07 PM
مَوْلاه"( الاحتجاج، المجلد الثاني، احتجاجات الإمام الحسن العسكري عليه السلام ص
458 ). وإذا كنت ورقة على غصن الولاية والرسالة، ولا تميل إلى الدنيا، ولا تحب التقرب
إلى السلاطين والأشراف، ولا تنفر من مجالسة الفقراء، فإن اسمك يطابق مسماه، وأنك من
الحجج الإِلهية بين الناس، وإلاّ فإنك من علماء السوء، وفي زمرة المنافقين، وحالك أسوأ من
الطوائف التي ذكرناها، وعملك أقبح، ويومك أشد سواداً، لأن الحجة على العلماء أتم.
[191] وأنت يا من تدّعي امتلاك الحكمة الإِلهية، والعلم بحقائق المبدأ والمعاد، إذا كنتَ
عالماً بالحقائق في الأسباب والمسببات، وإذا كنت حقاً عالماً بالصور البرزخية وأحوال الجنة
والنار، فلا بُدّ أن لا يقر لك قرار، وعليك أن تصرف كل وقتك في إعمار عالم البقاء، وأن
تهرب من هذه الدنيا ومغرياتها، فأنت عالم بما هنالك من مصائب وظلام وعذاب لا يطاق.
إذاً، لماذا لا تتقدم ولو خطوة واحدة خارج حجب الكلمات والألفاظ والمفاهيم، ولم تؤثر
في قلبك البراهين الفلسفية قدر جناح ذبابة؟ إذاً، أنت خارج عن زمرة المؤمنين والحكماء،
ومحشور في زمرة المنافقين، وويل للذي يقضي عمره وسعيه في علوم ما وراء الطبيعة، دون
أن يسمح له انتشاؤه بخمر الطبيعة ولو بدخول حقيقة واحدة إلى قلبه. وأنت يا من تدعي
المعرفة والانجذاب والسلوك والمحبة والفناء، إذا كنت حقاً من أهل الله ومن أصحاب
القلوب، ومن ذوي السابقة الحسنة، فهنيئاً لك. ولكن كل هذه الشطحات وهذا التلون
وتلك الادعاءات اللامسؤولة التي تكشف عن حب الذات ووسوسة الشيطان، تتعارض مع
المحبة والانجذاب"إنَّ أَوْلِيَائِي تَحْتَ قِبَابِي لاَ يَعْرِفُهُمْ غَيْرِي"( إحياء العلوم، المجلد الرابع، ص
256 ) . فأنت إذا كنت من أولياء الله المنجذبين إليه ومحبيه، فإن الله يعلم بذلك، فلا تظهر
للناس مدى مقامك ومنزلتك بهذه الصورة، ولا تسعَ لتـلفت قلوب عباد الله الضعيفة من
وجهة خالقها إلى وجهة المخلوق ولا تغتصب بيت الله. وأعلم أن عباد الله أعزاء وقلوبهم
ثمينة ويجب إن تشتغل في محبة الله، فلا تتلاعب إلـى هذا الحـد ببيت الله ولا تتعرض
لحرماته"فَإنَّ لِـلْبَيْتِ رَبّـاً"فإذا لم تكن صادقاً في دعاواك، فأنت في زمرة أهل النفاق ومن
ذوي الوجهين. لنكتف بهذا القدر هنا، إذ ليس الإسهاب في هذا الموضوع مما يجدر بي وأنا
ذو الوجه المظلم!. يا أيتها النفس اللئيمة التي تتظاهرين بالتفكير للخروج من الأيام المظلمة
والنجاة من هذه التعاسة. إذا كنت صادقة، وقلبك يواكب لسانك، وسرّك يطابق علنك،
فلماذا أنتِ غافلة إلى ه ذا الحد؟ ولماذا يسيطر عليكِ القلب المظلم [192] والشهوات
النفسانية وتتغلب عليكِ، دون أن تفكري في رحلة الموت المليئة بالمخاطر؟ لقد تصرّم عمرك
دون أن تبتعد عن أهوائك ورغباتك. لقد أمضيت عمراً منغمساً في الشهوة والغفلة والشقاء
وسيحلّ الأجل قريباً، وأنت ما زلت تمارس أعمالك وأخلاقك القبيحة. فأنت نفسك واعظ
وغير متعظ، ومن زمرة المنافقين وذوي الوجهين. ولئن بقيت على هذا الحال فستحشر
بوجهين ولسانين من نار ... اللهم أيقضنا من هذه الرقدة المديدة، وصَـحِّنا من السُـكْر
والغفلة! وأنر قلوبنا بنور الإِيمان! وأرحم حالنا! إننا لسنا من رجال هذا الميدان. فـمُدَّ
إلـينا يدك وأعـنّا على النجاة من مخالب الشيطان وأهواء النفس، بحق أوليائك محمد وآله
الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين. [193] الحــديــث العــاشر "إتبـــاع
الـهــوى وطول الأمل" [194] بالإسناد المتّـصلة إلى رئيس المحدِّثين م حمّد بن
يعقوب - رضوان الله عليه - عن الحسين بن محمّـد، عن معـلّى بن محمّـد، عن
الوشّـاء، عن عاصِـمِ بن حُمَـيْد، عَنْ أبي حَمْـزَةَ، عَنْ يَحْـيى بْنِ عَـقيل قالَ:
قال أمير المؤمنين - عليه السّلام -:"إِنَّـما أخَـافُ عَـلَيْكُمُ اثـْنَـتَيْنِ: اتِّبَاع الهَوى
وَطُـولَ الأمَـلِ، أمّـا إتِّباعُ الهَـوى فَـإِنَّـهُ يَصُدُّ عَنِ الحَـقِّ وَأمّـا طُـولُ
الأَمَـِل فَإِنَّـهُ يِـِـْنسِي الآخرة"( أصول الكافي،المجلد الثاني، الإيمان والكفر، باب إتباع
الهوى، ح 3. ). {195} الشرح: "الهوى"في اللغة"حب الشيء"و"اشتهاؤه"من دون
فرق في أن يكون المتعلقة أمراً حسناً ممدوحاً، أو قبيحاً مذموماً. أو أن النفس بمقتضى الطبيعة
تميل إلى الشهوات الباطلة والأهواء النفسية، لولا العقل والشرع اللذان يكبحانها( يبدو هنا
سقط في الكلام ( في نسخة الأصل ) ). أما احتمال الحقيقة الشرعية - كما يقول بعض
المحققين - فمستبعد. أما"الصدّ"عن الشيء فمعناه المنع والإعراض والانصراف عنه. وهي
معان تناسب الكلمة، إلاّ أن المعنى المقصود هنا هو المنع والانصراف عن الشيء، إذ أن الصدّ
بمعنى الإعراض يكون لازما لا متعديا. وسوف نحاول، إن شاء الله، من خلال مقامين اثنين
أن نوضح فساد هاتين الصفتين، وكيف تقوم الأولى بالمنع عن الحق. وتقوم الثانية بنسيان
الآخرة. طالبين من الله التوفيق. المقام الأول في ذم إتباع هوى النفس و فيه فصول
فصــــل في بيـان أن الإنسـان عند ولادته يكون حيوانـا بالفعـل اعلم أن
النفس الإنسانية، على الرغم من كونها - في معنى من المعاني الخارجة عن نطاق بحثنا -
مفطورة على التوحيد، بل هي مفطورة على جميع {196} العقائد الحقـة. ولكنها منذ
ولادتها وخروجها إلى هذا العالم تنمو معها الميول النفسية والشهوات الحيوانية، إلاّ من أيّده
الله وكان له حافظ قدسي. ولما كان هذا ال استثناء من النوادر فإنه لا يدخل في حسابنا،
لأننا نتناول نوع الإنسان عموما. لقد ثبت في محلّه بالبراهين أن الإنسان منذ أول ظهوره،
وبعد مروره بمراحل عدّة، لا يعدو أن يكون حيواناً ضعيفاً لا يمتاز عن سائر الحيوانات إلاّ
بقابلياته الإنسانية. وأن تلك القابليات ليست بمقياس إنسانيته الفعلية. فالإنسان حيوان
بالفعل عند دخوله هذا العالم، ولا معيار له سوى شريعة الحيوانات التي تديرها الشهوة
والغضب. ولكن لما كان أعجوبة الدهر هذا - الإنسان - ذات جامعة، أو قابلة على الجمع،
فإنه لكي يدبر هاتين القوتين، تجده يلتجأ إلى استعمال الصفات الشيطانية، مثل الكذب
والخديعة والنفاق والنميمة وسائر الصفات الشيطانية الأخرى. وهو بهذه القوى الثلاث -
الشهوة، الغضب، هوى النفس - التي هي أصل كل المفاسد المهلكة، يخطو نحو التقدم،
فتنمو فيه كذلك هذه القوى وتتـقدم وتتعاظم. وإذا لم تقع تحت تأثير مربّ أو معلم، فإنه
يصبح عند الرشد والبلوغ حيوانا عجيبا يفوز بقصب السبق في تلك الأمور المذكورة على
سائر الحيوانات والشياطين، ويكون أقوى وأكمل في مقام الحيوانية والصفات الشيطانية من
الجميع. وإذا ما استمرت حاله على هذا المنوال، ولم يتبع في هذه الشئون الثلاثة سوى أهوائه
النفسية، فلن يبرز فيه شيء من المعارف الإلهية والأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة، بل
تنطفئ فيه جميع الأنوار الفطرية. فتـقع جميع مراتب الحق التي لا تعدو هذه المقامات الثلاثة
التي ذكرناها - أي المعارف الإلهية، والأخلاق الفاضلة، والأعمال الصالحة - تحت أقدام
الأهواء النفسية. وعندئذ يصبح إتباع الأهواء النفسية والرغبات الحيوانية حائلاً دون أن
يتجلّى فيه الحق من خلال أية واحدة من تلك المراتب، ويطفئ ظلام النفس وأهوائها كل
أنوار العقل والإيمان، ولن تتاح له ولادة ثانية، أي الولادة الإنسانية، بل يمكث على تلك الح
ال ويكون ممنوعا ومصدودا عن الحق والحقيقة إلى أن يرحل عن هذا العالم. أن مثل هذا
الشخص إذا رحل عن هذا العالم بتلك الحالة، فلن يرى نفسه في ذلك العالم، عالم كشف
السرائر، إلاّ حيوانا أو شيطانا. لا تشمّ{197} منه رائحة الإنسان والإنسانية أبدا، فيبقى
في تلك الحال من الظلام والعذاب والخوف الذي لا ينتهي حتى يقضي الله أمرا كان
مفعولا. إذن هذه هي حال التبعية الكاملة لأهواء النفس والتي تُبعد الإنسان نهائيا عن الحق.
ومن هنا يمكن أن نعرف أن ميزان البعد عن الحق هو إتباع هوى النفس. ومسافة هذا البعد
تقدر أيضا بمقدار التبعية. فمثلا، لو أن هذا الإنسان، استطاع أن يجعل مملكة إنسانية هذا
الإنسان الذي اقترن منذ ولادته بالقوى الثلاثة وترعرعت وتكاملت تلك القوى أيضا مع نمو
الإنسان وتكامله، لو استطاع أن يجعل هذه المملكة متأثرة بتربية تعاليم الأنبياء والعلماء
والمرشدين لاستسلم شيئا فشي ئا لسلطة تربية الأنبياء والأولياء عليهم السلام، فقد لا يمضي
عليه وقت طويل حتى تصبح القوة الكاملة الإنسانية، التي أودعت فيه على أساس القابلية
فعلية تظهر للعيان، وترجع جميع شؤون مملكته وقواها إلى شأن الإنسانية بحيث يجعل شيطان
نفسه يؤمن على يديه كما قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم:"إنَّ شَيْطَانِي آمَنَ
بِيَدي"( ورد مثل هذا الحديث في كتاب غوالي اللئالي المجلد 4 ص97. وفي كتاب علم
اليقين، المجلد 1، ص282) فتستسلم حيوانيته لإنسانيته، حتى تصبح مطيّه مروّضه على
طريق عالم الكمال والرقي، وبراقا يرتاد السماء نحو الآخرة، ويمتـنع عن كل معاندة وتمرد.
وبعد أن تستسلم الشهوة والغضب إلى مقام العدل والشرع تنتشر العدالة في المملكة،
وتتشكل حكومة عادلة حقه يكون فيها العمل والسيادة للحق وللقوانين الحقة، بحيث لا
تتخذ فيها خطوة واحدة ضد الحق، وتكون خالية من كل باطل وجور. وعلي ه، فكما أن
ميزان منع الحق والصدّ عنها إتباع الهوى، فكذلك ميزان اجتذاب الحق وسيادته هو متابعة
الشرع والعقل. وبين هذين المقياسين وهما التبعية التامّة لهوى النفس والتبعـيّة التامة المطلقة
للعقل منازل غير متناهية، بحيث أن كل خطوة يخطوها في إتباع هوى النفس، يكون بالمقدار
نفسه قد منع الحق، وحجب الحقيقة، وابتعد عن أنوار الكمال الإنساني وأسرار وجوده.
وبعكس ذلك، كلما خطا خطوة مخالفة لهوى النفس ورغبتها، يكون بالمقدار نفسه قد أزاح
الحجاب وتجلّى نور الحق في المملكة. {198} فصـل فـي ذم إتباع الهـوى يقول الله
تعالى في ذم اتّباع النفس وأهوائها: {وَلاَ تَتَّبِعْ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}(ص/ 26 )
... {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ }(القصص/ 50 ). وجاء في الكافي
الشريف، بسنده عن الإمام الباقر عليه السلام قال:"قال رسول الله ص لّى الله عليه وآله
وسلم: يَقُولُ اللّهُ عَزَّ وجَـلَّ: وَعِزَّتِي وَجَلالِي وَعَـظَمَتِي وَكِبْرِيائِي وَنُورِي وَعُـلوّي
وَارْتِفَاعِ مَكَانِي لا يُؤْثِرُ عَبْدٌ هَواهُ على هَوايَ إلاّ شَتَّتُّ عَليهِ أَمْرُهُ وَلَبَّسْتُ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ
وَشَغَلْتُ قَلْبَهُ بِهَا وَلَمْ أوتِهِ مِنْها إلاّ ما قدَّرْتُ لَهُ وَعِزَّتِي وَجَلاَلِي وَعَظَمَتِي وَنُورِي وَعُلُوّي
وَارْتِفَاع مَكَانِي لا يُؤْثِرُ عَبْدٌ هَوايَ عَلَى هَواهُ إلاّ اسْـتَحْفَظَـتْهُ مَلائِكَتِي وَكَفَّـلْتُ
السَّـمَواتِ والأَرْضَينَ رِزْقَـةُ وَكُنْتُ لَهُ مِـْن وَرَاءِ تِجارةِ كُلِّ تَـاجِرٍ وَأتَـتْهُ الدُّنْـيَا
وَهِيَ راغِمَةٌ"( أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب اتباع الهوى، ح 2
). وهذا الحديث الشريف من محكمات الأحاديث التي يدل مضمونها على أنه ينبع من علم
الله تعالى الرائق ح تى وإن كان مطعوناً فيه بضعف السند، فنحن لسنا بصدد شرحه. وهناك
حديث آخر منقول عن الإمام علي عليه السلام قال فيه: "إنَّ أخْـوَفُ مَـا أَخَـاف
عَلَيْكُمُ اثْنَانِ إتِّـبَاعُ الهَوى، وَطُـولُ الأَمَـلِ"( نهج البلاغة، خطبة-42- (الشيخ
صبحي الصالح) ). وجاء في الكافي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: "احْذَرُوا
أهْوائكُمْ كَما تْحذَرُونَ أَعْدَاءَكُمْ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أعْدى لِلرِّجَالِ مِن إتّباعِ أهْوائِهمْ وَحَصَائِد
ألْسِنَتـهم"( أصول الكافي،المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب إتباع الهوى، ح1)
اعلم أيها العزيز، أن رغبات النفس وآمالها لا تنتهي ولا تصل إلى حد أو غاية. فإذا اتبعها
الإنسان ولو بخطوة واحدة، فسوف يضطر إلى أن يتبع تلك الخطوة {199} خطوات،
وإذا رضي بهوى واحد من أهوائها، اجبر على الرضى بالكثير منها. ولئن فتحت بابا واحدا
لهوى نفسك، فإنّ عليك أن تف تح أبوابا عديدة له. إنك بمتابعتك هوى واحداً من أهواء
النفس توقعها في عدد من المفاسد، ومن ثم سوف تبتلى بآلاف المهالك، حتى تنغلق - لا
سمح الله - جميع طرق الحق بوجهك في آخر لحظات حياتك، كما أخبر الله بذلك في نص
كتابه الكريم، وكان هذا هو أخشى ما يخشاه أمير المؤمنين وولي الأمر، والمولى، والمرشد
والكفيل للهداية والموجِّـه للعائلة البشرية عليه السلام. بل إن روح النبي صلّى الله عليه وآله
وسلم وأرواح الأئمة عليهم السلام تكون جميعا في قلق واضطراب لئلا تسقط أوراق شجرة
النبوة والولاية وتذوي. قال صلّى الله عليه وآله وسلم: "تَـناكحوا تَـنَاسـلوا فَـإنّي
أُبَـاهي بِكُمُ الأُمَـمَ وَلَـوْ بِالسِّـقْـطِ"("مستدرك وسائل الشيعة"كتاب النكاح -
الباب الأول من أبواب مقدمات النكاح -ح17. لا تجد في الحديث هنا كلمة (ولو
بالسقط). ورد في تفسير أبو الفتوح الرازي (سورة النور - آيه 32 )"ت َنَاكَحُوا تَكْثُرُوا
فَإِنِي أُباهي بِكُمُ الأمَمُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَوْ بِالْسقطِ") لا شك في أنه لو سار الإنسان في مثل
هذه الطريق المحفوفة المحفوفة بالمخاطر مما قد يلقي به إلى هوّة الفناء ويجعله موضع عقوق
أبيه الحقيقي، أي النبي الكريم صلّى الله عليه وآله وسلم، ويبحث عن نمط العظيم الذي
هو رحمة للعالمين. فما أشد تعاسته، وما أكثر المصائب والبلايا التي يخبئها له الغيب!. فإذا
كنت على صلة برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، وإذا كنت تحب أمير المؤمنين عليه
السلام وإذا كنت من محبي أولادهما الطاهرين، فاسْعَ لكي تزيل عن قلوبهم المباركة القلق
والاضطراب. لقد جاء في القرآن الكريم في سورة هود: {... فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ
مَعَكَ ...}(هود/ 112). وجاء في الحديث [200] الشريف أن النبي صلّى الله عليه وآله
وسلم قال:"شَـيَّـبَـتْـنِـي سُـورَةُ هُود لِمَكَانِ هذِهِ الآيـةِ"( تفسير مجمع البيان -
المجلد الخامس- ص 140) يقول الشيخ العارف الكامل الشاه آبادي - روحي فداه -"هذا،
على الرغم من أن هذه الآية قد جاءت في سورة الشورى أيضا، ولكن من دون {وَمَـنْ
تَـابَ مَـَعكَ} إلاّ أن النبي خصّ سورة هود بالذكر، والسبب أن الله تعالى طلب منه
استقامة الأمة أيضا، فكان يخشى أن لا يتحقق ذلك الطلب، وإلاّ فإنه بذاته كان أشدّ ما
يكون استقامة، بل لقد كان صلّى الله عليه وآله وسلم مثال العدل والاستقامة". إذاً، يا
أخي، إذا كنتَ تعرف أنك من أتباع النبي صلّى الله عليه وآله وسلم، وتريد أن تحقق هدفه،
فاعمل على أن لا تخجله بقبيح عملك وسوء فعلك. ألا ترى أنه إذا كان أحد من أولادك
والمقربين إليك يعمل القبيح وغير المناسب من الأعمال التي تتعارض وشأنك، فكم سيكون
ذلك مدعاة لخجلك من الناس وسبباً في طأطأة رأسك أمامهم؟ ولا بد أن تعلم أن رسول
الله صلّى الل ه عليه وآله وسلم، وعلي عليه السلام، هما أبوا هذه الأمة بنصّ ما قاله النبي
الكريم: "أنـا وَعَلِـيُّ أَبَـوا هذِهِ الأُمَّـة"( بحار الأنوار - ج 36 - ح 12 ص 11 ).
فلو أحضرنا في حضرة ربّ العالمين يوم الحساب وأمام نبينا وأئمتنا، ولم يكن في كتاب
أعمالنا سوى القبيح من الأعمال، فإن ذلك سوف يصعب عليهم ولسوف يشعرون بالخجل
في حضرة الله والملائكة والأنبياء. وهذا هو الظلم العظيم الذي نكون قد ارتكبناه بحقهم،
وإنها لمصيبة عظمى نبتلى بها، ولا نعلم ما الذي سيفعله الله بنا؟ فيا أيها الإنسان الظلوم
|
|
|
|
|