عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية حوزة البتول العلمية
حوزة البتول العلمية
عضو جديد
رقم العضوية : 50970
الإنتساب : May 2010
المشاركات : 13
بمعدل : 0.00 يوميا

حوزة البتول العلمية غير متصل

 عرض البوم صور حوزة البتول العلمية

  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : حوزة البتول العلمية المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 22-06-2010 الساعة : 10:04 AM


المفتاح الثالث
الإحتمال قبر العيوب أو المسالمة خباء العيوب
المعاني :
الاحتمال : من التحمل وهو تحمل الأذى والمشقة , وقيل من الحمل أي أحتملت صاحبك وحملت عنه , وقيل الصبر على الآخرين وقيل كل من أثم حمل أثماً
قال تعالى : " وليحملن أثقالهم "
القبر : مدفن الأنسان وجمعه قبور
قال الله تعالى : " ثم أماته فأقبره " وقيل هو حفرة ذات أبعاد محدوده ( مثوى الجسد ) وقيل ( مثوى الروح )
العيوب : من عاب الشيْ وهو النقص والتقليل منه , وقيل سلوك ينقص من أداب الأخرين سواء كان بالقول أو الفعل .
المسالمة : وهو السلم والموارعة وترك الجفاء والبعد والنكران .
خباء : فأما الخبء فمصدر خبأته أخبؤه أي أخفيه وأغطيه عن الغير .
التدبر :
أقتضت حكمة الله أن تكون حياة البشر على ظهر هذه الأرض مزيجاً من السعادة والشقاء , والترح واللذائذ و الآلآم , فيستحيل أن ترى فيها لذة غير مشوبه بألم , أو صحة لا يدركها سقيم , أو سرور لا ينقصه حزن أو راحة لا يخالطها تعب أو أجتماع لا يعقبه فراق , كل هذا ينافي طبيعة الحياة الدنيا , ودور الانسان فيها .
والذي بينه ربنا جل وعلآ بقوله : " إنا خلقنا الأنسان أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً "
ولهذا فإن خير ما تواجه به تقلبات الحياة ومصائب الدنيا ومن كلمات مزرية وجارحة أو حتى نابيه و سوقية فعليك بالصبر والأحتمال والمسألمة مع الأخرين حتى يعم الخير في المجتمع الاسلامي .
وقد أشار الأمام علي عليه السلام في حكمته إلى هذه الصفة التي يجب أن يتصف بها المؤمن الحليم القادر على ضبط نفسه أمام الأخرين الذين يبتزونه بكلمة لها مردود عكسي على نفسه أو حتى بحركة بسيطة لكن لها تأثير سلبي عليه سواء تعددت مصادرها من الجيران أو حتى السفهاء الحمقى أو حتى من أعز الأقرباء والأصدقاء لديه ، فأنها نعمة خصها الله عباده الصابرين المتقين المتحملين لعناء الحياء وأن يدفنها في داخله ، كما حدّث بها الإمام علي عليه السلام بأسلوب فني رائع ، وشبه فيها الصبر وتحمل الأذى من الآخرين بكل ما يصدر منهم من أقوال وأفعال ذات أساليب هابطة ومنحطة ويجمعها جميعاً في صندوق كالقبر ويغلقه حتى لا يجد فيه منفذ للعبور إليه .
وهذا من كمال الإيمان المؤمن ، والمراد بقبر العيوب أن صبر المؤمن لا حدود له ، وهو فضيلة تشّفع في بعض العيوب أو على الأقل تقدير تسترها أمام الآخرين وتتّحملها ومن تحمل الأذى خفيت عيوبه كأنما دفنت في قبر والقبر لا يفتح أبداً .
وهناك مجموعة من الأفراد لها القدرة على السيطرة على اللسان وحيث يقال لسانك حصانك إن صنته صانك وإن خنته خانك ، وأنّ الكثير من الصنف الآخر من الناس لا يستخدم اللسان للتعبير عن الآخرين وعيوبهم وإنما يستخدم أبسط الوسائل لديه وذلك من خلال رمشة عين أو غمزة لآخر أو حركة بسيطة باليد يشير بها إلى صديق أو أخ مرافق له ، ولكن توعد الله هؤلاء الأصناف أصحاب السلوك السيء والأسلوب الذميم بالوعيد والويل الشديد حيث يقول في محكم كتابه الكريم (( ويلاً لكل همزة لمزة )) .
والروايات أرادت أن تعالج هذه الفئة من الناس الذين يسيئون إلى الآخرين يالفعل دون القول ، وذلك من خلال إلفات انتباههم إلى السيطرة بقوة التحمل على الحركات التي تصدر منهم ، فإذا أراد أن يتحدث مع إنسان عن شخص آخر ، فلا يُبدى في حركاته ما يظهر به العيب في الطرف الآخر ، يقول الإمام علي عليه السلام (( الاحتمال قبر العيوب )) إذ يستطيع الإنسان أن يدفن عيوب الآخرين من خلال قوة الاحتمال والصبر ، وكما سيطر على لسانه عليه أن يسطير على حركاته ، فلا يبدي السوء بجوارحه ولا يغمز الطرف الآخر .
ولذا يجب على الإنسا أن يكون في منتهى الحذر في تعامله مع الآخرين ، فالناس أصناف مختلفين ، قد يمرون بظروف تؤدي بهم إلى تبديل شخصياتم ، فالحبيب قد يصبح عدواً والعكس بالعكس ، وأنت تخاف أن يخرج عليك في يوماً من الأيام من ينصب لك العدواة والبغضاء ويتهجم على خصوصياتك ، فيفشي عيوبك بين الناس ، ويظهر المستور إلى النور بعد أن كان منغمس في الظلام ، وقد تخسر أكثر حين يصّدق الناس فيك ما تتهم به ، فعليك الأمن من ذلك ، وذلك بمفتاح أمير المؤمنين عليه السلام حيث قال أن المسالمة والموادعة أي عدم معاداة الآخرين وترك الجفاء والبعد والنكران ، ومقاربة الناس كيفما ما كانوا على قاعدة المسالمة يؤدي إلى إستئمان الناس والتحرز منهم ، وبذلك تخفى عيوبك عن الناس حيث أنه لا أعداء لك ليكشفوها ، حيث كنت سلماً للناس حريصاً على عدم معاداتهم وهذا ما أمّنك من ألسنتهم وحتى لو خرج عليك عدو جاهل فإن صيتك بين الناس ببراءتك ومسالمتك ونبذك للعدواة والبغضاء يكون مانعاً من قبول الناس لما ينشر عنك من عيوب .
ولذلك كان يقال : العاقل خادم الأحمق أبداً ، إن كان فوقه لا يجد بدّا من مداراته ، وإن كان دونه لم يجد من احتماله واستكشاف شرّه بدّا .
وقد ذكر الإمام عليه السلام هذا المعنى بقوله : ليجتمع في قلبك الأفتقار إلى الناس والأستغناء عنهم ، يكون افتقارك إليهم في لين كلامك وحسن سيرك ، ويكون استغناؤك عنهم في نزاهة عرضك وبقاء عزك .
فوائد الاحتمال والمسالمة :
1/ الراحة النفسية للمؤمن الذي يتميز بهذه الميزة الفريدة من نوعها والصبر أعلى شعب الإيمان .
2/ آمان للإنسان من العدواة والبغضاء ومن هجوم الآخرين عليه بالإبتزاز وكشف العيوب .
3/ استكفاف لشر الأعداء والجهلاء الحمقى .
4/ بالاحتمال تكسب الأصدقاء وتمحص الجيد فيهم من الرديء .
5/ الاحتمال والمسالمة يشعر الإنسان بالعزة والقوة والمنعة والنصرة .
6/ فيه ستر العيوب نتيجة لما تحمله في الدنيا وقد قيل في ذلك (( احتمل ما يمر عليك فإن الاحتمال ستر العيوب وإن العاقل نصفه احتمال ونصفه تغافل )) .
7/ فبالاحتمال يرتفع شأن المؤمن المتقي ويجل قدره وقد قيل في ذلك (( تحمل يجل قدرك )) .
8/ فبالتحمل والصبر ينال منازل الأبرار وأن جزع أوردته جزعه عذاب النار .
المفتاح الرابع
ومن رضي عن نفسه كثر الساخط عليه
المعاني :
الرضى : هو القبول وشعور النفس بالكمال .
عن نفسه : عن ذاته والداخلية والشعور بالأنا .
السخط : هو الكراهية للشيء وعدم الرضا به .
التدبر :
الرضا من أجمل الصفات التي يتحلى بها المؤمن التقي ،وهي على عدة أنواع منها رضا الله عن عباده ورضا الوالدين عن أبنائهم وهناك قسم ثالث منبوذ عند أغلب الشرائح في المجتمع وهو الرضا عن النفس ، وإنه من المعلوم أنه لا خير في شخص لا يرى عيوب نفسه ، في الوقت الذي يكثر من تتبع عورات الآخرين وعيوبهم وهو في ذلك يضع نفسه موضع السخط من الناس ، ويجلب على نفسه المنقصة ، ويعرض نفسه للانكشاف أمام الآخرين الذين سيقابلونه بالمثل ، وهذا سفه وقلة تدبير ونقصان عقل ، وفي ذلك يقول الشاعر :
أرى كل انسان يرى عيب غيره .... ويعمى عن العيب الذي هو فيه
وما خير من تخفى عليه عيوبه .... ويبدو له العيب الذي بأخيه
ونلاحظ من ذلك أن كثرة الأدعاء تدل على كثرة العيوب ، ومن رضي عن نفسه فقد فتح عليه أبواب الذم والطعن والسخرية والاستهزاء والمقت والكراهية ..
وهناك فرق بين العالم الحق وغيره فالعالم نجده يتواضع ويتوقع الخطأ من نفسه ، والدعي اللصيق بأهل العلم يرى نفسه مصدر الحق والصواب وأن كل أقواله حق لا ريب فيه وهذا هو الضعيف ، وأن غيرها هراء وهباء ، والسر أن القوي بعلمه يعتمد على العقل ، والضعيف يثق بعاطفته ، ويقول بوحي منها ، ويظن أنه يقول بإملاء العقل والوجدان ، في حين إنها من أنواع الجهل المركب .
وهناك قصة معبرة عن هذا المعنى تختصر واقع كثير من الناس فقد دخل بعضهم على ابن منارة وبين يديه كتاب قد فقال له ما هذا ؟ قال كتاب عملته مدخلاً إلى التوارة . فقال له إن الناس ينكرون هذا فلو قطعت الوقت بغيره . فأجاب الناس جهال فقال له وأنت ضدهم قال نعم – فبادر قائلاً : فينبغي أن يكون ضدهم جاهلاً عندهم قال كذلك هو فاستنتج منه : فقد بقيت أنت جاهلاً بإجماع الناس والناس جهال بقولك وحدك ومثل قول الشاعر :
إذا كنت تقضي أن عقلك كامل .... وأن بني حواء غيرك جاهل
وأن مفيض العلم صدرك كله .... فمن ذا الذي يدري بأنك عاقل
كذلك أن الشعور بالرضا عن النفس وما يقوم به الفرد من الأعمال ولو كانت ذات قيمة نسبية إلا إنها تخلق فيه شعور بالفخر والأعتزاز والتكبر والتغطرس على الآخرين بدون وجه حق ، وتعطي دافع لنفسه بعدم التقدم والإزدهار والرقي لنفسه بشكل آخر .
حيث تحدثه نفسه وروحه بأنّ لا مزيد من الأعمال والثواب والعطاء لأنك قدمت الكثير وقد رضيتُ أنا عنك فأرضى أنت عن نفسك بما قدمت لها من العطاء .
وبهذا نجد أن الأنسان في تغافل عن ذاته ونفسه الأمارة بالسوء والتي تشير عليه بالخسران ، وقد شاركها الشيطان الرجيم ، بما يأمره بالكف عن التقدم والمزيد من الخيرات والاعمال الصالحة .
ونجد خير مثال على ذلك الطاغية فرعون عندما استعبد الجميع ورضي بعمله ونفسه وقال : (( أنا ربكم الأعلى )) وقد نتج عن جراء عمله هذا عبادة قومه له والابتعاد عن عبادة الله الواحد الأحد .
كذلك غضب وكره وسخط القوم عليه مما جعل للناس ينفرون عنه ويبحثون عن مخرج آخر لهم ، شعورهم بازلال والأهانة لكشفهم نواياه وعيوبه على الدوام .
وهذا على المدى البعيد ، ولكن نجد الآن الكثير من المتغطرسين والمتكبرين والراضين عن أنفسهم ، وأن الشعوب ترى ذلك واضحاً على ملوكها وأمراءها ، وأفعالهم خير دليل وشاهد على ذلك ، ومن أعظم الشخصيات الفاسدة والتي سخط شعبها عليها طاغية عصره (صدام حسين ) وأن الأعمال الصدامية والبعثية التي حولت الشعب العراقي من المفاخر والازدهار إلى المدافن والأندثار .
وقد أتضح سخط الشعب العراقي على الطاغية (صدام حسين ) عندما تم القبض عليه واخراجه من حفرة تحت الأرض شبيه بجحر الفئران ، وقد انطلق الكثير من الناس إلى الشوارع والطرقات للبحث عن المجسمات الصدامية وقاموا بتكسيرها ورميها في الشوارع ، حتى إنّ البعض لم يجد ما يعبر عنه إلا بالضرب عليها بالأحذية .
وبهذا نجد أن الامام علي قدم مفتاح للخروج من هذا الباب ، بأن النفس الأنسانية عليها أن لا ترضى بالقليل وان تبحث عن الجديد حتى تنطلق به إلى أعلى قمة السعادة الأنسانية والتي ينالها إلا برضا الله سبحانه وتعالى ورضا الناس عنه .
هناك سلبيات لمن يرضى عن نفسه :
1/ البحث عن عورات وعيوب الآخرين والغفلة عن رؤية عيوب نفسه .
2/ غضب وكره الكثير من الناس وسخطهم عليه
3/ إخفاء عيوبه أمام الآخرين يجعله مكشوف أمامهم وأنه سيقابل بالمثل .
4/ التكبر على الآخرين وإظهار العُجب والأفتخار بالنفس وبكل عمل قامت به حتى ولو كان يسير .
5/ يعد من الجهل وللضعف ونقصان العقل .
الخاتمة
أن هذه المفاتيح القلبية التي وضعها ( الإمام علي عليه السلام ) لكل مؤمن وجعلها نبراس يسير عليها ويفتح بها قلوب الآخرين حتى تحصل النهاية المنشودة من المؤمن وهي :
1/ كتمان السر مفتاح لصدر المؤمن .
2/ بالبشاشة نصنع المعجزات ونفتح قلوب المخلوقات .
3/ تحمل عيوب الآخرين والمسالمة معهم مفتاح لقبر العيوب .
4/ ورقي النفس البشرية وعدم رضاها بالقليل مفتاح لرضا الله ورضا الآخرين .
وبهذه المفاتيح الأربعة تنال النفس البشرية وبالخصوص المؤمن الحافظ لعمله والمزكي له خير الدنيا والآخرة ، ويجعل نصيبه الأعلى دائماً ليحفظ ذاته ونفسه ويرقى بها إلى أعلى القمم حتى ينال الدرجات العالية في جنة الفردوس .
وبهذه الكلمة الأخيرة نختم بحثنا اليسير ولا يسعنا إلا أن نقف بين يدي الله شاكرين له نعمه الكثيرة واعظمها واجلها هذه الكلمات القصيرة للإمام علي عليه السلام عسى أن ننتفع بها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .
والحمد لله ربِ العالمين وصلى الله على رسوله والأئمة الميامين من آله وسلم تسليماً كثيراً ..


من مواضيع : حوزة البتول العلمية 0 بحث / مفاتيح القلوب
0 بحث \كيف نكسب الآخرين ؟؟
0 التغطية المصورة لمهرجان &* الزهراء في قلوبنا *& (( اليوم الثاني))
0 التغطية المصورة لمهرجان &* الزهراء في قلوبنا *&
رد مع اقتباس